أسد الحمورابي يكتشف قانون تجريم التعذيب

أسد الحمورابي يكتشف قانون تجريم التعذيب

تجريم تعذيب الناس يا بشّار أسد ليس بحاجة إلى دساتير وقوانين وقرارات وتعاميم وبلاغات ولا حتّى لدفاتر ضبوط مخالفات السير والمرور، لا يحتاج إلى تفكير حتّى، لكنّ اتّفاقيات تشريعات "حقوق الإنسان" التي تعرفها وتحترمها أنت جيّداً وطبّقتها وأبوك في "سوريا" كثيراً ودائماً، كانت تستدعي الحديث عنها، مجرّد "ديباجة" لتذكير الأنظمة الحاكمة والشعوب المحكومة بأنّ الإنسان كائن يتميّز بالعقل ويتكوّن من دم ولحم وضمير. 

لكن قُل لنا: ما حاجتك الآن؟، كيف تذكّرت وكيف خطرت في بالك هذه الفكرة العبقرية الملائكية العجيبة؟، مَنِ الأكثر منك هبلاً وسفالةً وجُبناً ووضاعةً وحقداً وإجراماً فأملى عليك هذه الفكرة؟، هل هو قاضٍ متمكّن في محاكم الإرهاب أم محامٍ متمرّس في قضايا الدعارة والمخدّرات؟، أم هي مستشارتك الإعلامية المنطلقة المطّلعة "لونا" أم زوجتك العميقة الذكية "أسماء"؟، أم هو "ماهر" أبو الأفكار يا بشّار؟. 

مَن البهيم الذي أوعز إليك بإصدار هذا الإعلان العالمي الجديد المجيد المحترَم والجريء لحقوق الإنسان؟، من أقنعك أصلاً أنّ التعذيب جُرم يعاقب عليه القانون؟، ومن أخبرك أنّ القانون السوري قاصر عن تجريم التعذيب، وأنّ دساتير العالم كلّها بما فيها دستورك ودستور أبيك لم تتطرّق إلى هذه الجريمة السخيفة التي تُطلق الآن تشريعاً لتجريمها ومعاقبة فاعليها، يا وحش التشريع وذئب الحقوق وكلب الحرّيات.

قانون العقوبات السوري رقم 148 الصادر في 1949 يا بشّار أسد، يغنيك تماماً عن إصدار أي مرسوم أو قانون أو قرار أو تعميم أو بلاغ تريد من خلاله تأكيد حرص دولة القانون والمؤسّسات في "حميميم" و"حمّام القراحلة" و"القرداحة"، وحرصك كرئيس لهذه الدولة المتقدّمة المستقرّة ورئيس لمجلس قضائها الأعلى في "حيّ المهاجرين"، على حقوق مواطنيها الروس والإيرانيين والأفغان واللبنانيين والعراقيين، بل وحتّى حقوق رعاياها ممّن وممّا تبقّى من "سوريين". 

قانون العقوبات السوري رقم 148 الصادر في 1949 ينصّ في كتابه الثاني وبابه الثاني وفصوله الثاني والثالث والرابع والخامس، في الموادّ (319، 320،321، 322، 323، 324)، على معاقبة كلّ من يتعدّى على الحقوق والواجبات المدنية، ويعاقب في الفصل الأوّل من الباب الثالث من نفس الكتاب الثاني على "الرشوة والمحسوبية والفساد" في الموادّ (341، 342، 343، 344، 345، 346)، ثمّ على الإخلال بواجبات "الوظيفة"، ثمّ في الباب الثالث من الفصل الثالث من الكتاب الثاني يا بشّار أسد، يعاقب قانون العقوبات السوري الصادر في 1949 جرائم التعدّي على الحرّية في الموادّ (357، 358، 359، 360)، ومنذ المادّة 360 وحتّى 368 يعاقب هذا القانون جريمة إساءة استعمال السلطة واستغلال النفوذ، وأمّا عن القتل والتعذيب والخطف والإيذاء وهتك الحرمات والأعراض، فعليك يا بشّار أن تجد من يقرأ لك قانون العقوبات السوري من المادّة 391 حول انتزاع الإقرار والمعلومات بالإكراه: " من سامَ شخصاً ضروباً من الشدّة لا يجيزها القانون رغبة منه في الحصول على إقرار عن جريمة أو على معلومات بشأنها، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات"

ثمّ المادّتين 463 و467 (حول تحطيم وتنديس دور العبادة وهتك حرمة القبور)، ثمّ فليقرأ عليك الباب الثامن من الكتاب الثاني من هذا القانون القديم العجيب الصادر سنة 1949 الذي يجرّم هذه المسائل، وتخيّل.. أنّه يجرّم خرق حرمة المنازل، والجرائم الواقعة على الحرّية والتي تهدّد الشرف، بل حتّى جرائم القدح والتشهير يا بشّار، يجرّمها قانون العقوبات السوري رقم 148 الصادر في 1949، نفس السنة التي كان أبوك يريد فيها الحصول على شهادة "بكالوريا" فتحصّل عليها بالشحوطة بعد أربعة أعوام، ثمّ بعد عشرين سنة تمكّن منّا ببساط الريح وقلع الأظافر وفقء العيون والصعق الكهربائي والكرسي الألماني وبالحرق والشبح والاغتصاب، فسنّ لنا في 1973 دستوراً نصّت الفقرة الثالثة من المادّة الثامنة عشرة منه على أنّه: "لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة، ويحدّد القانون عقاب من يفعل ذلك".

نفس النصّ في الفقرة الثانية من المادّة 53 من دستورك يا بشّار في 2012، هذه "فقرة عالمية" في الدساتير لا يمكن لسُلطة أرجوزات في أيّة قبيلة نائية أو عشيرة بدائية أو حارة عشوائية أو أسرة متفكّكة أو بين شلّة "زعران" ألّا تذكرها، فما حاجتك لقانون يُدين التعذيب يا "حمورابي" الحقوق والقوانين ويا "تيميس" القرن الحادي والعشرين. 

ليش بصير يكون في قانون لمنع التعذيب في ظلّ وجودك يا منبع الأخلاق الرشيدة، وسيّد الآراء السديدة، وصاحب الخطط الوطنية الصالحة، وميزان العدالة والحكمة الراجحة، ويا راعي الإنسانية وحامي مؤخّراتنا؟. 

ولك المادّة 591 من الفصل الثالث- الباب التاسع من الكتاب الثاني في قانون العقوبات السوري رقم 148 الصادر في 1949، تعاقب بالحبس والغرامة مَنْ قصد نشر الجراثيم بين الدواجن والمزروعات فتسبّب بأذيّتها، يا بهيم.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات