فنّد حقوقي سوري “مرسوم العفو” الأخير الذي أصدره بشار الأسد، وكشف أنه ليس بالمرسوم الذي يمكن لأحد أن يثق به، على عكس ما يتم ترويجه من كونه شاملاً وغير مسبوق.
وكان بشار الأسد أصدر يوم السبت الماضي، المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022، القاضي بـ "منح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30-4-2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان".
ونص المرسوم على أنه "يُمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30-4-2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (19) لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته".
كما جاء في مواده أن "هذا العفو لا يؤثر على دعوى الحق الشخصي وللمضرور في جميع الأحوال أن يقيم دعواه أمام المحكمة المدنية المختصة".
وعلّق المحامي والحقوقي السوري ميشال شماس على المرسوم والمزاعم المتعلقة به عبر منشور له في فيسبوك، ذكر فيه أنه "بعيداً عن التهليل لهذا العفو وأنه كبير وواسع وشمل السجون والمعتقلات والمطلوبين، فإنه يشمل فقط المتهمين بتهم إرهابية المعاقب عليها في قانون الارهاب رقم 19 لعام 2011".
وأضاف: "هذا العفو لا يشمل المتهمين بمخالفة المادة 285 و286 و287 و291 و292 و293، 306 و307 من قانون العقوبات العام على سبيل المثال، وهذه المواد غالباً ما تُوجَّه للناشطين والمعارضين لنظام الأسد".
وأشار إلى أنه من المعروف أن "الأجهزة الأمنية دائماً ما توجّه للمعتقلين لديها تهماً إرهابية وأخرى ذات طابع سياسي، وهؤلاء أعدادهم بعشرات الآلاف، وبالتالي فإنهم غير مشمولين بالعفو".
أما عن أهداف الأسد من إصدار هذا المرسوم، فقال شماس إن الهدف الأول هو "تخفيف الأثر الذي أحدثه اكتشاف مجزرة التضامن وما أثارته من ردود فعل واسعة" والثاني هو "حاجة الأسد لعودة الشباب السوري إلى سوريا وعودة التحويلات المصرفية التي هو بأمسّ الحاجة إليها".
أما الهدف الثالث فهو "العفو عن شبيحته الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية" على حد تعبير شماس.
وختم الحقوقي السوري منشوره بالقول: "أنصح المطلوبين بعدم تصديق ما يروَّج من أقاويل أنه سيتم استرداد مذكرات البحث والقبض وأنه بات بامكانهم العودة دون مشاكل".
وكان معاون وزير العدل في حكومة ميليشيا أسد زعم أن "الدولة وجهت دعوة مصالحة لأبنائها الذين تورطوا بجرائم إرهابية رغم أنها جرائم خطرة لكن لم تؤدّ للقتل للاستفادة من المرسوم والعودة لحياتهم الطبيعية".
وأضاف أن "المرسوم شمل جرائم مختلفة منها العمل مع مجموعات إرهابية أو تمويل أو تدريب إرهاب أو تصنيع وسائل إرهاب أو إخلال بالأمن لذلك جاء لمختلف أنواع هذه الجرائم".
وأشار إلى أن المرسوم “لم يطلب من المشمولين بالعفو أي اجراءات أو مراجعة الدوائر المختصة” وأن "مؤسسات الدولة ستقوم بالإجراءات المناسبة لتنفيذ هذا المرسوم بشكل فوري كما إنه جاء مكملاً لمراسيم العفو السابقة التي شملت جرائم مختلفة".
وزعمت وسائل إعلام أسد الرسمية أن المرسوم "منعطف قانوني جريء في تاريخ الحياة القانونية السورية وسيساهم بملء ميادين العمل والبناء بأيدي السوريين من خلال هذا التسامح الفريد بحق كل من ارتكب جرماً إرهابياً ولم يؤدّ إلى موت إنسان".
كما زعمت أيضاً نقلاً عن قاضٍ عسكري أنه "منذ هذه اللحظة كل جريمة إرهابية مرتكبها تنطبق عليه شروط العفو ولم تُفضِ جريمته إلى موت إنسان أصبح في حِلّ من أي ملاحقة أو إذاعة بحث وطلب مذكرة توقيف عن الغياب أو مذكرة إحضار أو مذكرة حكم أو عقوبة فالعفو محا الجريمة من صفحة الملاحقة القضائية".
وبالتزامن مع صدور المرسوم، قال نشطاء وحقوقيون إن ميليشيا أسد أفرجت عن عشرات المعتقلين في اليومين التاليين، ووصل عدد السنين التي قضاها بعضهم في السجن إلى أكثر من 10 سنوات.
ونشر الحقوقي السوري محمد العبد الله، مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة، منشوراً عبر حسابه في فيسبوك، ذكر فيه أن الأسماء التالية هي "قائمة غير رسمية ببعض المُفرَج عنهم حتى الآن".
وضمت قائمة العبد الله 20 اسماً معظمهم خرجوا من سجن صيدنايا الذي وصلوه بعد مدة قضوها في سجون الأفرع الأمنية، وتراوحت مدة اعتقال الأسماء المُفرَج عنها بين 6 أشهر و11 عاماً.
يُذكر أن رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، باولو بينيرو، قال في آذار الماضي إن هناك "100 ألف شخص لا يزالون في عداد المفقودين أو المختفين قسرياً في سوريا".
التعليقات (3)