في خطوة مثلت خرقاً غير مسبوق لقواعد الاشتباك بين الدول المتدخلة في الصراع بسوريا، استهدف الجيش الاسرائيلي فجر اليوم الجمعة مطار دمشق الدولي بقصف صاروخي مركز وكثيف ما أدى إلى خروجه عن الخدمة.
وبينما تحدثت مواقع وحسابات إخبارية محلية عن قصف استهدف المطار ضمن عدة مواقع استهدفها الجيش الاسرائيلي في جنوب دمشق، كشفت مصادر خاصة عن أن القصف طال بشكل مباشر برج المراقبة ورادار الملاحة في المطار، الأمر الذي لم يعد ممكناً معه استقبال أو انطلاق أي رحلة.
وبالإضافة إلى هذين الهدفين المحورين، كشفت صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية للمطار من الداخل بعد هذا القصف عن استهداف المدرج الشمالي بثلاثة صواريخ، بينما استهدف المدرج الجنوبي الذي كان خارج الخدمة قبل هذه الضربة بعدد مماثل من الصواريخ أيضاً.
وهذه هي المرة الثانية التي تستهدف فيها إسرائيل المطار خلال أقل من شهر، حيث سبق وأن قصفت المدرج الرئيسي في الحادي والعشرين من أيار/مايو الماضي، ما أدى لخروجه عن الخدمة لعدة ساعات.
وحسب المصادر فإن القصف الجديد اليوم كان متوقعاً بالنظر إلى استمرار الحرس الثوري الإيراني باستخدام مطار دمشق الدولي في شحن الأسلحة والمعدات إلى سوريا، كما يمثل الشريان الرئيسي للمواد والأموال التي يتم إرسالها إلى النظام.
وتضيف مصادر أورينت: إسرائيل سبق وطلبت من روسيا التدخل لإجبار طهران على التوقف عن استخدام المطار في نقل السلاح والخبراء العسكريين الذين يشرفون على تنفيذ برنامج إيران الصاروخي في سوريا، بينما هددت الولايات المتحدة موسكو بإخراجه عن الخدمة في حال عرقلة تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال من خلال معبر باب الهوى، لكن دون تحقيق أي نتائج.
تطور رأى فيها المحلل السياسي السوري باسل معرواي كسراً لقواعد الاشتباك وتجاوزاً للتفاهمات القائمة بين روسيا وإسرائيل، بسبب فشل موسكو في الإيفاء بتعهداتها الخاصة بكبح توسع الحضور العسكري الإيراني في سوريا، متوقعاً أن تأخذ الأمور منحى تصعيداً أكبر.
ويقول في تعليقه لأورينت نت: كانت التفاهمات الإسرائيلية الروسية قائمة وازدادت بفعل العلاقة الحميمة التي كانت تربط نتنياهو مع بوتين، وبخروج نتنياهو من السلطة بدا وكأن خليفته بينيت لم يتمكن من كسب ثقة الرئيس الروسي رغم زياراته المتعددة لموسكو، وكان ظاهراً أن شرخاً سيصيب تلك التفاهمات.
ويضيف: حصل حدثان مهمان أثّرا على طبيعة تلك التفاهمات أولها تحول الحرب الرمادية أو المعركة بين الحروب الجارية بين دولتي الاحتلال الاسرائيلي والإيراني على الأراضي السورية وخارجها إلى ما يشبه الحرب المعلنة، ويبدو أن الضغوط الأمريكية التي كانت تمارس على إسرائيل لجعل هجماتها محدودة قد خفّت، بدليل نقل تل أبيب جزءاً من معركتها إلى قلب طهران بعمليات الاغتيال المتعددة.
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حاولت إسرائيل الوقوف على الحياد قدر الإمكان، إلا أن انحيازها للمعسكر الأمريكي أخذ يبدو واضحاً بمرور الوقت، وقد أخرجت تصريحات لافروف عن "الدماء اليهودية التي كانت تجري بعروق هتلر" الخلاف للعلن..وحاولت روسيا التهديد بتغيير قواعد التفاهمات عندما قصفت إسرائيل مصياف قبل عدة أسابيع عندما لوّحت موسكو بتشغيل منظومة إس-٣٠٠ وتحذير الطيران الإسرائيلي، ويقال إن غواصة روسية في السواحل الروسية أطلقت صاروخاً على الطائرات الإسرائيلية وقتها.
وعن السبب المباشر يقول معرواي: كانت الشكوى الإسرائيلية من استمرار طيران (قشم) التابع للحرس الثوري بإرسال طائرات شحن محملة بأسلحة أو تقنيات عسكرية بانتظام إلى سوريا عبر مطار دمشق، وكان الطيران الإسرائيلي لا يتمكن أحياناً من متابعة أماكن تخزين الحمولة، وكان عدم استهداف المدرج الوحيد الصالح للحركة في المطار خطاً أحمر روسياً احترمتْه إسرائيل حتى الأمس، لكن يبدو أن التطورات تتسارع.
وحسب المعلومات فإن إيران وروسيا كانتا تتوقعان هذا النوع من التصعيد وصولاً إلى استهداف مطار العاصمة وإخراجه عن الخدمة، لذلك ركزتا على تأهيل مطار حلب الدولي ليكون بديلاً، خاصة وأنه بعيدٌ عن متناول الصواريخ الإسرائيلية كما يتطلب استهدافه غارات جوية قد تعقّد من مهمة تنفيذها على الجيش الإسرائيلي الدفاعات الجوية الروسية في حال قررت روسيا تشغيلها بالفعل.
التعليقات (5)