كريم، عازف البيانو الموهوب، لديه فرصة فريدة لتجربة الأداء في فيينا، الثورة في سوريا والقيود المفروضة تزعج خططه ويصبح بقاؤه قضية يومية. ومن ثم يصبح البيانو الخاص به فرصته الوحيدة للهروب من هذا الجحيم. عندما دمر تنظيم داعش البيانو الخاص به، كان لدى كريم فرصة واحدة فقط، وهي العثور على الأجزاء لإصلاح أداته، وهنا يبدأ رحلة طويلة لاستعادة حريته.
أين غابت ميليشيات الأسد؟
مما لا شك فيه أن الفن كعمل مقاومة للحرب والظلامية عمل مهم بلا شك.. لكن لا يمكن إغفال الصورة النمطية المفضلة التي يفضلها الغرب في هذه القصة. حيث يغض الطرف عن ظلامية وهمجية الأسد ومخابراته وميليشياته الطائفية المتخلفة حضارياً، التي يمكن أن تدمر معهداً موسيقياً بحاله دون أن يرف لها أي جفن، ولا ننسى قصفها للمسجد الأموي بحلب وتدميرها لدرة أسواق حلب القديمة.
فيلم "البيانو الأخير"، صدر في الوقت الذي احتلت مساحة الأخبار غزو روسيا أوكرانيا، كان في الأصل فيلماً قصيراً للتخرج في جامعة كولمبيا الأمريكية. وقد وُلد هذا الفيلم من اكتشاف جيمي كيروز عبر التلفزيون أن تنظيم الدولة الإسلامية يحظر الموسيقا في الأراضي التي يسيطر عليها. كان الفيلم الجديد مستوحى حينها من قصة حقيقية سمعت حينها، قصة عازف شاب يعزف على البيانو لمنح الأمل لجيرانه في القرية، نمت القصة القصيرة لتصبح ميزة أكثر خيالية ولكنها تحافظ على الأساسيات، وموضوعها القوي.
الموسيقا المحظورة والتنظيمات المتطرفة!
هذه المرة؛ ستكون مدينة "كان" هي التي سيسلط الضوء عليها باختيارها عام 2020. الإنتاج الأمريكي اللبناني L'Insulte، يتابع فيلم "البيانو الأخير" رحلة كريم، عازف البيانو من بلدة سورية خيالية بعد حظر الموسيقا من قبل حركات متطرفة تسيطر على المنطقة، يعزف البيانو في الملجأ الذي يتقاسمه مع عدد قليل من الجيران من أجل إضفاء مزيد من الفرح في الحياة اليومية التي تشبه الجحيم المفتوح. تم تدمير البيانو أثناء نزوله، قرر كريم عبور جزء من البلاد للعثور على قطع غيار. لأنه يعتبر في هذه الأوقات المظلمة فنّه مساحة من الضوء.
مخاطرة بحياتك وحياة أحبائك للعثور على شيء ما لإصلاح بيانو قديم في بلد مدمر، قد تبدو "المعركة" سخيفة من هذا القبيل ولكنها مليئة بالرمزية. يقول المثل إن الموسيقا مقدسة. توفر قوتها مشاعر تجعلك قادراً أن تنسى، للحظة من بضع كوادر تصويرية تجعلك تلاحظ أن الحياة اليومية مليئة بالمعاناة. في هذا ممكن أن يكون في الموسيقا خلاص للروح والقلب ومنارة للأمل. من خلال قصته المليئة بالعواطف يرسم تيمي كيروز صورة جميلة لسوريا. سورية مقاومة، سورية خائفة، سورية صامدة، سورية تريد أن تؤمن بأيام أفضل، سورية على الأرض ولكنها سورية تقاتل، سورية في حالة خراب، سورية تدمر ولكنها لا تفقد الأمل. وامتداد؛ يمكننا أن نرى من خلال الفيلم أكثر من مجرد صورة سورية لوحدها. ومن هنا صدى الأخبار الأوكرانية.
من ناحية، فإن صوره الرائعة يتم تسويتها من خلال عرض مسرحي مذهل وتصوير مصقول للغاية، ومن ناحية أخرى سرده القوي الذي يحمل شيئاً من "الميلودراما" المتوهجة، ويعتبر فيلم البيانو الأخير عملاً سينمائياً رائعاً ومؤثراً للغاية. علاوةً على ذلك؛ فإن تأثيره ذو حدين منذ الأمر الواقع، ليس بالضرورة أن يكون له عفوية فيلم تم تصويره بإلحاح وصعوبة. تيمي كيروز استفاد من ميزانية ضخمة، و كان من الممكن إنجازه في ظروف هادئة، و أن تيمي كيروز تخيل القصة من مسافة أبعد أن يكون قادراً على مواجهتها.
يؤدي هذا إلى جهد درامي للغاية ومنسق للغاية ورومانسي للغاية، وأحياناً يشعرك أنه عمل "نظيف" للغاية، وقد يقول البعض إنه عمل "سخيف" ومدعوم ومنحاز لأنه يغيب همجية الأسد عن المشهد، ولكنه يبقى عملاً يُشاهد وقد يفوز بجوائز نظراً لأنه يرضي رغبة الغرب في الربط بين داعش والإسلام، ويلبي احتياجات الإسلاموفوبيا السادة اليوم.
التعليقات (1)