تفاجأ أهالي محافظة الحسكة بجريمة قتل عنوانها "الثأر" لقضية مضى عليها 25 عاماً، بحادثة شارك فيها أحد العائدين من ألمانيا للانتقام من قاتل أبيه ثم العودة إلى أوروبا حيث مكان لجوئه، في حادثة تعد الأغرب من نوعها في إطار حوادث الثأر، رغم محاكمة الجاني ودفعه "الدية" قبل عقود.
الحادثة التي أثارت استغراباً واسعاً وجددت المخاوف الأهلية والعشائرية، وقعت في قرية الفدغمي بناحية مركدة جنوب الحسكة قبل يومين، بمقتل (كريم محمد الخليف) "68 عاماً" على يد شبان من القرية بداعي "الثأر" حين كان الرجل في أرضه الزراعية، بينما أولاده لاجئون في الدول الأوروبية.
وفي التفاصيل نقل مراسل أورينت نت زين العابدين العكيدي عن مصادر أهلية في القرية، أن الخليف قتل شخصاً بسبب خلاف على حدود الأراضي الزراعية قبل 25 عاماً، وعلى إثر ذلك دفع ديّة المقتول لذويه وتنازل عن الأرض التي كانت سبب الخلاف، ومن ثم سُجن 10 أعوام في سجن الحسكة.
غير أن أبناء القتيل الستة، عادوا مجدداً وبشكل مفاجئ لأخذ ثأر والدهم رغم أن "الخليف حوكم وفق الشرع والأعراف العشائرية"، حيث قام الأبناء بإطلاق رصاص الرشاشات تجاه الخليف حين كان في وحيداً في أرضه، وبعد مرور تلك السنوات الطويلة على طيّ صفحة الخلاف بين الطرفين.
لكن اللافت أن أحد المشاركين بقتل الخليف، عاد قبل فترة من مكان لجوئه بألمانيا للمشاركة بعملية الثأر لوالده، حيث تكلّف عناء رحلة العودة إلى مسقط رأسه في سوريا ومن ثم عاد إلى ألمانيا بعد الانتهاء من تنفيذ الجريمة مع أشقائه.
وأثارت الحادثة غضباً واسعاً كون القضية الأساسية طويت منذ عقود بالتراضي بين الطرفين بمحاكمة القاتل الأول الذي خضع للشرع والأعراف العشائرية بدفع "دية" المقتول" وتنازله عن الأرض التي حصلت عليها المشكلة الأساسية حينها، وخضوعه للسجن 10 أعوام مقابل جريمته، إضافة لأن "الخليف" رجل مسن ويعاني من أمراض عديدة وأبرزها مرض السكري.
واكتفت عشيرة (السادة الأشراف آل الشيخ عيسى) بنعي الخليف دون التطرق لطريقة لمقتله، بينما استنكر (أمجد الشيخ عيسى) أحد أبناء الخليف تلك الجريمة وعلق قائلاً: “الله يرحم أمواتكم جميعا ويغفر لوالدي، ولكن ما يدمي القلب أننا على مدى ٢٥ عاماً ونحن نحترم أولاد عمومتنا، وأبي قد سجن ١٠ سنوات من عمره وتم دفع الدية، وقد قبلوا بالديه، وتنازلنا عن الأرض لهم، وكل هذا لم يفلح”.
وأضاف أمجد: “يقتلون رجلا كبيرا في السن في أرضه الزراعية، أعزل و مريض بالسكري والقلب، هؤلاء الجبناء على مدى ٢٥ عاما لم يستطيعوا مجابهته، واليوم وبكل خسه ونذاله، وبطريقه قطاع الطرق ٥ أو ٦ جبناء يرشونو عن بعد حتى يقتلوه .لم يحترموا الجيرة ولا العهد ولا الميثاق”.
ويعيش الخليف مع زوجته المسنة في قريته الفدغمي، بينما أولاده لاجئون في أوروبا، ومع مقتله تجددت مخاوف أهالي القرية من استئناف جولات الثأر بين العائلتين، لا سيما في ظل الفلتان الأمني الذي تعيشه مناطق شرق الفرات، إلى جانب تفشي الجهل وأساليب القتل بين صفوف كثير من السوريين جراء الحرب الطويلة التي عانوها في سوريا.
ولا تزال جرائم "الثأر"تتكرر معتمدة على أفكار ترتبط بمعتقدات "جاهلية" منسوبة للعادات العشائرية، حيث يصر أصحاب الدم على أخذ الثأر بقتلهم أحد أقارب قاتل الضحية رغم المحاسبة القانونية التي تهدف لإنزال القصاص بالقاتل، ورغم الأعراف التي تسعى لحل تلك الخلافات بدفع الدية والصلح في أقل الأحوال، إلى جانب المحاكمة القضائية للقاتل في قضايا مشابهة.
التعليقات (8)