قصص مأساوية لأمهات فقدن أطفالهن أثناء الولادة بمخيمات الشمال وطبيبة مختصة تحذر

قصص مأساوية لأمهات فقدن أطفالهن أثناء الولادة بمخيمات الشمال وطبيبة مختصة تحذر

فقدت أمل الحسني (28 عاماً) وهي نازحة مقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، طفلها الرضيع بعد ساعات قليلة من ولادته التي جرت في الخيمة التي تقطنها بإشراف إحدى القابلات النسائية.

وقالت أمل في حديثها لأورينت نت إن وقوع المخيم الذي تسكنه في منطقة نائية ووعرة، بالإضافة لبعده عن المشافي النسائية المتخصصة، حال دون توجهها إلى المشفى، لتستعين بإحدى جاراتها التي تعمل قابلة نسائية في إحدى العيادات التخصصية، لإجراء الولادة داخل الخيمة.

وأضافت أن عملية الولادة استغرقت نحو ساعتين ونصف الساعة، لتتمكن من وضع مولودها بعد جهد وتعب كبير، لكن طفلها ما لبث أن فارق الحياة صبيحة اليوم التالي، علماً أن حالته الصحية كانت جيدة بحسب تطمينات القابلة.

وأشارت أمل إلى أنها لم تتمكن من زيارة أي من المشافي والنقاط الطبية طيلة فترة حملها لمراقبة صحة الجنين، بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها زوجها الذي يتقاضى مبلغ 40 ليرة تركية يومياً لقاء عمله في مهنة البناء الشاقة، وهو مبلغ " بالكاد يؤمن لهم ثمن الخبز وبعض الخضروات".

ولكن بحسب ما أكده طبيب مختص فإن الطفل توفي نتيجة نزلة تنفسية، إذ إنه كان بحاجة للمكوث في قسم الحواضن لفترة تتراوح بين 5 إلى 7 أيام نتيجة ما وصفها "بالولادة المبكرة" التي لا تسمح لأجهزة الطفل الوظيفية بأداء عملها بشكل متوازن في هذه الفترة.

ولا تخفي الشابة حزنها وألمها والحالة النفسية الحادة التي وصلت إليها نتيجة فقدانها لطفلها الذي لم يسبق لها أن عانت من أعراض الحمل السابقة كما عانت به، نتيجة غياب البيئة المخصصة للحوامل في مخيمات النازحين شمال إدلب.

سوء تقدير

ولم تكن ردينة الشايب (35عاماً) وهي نازحة من مدينة سراقب ومقيمة في مخيمات بلدة أطمة شمال إدلب، أفضل حالاً من سابقتها، حين فقدت جنينها نتيجة سوء تقدير القابلة التي أشرفت على عملية ولادتها في المخيم.

وقالت ردينة لأورينت نت إنه وبسبب سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية لجأت لمثل هذا النوع من الولادة المتعارف عليها في المخيم الذي تقطنه، مضيفةً أن عملية ولادتها استغرقت نحو ثلاث ساعات "تعرضت خلالها لآلام وأوجاع لم أشعر بها في حياتي" لتلد الطفل، ولكنه مفارق للحياة.

وأضافت أن الطبيبة المختصة أخبرتها بأن الطفل توفي أثناء عملية الولادة بسبب نقص الأكسجة وحاجتها الملحة لعملية قيصرية، في ظل تعذر ولادته بشكل طبيعي نظراً لحجمه ووزنه الكبيرين.

وأشارت الشابة إلى أنها مهددة بعدم القدرة على الحمل مرة أخرى بسبب المضاعفات المرضية التي تعرضت لها أثناء عملية الولادة والتي كان أبرزها تمزقات في جدار الرحم، والتي قد تحرمها من الحمل والإنجاب مجدداً.

وبحسب نساء مقيمات في مخيمات شمال إدلب التقاهن موقع أورينت نت، فإنه ونتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المزرية التي يعيشها النازحين في إدلب، وبعد المخيمات عن المشافي والمراكز الصحية دفعت العديد من النساء لإجراء عمليات الولادة في المخيمات حيث يقطن بها من خلال تفعيل دور "الدّاية" نتيجة عدم قدرتهن على تحمل تكاليف ونفقات الولادة في المشافي العامة والخاصة.

وتشير هؤلاء النسوة إلى أن الولادات تتم بإشراف قابلة أو ممرضة أو نساء من ذوات خبرة معظمهن كبار في السن، بطرق ووسائل بدائية وتقليدية، وهو ما يفسر ارتفاع معدل الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة في المخيمات.

من جهتها تحذر الطبيبة النسائية “نسيبة الحلبي” من مغبّة الاتجاه لمثل هذه الولادات التي تعرض حياة الجنين والأم للخطر، خاصة وأن المشكلة باتت متنامية في محافظة إدلب، وخصوصاً المخيمات التي تحدث فيها العديد من الوفيات وحالات الإجهاض بسبب الجهل وقلة الوعي لدى المقبلات على هذه الولادات.

وأضافت أنه وبالرغم من نجاح بعض هذه الولادات إلا أنه هناك حالات تستدعي تدخلات طبية دقيقة أثناء الولادة والتي قد تودي بحياة الأم وجنينها معاً "كارتفاع ضغط الحامل، والانسمام الحملي، والسكري الحملي، والنزيف الحاد" وغيرها من الأعراض التي تستوجب رعاية صحية مستعجلة.

ولا تخفي الطبيبة مشقة الحمل وأعراضه لدى النساء في المخيمات النائية، إلا أنه من الضروري متابعة المرأة الحامل لوضعها الصحي على الأقل مرة شهرياً، إذ إنه من الممكن أن تعيش المرأة خلال فترة حملها مشكلات عديدة تعرض حياتها للخطر.

وأشارت إلى ضرورة التوعية عبر جلسات هادفة توضح مخاطر هذه الظاهرة المتنامية على المرأة والجنين، بالإضافة لعدم الاعتماد على غير المختصين والأطباء لإجراء عمليات الولادة، والتي تعد من العمليات الدقيقة والخطيرة في حال عدم التعامل معها بالشكل الصحيح.

وتعاني النساء الحوامل اللواتي في مخيمات الشمال السوري من صعوبات ومشاكل عديدة أبرزها انعدام الرعاية الصحية الخاصة بالحامل بسبب بعد المراكز الطبية عن مكان إقامتهن لمسافات طويلة تتجاوز 20 كيلواً متر، بالإضافة لغياب الخصوصية والمساحة التي تعطي المرأة عناية خاصة تخفف عنها أعباء الحمل والإنجاب، وهو ما يسبب العديد من الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة.

التعليقات (1)

    مصطفى

    ·منذ سنة 8 أشهر
    مقال رائع يسلط الضوء على ظاهرة خطيرة
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات