يعيش سكان الغوطة الشرقية بريف دمشق عيد الأضحى في العام الخامس لسيطرة ميليشيا أسد، في ظل ظروف مأساوية من انتشار للحواجز والقبضة الأمنية وغياب للخدمات وانعدام في المواصلات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى باتت تطغى مظاهر الفرقة الاجتماعية وغياب التماسك العائلي التي أحدثتها حرب ميليشيا أسد وتهجيرها لأكثر من 100 ألف من سكان الغوطة الشرقية في الشهرين الثالث والرابع من عام 2018.
اختلاف بالعلاقات الاجتماعية
ويقول الحاج “صبحي الشماع” من أهالي مدينة دوما لموقع أورينت نت، إن البنية الاجتماعية في الغوطة الشرقية شهدت انقلاباً على ما كانت عليه قبل 2011، فالمعروف عن أهل المنطقة الروابط الاجتماعية والعائلية القوية ولكن حرب ميليشيا أسد أحدثت شرخاً كبيراً في البنية الاجتماعية والاقتصادية، ولم يبقَ في الغوطة إلا كبار السن وجزء من النساء والأطفال والشبان الذين لا حيلة لهم، كما غابت رؤوس الأموال وطبقة التجار.
وأضاف “الشمّاع” أنه في كل عيد بدل تجدد الأفراح تتجدد ذكريات وآلام الأطفال والسيدات الذين فقدوا آباءهم وأزواجهم، كما لا تغيب عن المعايدات أحاديث المعتقلين وكم مضى على اعتقالهم وتداول أخبار الإفراجات الأخيرة ومدى ضآلتها.

فروقات العيد والاختلاف الطبقي
بدوره قال “غسان رحال” من أهالي بلدة سقبا لموقع أورينت، إن الفروقات بين العيد في هذه الأيام والأعياد السابقة كبيرة جداً، فأسعار ثياب العيد باهظة الثمن قياساً على دخل مواطني الغوطة الذين يعيش معظمهم بلا عمل، وهذا ما جعل أكثر من نصف السكان يُحجمون عن شراء الثياب الجديدة واكتفوا بالقديمة، كما لم يستطيعوا شراء حلويات العيد التي يتجاوز سعر الكيلو غرام منها 50 ألفاً، وهو ما يعجز عنه الآباء.
وأضاف أن الأطفال في الغوطة الشرقية لم يستطع معظمهم شراء ألعاب العيد نتيجة غلائها لأن عائلات الغوطة ترتّب أولوياتها لشراء الحاجات الأساسية من خبز وسكر وزيت وخضار وفواكه، وهي ما لا تستطيع بلوغه فكيف بها بشراء الألعاب والتنزّه والذهاب إلى المطاعم والسيران كما كان حاصلاً قبل الثورة؟.

لا أضاحي في العيد
وذكر غسان أن نسبة ذبح الأضاحي في الغوطة الشرقية لا تتجاوز 3 % فقط نتيجة حالة الفقر بين الأهالي، إذ تغيب طبقة التجار والمستثمرين وأصحاب المصانع والحِرَف الذين اشتُهرت بهم الغوطة إذ هجَروا البلاد مع بداية سنوات الحرب ولم يبقَ منهم إلا النزر القليل.
من جهتها ذكرت “أم محمد عطية” من أهالي منطقة المرج، أن العيد يمرّ على أبناء الغوطة الشرقية وهم يفتقدون الأهل والأحباب والأصحاب، بين من هاجر أو قُتل أو اعتُقل أو فُقد، إضافة إلى من يعيش اليوم الأوضاع الاقتصادية المُزرية، فالناس اليوم اختصرت كثيراً من مظاهر العيد التي اعتادت عليها قبل عام 2011، فالزيارات تقتصر على العائلة فقط، وحلويات العيد تقتصر على نوع واحد تحاول الأمهات صنعه في المنزل لتوفير القليل من المال.
يُذكر أن الغوطة الشرقية كانت قبل عام 2011 من المناطق الاقتصادية الناهضة في مجال الزراعة والصناعة مثل صناعة المفروشات والصناعات الغذائية واشتُهرت هذه الحرف بريادتها وتصديرها إلى دول الخارج، ولكن في هذا الوقت أحجم معظم سكانها عن مزاولة تلك الحرف نتيجة مجمل ظروف الحرب التي فرضتها ميليشيا أسد على السكان المحليين من تهجير وقتل واعتقال وتنكيل وإتاوات.
التعليقات (4)