نيويورك بوست: من أوباما إلى بايدن.. أمريكا تفقد ثقة العالم والسبب سوريا

نيويورك بوست: من أوباما إلى بايدن.. أمريكا تفقد ثقة العالم والسبب سوريا

يبدو أن تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن حول وجود خطوط حمراء في أوكرانيا إبان الغزو الروسي لها، لم تعد تلقى صدى لدى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط وأوروبا، حيث بدا الغرب مرتبكاً وضعيفاً في مواجهة روسيا، بعد أن خبر فشل خطوط الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الحمراء في سوريا عندما كان بايدن نائباً له.

ولم يعد أحد يصدق خطوط بايدن الحمراء في أوكرانيا وتهديداته لروسيا بعد الكارثة التي تسبب بها أوباما في سوريا، خاصة حلفاء واشنطن الذين باتوا يعرفون ذلك جيداً عن إدارة بايدن، حسب صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية.

وقالت الصحيفة في مقال لها، إن مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن، جيك سوليفان، حذّر نظيره الروسي الأسبوع الماضي من أن "أي قرار روسي محتمل باستخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية في أوكرانيا" ستكون له "عواقب"، مشيرة إلى أن "البيت الأبيض بات يفتقر إلى أي مصداقية لإصدار مثل هذه التهديدات".

مصداقية أمريكا في الحضيض

وعن سياسة الإدارة الأمريكية في عهد أوباما ونائبه آنذاك بايدن، قالت الصحيفة إن آخر مرة حاول فيها رئيس أمريكي ثنيَ مستبدٍ عن نشر أسلحة كيماوية في صراع دموي كانت عام 2013، وذلك عندما حذّر رئيس جيك سوليفان السابق باراك أوباما، بشار أسد من أن أي هجوم على الشعب السوري بالسلاح الكيماوي يعتبر "خطاً أحمر" وفي حال تجاوزه سيؤدي ذلك إلى"عواقب وخيمة".

وبيّنت الصحيفة أن أسد "لم يستجب لتحذير أوباما، ونفذ في النهاية عشرات الهجمات الكيماوية ضد شعبه. كان أوباما (ونائبه جو بايدن) يأمل في الحصول على دعم دولي ساحق للتدخل. لكن أوروبا كانت منقسمة، لذلك نظر أوباما إلى رأي الكونغرس، ثم قرر عدم الضغط من أجل الحصول على تفويض منه. في النهاية، انتهت ولاية الرئيس، وحطم معه أي مصداقية لأمريكا في الشرق الأوسط".

تردد أمريكي وخطوط حمراء واسعة

وكان للسياسة الأمريكية "المترددة" تجاه سوريا في عهد أوباما دور كبير في تقليص دور واشنطن في المنطقة على حساب صعود النفوذ الروسي بقيادة بوتين، الذي بمجرد أن اتضح له أن أوباما لن يتدخل، اتخذ خطوته وأرسل طائرات إلى سوريا، مستهدفة الثوار السنة الذين هددوا حكم أسد، حسب الصحيفة، التي أوضحت أن بوتين نشر على الأرض أفرداً قاتلوا إلى جانب ما أسماها التقرير القوات السورية، بالإضافة إلى مقاتلين من جماعة حزب الله اللبنانية وحرس الثورة الإسلامية الإيراني، ما تسبب بفقدان مئات الآلاف من السوريين حياتهم، وبموجة نزوح كبيرة.

وبناء على ذلك، لم تسمح حقبة الخط الأحمر التي ظهرت في عام 2013 للأسد بالبقاء في السلطة وممارسة كل أنواع الجرائم بحق الإنسانية فحسب، بل أيضاً سمحت لبوتين بإدخال ما وصل عدده إلى 63 ألف جندي روسي إلى سوريا ومنها على مدار تلك السنوات، حيث اكتسبوا خبرة عسكرية ميدانية قيّمة، استفادوا منها في أوكرانيا الآن.

