فيلم (قماشتي المفضلة): تقلبات شابة مسيحية تعيش الثورة والحلم الشخصي!

فيلم (قماشتي المفضلة): تقلبات شابة مسيحية تعيش الثورة والحلم الشخصي!

عرض في مهرجان "كان" السينمائي الفرنسي الشهير في مايو سنة 2018، فيلم (قماشتي المفضلة)، وعرض في دور السينما الفرنسية في اللحظة نفسها التي سقطت فيها مدينة درعا السورية في أيدي ميليشيات بشار الأسد. هذا أول فيلم روائي طويل للمخرجة السورية غايا جيجي في المنفى الباريسي، الفيلم الذي يقارب ثورة الغضب في درعا عام 2011 بكثير من الدقة والتأمل.

واحد من طموحات هذا الفيلم المعقد والساعي للكمال في معالجة إحدى القصص الأكثر حميمية على الإطلاق -الصحوة الجنسية لامرأة شابة- في شكل إحدى المأسي الجماعية التي نحيا في دولة الكبت والقمع الأسدي. نهلة التي مثلها الكثير تؤدي دورها الممثلة اللبنانية منال عيسى ومن خلال سيناريو يمزج ما بين المذكرات والأنثروبولوجيا: تحيا نهلة في الشريط السينمائي الروائي المكتنز لكثير من الهواجس الجنسية التي لا تتجسد على الواقع.

تعيش نهلة مع أمها وأختيها الصغيرتين، تعمل نهلة في متجر، بينما الأختان على مقاعد الدراسة وتعيش الأسرة المسيحية في بيت بدمشق، وتقيم نهلة توازنات بين رغبتها في الزواج من شاب هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبين الاستقلال. الزواج سيكون في نهاية المطاف منحدراً لا بد من تسلقه، ولكن الكمال لدى نهلة يبقى الرجل الذي يأتي في منامها ولا ترضى بخاطبها الرسمي.

الكادر الأول في الفيلم، منال عيسى تستقل “سرفيس” في وقت اندلاع الربيع السوري؛ هنا يبقى الرمز شفافاً، بتنا على بعد مسافة قصيرة من هبوب التغيير، نهلة تفتح نافذة السرفيس كي تلفح جسدها رياح الربيع، بينما الركاب الآخرون يطلبون منها قفل النافذة:هنا تجسد الشخصية معارضة غير قابلة للتغيير، ترميز للبلد القوي الثائر على الكبت والقمع والحالم حلم جسد نهلة في الاستقلال من القمع والكبت في إحدى مآسينا الفردية التي هي جزء من مآسينا الجماعية في بلد الإبادة الأسدي. وتبقى الكاميرا تدور بعد ذلك بين جدران شقة ومتجر وتبقى الثورة حاضرة في خلفية الفيلم عبر الأخبار والصور والخطابات المختلفة بين مؤيد ومعارض في ثورة سوريا الهادرة.

دمشق آذار عام 2011، بدأت الثورة في سوريا تقوى أكثر، نهلة في هذا الوقت بلغت من عمرها 25 سنة، بين رغبتها في الحرية والاستقلال و فشلها في زواج مرتب من سمير المغترب، الذي يفضل عليها أختها الصغرى مريام الأكثر طواعية، تعيش الشخصية حياة سينمائية ممزقة، جبال من الحزن تنهض بها الممثلة منال عيسى مع العتب على ضعف السيناريو الذي لا يعطي مبررات درامية مقنعة؛ ببساطة أكثر غاب النمو الدرامي داخل النسيج البصري، وهذا لا تتحمل عاتقه الممثلة اللبنانية القديرة منال عيسى، التي أعتبرها حجر أساس في هذا الشريط البصري.ثم تقترب نهلة من جارتها السيدة جيجي التي انتقلت للسكن الجديد وفتح بيت دعارة فيه.

ويؤكد الفيلم الروائي السوري الأول، الذي عرض في مهرجان "كان" على ولادة الممثلة اللبنانية الفرنسية منال عيسى. حيث لوحظ في فيلم (قماشتي المفضلة) حضورها الجذاب ونظرتها المرهقة ومظهرها الباهت؛ يجذب المشاهد كالزوج الموعود الذي ترفضه. إنها تجسد تماماً المرأة الشابة التي تحلم بأوهامها بلقاء الأمير الساحر، بينما العالم ينهار من حولها. تصور المخرجة غايا جيجي امرأة شابة اهتزت رغباتها بينما التاريخ يضطرب، تندلع الثورة السورية بشكل أقوى من قبل وتبحث الطبقات الوسطى عن المنافي، هكذا نراقب جيداً الفيلم.

يبقى أن حضور الأدوار الرجالية في دعم الشخصيات الأساسية، كان قسرياً قليل الحضور، بينما نرى الممثل الصاعد سعد لوستان في دور المغترب سمير، صحيح أنه دور محدود ولكنه في ذات الوقت كان يستلزم حضوراً يرتقي إلى  المأمول، لوستان يبقى متردداً أمام الكاميرا، أشعر أنه مازال يحمل بعض الخوف من الحضور أمامها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات