كشفت مصادر خاصة لأورينت تفاصيل جديدة حول التشكيل المباشر الذي أشرف على عمليات الإعدام الممنهج في حي التضامن الدمشقي، فيما ألقت معلومات نشرها معدّو التحقيق الذي نشرته الغارديان أمس الضوء على جوانب أكثر شناعة رافقت تلك الفظائع من ضمنها أعداد الضحايا الموثقين والتسجيلات واعترافات المجرمين أنفسهم.
وقال مصدر خاص لأورينت في ريف دمشق الجنوبي إن حي التضامن كان مسرحاً لمئات عمليات القتل والخطف ابتداء من عام 2012 لدرجة أنه باتت يشبه من قبل الأهالي بمثلث برموداً والخارج منها مولود والداخل إليها مفقود حسب تعبيره.
وأضاف المصدر الذي ينحدر من منطقة قريبة وطلب عدم الكشف عن هويته أن المنطقة كانت بالعموم تخضع لسيطرة ميليشيا الدفاع الوطني وفرع المنطقة (227) الذي كان ينسق العمليات مع باقي الأجهزة الأمنية لكن أكثر العناصر كانوا ينتمون لميليشيا الدفاع الوطني التي كانت أشبه بأداة تنفيذ.
الهرم القيادي للإجرام
وعن تفاصيل الهيكل القيادي في حي التضامن، أوضح المصدر أن المسؤول المباشر في تلك الأثناء عن المنطقة كان فادي صقر (اسمه الحقيقي فادي الأحمد) الذي تحول لاحقاً إلى قائد ميليشيا الدفاع الوطني في دمشق.

المجرم فادي صقر
بينما شغل المقدم صالح الراس منصب ضابط الارتباط، وكان بمثابة الآمر الناهي على الأرض، حيث عمل على إنشاء سجون خاصة بالمنطقة وبات يزج فيها كل من تعتقله حواجز ميليشياته في ريف دمشق الجنوبي.

المقدم صالح الراس

ووفقاً للمصدر، فإن الراس ضابط علوي متقاعد كان يقيم في حي عش الورور الموالي، وقد تمت إعادته إلى العمل بموجب توصية من اللجان الشعبية ليتحول إلى مشرف عليها بالمنطقة.
خلال عامي 2012 و2013، احتجزت تلك الميليشيات نحو 2500 شخص على حواجز شارع علي الوحش وطريق السبينة، وغيرها وهنا يأتي دور مسؤول السجن، حكمت الإبراهيم، (أبو علي حكمت) الذي كان يُسخّر المعتقلين بالعمل في رفع السواتر وعمليات الحفر، وكذلك في عمليات التمشيط واستخدامهم كدروع بشرية، ومن ثم غالباً ما يتم طلب أموال طائلة من ذويهم دون أن يطلق سراحهم لينتهي بهم الأمر كمختفين قسرياً بعد إعدامهم بسرية.
-webp.webp)
أبو علي حكمت
أما أمجد يوسف وزميله نجيب الحلبي اللذان ظهرا في التسجيل فقد كانا مندوبين لفرع الدوريات ومهمتهما التنسيق مع الأجهزة الأمنية ورفع تقارير العمليات لها.

نجيب الحلبي
ولا يزال أمجد يوسف إلى الحين يخدم في الفرع 227 بمكتب استعلامات الباب الرئيسي، بينما قتل نجيب الحلبي على جبهة جوبر عام 2016.

أمجد يوسف
27 تسجيلاً وضحايا نساء وأطفال
المعلومات التي كشفها المصدر تتقاطع مع تفاصيل جديدة نشرها موقع الجمهورية حول الجرائم التي شهدها الحي وتطرق خلالها إلى مسؤولية فادي صقر وضابط يدعى "صالح ر" عن الفظاعات التي شهدتها المنطقة.
ووفقاً للتفاصيل التي نشرها الموقع نقلاً عن معدي التحقيق فقد بلغ عدد الضحايا الموثقين 288 شخصاً ظهروا في 27 مقطعاً مصوراً وقد كان معظمهم من فئة من الشباب وكبار السن.
من بين الضحايا أيضاً 7 سيدات، 6 منهن كُنَّ يرتدين الحجاب وقد قتلن بوحشية وعدائية لا يبديها القتلة تجاه ضحاياهم من الرجال. وفي أحد التسجيلات تصرخ إحدى النساء صرخة استغاثة، ولكن أمجد يجيبها قائلاً: "قومي ولك شرموطة" قبل أن يسحبها من شعرها ويلقي بها في الحفرة مُطلِقاً عليها النار. وفي تسجيل آخر تصرخ امرأتان صرخة خوف وهلع، ليقوم أمجد بركلهما نحو الحفرة وقتلهما.
لم يقتصر الضحايا على النساء فقط بل طال الأطفال، حيث يظهر أحد التسجيلات أجساد مجموعة من الأطفال وسط غرفة مظلمة، فيما يقول أمجد يوسف بإيجاز: "أطفال كبار الممولين في ركن الدين، تضحية لروح الشهيد نعيم يوسف".
أبرز تلك الجرائم كانت حينما قام كل من أمجد يوسف ونجيب الحلبي، في 16 نيسان من العام 2013، بإعدام 41 شخصاً عبر الإلقاء بهم في حفرة تم إعدادها مسبقاً لهذا الهدف في وسط أحد الشوارع «غير المأهولة» في حي التضامن، وبعد الانتهاء من إطلاق النار على الضحايا واحداً تلو الآخر، أضرمَ الجناة النار في جثث ضحاياهم عبر إحراق إطارات سيارات وُضعت مُسبقاً في قعر الحفرة. أُنجزت المجزرة في يوم واحد، وقام الجناة بتصوير تفاصيل المذبحة كاملة.
اعترافات القتلة
تمكن معدو التحقيق من خداع أمجد يوسف عبر حساب وهمي لسيدة على فيسبوك ادعت أنها موالية ومن الطائفة العلوية. بعد بضعة شهور من التواصل واجهه معدو التحقيق بجزء من الفيديو فأنكر بدايةً أن يكون هو الشخص نفسه الذي يظهر في مقطع الفيديو، ثم قال إنه كان يقوم باعتقال شخصٍ ما فقط. ولكن في نهاية المطاف استقرّ على تبرير جرائمه بأنها مقتضيات وظيفته، وقال إنه فخور بما يقوم به.
"جمال خ" أحد زملاء أمجد على فيسبوك وفي المخابرات وقع في ذات الفخ أيضاً، وفي إحدى المقابلتين اللتين أجريتا قال إنه رئيس أمجد يوسف واصفاً الأخير بأنه: "بطل، أخ الشهيد، وبالتأكيد ليس رأساً صغيراً".
عند سؤاله عن الجرائم قال جمال خ: «جوابي بسيطٌ جداً. لماذا آخذهُ إلى السجن وأقتله ثم أُتّهم بقتله؟ أنا أفضّل قتله على خط الجبهة وينتهي الأمر، فقد مات في معركة. إذا لم تكوني في مرمى نيراني ولكنك عدوتي وتدمرين بلدي، لماذا آخذك إلى السجن وأقتلك فيه ثم أتهم بقتلك؟ يطرح هذا السؤال كثيراً، ولكنه سؤال غبي. إن كان بمقدوري قتل شخصٍ ما في الشارع دون أن يراني أحد فلماذا أجلبه إلى سجني وأعطيه رقماً وغذاءً وماءً وهو عبءٌ على الدولة؟ هل تعلمين أنهم يأكلون ما نأكل؟ إنهم يأكلون من أكلنا. لماذا أجلبه ليأكل ويشرب من أكلي وشربي ويكلّف الدولة؟ وبعدها يتهموني به. هل هناك أغبى من هذا؟… عندما أقوم باعتقال عشرة أو خمسة عشر رجلاً مسلحاً فسيحتاجون إلى ثلاثين أو أربعين جندياً لمرافقتهم. لماذا المشاكل في حين إني قادرٌ على قتلهم في الشارع والراحة؟ لماذا أقتلهم في السجن؟ أنا أفضّل قتلهم في أماكنهم والانتهاء من الأمر»
وأمس الأربعاء، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، تسجيلاً يوثق قيام المدعو "أمجد يوسف" بعمليات إعدام جماعية في حي "التضامن" جنوب دمشق، كما قام عناصر الميليشيا بتكويم الجثث فوق بعضها وحرقها.
ووفقاً للصحيفة البريطانية يعود تاريخ الجريمة إلى نيسان/أبريل 2013، وارتكبها عناصر يتبعون الفرع 227 (يعرف بفرع المنطقة) من جهاز المخابرات العسكرية".
التعليقات (33)