عن الطائفي نور المالكي والحشد الشعبي والحرس وإيران وبشار الأسد

عن الطائفي نور المالكي والحشد الشعبي والحرس وإيران وبشار الأسد

أثارت التسريبات التي نُشرِت لنوري المالكي رئيس الوزراء السابق لحكومة المنطقة الخضراء في بغداد، ضجة وردود أفعال واسعة، علماً أن التسريبات أو الاعترافات للدقة أكدت ما كنا نعرفه جميعاً عن طائفية نوري المالكي وتبعيته التامة للاحتلالين الأصغر الإيراني والأكبر الأمريكي، كما عن صنيعة تنظيم داعش وتسليمه مدينة الموصل، وتأسيس الحشد الشعبي كدولة عميقة موازية متحكمة تماماً بالقرار الأمني والسياسي العام بالبلد، مع مؤسسات سلطوية كرتونية وصورية في استنساخ صريح للحرس الإيراني وصولاً إلى معادلة نحن، أي الحشد الشعبي في العراق وبشار الأسد في سوريا أو داعش في سوريا والعراق، وهي المعادلة التي تماهى معها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بعيون مفتوحة وعن قصد وتعمد.

بداية لا بد من التذكير بأهم النقاط التي تضمنتها التسريبات - الاعترافات لنوري المالكي خلال لقائه الطويل بمناصريه منتصف تموز/ يوليو الجاري.

قال المالكي إنه حارب وانتصر على مقتدى الصدر الجاهل والغبي ومناصريه الجبناء بعدما أرادت إيران تحويل الصدر إلى نسخة عراقية من زعيم الحشد الشعبي اللبناني حسن نصر الله.

قال المالكي كذلك إنه حارب زعماء العرب السنّة ودوّخهم ومنعهم حتى من النوم في بيوتهم، كما هاجم كذلك زعيم إقليم شمال العراق مسعود البرزاني لسعيه إلى تشكيل تحالف وطني عربي كردي شيعي بعيداً عن أدوات إيران بعدما أخذ المالكي نفسه مكان الصدر في صلب المشروع الإيراني كما سنشرح لاحقاً.

أقرّ المالكي أيضاً أنه قام بتأسيس الحشد الشعبي ضمن مخطط لتحويله إلى نسخة محلية من الحرس الإيراني سيء الصيت في بلاده والمنطقة.

قبل تفكيك اعترافات نوري المالكي ووضعها في سياقها التاريخي السياسي لا بد من الإشارة إلى أن نوري المنعدم القدرات والكاريزما عاد إلى العراق على ظهور دبابات الاحتلال الأمريكي، وكان ممن حرّضوا على غزو بلاده، علماً أنه اصطف إلى جانب طهران أثناء الحرب العراقية الإيرانية تماماً كحليفه هادي العامري أحد مؤسسي الحشد الشعبي، والذي قاتل فعلاً مع إيران ضد جيش بلاده الوطني.

خسر المالكي انتخابات 2009 التي فاز بها إياد علاوي بتحالف وطني عريض وتدخل الاحتلال الإيراني بعدم ممانعة من الاحتلال الأمريكي، وعبر تحايل وتلاعب فظّ باللوائح لتمكينه من تشكيل الحكومة، في ظل موقف عربي رافض وحتى من نظام  بشار الأسد نفسه، مع الانتباه إلى اتهام المالكي للأسد في السنوات الأولى بالمسؤولية عن تفجيرات إرهابية في العراق، بل تقديم شكوى رسمية ضده في الأمم المتحدة، قبل أن يلتحق بشار تماماً بالسياسة الإيرانية، علماً أنه فعل ذلك أي دعم الإرهاب وتسهيل مخابراته سفر مقاتلين إلى العراق بغرض التزلف إلى واشنطن وتقديم نفسه كشريك في محاربة الإرهاب، والاصطفاف بالتالي إلى جانب حلف الأخيار الأمريكي.

وبالعودة إلى تسريبات أو اعترافات المالكي بصوته وفق القاعدة القانونية الصحيحة الاعتراف سيد الأدلة -علماً أني كتبت ذلك هنا طوال الوقت لكن كاستنتاجات وفق قراءة للمعطيات العراقية والسورية والإقليمية -.

فالتخلص من مقتدى الصدر كان التزاماً لتمكينه وتقديم أوراق اعتماده إلى واشنطن، وفي نفس الوقت كي يتحول هو إلى نسخة عراقية من حسن نصر الله، وتُرفع صوره في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت بعدما وصف بأنطوان لحد العراق، وكان ممنوعاً حتى من الظهور على قناة المنار.

المالكي تخلّص من الزعماء العرب السنّة المنتخبين باتهامات ظالمة ومزورة ومفبركة، كما حصل مع نائب الرئيس طارق الهاشمي ووزير المالية رافع العيساوي في فعل طائفي مكشوف لتكريس التبعية للاحتلال الأصغر، طالما أنه ملتزم بخطوط الاحتلال الأكبر.

خلال سنوات حكمه فشل المالكي فشلاً ذريعاً مع اتهامات مدعومة بأدلة وبراهين على فساده واختلاسه مليارات بل مئات المليارات من الخزينة العامة، ما أدى إلى انهيار كبير للبلد الغني بثرواته المادية والبشرية. وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى فضيحة إلغاء صفقة سلاح روسية بعد الكشف عن تقاضي المحيطين به عمولات بمليارات الدولارت بمشاركة سماسرة على علاقة بالحشد الشعبي اللبناني في بيروت، حيث تم إخفاء الأموال المنهوبة في البنوك الخاضعة للحشد هناك، ما أدى إلى انهيار القطاع المصرفي والبلد أيضاً.

لذلك كله، لم يكن غريباً اندلاع التظاهرات في المناطق العربية السنّية بالعراق -2013-بالتزامن مع اندلاع الثورات العربية، طارحةً مطالب عادلة ضد حكومة المالكي التابعة والفاشلة والمستبدة، وسط دعم تام للمطالب من مختلف الأطراف السياسية والحزبية، حيث تبناها مقتدى الصدر، بل وتمنى حتى المشاركة في التظاهرات والاعتصامات بالموصل ومدن ثائرة أخرى.

قام المالكي المستبد والفاسد دفاعاً عن سلطته ولإرضاء مشغليه بقمع التظاهرات، وفضّ الاعتصامات بالقوة على طريقة المستبدين الدمويين والإجراميين، ما وضع "نظرياً" حدّاً لحياته السياسية بشكل عام.

من هنا جرى التفكير الشيطاني بعقاب الموصل الحدباء، علماً أن قاسم سليماني كان قد هدد مباشرة قادتها العرب السنّة بتدمير المدينة وتشريد أهلها إذا استمروا في التصدي للمشروع الإيراني الاستعماري لأمبراطورية الدم والوهم الفارسية التي عاصمتها بغداد المغطى أو على الأقل غير الممانع أمريكياً، طالما أن الاستعمار الإيراني يندرج ضمن الخطوط العريضة للاستعمار الأمريكي.

خطة المؤامرة التي نسجتها إيران مع المالكي تحت أعين أمريكا -أوباما لحظة تسليم الموصل لداعش 2014- مع مئات ملايين الدولارات في البنوك ومخازن أسلحة أمريكية جديدة لم تُستعمل قطّ بغرض تدمير المدينة وتشريد أهلها بحجة تحريرها من داعش.

تضمنت أوامر المالكي كذلك الانسحاب من الحدود مع السعودية أيضاً، وهو ما لم يتم لأسباب لوجستية في مؤامرة واضحة مكتملة الأركان هدفت أساساً إلى تسهيل إقامة دولة داعش في سوريا والعراق، ومن ثم إنشاء الحشد الشعبي وتحويله إلى نسخة من الحرس الإيراني، أي دولة موازية عميقة بعيداً عن المؤسسات الرسمية مع احتفاظه بالقرار الفعلي والتوجهات السياسية والأمنية والاقتصادية الكبرى للبلد، تماماً كما هو حاصل الآن في لبنان وحتى في سوريا مع تحوّل بشار الأسد إلى أداة بيد إيران وحشدها اللبناني الذي بات محتلاً ومهيمناً في سوريا أيضاً.

ضمن المخطط (المؤامرة) تم طرح معادلة نحن أو داعش في العراق مع انخراط أوباما في المخطط بأعين مفتوحة، بل وتشكيله تحالفاً دولياً لمقاتلة داعش في سوريا والعراق لصالح الأسد وإيران وروسيا، كما قال السناتور ليندسي غراهام في استجوابه الشهير بالكونغرس-2015- لأركان إدارة أوباما بالكونغرس، ما جعلهم يتصبّبون عرقاً أمام الكاميرات.

في السياق السوري، جرى استخدام داعش لتلميع وتبييض صفحة الأسد بتواطؤ إدارة أوباما التي اشترطت على الثوار السوريين محاربة داعش فقط لا النظام. المهمة التي قَبِلها الفرع المحلي لتنظيم بي كا كا الإرهابي لتلميع نفسه وتبييض صفحته أيضاً.

بالعموم كان الفشل مدوّياً للمالكي، ما أدى إلى رفع منسوب المعارضة والاحتقان ضده، خاصة مع تدهور الأحوال المعيشية بشكل تام، ومع خسارة الانتخابات في العام 2014 والمطالبة بمحاكمته على الفساد وخيانة تسليم الموصل، جرت التضحية به مع إنقاذه من المحاسبة والعقاب وإبقائه عنصراً أو أداة ضاغطة ضمن المشروع الإيراني كما قدّم نفسه فعلاً في التسريب الأخير. علماً أنه بات جثة سياسية وتزلّفه للعودة إلى السلطة لن يجدي، والتسريبات قضت عليه نهائياً وأظهرته كتابع وأداة صغيرة ورخيصة بينما باتت محاكمته ومحاسبته مسألة وقت، خاصة بظلّ انحسار النفوذ الإيراني في المنطقة، إثر انتفاضة مَن زعمت طهران زوراً وبهتاناً أنها تدافع عنهم في العراق.

في الأخير باختصار وتركيز، قدّم المالكي من حيث لم يُرد صورة عن المشهد العراقي منذ الغزو الأمريكي والطبقة السياسية المتوائمة مع إيران والغزو الأجنبي والرافضة والمقاومة فعلاً لأي جهد جدي لتشكيل تكتلات وتحالفات وطنية لتخليص البلاد من مشاكلها وأزماتها بينما يسعى هو وحشده الشعبي لإبقائه تحت التبعية الإيرانية التي دمّرت البلاد ونهبت ثرواتها.

التعليقات (1)

    احمد

    ·منذ سنة 8 أشهر
    اجمل من رائع
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات