وثّقت منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) الهجمات الروسية بالقنابل "المحرّمة دولياً" التي استخدمها الاحتلال وحليفه ميليشيا أسد في الهجمات الصاروخية على المناطق المدنية الخارجة عن سيطرتهما بمناطق شمال سوريا، والتي ساهمت بشكل كبير بارتفاع أعداد الضحايا المدنيين وتدمير البنى التحتية والخدمية.
وقال الفريق في تقرير له، اليوم، إن ميليشيا أسد وروسيا منذ 20 آذار عام 2021، نفّذت 63 هجوماً باستخدام قذائف "الكراسنوبول" الموجّهة بالليزر (المحرّمة دولياً)، لاستهداف المرافق العامة وعلى رأسها المشافي، والعمال الإنسانيين ومنازل المدنيين في مناطق المعارضة في إدلب وريفي حماة وحلب.
وأوضح التقرير أن نسبة تلك الهجمات “تبلغ 4٪ فقط من الهجمات بمختلف أنواع الأسلحة، خلال الفترة التي يغطّيها التقرير والممتدة من توثيق أول هجوم في 21 آذار من عام 2021 حتى 31 كانون الأول من العام نفسه في شمال غرب سوريا، إلا أنها أسفرت عن 20٪ من جميع الوفيات في صفوف المدنيين”، حيث طالت 43 منزلاً، و 11 هجمة على الحقول الزراعية ومخيمات النازحين، وعلى نقاط طبية أبرزها مستشفى الأتارب غرب حلب، ونقطة مرعيان الطبية جنوب إدلب، ومركز للخوذ البيضاء في بلدة قسطون في سهل الغاب.
وبلغ عدد الضحايا جراء استخدام تلك القذائف الليزرية خلال المدة التي وثّقها التقرير، 70 قتيلاً و102 إصابات، بينهم مقتل 29 طفلاً وإصابة 33 آخرين، ومقتل متطوّعين وإصابة 7 آخرين من الدفاع المدني، إضافة لإصابة عدد من الكوادر الطبية.
واعتمد الفريق في توثيقه على تقارير الاستجابة للهجمات التي وثّقها خلال استجابته، منذ بدء استخدام تلك القذائف الموجّهة بالليزر، و"من خلال توثيقات المتطوّعين من صور وفيديوهات وبقايا ذخائر، وبالاعتماد على بيانات من الشهود، بمن فيهم متطوّعو الخوذ البيضاء، إلى جانب البحوث المكتبية الإضافية".
نمط إجرامي مختلف
ولفت الدفاع المدني إلى أن الهجمات العسكرية لروسيا وميليشيا أسد أخذت نمطاً جديداً منذ آذار عام 2021، أي بعد عام على دخول اتفاق (وقف إطلاق النار) حيّز التنفيذ في مناطق خفض التصعيد، من خلال تراجع وتيرة الهجمات والعمليات العسكرية واللجوء إلى أساليب هجومية أكثر تدميراً في الوقت ذاته، وبدأ استخدام قنابل "الكراسنوبول" بقصف مشفى الأتارب غرب حلب في 21 آذار 2021، ما أسفر عن مجزرة قُتِل فيها 7 مدنيين بينهم طفل وامرأة، وأصيب 15 آخرون من كوادر المشفى (5 أطباء و3 ممرضين وفنّي)، رغم أن المشفى المستهدف تديره "الجمعية الطبية السورية الأمريكية" (SAMS) وتمت مشاركة إحداثياته مع منظمة الأمم المتحدة في إطار اتفاقية تحييد المنشآت الطبية عن الصراع.
وقذائف "الكراسنوبول" هي صناعة روسية شبه أوتوماتيكية موجّهة بالليزر ومثبتة الزعانف ومتفجّرة، تم تطويرها في فترة الثمانينات، ويتم إنتاج القذائف من عيار 155 ملم و157 ملم ليتم إطلاقها من مدافع (الهاوتزر)، وبعد إطلاقها تتواصل القذيفة مع مُحدّد ليزر خارجي يضيء هذا المُحدّد الهدف باستخدام ليزر ويرسل إشارات لتوجيه مسار القذيفة، ويصل مداها إلى 7 كم، وتصل دقّة إصابة الهدف إلى 90٪، والقذيفة في الأصل لمواجهة الدبابات واختراق التحصينات الصعبة.
وأكّدت "الخوذ البيضاء" في تقريرها أن ذلك النوع من الذخائر (الكراسنوبول) يشكل خطراً كبيراً على المدنيين، "بسبب دقّة الإصابة وشدّة تدميره ويمكن أن تخترق القذيفة الجدران وتسبّب ضرراً شديداً للمباني حيث إن معظم المباني التي تم استهدافها بقذائف كراسنوبول قد دُمّرت بالكامل".
وطالب التقرير المجتمع الدولي بإجراء تحقيق خاص من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابع للأمم المتحدة، حول استخدام روسيا وميليشيا أسد لقذائف "كراسنوبول" وغيرها من الأسلحة المتطوّرة في قتل السوريين وتدمير مدنهم، إضافة لمطالبات موازية بإدانة تلك الهجمات وفرض عقوبات على "أي طرف" يبيعها لميليشيا أسد، وكذلك تقديم مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا إلى العدالة.
ومنذ تدخّلها لمصلحة حليفها ميليشيا أسد في أيلول عام 2015، استخدمت روسيا الأسلحة المدفعية والصاروخية والغارات الجوية وكذلك الأسلحة المحرّمة دولياً، الكيماوية والذخائر العنقودية والفوسفورية والصواريخ الموجّهة والصواريخ بعيدة المدى، خلال هجماتها وعملياتها العسكرية على مناطق المعارضة السورية، ما أدى إلى وقوع عشرات المجازر التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين بينهم أطفال ونساء.
وتعمّد الاحتلال الروسي استخدام تلك القذائف ضد الأهداف المدنية والخدمية في المناطق الخارجة عن سيطرة حليفه ميليشيا أسد، لإيقاع أكبر خسائر ممكنة في المنطقة الخاضعة لاتفاق "وقف إطلاق النار" الموقّع بين روسيا وتركيا عام 2020، رغم أن تلك الهجمات طالت مواقع مدنية مكتظّة بالمدنيين والنازحين وبعيدة عن المواقع العسكرية وخطوط التماسّ.
التعليقات (0)