4 مخاطر تهدّد الزراعة في إدلب.. وفلاحو المحافظة: وفرة الإنتاج لم تعُد مهمة

4 مخاطر تهدّد الزراعة في إدلب.. وفلاحو المحافظة: وفرة الإنتاج لم تعُد مهمة

تكبّد مزارعو مناطق سيطرة المعارضة شمال غرب سوريا، خسائر جديدة في موسم الخضار الحالي، جراء الاختلالات التسويقية وارتفاع تكاليف الزراعة، في ظل محدودية تدخّل المؤسسات المحلية، الأمر الذي يهدّد بعزوف المزيد من الفلاحين عن الاستثمار بالقطاع.

فقد وجدت الأزمة الاقتصادية طريقها إلى القطاع الزراعي أيضاً، حيث يعاني الفلاحون من غلاء المواد التي يشترونها بالدولار الأمريكي، وارتفاع تكاليف الإنتاج، مقابل بيعهم المحاصيل بالليرة التركية، ما يزيد الأعباء على المزارعين ويجبرهم على خفض أسعار محاصيلهم، الأمر الذي يساهم بتعميق خسائرهم.

الزراعة لم تعُد مصدر رزق

ولم تعُد الزراعة بنظر كثير من الفلاحين مصدر الرزق الوفير الذي كانت عليه سابقاً، بعد زيادة كلفة إنتاج الخضار التي تصل في بعض الأحيان إلى 4000 دولار للهكتار الواحد، نتيجة غلاء الأسمدة والمبيدات الحشرية والبذور، فضلاً عن غلاء الوقود.

وشهدت أسعار الأسمدة ارتفاعات مطَّردة وصلت إلى 70 دولاراً أمريكياً للكيس الواحد مؤخراً في منطقة إدلب، بينما يحتاج الهكتار الواحد إلى عشرة أكياس على الأقل لضمان جودة الإنتاج. الأمر ذاته ينطبق على مبيدات الآفات التي يعاني المزارعون من صعوبة الحصول على المواد الأصلية منها، وإن كانت بأسعار مرتفعة، بسبب انتشار المبيدات غير صالحة للاستخدام الزراعي.

وبحسب مصادر محلية، فقد رفعت حكومة الإنقاذ، الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام، الضرائب المفروضة على الأسمدة المستوردة من عشرين دولاراً أمريكياً إلى 35 دولاراً، وذلك بعد أسابيع من الإعلان عن تشكيل اتحاد الفلاحين في منطقة إدلب شهر نيسان الماضي، لتزيد من سعر المادة المتأثرة أصلاً بموجة الغلاء العالمية. كما بلغت قيمة الضرائب المفروضة على أنواع من المبيدات الحشرية 250 دولاراً أمريكياً.

ويقول أبو جمال، مزارع من منطقة سهل الروج بريف إدلب الغربي: "إن مردود الأرض لم يعُد يغطّي النفقات التي تُصرف عليها، فكل شيء صار بالنار بسبب شرائنا المواد من أسمدة ومبيدات وغيرها بالدولار، واضطرارنا لبيع المحاصيل بالليرة التركية، إضافة إلى ارتفاع كلفة الري وأجرة الفلاحة (الحراثة) بسبب غلاء المحروقات".

وفرة الإنتاج لم تعُد مهمة

ويزرع أبو جمال نحو هكتار من الخضار الصيفية "البطيخ والخيار والبندورة والباذنجان" على أمل تعويض الخسائر التي لحقت به الموسم الماضي، نتيجة العوامل المُناخية والاقتصادية.

لكن ورغم وفرة الإنتاج بالنسبة إلى أبو جمال، إلا أن ذلك لم يمنع خسارته المحتّمة، نتيجة الانخفاض المفاجئ في أسعار الخضروات هذا الموسم، حيث انخفض سعر كيلو الخيار من 7 ليرات تركية قبل أسابيع قليلة، إلى ليرتين في سوق الهال المركزية داخل منطقة جسر الشغور ومدينة إدلب التي تُعدّ أهم مصادر تصريف المنتجات. 

أما أبو عبد الله، وهو من سكان قرية البالعة بريف إدلب، فقد أشار إلى أنه قام بتقليص المساحة التي يُفترض أن يزرعها خلال الموسم الحالي، من 40 دونماً تقريباً إلى ما دون الهكتار (عشرة دونمات لكل هكتار) بعدما بات يعتمد على الزراعة البعلية.

ويقول: "إن زيادة الإنتاج تعتمد على حجم المصاريف، ومهما بلغت جودة الموسم فلن يكون المردود قادراً في ضوء الواقع، على تلافي الخسارة، بسبب غلاء التكلفة وغياب الدعم عن المزارعين، لذلك اتجهنا للزراعة البعلية بالرغم من قلة مردودها مقارنة بالزراعة المَرويّة، إلا أننا نحاول استهلاك خصوبة أراضينا قدر المستطاع".

ويشير أبو عبد الله إلى أسباب أخرى منعته من زراعة مساحة واسعة من أرضه، تمثلت بصعوبة تصريف المنتجات، حيث يمتنع كثير من تجار سوق الهال عن شراء كميات كبيرة من الخضروات، فضلاً عن تدنّي الأسعار المعروضة والتي لا تغطّي تكلفة الإنتاج.

المستوردات تهدّد المنتج المحلي

ويُرجِع تجار سوق الهال في إدلب (وهو سوق لبيع المنتجات الزراعية بالجملة) أسباب انخفاض الأسعار وعدم شراء كميات كبيرة من الفلاحين، إلى زيادة المعروض على الطلب وكساد السلع في المحال، مع انحسار عمليات التصريف في أسواق إدلب، نتيجة منع حكومة الإنقاذ خروج المنتجات الزراعية، وخاصة الخضروات إلى أرياف حلب الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، فضلاً عن استمرار حركة استيراد المنتجات من تركيا وبأسعار منافسة. 

ويَعتبر التجار ومزارعو الشمال السوري أن استيراد المنتجات الزراعية الموجودة في المنطقة بوفرة، كان العامل الأبرز في زيادة خسائر المزارعين ودفعهم إلى العزوف عن الزراعة، خاصة أن المنتجات المستوردة تصل إلى سوق الشمال السوري بكلفة أقل، ما يجعل المزارعين أمام خيارين أحلاهما مُرّ، إما خسارة المحصول وتركه أو البيع بأسعار أقل من التكلفة.

أمر يتفق معه المهندس الزراعي مرعي حسن العبد الله، الذي أشار إلى أن التجار يلجؤون إلى المنتجات التركية لما توفّره من هامش ربح أوسع عن نظيرتها المحلية، الأمر الذي يتحمّل تبعاته المزارع وحده، بالنظر إلى عدم تضرر المستهلك على المدى القريب.

مشاكل مركبة

 وإلى جانب تهديد المنتجات المستوردة، أضاف مرعي، وهو مدير "شركة الحسن الزراعية" في إدلب، المخاطر التي يتعرض لها القطاع الزراعي في الشمال بـ 3 مخاطر متمثلة بالعوامل المناخية والاقتصادية وغياب المشاريع الداعمة للقطاع الزراعي.

ويقول: "أدى غياب الصناعات التحويلية للمنتجات الزراعية والصناعات الغذائية إلى مضاعفة أزمة القطاع الزراعي التي بدت ظاهرة بوضوح خلال الموسم الحالي، خاصة أن وجود هذه المنشآت كان سيساهم في توفير سوق تصريف إضافية للفلاحين.

ودعا مرعي الحكومات المحلية والمنظمات الموجودة في المنطقة إلى تحمّل مسؤولياتهم في حماية القطاع الزراعي ودعم المزارعين، من خلال تنمية القطاع وإنشاء المشاريع المساهمة في خفض كلف الإنتاج، وتوفير مكاتب للإرشاد الزراعي والمستلزمات الزراعية بأسعار مخفضة وجودة عالية.

إلى جانب زيادة الضرائب وارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة وغلاء الوقود، يواجه المزارعون مشاكل مناخية متفاقمة منها ما يصعب حله متمثلاً بالعوامل المناخية، وأخرى تمتلك الحكومات المحلية القدرة على معالجته، مثل غلاء المستلزمات الزراعية من خلال دعم المزارعين، وحل أزمة المياه مع جفاف الآبار وعمق المياه الجوفية في مناطق الشمال، وذلك من خلال العمل على تشغيل السدود والمحطات المائية الموجودة في المنطقة وإعادة تأهيلها.

التعليقات (1)

    ولاء زبداي

    ·منذ سنة 8 أشهر
    ال
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات