أورينت تنشر وصية خيري الذهبي الموجعة: آية من آيات الجمال وأمثولة حنين دمشقي

أورينت تنشر وصية خيري الذهبي الموجعة: آية من آيات الجمال وأمثولة حنين دمشقي

عثر الكاتب فارس الذهبي على نص الوصية التي تركها والده الأديب السوري البارز خيري الذهبي، الذي رحل عن دنيانا في منفاه الباريسي في الرابع من شهر تموز/ يوليو الجاري عن 76 عاماً. 

وخلال تشييع الأديب والمفكر الراحل إلى مثواه الأخير، قام الممثل السوري مكسيم خليل بقراءة نص هذه الوصية، التي تُعتبر آية من آية الجمال الفني، وصفاء الحس الوطني، وأمثولة من أمثولات وجع الحنين الدمشقي.. الذي طالما طبع أدب خيري الذهبي في سنواته الأخيرة التي عاشها مشرداً بين المنافي. 

وفيما يلي النص الكامل لهذه الوصية الأدبية التي تشبه عيون مراثي الأدب العربي.. فهي تنطوي على رثاء الأديب لنفسه بكبرياء، وعلى رثائه لدمشق التي ربما أدرك أن القدر لن يمهله ليعود ويدفن فيها وهي تنعم بالحرية والتحرر من الطغيان:  

نص الوصية: 

قلبي الآن يتحول من جوزةٍ خضراءَ يانعةٍ إلى خشبٍ صلبٍ بنيِ اللون..

فإن حصلَ هذا.. فاحرصوا على غسلِ جسمي بماءِ الفيجةِ البارد، وضعوا في عينيّ المغمضتين برعمَي جوري يانعين أبيضين، وفي كفيّ المضمومتين، في اليمنى حبةَ حصرمٍ شامي، وفي اليسرى حبةَ سكر..

قضيت عمري أسير في حواريها، وشوارعِها دون أن أدركَ أنها كانت تسير في عروقي ودمي..

سكنتني ولم أسكنها، أدهشتني و لم أدهِشها..

افرشوا فوق جسمي ورقاً من شجر الغوطة, و أسفلَه سجاداً دمشقياً مصنوعاً بأنوال القنوات.

وإن أردتم أطلقوا في جنازتي عصافيرَ أقفاصِكم.. الحساسين والكناري وعصافيرَ الجنة، أطلقوها جميعاً، من شرفاتكم، وأخبروا رعيانَ الحمائم، أن يفلتوا قطعانَهم في يوميَ الأخيرِ فوق الأرض، في سماءِ الشريفة، دعوهم يحومون ويحلقون، ليملؤوا ساحاتِ المدينةِ وشوارعَها وحدائقَها التي لا تطيق الأقفاص، ولتنثر كلُ سيدة بعضاً من القمح على رخامِ نافذتِها حصةً عن كل جمالِ طيورِ عشتار ..

في الشام لا تبكوا ولا تحزنوا... بل ابتسموا وأنتم تتلون الرحماتِ وتقرؤون النعوات... فلربما أكونُ مع الحمائم الحرةِ في سماء باب توما، أو في جسدِ حسونٍ يقفُ على غصنِ شجرةِ زيتونٍ في العمارة أو مشروع دمّر...

افتحوا مياهَ النوافير، ورشوا ياسمينَكم بماءٍ بارد، رشوا المياهَ أمامَ بيوتاتِكم وفي الأزقةِ والحاراتِ العتيقة.. وأنصتوا لرفيفِ اليمامِ في ساحاتِ الأموي في هنيهاتِ صمتِ الأذانِ المهيب.

فإن رأيتم عصفوراً صغيراً فوق فسيفساءِ الجنةِ في واجهةِ المعبدِ الأموي، فابتسموا واسقوني كأسَ ماءٍ بارد أو أطعموني حبةَ تينٍ انبلجت.. فهذا يكفيني بعدَ أن عشتُ عمري في حبِ بلادي وحبِكم.

السوري: خيري الذهبي

 

التعليقات (5)

    ياسمينة دمشق

    ·منذ سنة 8 أشهر
    الف رحمه تنزل على قبرك

    تغريد

    ·منذ سنة 8 أشهر
    عم ندفع جمال عمرنا للغربة الشام عشقنا ان شاء الله تكون الجنة بالاخرة هي الشام و يكون النا نصيب بالجنة بالاخرة لان بالدنيا ظلمونا و حرمونا البشر من جنتنا 💞شآم

    هديل

    ·منذ سنة 8 أشهر
    الله يرحمو ع الميت ما بتجوز الا الرحمة. بس ليش بعتو بلدكن ليش لتموتو بالغربة .عيشو بحسرة الغربة لان الله ريحنا من الخونة 😅

    رقية

    ·منذ سنة 8 أشهر
    لروحك الرحمة اذكر جيدا حديقتك فيها الياسمين والصبار بأنواعها

    السيف الدمشقي

    ·منذ سنة 8 أشهر
    إلى التافهة هديل: صرماية خيري الذهب فيها وطنية أكثر من بشار الكيماوي الخائن ابن الخائن اللي دمر سورية بالبراميل وقصف الطيران وهجر الملاييين من بيوتهم. وانشالله بتموتي بحسرة جرة غاز أو واقفة على طابور خبز بحضن الوطن وبيجي شي علوي بيكعرك بمسدسه وبيقلك ارجعي لورا ولك حيوانية.....انشالله بتعفني وبتتفسخي متل عقلك العفن يا حثالة البشر. ما بقى إلا انتو تعطوا شهادات بالوطنية للناس يا زبالة
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات