في حين كان مشهد انتشار أو تعاطي المخدرات نادراً في سوريا قبل أن تضطر ميليشيات أسد لتمويل حربها ضد السوريين، أصبحت البلاد اليوم وخاصة في مناطق سيطرة أسد جمهورية كبتاغون، وفق ما يصف خبراء دوليون.
"جمهورية الكبتاغون"
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية تأكيد مسؤولي إنفاذ القانون في 10 دول وخبراء دوليين وإقليميين وسوريين تحول مناطق سيطرة أسد إلى مناطق مصنعة للمخدرات، ووصفها بـ"دولة مخدرات" و"جمهورية الكبتاغون"، في حين أن حكومة أسد بدت كمن يريد حجب الشمس بكفه، بادعائها أنها "تواجه هذه الآفة بكل عزيمة وإصرار" وأن مناطقها "بعيدة كل البعد عن زراعة وصناعة المخدرات".
وأشارت الصحيفة إلى أن سوريا اعتادت أن تكون نقطة عبور للمخدرات المهربة من أفغانستان وإيران، لكنها الآن منتج ومستهلك، حيث انتقلت تجارة المخدرات في سوريا إلى مرحلة جديدة.
وبيّنت الصحيفة نقلا ًعن ورقة بحثية نشرها "مركز الحوار السوري" أن كمية المخدرات المضبوطة من سوريا ارتفعت بين ستة و 21 ضعفاً بين عامي 2011 و 2020، حيث بدأت تنشط شبكات التهريب التي أشرفت عليها شخصيات مقربة من ميليشيا أسد وأُنشئت أيضاً ورشاتٌ لتصنيع المخدرات ظل إنتاجها محدوداً وموجّهاً للاستهلاك المحلي.
ولفتت الورقة وفق "الشرق الأوسط" إلى أن سوريا بدأت بتصدير "الكبتاغون" عام 2013، بالتزامن مع انكماش اقتصادها الرسمي بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية والفساد داخل النظام، وتحولت مصانع الكيماويات في مدينتي حلب وحمص إلى مصانع لهذه الأقراص.
3 أضعاف ميزانية حكومة أسد
ولفتت الورقة ذاتها إلى أن حجم اقتصاد المخدرات السوري – خصوصاً قيمة تجارة حبوب "الكبتاغون"– في البلاد، يُقدّر بما يقارب من 16 مليار دولار أمريكي سنوياً، وهو ما يعادل 3 أضعاف ميزانية حكومة أسد لعام 2022.
وخَلُصت تحليلات "مركز الحوار السوري" إلى أن السلطات في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصورة رئيسة، صادرت ما لا يقل عن 173 مليون حبة "كبتاغون" (34.6 طن) و(12.1) طن من الحشيش المصدرة من سوريا في عام 2020 مقدرة القيمة السوقية لهذه الكمية المصادرة من حبوب "الكبتاغون" بما يقارب 3.46 مليار دولار أمريكي، فيما ذكر تحقيق نشرته المجلة الألمانية "دير شبيغل"، أن قيمة شحنات المخدرات المصنعة في سوريا، وصلت إلى 5.7 مليار دولار عام 2021 حسب بعض التقديرات.
تسميم الشباب
وذكرت ورقة المركز البحثية أنه ورغم أن المخدرات مُعدة للتصدير الخارجي؛ فإن ميليشيا حكومة أسد أغرقت المجتمع السوري بمنتجاتها ذات النوعية الرديئة، حيث لجأ الكثير من الناس لتعاطي المخدرات كوسيلة للهروب من اليأس وحالة انسداد الأفق والإحساس بالعجز والوضع الاقتصادي المتردي.
وأشارت إلى أنه رغم كل ادعاءات حكومة أسد حول قيامها بمداهمات وإلقاء القبض على بعض المروجين، فإن هذه العمليات تطول صغار المروجين والمتورطين، فيما لم تقترب من الشخصيات والجهات التي تدير أو تحمي هذه التجارة.
انتشار واسع للتجارة والتعاطي في دمشق
وشكا سكان في أحياء دمشق مراراً لـ "الشرق الأوسط" من مشاجرات تحدث بشكل شبه يومي بين شبان في مناطق سكنهم خصوصاً في فترة منتصف الليل، بسبب تعاطيهم للمخدرات والخلافات التي تحصل بين بعضهم البعض عندما تكون المادة متوفرة لدى أحدهم وغير متوفرة لدى الآخر، وتلفظ هؤلاء بعبارات خارجة عن الأدب والأخلاق.
ووفق الصحيفة فإنه يلفت الانتباه في شوارع دمشق أيضاً مشهد توقف كثير من الشبان عند باعة بسطات دخان والأكشاك، وقولهم لأصاحبها عبارات "المعلوم معلم" و"معلم كيّفنا" في إشارة إلى طلب شراء مخدرات، بينما بات كثر من رواد المقاهي وبمجرد جلوسهم إلى الطاولة يرفقون طلبهم من النادل أو النادلة بإعطائهم الشاي أو القهوة بعبارة "روقونا كمان".
ويعدّ نظام أسد وحليفته إيران وميليشياتها وعلى رأسها حزب الله اللبناني من أبرز المصدّرين للمخدرات على مستوى الشرق الأوسط وربما العالم، وقد كشفت العديد من التقارير الخط الإنتاجي للمخدرات والحبوب المخدرة وطرق التصدير إلى دول الخليج وأوروبا وغيرها من الدول الأخرى.
وكانت أبرز الصفقات التي تم ضبطها (صفقة الرّمان اللبناني في السعودية) في نيسان 2021، والشحنة الأكبر في تاريخ الجمهورية التركية، والتي تم خلالها ضبط 1072.6 أي ما يعادل (طناً و 72 كيلوغراماً) من حبوب "الكبتاغون" المخدرة بميناء إسكندرون، والتي بلغت قيمتها الإجمالية حينها 37 مليوناً و261 ألفاً و 905 دولارات، أي ما يعادل (313 مليون ليرة تركية) وفق سعر الصرف آنذاك.
التعليقات (3)