تلقى حلف إيران (تيار العونيين والثنائي الشيعي) خسارة لافتة بنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد فوز حزب "القوات اللبنانية" الذي يرأسه سمير جعجع، بأغلبية التمثيل النيابي، الأمر الذي سيدخل لبنان مرحلة جديدة بعد سلسلة منعطفات تاريخية أثّرت بمكانته الدولية والعربية وكذلك باقتصاده بسبب هيمنة الحلف الإيراني عليه.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات النيابية الجارية في لبنان خسارة حزب الله وحلفائه العونيين للأغلبية، في نتائج غير متوقعة رغم قلة المشاركة الشعبية في عملية الاقتراع بسبب الظروف الراهنة التي تخيّم على لبنان، وبحسب وزارة الداخلية اللبنانية فإن نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية بلغت نحو 41 %، وأظهرت النتائج الأولية فوز حزب "القوات اللبنانية" بـ 20 مقعداً حتى الآن، في ظل تواصل عمليات فرز الأصوات بمراكز الاقتراع.
وحصل تيار العونيين (التيار الوطني الحر) على 16 مقعداً في الانتخابات النيابية، وخسر بذلك عدة مقاعد عن الانتخابات السابقة، بحسب سيد يونس، رئيس الجهاز الانتخابي للحزب، بينما حازت "حركة أمل" التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري على 17 مقعداً، وحصل حليفها حزب الله على 13 مقعداً على الأقل، فيما أعلنت لوائح مجموعات (المجتمع المدني والتغيير) فوزها بأكثر من 7 مقاعد في مختلف الدوائر الانتخابية.
وصوّت الشعب اللبناني أمس (15 أيار) لمرشحيه في عملية الاقتراع للانتخابات النيابية، في أول معركة انتخابية تجري بعد المنعطفات القاسية التي شهدها لبنان، لا سيما منذ انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، وما تبعه من انهيار اقتصادي أعاد البلاد عقوداً للوراء حين تخطت الليرة اللبنانية مستويات قياسية أمام العملات الأجنبية، في ظل تسلّط حلف إيران (حزب الله وشركائه) على لبنان وغياب منافس يمثل الطائفة السُنية بعد انسحاب سعد الحريري.
وقالت مراسلة أورينت إيلينا بو نعمة، إن خسارة تيار العونيين أضفى إجواء إيجابية على لبنان وشعبه، كون التيار كان يشكل غطاء مسيحياً لميليشيا حزب الله، رغم انخفاض نسبة المشاركة الشعبية في التصويت للانتخابات بسبب حالة اليأس المسيطرة على اللبنانيين وانعكاس الأزمات الاقصادية عليهم.
في حين أعلن زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في تصريحات لوسائل إعلام لبنانية أنه أصبح الحزب المسيحي الأول في لبنان، بحصوله على 20 مقعداً في البرلمان اللبناني، ليحوز "القوات" على صدارة التمثيل المسيحي على حساب تيار العونيين (التيار الوطني الحر) برئاسة جبران باسيل والذي اتهم جعجع بالفوز "بفضل المال الانتخابي".
وقد اعتبر جعجع أن ما حققه حزبه من نتائج في الانتخابات "حمل كبير جدا"، معتبراً أن المواجهة المطلوبة "كبيرة وصعبة" وأن حزبه "القوات اللبنانية" لديه كل التصميم للعمل من أجل خروج لبنان من الوضع الذي يعيش فيه.
هزيمة لذراع إيران بمعقله!
وقال مراسل أورينت من لبنان، طوني بولس، إنه من الواضح أن حزب الله خسر الأغلبية النيابية وهو ما يؤكد تراجعاً ملحوظاً في بيئته الشيعية، إضافة لخسائر حلفائه من الطوائف الأخرى، وعلى رأسهم أبواق بشار أسد، طلال أرسلان ووئام وهاب وإيلي فرزلي وفيصل كرامة وجميل السيد وأسعد حردان (ممثل أسد) والذي خسر معركته في معاقل حزب الله بالجنوب اللبناني.
وأوضح بولس: "هذا يؤكد أن الشعب اللبناني واجه المنظومة الإيرانية التي يقودها حزب الله، ورغم أن الأخير حصل على 27 نائباً شيعياً، لكنه فقدَ الميثاقية الوطنية بأن يكون لديه نواب من باقي الطوائف"، مشيراً إلى حدوث خرق واضح بلوائح الانتخابات بمعقل حزب الله الأساسي في الجنوب للمرة الأولى منذ عام 1992، حيث خسر الحزب مقعداً في معقله بجنوب لبنان لصالح المرشح المستقل الذي تدعمه المعارضة (إلياس جرادة،) وهو طبيب عيون، فاز بمقعد مسيحي أرثوذكسي كان يشغله سابقاً أسعد حردان من الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو أحد أتباع نظام أسد وحزب الله.
التأثير السُني على المشهد
ويأتي ذلك في ظل غياب الزعيم السني سعد الحريري عن المشهد السياسي في لبنان، وقالت وكالة "رويترز" أمس، إن مقاطعة الحريري للانتخابات الحالية "تزيد من حالة عدم التيقن، لقد ترك الحريري فراغاً يسعى حلفاء حزب الله وخصومه لملئه"، بينما أكدت أن حزب القوات اللبنانية (سمير جعجع) تأمل في اقتناص مقاعد التيار الوطني الحر (تيار العونيين).
غير أن خطباء المساجد السنية ساهموا بشكل كبير بتحفيز اللبنانيين ودعوتهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وذلك للحفاظ على الهوية الوطنية ودعما للقوى المعارضة للحلف الإيراني، ما أعاد القليل من الأمل للكثير من اللبنانيين بمواجهة الهيمنة الإيرانية وإعادة ما يمكن إعادته لبلادهم.
ويعاني لبنان أزمات اقتصادية وسياسية متفاقمة منذ انفجار مرفأ بيروت عام 2020، وما أعقبه من فراغ سياسي نتيجة استقالة الحكومة حينها، وكذلك الانهيار الاقتصادي الذي أعاد لبنان عقوداً للوراء نتيجة الفساد ورهن البلاد للمصالح الحزبية والأجندات الإيرانية، بينما يعاني اللبنانيون من تلك الأزمات ويرون أن خلاصهم يكون في إبعاد إيران وأذرعها عن لبنان.
وكان حليفا إيران (حزب الله وتيار الرئيس ميشال عون) فازوا بالانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2018، بحصولهم على 71 من أصل 128 مقعداً في البرلمان اللبناني، في حين أن الظروف السياسية الحالية لا تبشر بتغيير حقيقي ينقذ لبنان من هيمنة الحلف الإيراني، ولاسيما انسحاب ممثل الفئة السُنية، سعد الحريري من الحياة السياسية قبل أشهر.
التعليقات (5)