وبيّنت الصحيفة أن العواقب الوخيمة لم تقف عند هذا الحد، إذ بمجرد أن انتقل بوتين إلى سوريا، نشر أنظمته الهائلة المضادة للطائرات من طراز S-400 لحراسة الأجواء السورية، وهذا ما أدى لتقييد إسرائيل، التي كانت في حاجة متزايدة لشنّ غارات جوية في سوريا، بفضل عملية تهريب الأسلحة الضخمة التي تقوم بها إيران.

إدارة بايدن أضعفت إسرائيل بمواجهة روسيا وإيران

وبيّنت الصحيفة أن إيران استغلت ضباب الحرب في سوريا، مستخدمة ساحة المعركة لنقل ذخائر دقيقة التوجيه بهدوء إلى ميليشيا حزب الله في لبنان، بالرغم من أنه لم يسبق لجهة فاعلة لا تمثل دولة أن حصلت على ذخائر موجهة عالية الدقة، ما جعل إسرائيل تحت تهديدات الميليشيا بشنّ حرب مدمرة يوماً ما.

دفع ذلك الإسرائيليين إلى القلق على مدى السنوات العديدة الماضية، حيث نفذوا آلاف الهجمات ضد أهداف تتبع لميليشيات إيرانية وحزب الله في سوريا، الأمر الذي حتّم عليهم عدم الصدام مع الجيش الروسي، وبالطبع وبسبب حقبة الخط الأحمر التي تعود لعام 2013، أصبحت إسرائيل بحاجة لروسيا، وهذه الحاجة تظهر في حال رغبتها بشنّ أي عملية على حدود إسرائيل الشمالية الشرقية، وفق "نيويورك بوست".

واستغربت الصحيفة أن العديد من المسؤولين الذين فشلوا في فرض الخط الأحمر لأوباما يخدمون الآن في إدارة بايدن، موضحة أنه مع انعدام الوعي الذاتي لديهم، فإنهم ينتقدون إسرائيل لعدم مساعدة أوكرانيا بشكل كافٍ، وقد نسوا بطريقة ما أن إسرائيل لا تستطيع تحدي روسيا علانية إذا كانت ترغب في الوصول إلى المجال الجوي السوري.

إحجام عربي وأوروبي

وفي تحول غريب آخر، يريد البيت الأبيض من الدول العربية المنتجة للنفط تعويض الإنتاج المفقود من جراء العقوبات المفروضة على روسيا، بالرغم من أن تلك الدول كانت تتوق ذات مرة لأن تطيح إدارة أوباما بالأسد، إلا أنها راقبت في رعب كيف جاء بوتين لإنقاذه، ثم راقبوا مرة أخرى قيام واشنطن بتوقيع اتفاق نووي مع إيران، ما أدى إلى تخفيف العقوبات عن طهران بنحو 150 مليار دولار، لتساعد أجزاء كبيرة من تلك الأموال في دعم حكومة ميليشيا أسد.

وبينما يضغط بايدن على حلفائه العرب من أجل زيادة إنتاج النفط، فإن المفاوضين الأمريكيين والإيرانيين في فيينا على وشك إبرام اتفاق نووي آخر يلعب فيه الروس دور الوسيط الرئيسي، ووفق الصحيفة فإن النتيجة ستكون مرة أخرى إطلاق مليارات الدولارات لتمويل طهران ووكلائها، وسوف يكون أسد المستفيد مرة أخرى.

إلا أن بايدن حذر مؤخراً من "العواقب" إذا استخدمت موسكو أسلحة كيماوية في أوكرانيا، ولكن بالنسبة لحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط، تبدو تلك التهديدات جوفاء اليوم، كما كانت في عام 2013، حسب الصحيفة التي ختمت المقال بالقول: "كل إجراء له عواقب، وينطبق الأمر ذاته على التقاعس عن العمل، إذ بعد مرور عشر سنوات، أصبح بوسع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أن يشهدوا على ذلك، كما إن حلفاء أمريكا الأوروبيين قد يفعلون الشيء ذاته حتى بعد مرور عشر سنوات من اليوم.

التعليقات (1)

    احمد الحمد

    ·منذ سنة 11 شهر
    كلام لاغبار عليه حول عدم مصداقية الادارات الأمريكية من بعد بوش الابن
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات