نيويورك تايمز تكشف أسرار البنتاغون: الجيش الأمريكي قتل عشرات الأبرياء في سوريا

نيويورك تايمز تكشف أسرار البنتاغون: الجيش الأمريكي قتل عشرات الأبرياء في سوريا

قال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز وحصلت عليه من أرشيف البنتاغون إن القوات الجوية الأمريكية شنت غارات جوية أدت إلى مقتل 139 مدنياً بينهم نساء وأطفال خلال الحرب على تنظيم داعش في ريفي منبج والرقة خلال العامين 2016 و2017.

وتكشف مجموعة الوثائق التي حصلت عليها نيويورك تايمز والتي تضم تقييمات سريّة أجراها الجيش الأمريكي لأكثر من 1300 تقرير حول سقوط ضحايا مدنيين عن أن الحرب الجوية اشتملت على أخطاء جسيمة في المعلومات الاستخباراتية، وعمليات استهداف متسرعة وغير دقيقة في كثير من الأحيان، وآلاف القتلى من المدنيين من بينهم العديد من الأطفال، فيما يُعتبر تناقضاً صارخاً مع الصورة التي روّجت لها الحكومة الأمريكية عن الحرب التي تشنّها باستخدام الطائرات المسيّرة ذات قدرات الرصد الفائقة والقنابل دقيقة التوجيه.

وتكشف الوثائق أيضاً أنه وعلى الرغم من منظومة الإجراءات والقوانين المعتمدة لدى البنتاغون بشأن التحقيق في وقائع الضحايا المدنيين، فقد حلّ التعتيم والإفلات من العقاب محلّ تعهدات الشفافية والمساءلة، ولم تُنشر نتائج التحقيقات إلا في عدد قليل من الحالات، ولم تتضمن أية وثيقة إقراراً بوقوع خطأ أو توثيقاً لاتخاذ إجراء تأديبي، صُرفت تعويضات لأقل من عشر حالات، رغم إصابة الكثير من الناجين بإعاقات تتطلب رعاية طبية باهظة، أما الجهود الموثّقة لتحديد الأسباب الرئيسية لهذه الإخفاقات أو الدروس المستفادة منها فلم يرد ذكرها إلا قليلاً.

قصف خاطئ قتل عشرات الأبرياء

وأضافت المعلومات أن واشنطن تسترت على بيانات حول الأعداد الحقيقية للضحايا المدنيين في سوريا، وذلك وفقاً لما كشفه الجزء الثاني من التحقيق الذي تقوم صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "وثائق سريّة للبنتاغون تكشف عن إخفاقات متكررة في شنّ غارات جوية مُميتة".

وكشف التقرير أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية قصفت قبيل الساعة الثالثة فجراً من يوم التاسع عشر من يوليو/تموز عام 2016، ما اعتقدت أنه مناطق استعداد تابعة لتنظيم داعش في ضواحي قرية التوخار شمال سوريا، ما تسبب بمقتل 85 شخصاً تبين فيما بعد أنهم مزارعون، حيث طال القصف منازل بعيدة عن جبهة القتال كان يحتمي بداخلها بعض المزارعين وعائلاتهم وعدد من سكان القرية من القصف وإطلاق النيران ليلاً.

كما أسفر ذلك القصف العنيف عن مقتل أكثر من 120 مدنياً من سكان القرية.

المزيد من الأخطاء

لم تعترف الولايات المتحدة بارتكاب أخطاء في هذه الإخفاقات التي أودت بحياة المدنيين، وأكد التحقيق أن هذه الوقائع أخذت من أرشيف سرّي بوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" عن حرب الولايات المتحدة الجوية في الشرق الأوسط.

وأوضح أن الخطأ في تحديد الهوية تكرر مراراً في الغارات الأمريكية المخطط لها مسبقاً، كما حدث أثناء غارة 20 تشرين الثاني 2016 على الهدف الذي اعتُقد أنه مصنع متفجرات تابع لتنظيم داعش في ريف الرقة، إلا أن الحقيقة أن القصف طال محلجاً للقطن، وقُتل فيه 9 مدنيين.

حينها، لم تُقدّم واشنطن توصية بإجراء مزيد من التحقيقات، بل أجرت مراجعة عسكرية بعد انتشار أنباء على الإنترنت عن غارة خاطئة أسفرت عن مقتل تسعة مدنيين وإصابة أكثر من 10 منهم، لتأتي النتائج مناقضة لجميع المعلومات الأصلية التي استُند إليها في شنّ الغارة، وفقاً للتحقيق.

كيف تحدث الإخفاقات المميتة؟

في مايو الماضي، انتهى المفتش العام للبنتاغون من إعداد تقرير سري لتقييم السياسات التي تضمن "توجيه الضربات لأهداف عسكرية مشروعة فقط" وكذلك "تخفيف الضرر الواقع على الممتلكات والخسائر في أرواح المدنيين إلى أقصى حد ممكن".

وتُشير نسخة منقحة من ذلك التقرير، الذي يتشابه مع دراسات أجرتها هيئات أخرى في السنوات الأخيرة، إلى أن عملية تحديد الأهداف سليمة.

وتعرض التقييمات التي أجراها البنتاغون روايةً أكثر ثراءً، فالوثائق لا تحدد عادةً الأسباب الدقيقة للإخفاق، وفي العديد من الحالات تداخلت عدة عوامل وأسفرت عن حدوث الإخفاق الذي أودى بحياة المدنيين، لكن تحليل الصحيفة الأمريكية لـ 216 واقعة اعتُبرت ذات مصداقية، إلى جانب تحقيقها الميداني، يكشفان عن أسباب إخفاق متعددة وواضحة، ومن تلك الأسباب:

الخطأ في التعرّف إلى المدنيين

التأكد من هويّة العدو هو أحد الركائز الأساسية لعملية تحديد الهدف، لكن في مرات كثيرة كان يحدث خلط بين المواطنين العاديين والمقاتلين.

ففيما يُعد خروجاً عن رأي الجيش، أشار السيد لويس وزميله في حاشية سفلية ضمن دراسة هيئة الأركان المشتركة عام 2018، إلى بحث يوضح أن الخطأ في تحديد الهوية هو واحد من سببين رئيسيين للخسائر بين صفوف المدنيين في عمليات الجيش الأمريكي، وكتبا أنه مع وجود عدد قليل من القوات في ميدان المعركة، فإنه "من المنطقي توقع حدوث نقص منهجي في حصر عدد مرات الخطأ في تحديد الهوية في تقارير الجيش الأمريكي".

وفقاً لسجلات البنتاغون، ورد الخطأ في تحديد الهوية في 4 بالمائة فقط من الحالات، لكن كشفت المواقع التي زارتها "نيويورك تايمز" عن أن الخطأ في تحديد الهوية كان عاملاً رئيسياً في 17 بالمائة من الحوادث، وأنه تسبب في نحو ثلث الوفيات والإصابات بين المدنيين.

الإخفاق في رصد المدنيين

إذا أخطأ الجيش أحياناً في اعتبار المدنيين مقاتلين أعداء، فإنه أخفق مراراً وتكراراً في رؤية المدنيين أو فهم سبب وجودهم في منطقة الهدف، وكان ذلك عاملاً في خُمس الوقائع الواردة في وثائق البنتاغون، وفي نسبة أقل بقليل من إجمالي الخسائر البشرية. رغم ذلك، كان هذا الإخفاق سبباً في حدوث 37 بالمائة من الوقائع ذات المصداقية وحوالي ثلاثة أرباع إجمالي القتلى والمصابين بين المدنيين في المواقع التي زارتها الصحيفة.

وقال النقيب أوربان إنّ إجراءات الاستهداف كانت معقدة للغاية بسبب الأعداء الذين "يخططون ويتمركزون بين السكان المحليين".

وأضاف: "إنهم لا يظهرون في تجمعات كبيرة، ولا يحاربون قوات التحالف بالأساليب التقليدية، ويستفيدون من الجغرافيا والتضاريس بطرق لا تساعد مطلقاً في وضع حلول استهداف سهلة. كما إنهم يتعمدون اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، ولا يلتزمون بشيء يشبه ولو من بعيد قانون النزاعات المسلحة الذي نلتزم نحن به".

مع ذلك؛ تكشف الوثائق أنه وبدلاً من المراقبة المطولة، اعتمد المحللون في كثير من الأحيان على لقطات قصيرة – تصل مدتها إلى 11 ثانية فقط - للتحقق من خلوّ المنطقة من المدنيين، وغالباً كانت مقاطع الفيديو محدودة بسبب نقص طائرات المراقبة، لا سيما في معارك استعادة السيطرة على الموصل والرقة.

وفي عدد من الحالات، كانت الأهداف موضوعة على "قوائم الأماكن الممنوع قصفها" لأن الهجوم عليها يُعدّ انتهاكاً لقوانين الحرب - مثل المدارس أو المخابز أو المستشفيات المدنية – لكن الجيش استبعدها من هذه القوائم لأنه افترض أن استخدامها الآن مقتصر على العدو.

معلومات استخباراتية خاطئة

في كثير من الأحيان، قُتل مدنيون في غارات نُفَّذت بناءً على معلومات استخباراتية منقوصة، أو قديمة، أو مبهمة، مثلما حدث في غارة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 مدنيين في مدينة الطبقة في سوريا، في مارس من عام 2017.

فبينما كانت القوات المدعومة من الولايات المتحدة تستعد لاستعادة السيطرة على مدينة الطبقة غرب الرقة، أمر المسؤولون العسكريون بشن غارات على مجموعة أهداف تابعة لداعش: مقرّان، ومركز شرطة، ومصنع أسلحة. ووفقاً للتقييمات الأولية، نُفِّذت جميع الغارات حسب الخطة. وبعدها ظهرت أنباء عن وقوع ضحايا مدنيين.

خلُصت المراجعة العسكرية إلى أن المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالغارة على المقرّين كانت تستند إلى تقارير أُعدّت قبل شهور من الغارة، حيث كانت الأهداف محددة من قبل، لكن قرر القادة الانتظار حتى تقتحم ميليشيا قسد المدينة ومن ثم تكون لديهم ميزة استراتيجية، وكانت المعلومات الاستخباراتية حول المبنى الأول تنذر بعدم كفاية الأدلة على أن استخدام المبنى مقتصر على مقاتلي داعش، وهو ما استُند إليه لاستبعاد المبنى من قائمة الأهداف الممنوع قصفها، ذكر التقرير أن أحد أمراء داعش تردّد على المكان عدة مرات.

خللٌ في تسجيلات الفيديو

في بعض الأحيان، كانت المشكلة تتعلق بجودة الفيديو أكثر مما تتعلق بمدّته، وتجلّت هذه المشكلة بوضوح للمحللين في مركز العمليات الجوية المشتركة في قطر عند مراجعة فيديو مشوش مدته 17 دقيقة كان قد سُجِّل قبل غارة شُنت في 13 نوفمبر عام 2015 على "موقع قتال دفاعي" تابع لداعش في مدينة الرمادي، وباستخدام تلفاز عالي الوضوح حجمه 62 بوصة، خلص المحللون إلى أن "الجسم الثقيل مجهول الهوية" الذي كان يُجرّ إلى داخل بناية هو في حقيقة الأمر "شخص ضئيل البنية". فيما "يتسق مع الهيئة التي يظهر بها طفل عندما يكون بجوار شخص بالغ".

في أحيانٍ كثيرة، لم تكن كاميرات المراقبة الجوية تلتقط صور الأشخاص الجالسين أو الواقفين أسفل شيء يؤدون معظم أعمالهم اليومية.

دخول مناطق الخطر

كان دخول مرمى الهدف في اللحظات الفاصلة بين إطلاق القذيفة وانفجارها عاملاً في أكثر من نصف الوقائع التي اعتبرها الجيش ذات مصداقية، مثلما حدث بغارةٍ في شهر مارس عام 2017 في الموصل، عندما تسببت شظية في مقتل رجل كان يدفع عربةً على طريق بالقرب من مدفع هاون تابع لداعش.

توصف هذه النسبة من القتلى، التي تشكل 10 بالمائة من الخسائر البشرية المعترف بها، بأنها حوادث لا مفرّ من وقوعها. وفي غارة الموصل التي أسفرت عن مقتل صاحب العربة، كان مسؤولو العمليات قد أوقفوا إطلاق الأسلحة مرتين بالفعل بسبب دخول مدنيين مرمى الهدف، فيما يدل على تنسيق الجهود لتفادي الخطر، لكن تكرار هذه المشكلة يشير إلى أن الجيش كان قادراً على فعل المزيد.

يُشار إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز"، كانت نشرت في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، الجزء الأول من التحقيق، تحت عنوان "كيف أخفت الولايات المتحدة غارة جوية قتلت عشرات المدنيين في سوريا؟"، كشفت فيه عن غارات جوية أمريكية أسفرت عن مقتل نحو 70 مدنياً في بلدة "الباغوز" تحديداً في شهر آذار/مارس من عام 2019، خلال العملية التي شنتها قوات التحالف على تلك البلدة والتي صُنّفت كآخر معقل لتنظيم داعش هناك.

كما أُخذَت هذه الوقائع من أرشيف سرّي بوزارة الدفاع الأميركية عن الحرب الجوية في الشرق الأوسط منذ عام 2014، ضمّت تقييمات سريّة أجراها الجيش الأمريكي لأكثر من 1300 تقرير حول سقوط ضحايا مدنيين.

وأكدت أن تلك الحرب الجوية اشتملت على أخطاء جسيمة في المعلومات الاستخباراتية، وعمليات استهداف متسرعة وغير دقيقة في كثير من الأحيان، وآلاف القتلى من المدنيين من بينهم العديد من الأطفال خلال السنوات الماضية.

التعليقات (2)

    داعش ليبقى الأسد

    ·منذ سنتين أسبوعين
    الإدارات الأمريكية عدوة للشعب السوري والعربي إجمالا. هم ألد اعداءنا يكفي انهم يسلطوا ويدعموا نظام الاستبداد الأسدي ويدافعوا عنه ويحافظوا عليه بكل الوسائل والأساليب سرا وعلنا لكي لايسقط.

    طبقاوي

    ·منذ سنتين أسبوعين
    الغارة على مدينة الطبقة عام 2017 أدت لمقتل 500 شخص مو ١٠ آشخاص كانت الغارة على مدرسة ميسلون في الحي الثاني و كانت المدرسة تحتوي على العائلات النازحة من ارياف حلب الشرقي و لم يتمكن آهالي الطبقة من تحديد هويات الذين قتلوا لانهم كانوا نازحين كان معروف فقط العدد انو 500 شخص
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات