ألمانيا تصعّد ضد حزب العمال الكردستاني.. استجابة لضغوط تركية أم رداً على أنشطة تجنيد شملت أوروبيين؟

ألمانيا تصعّد ضد حزب العمال الكردستاني.. استجابة لضغوط تركية أم رداً على أنشطة تجنيد شملت أوروبيين؟

شنّت الحكومة الألمانية وعدد آخر من الدول الأوروبية، حملة ضد مكاتب ومؤسسات تابعة لحزب العمال الكردستاني الإرهابي، بعد نشر تقرير صادر عن المحكمة الدستورية الألمانية، وثّق عمليات التجنيد التي نفّذها الحزب لصالح التنظيمات التابعة له في سوريا والعراق.

التقرير الذي جاء بحجم كتاب يحمل عنوان "البي كي كي (PPK) في ألمانيا" وثّق تاريخ الحزب المصنّف على قوائم الإرهاب وأنشطته في هذه الدولة منذ نشأته حتى عام 2019، مركّزاً بشكل رئيسي على عمليات التجنيد التي يقوم بها الحزب والأساليب التي يتبعها والأدوات التي يستخدمها من أجل ذلك.

أرقام وأساليب

وخلصت المحكمة في تقريرها إلى أن ما يقارب 370 حالة تجنيد حدثت خلال ما يقارب ستة أعوام فقط في ألمانيا، بينها أكثر من 250 حالة مغادرة جرت بين شهر أيار/مايو 2013 وحزيران/يونيو 2019 نفّذها حزب العمال، وذلك عن طريق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والمكاتب التابعة له المسجّلة بأسماء وهمية.

وخلص التقرير إلى أن الحزب الذي يتبنّى الإيديولوجيا اليسارية المتطرفة، يتبع في عمليات التجنيد والدعاية نفس الأسلوب الذي تستخدمه التنظيمات الراديكالية المتطرفة الأخرى، مثل تنظيم القاعدة وداعش، مطالباً بتنفيذ كامل الإجراءات التي تؤدي إلى منعه من القيام بأنشطته.

التقرير تحدث كذلك عن مقتل أكثر من 21 كردياً من الذين غادروا ألمانيا في الأماكن التي يدور فيها النزاع بين حزب العمال الأم والجيش التركي في جبال قنديل شمال العراق، أو مع فرعه في سوريا، حزب الاتحاد الديمقراطي بمسمى "قسد"، أو في مواجهات مع تنظيم "داعش" في سوريا، وكذلك ضد الجيش العراقي في منطقة سنجار.

كما تضمّن التقرير إحصائية حول الضحايا الذين سقطوا نتيجة الخلافات بين مؤيدي الحزب ومناهضيه على الأراضي الألمانية، مشيراً إلى مقتل نحو 130 شخصاً بسبب الهجمات التي دارت بين المهاجرين الأتراك و الكُرد المناصرين لحزب العمال.

الأرقام الحقيقية 

لكن الكاتب والمحلل السياسي الكردي "هوشينك أوسي" يؤكد أن الأرقام الحقيقية للأشخاص الذين جنّدهم حزب العمال في ألمانيا وحدها أضعاف ما تم الإعلان عنه في كتاب المحكمة الدستورية، مشدداً على أن المتضرر الأكبر من هذا الحزب هم الأكراد.

وتعليقاً على التقرير قال: "إن ما ورد في هذا التقرير على صعيد الأرقام لا يتجاوز الواحد بالمئة من الأرقام الحقيقية للأشخاص الذين قام "بي كي كي" بتجنيدهم في ألمانيا وبقية الدول الأخرى وإرسالهم إلى مناطق الصراع التي ينشط فيها، وعندما تتحدث المحكمة عن 370 شخصاً تم تجنيدهم فيمكننا وبكل أريحية أن نضرب هذا الرقم بعشرة، وإذا، لأن الحزب ناشط وبكل فاعلية ليس في ألمانيا وحسب بل في جميع الدول الأوروبية".

وأضاف في حديث خاص لـ "أورينت نت": “لم يقتصر الحزب على تجنيد المهاجرين الأكراد في أوروبا، بل نجح من خلال استخدام الدعاية السياسية والإعلامية بتجنيد أوروبيين أصليين، سواء ألمان أو سويسريون أو من جنسيات أخرى وإرسالهم للقتال في صفوف قواته بجبال كردستان، منهم من قُتل ومنهم من ينتظر مصيره ومنهم من تمكن من الهرب والعودة إلى بلاده وتقديم المعلومات التي لديه حول حقيقة الحزب وطبيعة أنشطته، رغم أن السلطات الأمنية في دول الاتحاد الأوروبي مطّلعة بشكل كبير جداً على كل ما يتعلق بالحزب وأنشطته، وخاصة على صعيد الدعاية والتجنيد”.

دلالات التوقيت

وحول توقيت هذا التحرك ضد حزب العمال من قبل السلطات الألمانية يقول أوسي: “للأسف الدول الأوروبية تعامت طيلة الوقت الماضي عن أنشطة الحزب بالطريقة نفسها التي تغاضت فيها عن تجنيد وإرسال المتشددين الإسلاميين إلى مناطق الصراع في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها، رغم أن ”بي كي كي" مصنف منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي على لوائح الإرهاب الأوروبية، أما عن توقيت التحرك ضده فمن وقت لآخر تشنّ السلطات حملات إغلاق لمؤسسات إعلامية وثقافية تابعة للحزب ويستخدمها كواجهات لأنشطته الدعائية والسياسية، لكن يجري الترخيص لمؤسسات بديلة عنها بأسماء وهمية. 

وشهدت الأسابيع الأخيرة الماضية حملة دهم وإغلاق للعديد من المراكز الثقافية ودور النشر والمواقع الإخبارية والمكاتب التابعة لحزب العمال الكردستاني في ألمانيا وعدد من الدول المجاورة لها، سواء في هولندا والنمسا وسويسرا وغيرها.

وفي 26 يناير / كانون الثاني 2022 أكدت المحكمة الإدارية الاتحادية في لايبزيغ الحظر المفروض عام 2019 على دار نشر "ميزوبوتاميا" ومؤسسة (MIR) وهما من أكبر وأهم المؤسسات الثقافية التابعة لحزب العمال في ألمانيا.

ومنذ إعلان ذلك القرار قبل ثلاث سنوات تمت مصادرة عدد من الشاحنات المحملة بالكتب والمواد الصوتية المسجلة التي أنتجتها المؤسسات التابعة للحزب، بإجمالي نحو 50000 قطعة، الأمر الذي استدعى احتجاجاً واسعاً من قبل وسائل الإعلام التابعة له والتي تدّعي أنها مستقلة.

المتاجرة بالهوية الكردية

ونشرت النسخة الألمانية من وكالة ANF نيوز التابعة لحزب العمال تقريراً في الثالث من شباط/فبراير 2022 اعتبرت فيه هذه الإغلاقات والمصادرات بمثابة “تهديد للهوية الثقافية الكردية”، وكشفت عن قيام دار النشر الألمانية Unrast ودار النشر النمساوية Mandelbaum والطبعة الثامنة في سويسرا بإصدار جزء من أعمال دار نشر Mezopotamia التي تم حظرها "كفعل تضامني" احتجاجاً على قرار المحكمة الألمانية، بما في ذلك أعمال مؤسس حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا عبد الله أوجلان.

لكن هوشنك أوسي يرفض اعتبار هذه الحملات استهدافاً للتراث الثقافي الكردي، مؤكداً أن الأكراد كانوا أكثر المتضررين من سياسات حزب العمال وأنشطته، كما أشار إلى امتلاك الحزب عشرات المؤسسات الإعلامية ودور النشر في أوروبا تدّعي أنها مستقلة، وأنه من غير المستبعَد أن تكون هذه الدُّور التي تقول إنها تتضامن مع المؤسسات المغلقة في ألمانيا تابعة له أيضاً، بل ويحوز الحزب على تراخيص لأهم الصحف والوكالات والمواقع الإعلامية في دول أوروبية عدة منذ سنوات طويلة، مثل وكالة فرات نيوز وصحيفة أوز غوربو، أشهر مؤسساته الإعلامية، وجميعها مرخّصة بشكل رسمي في أوروبا.

 

تحرك روتيني أم إجراءات استثنائية؟

وفي هذا الصدد كشفت مصادر كردية خاصة لـ "أورينت نت" عن توقف موقع صحيفة الحزب الرسمية "سورخوبول" عن العمل قبل وقت قصير بعد أربعين عاماً على صدور الصحيفة بعد حصولها على الترخيص في ألمانيا، معتبرة أن إغلاق الصحيفة يعتبر تطوراً غير عادي ويؤكد أن هناك توجهاً استثنائياً من قبل السلطات الألمانية لتقييد وملاحقة أنشطة حزب العمال، وأنها لن تكون كما جرت العادة من قبل، مجرد إغلاق لموقع إلكتروني أو مصادرة لنسخة من كتاب أو إلغاء ترخيص لدار نشر.

لكن أوسي لا يعتبر أن ما يجري "استثنائياً" ويرى أن التحرك الأخير ضد أنشطة “بي كي كي” في ألمانيا وغيرها من الدول الغربية هو أمر معتاد، فعلى مدار عقدين كان يجري إغلاق محطات تلفزة أو دور نشر تابعة للحزب، وعلى الفور تقوم قيادته بترخيص بديل عنها، ولو أن هناك جِدّية في محاربة أنشطة الحزب من قبل السلطات الأوروبية لما سُمِح له بهذا التلاعب "لأن الحكومات تعرف كل شيء عن أنشطته وأساليبه".

واعتبر أوسي أن هذه الحملة وكل الحملات المشابهة الأخرى كانت تتم إما استجابة لضغوط من قبل الحكومة التركية فتجري عمليات إغلاق لبعض مؤسسات الحزب إرضاء لأنقرة كما يحدث الآن، أو عندما تصبح هذه المؤسسات واضحة تماماً في توجهاتها ولا يمكن التغاضي عن أنشطتها لصالح تنظيم مصنّف على أنه إرهابي فيجري التحرك بهذا الشكل.

 

بغض النظر عن طبيعة الحملة الأخيرة التي تستهدف المؤسسات الدعائية التابعة لحزب العمال الكردستاني في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، وسواء كانت هذه الحملة استجابة لضغوط سياسية تركية أو رداً على أنشطة باتت تشكل خطراً على المجتمعات المحلية، إلا أنه من الواضح أن هذه الحملة لا تعدو أن تكون ردّ فعل اعتاد الحزب على التعامل معه وتجاوز تبعاته بكل سهولة، بينما يتطلب التعامل الحازم اتخاذ إجراءات مكافحة شاملة، كما يقول خصوم الحزب، ولا يبدو أن السلطات الأوروبية بصدد القيام بها حتى الآن.

التعليقات (4)

    sundus

    ·منذ سنة 11 شهر
    ان تاخذون اخباركم من منحط مثل هوشينك أوسي فمبروك عليكم, لان خنزير مثل هذا الذي خدم ب ك ك لعشرين سنه قبل ان يبصقو في وجهه القذر لانه حرامي صغير وبقي حرامي صغير ولجموه قبل ان يصبح حرامي كبير والان صار عدو لل ب ك ك وانتم وامثالكم تجدون في اللصوص والحراميه من يثلج صدوركم ههههههه

    کوردوس

    ·منذ سنة 11 شهر
    حزب العمال لیس ارهابیا بل هم یدافعون عن ارضهم المحتله من الاتراک ، الارهابی هو من یحتل ارض کوردستان

    فيروز ديكو

    ·منذ سنة 11 شهر
    لو كان PKK حقا يدافع عن أرضه لما وجدناه قد ترك أرض كردستان باكور للترك بعد دمارها، وذهب إلى ارض أجزاء كردستان الأخرى لدمارها بالاتفاق مع تركيا وايران والحشد الشعبي والنظام البعثي الأسدي وتابعه حزب الله.. للأسف ان أصحاب كهوف قنديل قد غرسوا كسرطان في قلب كردستان للقضاء على اي جنين كردي قادم، وما بيع واحتلال عفرين الحبيبة الا اكبر دليل والان حربهم الخبيثة مع الترك على إقليم كردستان واعطائها الحجة بتمركزهم في أرض الإقليم.. حسبي الله ونعم الوكيل منهم ومن اسيادهم الرباعي المقدس الميت التركي والملالي والحشد الشعبي والبعثي الأسدي وتابعه حزب الله حيث نراهم يذهبون خفية دائما إلى سنجار للاتفاق معهم ضد حكومة إقليم كردستان..

    أعلامي سوري کوردي

    ·منذ سنة 11 شهر
    حملات پولیسیة أمنیة مخابراتیة تفتیشة تخریبیة تشنها سلطات دولة آلمانیا بأستمرار علی کافة منظمات و أفراد تشتبه تظن فیها خطراً علی العام و الدولة .. الأمر لا یقتصر علی پ ك ك .. هوشنگ أوسي أعلاه هو أعلامي مغترب منشق عن و مندم علی پ ك ك و ینتقم منه .. مشکلة پ ك ك الرئیسیة هنا هو أستخدامه العنف المسلح ضد دولة ترکیا شریکة آلمانیا في ناتو و.. و.. الخ
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات