عالم الفيسبوك يزداد خطورة: تسلّح ببعض النصائح كي لا تكون ضحية للشبيحة

عالم الفيسبوك يزداد خطورة: تسلّح ببعض النصائح كي لا تكون ضحية للشبيحة

لم تعد حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الوهمية المحسوبة على الثورة السورية، تقتصر على أسماء مستعارة لدواعٍ أمنية مثل: "ياسمينة شامية"، أو "أيمن الحموي"، أو باللغة الإنكليزية الاسم مرفق بكلمة سوريا (Samer Syria)، بل باتت الحسابات الوهمية على منصات "فيسبوك، تويتر، انستغرام" منظَّمة بأسماء وصور حقيقية يصعب كشفها للوهلة الأولى، كونها حسابات منتحلة من قبل أشخاص مزيّفين.

ومن الملاحَظ أنَّ هذه الحسابات الوهمية تُركز في قائمة أصدقائها على إضافة شخصيَّات معروفة في الصحافة والإعلام لما يُعطيها من دعم يجذب المتابعين، وفي كلِّ مرَّة يتم الكشف عن شخصية وهمية يُثار الجدل حولها وتغدو في قائمة الترند، وينقسم المتفاعلون مع الحدث ما بين ساخر منها أو متأثر كونه ربّما تواصل معها وأخبرها بمعلومات تخصّه، فيما ينأى آخرون عن التعبير.

انتحال شخصيات حقيقية

الصحفية مزن مرشد، توضح لـ"أورينت نت"، أنَّ الأشخاص الذين يُنشئون حسابات وهمية يكونون حريصين كلّ الحرص على ألّا ترتبط هذه الحسابات بشخصياتهم الحقيقية، ولكي يجعلوا الحساب مقنعاً يختارون صوراً لنشاطات أشخاص حقيقيين، لافتةً إلى أنَّ الحساب المنتحِل للشخصيات يحظرهم كي لا يصل إليهم.

وفي هذه القضية التي أُثيرت مؤخراً، نُلاحظ أنَّهم اختاروا صوراً لمجموعة أفراد من عائلة واحدة أو تربطهم علاقة اجتماعية لتكون لهم صور مشتركة، لتصبح الحسابات أكثر منطقية وإقناعاً، وبرأي مرشد، كان ذكاء صاحب هذه الحسابات باختياره لأشخاص يعيشون في بقعة جغرافية بعيدة ومعزولة تماماً عن أبناء الثورة، وهي قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل.

وبالتالي، لا يُمكن للصدف أن تجمع أيّ سوري سواء داخل سوريا أو في دول اللجوء والجوار بهم، ومن ناحية أخرى اختارهم أناساً عاديين يمتهنون مهناً محلية بعيداً عن السياسة والإعلام، وهنا تصبح احتمالات كشف الشخصيات الحقيقية المستخدمة صورهم في الحساب المزيف شبه معدومة. حسبما أفادت مرشد.

وأشارت إلى أنَّ إحدى الشخصيات التي انتحلها حساب "مايا الأتاسي"، وتُدعى “وصال صعب” نشرت على صفحتها مطلع العام 2021 أنَّ أحدهم انتحل شخصيتها مع زوجها، لكن منشورها لم يصل لأحد. بينما الحساب الوهمي الذي أثار ضجة في 26 حزيران 2022 عند اكتشاف الناشط محمد حمزة حقيقة ادعاء "زينة صفتلي" وفاة خطيبها (علي) حين نعته صفحات تابعة للجولان السوري، هو بالحقيقة اسمه "هادي دعبوس" وخطيبته تدعى "بلودان بشارة".

وباعتقاد الصحفية مرشد، أنَّ هذه العملية من الممكن أن تكون إحدى وسائل الجيش الإلكتروني الذي تديره مخابرات أسد وكانت هذه الأسرة ضحية لاحتيال، ولولا انتشار نعي الشاب الحقيقي لما كانت انكشفت القضية نهائياً. وهذا ما أكده، محمد حمزة عبر صفحته في فيس بوك، وتحدث في لقاء مصوّر مع "أورينت" عن حالتي اعتقال لميليشيا أسد في حزيران 2020، وتشرين الثاني 2019 جرت بعد محادثات بين فتاة وشاب مع المدعوة "زينة صفتلي".

سهولة انتشار الحساب الوهمي

من الملاحظ انتشار الحساب الوهمي بسرعة، وعن هذا، يحدثنا الصحفي عبد العزيز العذاب، عن تجربة شخصية أجراها قبل يومين إثر الضجة الإعلامية الأخيرة، قائلاً: "أنشأتُ حساباً وهمياً على فيسبوك باسم امرأة عادية، وكتبتُ تعليقاً بمجموعة عامة لبيع وشراء المستعمل، وبعد ساعات وصلني 110 طلبات صداقة فقبلتهم، بعد ساعة وردني منهم 23 رسالة تتمحور حول: (شكراً لقبول الصداقة).. بينما رسالتان محتواهما يريد التعارف، فيما وردتني ثلاث رسائل محتواها صور ومقاطع إباحية مرفقة بجملة: ممكن نتعرف يا حلوة".

وبالتالي، من السهل جداً تنمية الحسابات الوهمية ورفدها بالأصدقاء، حتى تغدو وكأنَّها حقيقية، ونجد الأصدقاء الافتراضيين يتفاعلون بشدة مع المحتوى المنشور لذلك الحساب الوهمي، خاصة استعطاف صاحب الحساب لمتابعيه عبر القصص الإنسانية المؤلمة من جهة، ومحتواه عن الثورة السورية من جهة أخرى، وفي قصة "وفاة خطيب زينة" المزعومة نشر الكثير من الناشطين عزاءً لها على حساباتهم الشخصية، سبقها قبل عام وثمانية أشهر تفاعُل الناس مع خبر استشهاد شقيقها الوهمي "تامر صفتلي" تحت التعذيب في سجون أسد.

وهنا تكمن الكارثة في تشويه حقائق الثورة السورية، ما دفع الكثير من الناشطين إلى مراجعة قائمة أصدقائهم وحذف الأشخاص غير المعروفين، بينما أغلق آخرون حساباتهم وأنشؤوا حساباً أضافوا إليه فقط الأصدقاء المعروفين لديهم، مثلما فعل الإعلامي إسماعيل الرج، وهي خطوة فعّالة نسبياً للتخلّص من تلك الحسابات التي لها خطورة على أبناء الثورة، ولا سيّما أنَّها تعتمد على أسلوب تأجيج الخلافات فيما بينهم. حسبما أفاد العذاب لـ"أورينت".

وفي ذات السياق، يقول الباحث السياسي زكريا ملاحفجي لـ"أورينت": "منذ نحو ثلاث سنوات انتحل حساب وهمي شخصيتي وأضاف الكثير من الأصدقاء إليه، ليتبيَّن لاحقاً أنَّه أحد عناصر المخابرات الجوية التابعة للنظام، فأغلقنا حسابه، حيث حاول تقمُّص شخصيتي عبر إرساله رسائل مختلفة في منشوراته التي تراوحت بين دعم النظام وأخرى غير أخلاقية". وبحسب تجربته، فإنَّ الحسابات الوهمية "معاناة كبيرة لأبناء الثورة" بسبب التعليقات الاستفزازية، وهي تتبع لجهات معينة، ولا سيّما داعش والنظام.

 اعتماد الهندسة الاجتماعية

مع انتشار الشبكات الاجتماعية واختلاف أنماطها، ظهر شكل جديد من الاختراق يُعرف باسم الهندسة الاجتماعية (social engineering) والتي تحتاج إلى مهارة وفن لاختراق عقول البشر وجمع أكبر قدر من المعلومات عن الضحايا من أجل أغراض لا أخلاقية.

مراد علوان مهندس برمجيات، يقول لـ"أورينت": إنَّ انتشار الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي له أهداف عديدة، وأبرزها هو "الهدف السياسي"، فجميعها أو الغالبية العظمى منها تموَّل من جهات معينة، أي لا يوجد شبكة حسابات وهمية تابعة لشخص عادي، بالعكس تماماً هي تحتاج روبوتات وأجهزة متطورة يتم تجهيزها بأماكن سرية بتمويل من الجهات الهادفة، فهي شبكات مرتبطة ببعضها وفق آليات معينة بالعمل حسب الكتل المموّلة.

وبالنسبة لإقناع الناس بأنَّها حسابات حقيقية، فيعتقد  أنَّ المسألة تعود إلى خبرة الشخص باكتشاف الحساب الوهمي، مشيراً إلى أنَّ الروبوتات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تعمل عن طريق الفلترة، حيث يتم وضع كلمات معينة بفلاتر خاصة ومحركات البحث، تصل لمنشورات أو مواضيع تحتوي هذه الكلمات وعندما تجدها، يحوّل المنشور إلى أشخاص معينين للرد عليه، أو يتم ذلك بشكل تلقائي عن طريق قوالب خاصة أحياناً، أو روبوتات تعتمد على شبكات ناس حقيقيين في الدول الفقيرة.

أمَّا عن الحماية من الحسابات الوهمية، فيؤكد المتخصص بالبرمجيات أنَّها تعتمد على تكافل الحكومات بمحاربتها عن طريق الفلاتر الأساسية بسيرفرات الحكومات، لكن طالما هناك حكومات معينة تموّلها وتعمل على تعزيزها، يقف موقع فيس بوك عاجزاً عن اكتشافها ومحاربتها.

وفيما يتعلّق ببيع الشركات للحسابات الجاهزة، بحسب علوان، معظمها تكون لزيادة عدد المتابعين لحساب مُعيّن وزيادة تقييمه، فبإمكان أيّ شخص شراء ألف متابع بخمسة دولارات، ولكن فقط لزيادة عدد متابعين دون التفاعل مع المنشورات، وممكن أن تكون حسابات صينية أو روسية، ولكنّها ليست خطيرة إلى درجة حسابات الأغراض السياسية التي في بعض النقاشات تلعب دوراً كبيراً في خداع المستخدم العادي بأنَّ طرفاً معيناً هو القوي وله شعبية ومهيمن على الوضع، ولكن في الواقع يكون العكس تماماً.

ويُشير، المهندس علوان إلى وجود بعض المحترفين في التقمُّص، فالحل الوحيد لكشف الحسابات المزيفة يكمن بإغلاق فيس بوك لكلّ حساب لم يوثَّق بهوية صاحبه، وهذا لن يقوم به فيس بوك لأنَّ الموقع قائم على مثل هذه الحسابات، لذلك يوصي المهندس، بالارتقاء بمواقع التواصل الاجتماعي، والحد من النسخ واللصق والتقليد الأعمى، مع التريث قبل التفاعل مع أيّ موضوع.

 

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات