"الأرض مقابل سلامتكم".. كانت تلك العبارة وسيلة الابتزاز التي استخدمها ضابط رفيع في مخابرات أسد مع أحد سكان الغوطة الشرقية للحصول على أرضه ومنشأته السياحية، ولا سيما أن أساليب الاعتقال والاتهامات باتت الأداة الأنجع لضباط الميليشيا للاستحواذ على ممتلكات الأهالي في سوريا.
اُعتقل السبعيني ( أ . ع) لأسباب مجهولة في أقبية ميليشيا "المخابرات الجوية" لمدة شهر قضاها في سجن انفرادي "ظلماً وافتراءً"، وعند خروجه من الاعتقال، أخبره رئيس الفرع (غسان إسماعيل) أنه يريد شراء أرضه التي يقع عليها منتج سياحي بجانب مدينة المعارض بالغوطة الشرقية.
رفض الرجل عرض ضابط المخابرات كونه لا يريد التفريط بأرضه ومصدر رزقه، فقام الأخير باعتقاله مع أولاده الاثنين وبدأ بتعذيبهم وإهانتهم أمام ناظر والديهم، ثم أفرج عن الأب مع إعطائه مهلة للتفكير بعرضه وقال له: "أرضك مقابل سلامتك وسلامة عائلتك".
يقول (أ . ع) في حديثه لأورينت نت: "لم أستجب لعرض الضابط والمهلة التي أعطاني إياها، لأتفاجأ بعد عدة أيام بدورية من المخابرات الجوية تعتقل زوجتي وابنتي والتهمة هي دعم المجموعات الإرهابية"، وأضاف أن ضابط الدورية أثناء اعتقال زوجته وابنته وتكسير منزلهم، كان يردّد اتهامات التعامل بالإرهاب على مسامعهم لإيصال الرسالة.
بقي الرجل السبعيني وحيداً في منزله وهو يعاني القهر والألم لشدة الضغوط الممارسة عليه للتنازل عن أرضه التي ورثها عن أبيه والمنتجع المَشيد عليها ويقول في تصريحاته: "كل ما أستطيع فعله أني اتصلت بمدير الفرع (الضابط غسان إسماعيل) وطلبت مقابلته، وبالفعل توجهت إلى مقر المخابرات الجوية بسيارتي ودخلت مكتبه وعرضت عليه أن يكون شريكاً في المنتج السياحي، فضحك الضابط وقال لعناصره: نزلوه لتحت وبدي إسمع صريخو لعندي.. فقلت له طوّل بالك معلم ومتل ما بدك بصير".
وافق الرجل تحت الضغوط على التنازل عن أرضه والمنتج السياحي لمصلحة ضابط الميليشيا ولكن ما يزيد الأمر سوءاً أن الضابط أعطاه (10 آلاف دولار) ثمناً للأرض والمنتج السياحي أثناء كتابة العقد الافتراضي، لكن الثمن الحقيقي يُقدّر كما يقول بنحو (مليوني دولار) للعقار الذي تبلغ مساحته 7 دونمات من الأراضي الزراعية الواقعة بمنطقة المليحة بالقرب من مدينة المعارض على طريق مطار دمشق الدولي.
وليست هذه هي المأساة الوحيدة التي وثقتها أورينت لاستحواذ ميليشيا أسد على أراضي وممتلكات المدنيين بأساليب الترهيب والتهديد والاعتقال التعسفي بمناطق سيطرتها وخاصة في الغوطة الشرقية الشهيرة بخصوبة أراضيها وموقعها الإستراتيجي والسياحي، (وتتحفظ أورينت على اسم الرجل واسم منشأته السياحية حفاظاً على حياته).
وتؤكّد مصادر محلية متطابقة من ريف دمشق أن ضباط مخابرات أسد استحوذوا على الكثير من الأراضي الزراعية مقابل إطلاق سراح المعتقلين من سجونهم، أو عبر التهديد باعتقالهم وتوريطهم بتهم تخصّ "الإرهاب" أو التعامل مع فصائل المعارضة التي كانت تسيطر سابقاً على المنطقة.
وباتت مناطق سيطرة ميليشيا أسد “جحيماً” بالنسبة للسوريين بسبب سطوة ضباط وعناصر الميليشيا بكافة مسمياتهم، مع غياب السلطة القضائية وزيادة نسبة الفلتان الأمني وارتفاع معدل الجرائم والسرقات والسطو المسلح، إلى جانب الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي دفعت عشرات الآلاف للهجرة النهائية هرباً من الموت والجحيم.
التعليقات (24)