اليورو يساوي الدولار لأول مرة منذ 20 عاماً: سببان والخطر مستمر

اليورو يساوي الدولار لأول مرة منذ 20 عاماً: سببان والخطر مستمر

تراجعت العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) بشكل ملحوظ لتصل إلى نقطة التعادل مع العملة الأمريكية (الدولار)، وذلك لأول مرة منذ 20 عاماً، في ظل الركود الاقتصادي الذي خلّفه قطع إمداد الطاقة الروسية عن دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك تحسن العملة الأمريكية أمام العملات العالمية، وما قابله من التضخم الأوروبي.

وفي تعاملات اليوم، هبط اليورو إلى 1.0045 مقابل الدولار، أي نسبة (1: 1) مع الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ ديسمبر عام 2002، وبالتوازي مع ارتفاع الدولار أمس الإثنين 1% أمام مجموعة من العملات الرئيسية، وصل مؤشره إلى 108.14، حيث ارتفع أيضاً أمام الين الياباني لأعلى مستوى منذ 24 عاماً.

عوامل وأسباب

جاء ذلك نتيجة عوامل عديدة أثرت بشكل ملحوظ في هبوط العملة الأوروبية، ولا سيما تأخر البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم في المنطقة الأوروبية، وكذلك الأزمة الروسية الأوكرانية التي أرخت بظلالها على الاقتصاد الأوروبي، وخاصة أزمة الطاقة.

وبحسب تقرير تحليلي لـ "بلومبرغ" فإن أوروبا هي الأكثر معاناة من الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أنتجت أزمة طاقة بدأت تُرهق دول الاتحاد وتبشّر بركود اقتصادي طويل وعميق بسبب قطع خطوط الطاقة الروسية عنها، ولا سيما وقف خط أنابيب (نورد ستريم1) الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، ومن المتوقع توقف تدفق الغاز لمدة 10 أيام، تحت مزاعم "الصيانة السنوية لأكبر أنابيب الغاز الواصلة إلى أوروبا، في وقت تخشى الحكومات والأسواق الأوروبية أن يتم تمديد إغلاق الخط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والصراع الروسي مع دول الغرب.

كما إن البنك المركزي الأوروبي بات في موقف صعب خلال محاولات الحد من التضخم وتخفيف الاقتصاد المتباطئ، "حيث يهدف إلى زيادة تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ عام 2011، في الوقت نفسه، يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بشكل أسرع، من منطقة اليورو التي تضم 19 دولة. وهذا يجعل العوائد على سندات الخزانة الأمريكية أعلى من عوائد ديون أوروبا، ما يدفع المستثمرين إلى الدولار والابتعاد عن اليورو".

ومع ارتفاع التضخم الاقتصادي في منطقة اليورو إلى أعلى مستوياته منذ بدء الهبوط القياسي لتلك الأرقام، "فإن ضعف العملة لم يعد مرغوباً فيه لأنه يعزز ارتفاعات الأسعار بجعل الواردات أكثر تكلفة، خاصة وأن دول الاتحاد كانت خلال السنوات السابقة ترحب بضعف العملة لتحفيز النمو الاقتصادي وجعل صادرات الكتلة أكثر قدرة على المنافسة، بحسب التقرير.

وكانت أسعار المستهلكين في منطقة اليورو قفزت في يونيو الماضي بنسبة (8.6 بالمئة) عن العام الماضي، حيث عدّ صانعو السياسة النقدية ضعف العملة المحلية (اليورو) خطراً على هدف البنك المركزي لإعادة التضخم إلى نسبة (2 بالمئة) على المدى المتوسط.

الخطر مستمر

من جهة أخرى، يعتبر اليورو أحد العملات الرئيسية في العالم للمعاملات والاحتياطيات، ورغم أن تحقيق التكافؤ بين الدولار واليورو ( 1:1) لا يزال رمزياً بالنسبة للأسواق المالية، لكن متداولو العملات يتوقعون حدوث اضطراب حول ذلك المستوى بالنظر إلى أن "رهانات الخيارات بمليارات اليوروهات مرتبطة بهذا الخط الكبير في الرمال".

كما إن تحديد القاع الذي من الممكن أن يصل إليه اليورو أمام الدولار لا يزال صعباً بحسب محللين اقتصاديين، توقعوا أن تنخفض العملة الأوروبية الموحدة إلى 90 سنتاً أمريكياً "إذا صعّدت روسيا الأزمة من خلال حجب المزيد من إمدادات الغاز عن أوروبا"، ويقول تقرير "بلومبرغ" إنّ متداولي الخيارات كانوا منذ بداية شهر يوليو "يضعون المزيد من الرهانات حول المستوى 0.95 دولارا، مع احتمال أن يكون 0.9850 دولارا بمثابة قاع قصير الأجل."

كما إن الخبراء الاقتصاديين في بنك "دويتشه بنك" يرون أن "الانزلاق إلى 0.95 دولارا - 0.97 دولارا سيتطابق مع الحدود القصوى التي شوهدت في أسعار الصرف منذ نهاية العام 1971 وفق ما يسمى بنظام (بريتون وودز)، والذي ربط قيمة العديد من العملات بالدولار الأمريكي. وقالوا إنه لا يزال من الممكن الوصول إلى هذه المستويات في حال حدوث ركود".

وتكمن فرصة ارتفاع سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) على تضييق فارق أسعار الفائدة مع أسواق السندات العالمية الأخرى، خاصة أن البنك المركزي الأوروبي كان لم يتحرك في الوقت الذي رفع فيه البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة (150 نقطة أساس) في ثلاثة أشهر، مع الحفاظ على سعر الفائدة الرئيسي سلبياً.

كما إن البنك المركزي الأوروبي سيتجه في يوليو الحالي إلى رفع الفائدة، وسط شكوك حول المدة التي يمكنهم تحملها مع أسعار فائدة مرتفعة، حيث إن "رفع أسعار الفائدة أصعب بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي من البنوك المركزية الأخرى، وذلك لأن تكاليف الاقتراض لدول منطقة اليورو المثقلة بالديون تخاطر بالخروج عن نطاق السيطرة إذا بدأ المستثمرون في التشكيك في قدرتهم على تحمل أعباء الديون".

ويختم التقرير التحليلي بأن الضغوط الحالية على (اليورو) لا تمثل أزمة وجودية للعملة الأوروبية الموحدة، كونها واجهت تحديات سابقة “مثل أزمة الديون السيادية في عام 2012، حيث بدأ المستثمرون في تجنب أصول البلدان المثقلة بالديون مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا”.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات