إفتاء مصر تفجّر خلافاً عقدياً بفتوى عن التوسّل وتقبيل الأضرحة

إفتاء مصر تفجّر خلافاً عقدياً بفتوى عن التوسّل وتقبيل الأضرحة

هاجم عشرات آلاف المصريين والمسلمين على فيسبوك وتويتر دارَ الإفتاء المصرية، بسبب إجازتها التمسح بالأضرحة وتقبيلها وطلب المدد من الأنبياء والأولياء والصالحين سواء كانوا أمواتاً أم أحياءً، وذلك عبر فتوى نشرتها قبل يومين على معرفاتها الرسمية.

وتنص الفتوى المنشورة على  أنه" لا مانع شرعاً من طلب المسلم المددَ من الأنبياء والأولياء والصالحين؛ ولا فرق في ذلك بين كونهم أحياءً أو منتقلين؛ لأنه محمول على السببية لا على التأثير، كما إنَّ الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم حملُها على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، فالعبرة في التمسح بالأضرحة أو تقبيلها هي حيث يجد الزائر قلبه، ولا يجوز المبادرة برميه بالكفر أو الشرك".

ولاقت الفتوى سيلاً كبيراً من التعليقات، وصل حتى الآن إلى أكثر من 30 ألفاً على فيسبوك وآلافٍ على توتير، مع تواصل الازدياد بشكل سريع وملحوظ.

وهاجم الغالبية العظمى من المعلقين سواء من شخصيات متخصصة، أو مهتمين عاديين الفتوى معتبرين أنها تخالف أصل العقيدة (التوحيد)، حيث استشهد بعضهم بفتوى قديمة للمؤسسة نفسها تخالف هذه الفتوى وتقول بعدم جواز ما نصت عليه الفتوى الحالية.

ردات فعل متخصصين

جميع المختصين والدارسين للشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية الذين رصدت أورينت تعليقاتهم هاجموا الفتوى واعتبروا أنها مخالفة لأصل التوحيد وتفتح باباً واسعاً للشرك والفتن.

وكتب حساب الشيخ الدكتور صالح سندي من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة تعليقاً على الفتوى “أن رفع الحاجات إلى أصحاب الأضرحة شركٌ بالله ومنازعةٌ له في خالص حقه، والأدلة على أن دعاء الأموات شرك، أكثر من الأدلة على أن السجود والركوع لغير الله شرك، وإذا لم يكن هذا شركاً فليس على وجه الأرض شرك”.

وختم تغريدته على تويتر بقوله تعالى: ﴿ قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا ﴾.

أما حساب الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز الكندي فعلّق بأن الفتوى “مخالفة صريح القرآن وما تظافرت عليه الأدلة وأجمع عليه العلماء بالإفتاء بإباحة طلب المدد من غير الله واتخاذ وسائط تُقرّبهم إلى الله زُلفى من أقبح المنكرات وأظلم الفتاوى وأعظم الخيانة لله ورسوله وللمؤمنين”.

كما استشهد بعض طلبة العلم بمشهد مصور للشيخ السعودي المعروف صالح الفوزان، حول عدم جواز الصلاة في مساجد فيها قبور أو التبرك بهم وطلب المدد من الأموات.

الجانب المصري

ومن الجانب المصري انتقد كثير من طلاب العلم الشرعي والمختصين الفتوى بين من اعتبرها مخالفة للتوحيد الصحيح وبين من اعتبر أنه لا داعي لمثل هذه الفتاوى المثيرة للجدل والتي تؤدي إلى الانشقاق والانقسام في صفوف الأمة.

وأرفق بعضهم تعليقه بصورة لفتوى قديمة لنفس المؤسسة تعتبر فيه أن ما أحلته المؤسسة اليوم ضرباً من ضروب الشرك بالله، ومن أبرز حسابات الذين هاجموا الفتوى ورصدتهم أورينت، عضو الجمعية التأسيسية للدستور السابق محمد سعد الأزهري، والدكتور الأزهري أحمد مصطفى محرم، ومحمد علي مروان خريج جامعة الأزهر وغيرهم.

في حين أن عدداً قليلاً جداً من المعلقين أيّد الفتوى، ومنهم السيد أحمد نبوي الأزهري، الذي قال إن التوسل بالأنبياء والصالحين محل اتفاق المذاهب الأربعة وأحال من لا يصدق إلى الموسوعة الفقهية الكويتية، غير أن الفتوى التي أجازتها دار الإفتاء لا تتحدث عن التوسل بالمذكورين فقط، وإنما تجيز التمسح بالأضرحة وتقبيلها وهو الشق الذي أثار غالبية ردود الفعل ضد الفتوى بحسب الردود والتعليقات.

هجوم واسع و تقرب من الشيعة

أما غير المتخصصين فقد هاجموا الفتوى ليس فقط من باب شرعي فقهي، وإنما من نواحٍ أخرى حيث اعتبر قسم منهم أن لا غاية من هذه الفتوى سوى إثارة الجدل والتفرقة بين المسلمين، واتهم آخرون أن دار الإفتاء تتقصد نشر مثل هكذا فتاوى لتتصدر الترند وتشعر بأهميتها عندما تصبح حديث الإعلام، وقسم ثالث اعتبر أن دار الإفتاء، تلهي الناس بهكذا جدل للتغطية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المأساوية للشعب المصري، وقسم رابع اعتبر أنها للتقرب من الشيعة الاثني عشرية ومناكفة للسلفيين، في حين كانت التعليقات المؤيدة للفتوى أقل بكثير ممن هاجمها وانتقدها لكل الأسباب المذكورة أعلاه.

 

مسألة خلافية.. ولكن!

وحول هذه الفتوى الجدلية سأل موقع أورينت نت الباحث الإسلامي فادي سميسم الذي اعتبر أن موضوع الفتوى مسألة خلافية وقسمها إلى شقين، الأول فيما يتعلق بالتوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين، والثاني يتعلق بالتمسح بالأضرحة وتقبيل القبور الذي شملته الفتوى أيضاً.

وقال في الشق الأول من المسألة : هي بين فريق أجاز بشروط وفريق منع مطلقاً، أما الفريق الأول فقد استند إلى عدة أحاديث تشير إلى توسل الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبماء وضوئه وبالمتساقط من شعره، وتوسلهم أيضاً بالعباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم يفرقوا بين حي وميت، فالتوسل ليس بالجسد وإنما بالمكانة والمنزلة والمقام، وشرط ذلك أن يعلم المتوسل أن النافع والضار هو الله، تماماً كما يصنع مع الطبيب الذي يكتب له الدواء طلباً للشفاء، فالمؤمن يوقن بأن الشافي هو الله والدواء وسيلة، فإن اعتقد أن الدواء هو النافع فقد أشرك.

ويضيف “ أما من منع وكفّر، فقد قال إنّ التوسل عبادة والعبادة لا تكون إلا بدليل شرعي، وحملوا الأدلة على جواز التوسل بالعمل الصالح أو بدعاء الرجل الصالح”، وعقّب على الشق الأول بأنه يرى أن الأمر وإن قلنا بجوازه مع الشروط التي وضعها المجيزون، فالأولى أن نقبل على الله تعالى القائل:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ" وأن نتلذذ بهذا القرب ففيه فوائد عظيمة.

أما فيما يتعلق بالشق الثاني والحديث عن التمسح بالأضرحة، فالموضوع مختلف، وقد ذكر الإمام النووي في المجموع عدمَ جواز إلصاق البطن أو الظهر بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر كراهية مسح القبر باليد.

وأشار الباحث الإسلامي سميسم إلى أن ما يقوي ذلك ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: “إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ” فهو لم يكن ليُقبل الحجر الأسود لولا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

وحتى وإن دفعك الحب لتقبيل الأضرحة أو القبور كما قال الشاعر:

 أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى

أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا

وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي

وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا

لكن الباحث سميسم يرى أن ذلك لا يُقاس عليه ويجب أن ينضبط الحب بضوابط الشرع.

إصرار دار الإفتاء 

وبعد الجدل والهجوم الواسع الذي أثارته الفتوى، ظلت دار الإفتاء المصرية مصرة على فتواها، وكتبت في منشور لاحق على صفحتها الرسمية الآتي:" دَلَّت النصوص الشرعية على أَنَّ الصلاة في المساجد التي بها أضرحة جائزة، شأنها في ذلك شأن سائر الصلوات، والقول بتحريمها قولٌ باطلٌ لا يلتفت إليه ولا يُعوَّل عليه".

ولكن هذا الرد شمل فقط الجزء الأول من الفتوى، ولم يشمل الجزء الأخير والمتعلق بجواز التمسح بالأضرحة وتقبيلها، والذي حاز على جزء كبير من النقد والهجوم.

 

التعليقات (5)

    اح خ د م

    ·منذ سنة 8 أشهر
    فتاوى سياسية هدفها تمزيق الأمة الممزقة أصلا فهي عبارة عن أوامر صدرت وما على علماء السلاطين إلا النشر فالملالي يشتمون بأحب الناس الى رسول الله ولا يصدرون اي فتوى بحجة الفتن اما هذه الفتوى هل هذا وقتها ام لخلق الفتن (الله يسطفل فيكون)

    محمد الله اكبر

    ·منذ سنة 8 أشهر
    تقبيل السبابيط والاحجار والمؤخرات حلال, بعد الشفاء من كورونا, نعم وين حضارة العالم واين انتم يا مقبلي الاحجار وعابدي الاصنام الحجريه في ... هههه سينزعج بعض العبده

    Adam

    ·منذ سنة 8 أشهر
    هذه ليست مسآلة خلافية بل هذه فتوى تدعوا للشرك بالله .للأسف الأزهر مخترق من قبل الماسونية منذه عهدة الإستعمار البريطاني وإقامة الجامعات وتمييع الدين .وهل يسمع الموتى الدعاء لعنكم الله .ناقصنا أعداء للدين .كيف تسمح اادولة المصرية التي تدعي الإسلام لهذه التفاهات.يبدو أن هناك حدث عظيم جلل سيحدث . الخونة يريدون أن يصرفوا نظر الشعب عن هذا الحدث وإلهائه بهذه الفتوى

    JAMAL

    ·منذ سنة 8 أشهر
    والله شيئ يصدم كيف أن الماسونية قد اخترقت الأزهر الذي كان شريفا وأصبح يدار من بعض العلماء الذي يقودونه ويحوزون علنا على وسام شرف من الروتاري إنترناشونال. هكذا فعلت الماسونية بالديانة المسيحية فاخترقتها من الداخل وبعد مدة وجيزة أصبحت المسيحية أثرا بعدعين وأصبحت الكنائس خاوية على عروشها وهم ينفذون نفس المهمة بكل دقة.أعان الله أبناءنا كيف سيصمدون أمام هذه الإختراقات يبدوا أن وقتاعصيبا ينتظرنا.المشكلة أن الكفر مجهز بأعتى أنواع الأسلحة وقد درسوا قوانين الإجتماع والتاريخ . اللهم انصر الإسلام والمسلمين وارفع راية التوحيد (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)

    محمد

    ·منذ سنة 8 أشهر
    فتاوى السعودية على خلاف الشرع فهم يجيزون التوسل بالحاكم ولا يجيزونه باهل الله - شي بعوي من تعليقاتهم ومهاجمااهم - الاصل الجواز ولا يوجد دليل شرعي قطعي لفتاويهم رغم وجود عشرات الادلة القطعية عند المجيزين وهي مذهب الامام احمد رحمه الله بالجواز
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات