سوق سوداء للموت، سوريون في أوكرانيا!

سوق سوداء للموت، سوريون في أوكرانيا!

البرد الذي عبر من فوق أوكرانيا سرعان ما استوطن صقيعاً في عظام السوريين مطلع شهر آذار/ مارس الحالي، حيث لا وقود للتدفئة، ولا كهرباء. وحيث الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية يحوم كنذير شؤم فوق رؤوس الجميع، وكأن السوريين الذين يرقد فوقهم هذا النظام السياسي المهترئ هم مجبرون على ملاقاة المثل الشعبي" فوق الموت عصّة قبر" ومعانقته كلَّ صباح ليثبتوا أنَّ موتهم هو موتٌ اعتيادي، يومي. موتٌ بديهي ومجّاني، قد يلامون عليه، بل وقد يحسدون!!.

 

الحرب هناك، والعرس في مدن النظام!

لا أحد على وجه هذا الكوكب باستطاعته إضحاك السوريين أكثر من خالد عبود "قلّه: واحد اثنين تلاثة، قلّو: اتكلوا على الله" وهكذا غزا بوتين أوكرانيا واثقاً مطمئناً، مرتاح الضمير، غيرَ نادم. فحين تنحسر النكتة السياسية في مجتمع ما لأسباب منها أن تكون قسوة الواقع أكبر بكثير من إمكانية التصدّي له، وإعادة رصده وتشكيله بصورة نزيهة وساخرة، يأتي دور مهرجي السلطة للتعويض عن تلك الصورة الساخرة المفقودة للحياة، وترويض قبول الواقع ولو بمشقة بالغة، ويمتلك النظام السوري عدداً لا بأس به من أولئك المهرجين، أشهرهم على الإطلاق خالد عبود، وأحمد بدر الدين حسون مفتي النظام قبل إقالته، ومن بعدهما مباشرةً بثينة شعبان، وشريف شحاذة.

 

على أرض الواقع، يفيض الجوع، والبرد، والبطالة على السوريين فيغرقون دفعةً واحدة، صمتهم أيضاً يُغرقهم، ولا يجد هذا النظام المعادي للشعب ضيراً من تسيير حشود طلابية لتأييد الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت إحدى محطاتها في كلية الزراعة في السويداء، ودرجة الحرارة لا تتجاوز خمس درجات مئوية، حفلةُ نفاق مجاني مثيرة للاشمئزاز لم يفكر طلاب الجامعات الروسية أنفسهم بتنظيم واحدة على شاكلتها، وهذا ليس بغريب على نظام باع البلاد وشعبها لكي يبقى حاكماً لخرائبها.
 

في السويداء تذوب ملامح البشر في وعاء واحد، ملامحُ معذّبة يطاردها شيطان البرد والجوع والعتمة، وجوهٌ غائمة لا تمطر، وتكاد العين لا تلمح وجه رجل حليق، ذقونٌ قصيرة الشعر شعثاء، وأخرى طويلة مسترسلة، وثالثة متروكة على سجيتها. منذ أيام حاول سكان حيّ في المدينة إلقاء القبض على شاب كان يريد سرقة كبل كهرباء متصل بالمحولة، فما كان منه إلا أن هددهم بقنبلة يدوية كان يمسكها، فتركوه يهرب، وآخرون ملثمون تجدهم يقلّبون محتويات حاوية قمامة بتمهّل وبلا اكتراث، وينقلونها إلى دراجاتهم النارية، فالحياة في مدن النظام السوري باتت مأزقاً وجودياً مزيّناً بالمهانة والمعاناة التي لا تنتهي.    

 

أربعون ألف درزيّ للحرب!

منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، وسماسرة البشر في السويداء عادوا للإطلال برؤوسهم، بعد فترة من الكمون والاسترخاء امتدت لأشهر خلت. اثنان منهم على الأقل من عائلتي زريفة وغانم فتحا باب التسجيل لتجنيد الشباب الدروز كمرتزقة يقاتلون مع القوات الروسية في حربها ضد أوكرانيا، لا شروط صعبة تحدُّ عملية التسجيل تلك، والأفضلية حسب ادعاء السماسرة لأصحاب الخبرة القتالية، غير إن المقبلين على هذا النوع من العمل الارتزاقي هم من العاطلين عن العمل، وصغار السن، ممن يتسكعون بين أعمال يومية هامشية يصرفون دخولهم الهزيلة المتأتية منها على شراء السجائر وشراء باقات اتصال وإنترنيت لهواتفهم الخلوية، أو تجدهم يطاردون الفتيات في الحدائق العامة، لكن بعضهم أيضاً معيلٌ لأسر وأطفال ولا يمانعون من العمل مع الشيطان لقاء إطعام الأفواه الجائعة التي أرسلوها إلى الحياة في هذا الخراب الكئيب المسمّى "سوريا".

 

في السابق كان السمسار من عائلة غانم يتقاضى عمولة تقدر بحوالي مئة دولار لإرسال الشباب الدروز إلى ليبيا ليعملوا هناك تحت إمرة الروس في حراسة منشآت نفطية. الكثير من الشباب تعرض لعملية نصب واحتيال، إذ إنهم دفعوا العمولة ولم يسافروا بعد. وصحيح أن بعضهم قد سافر، لكن عدد المسافرين منهم قليلٌ مقارنةً بإجمالي عدد المسجلين. الآن يتقاضى السمسار من عائلة زريفة حوالي سبعة دولارات فقط كعمولة تسجيل، ويَعِدُ برواتب تصل إلى 1500 دولار سيدفعها الروس للشباب الدروز الذين سيقاتلون إلى جانبهم في أوكرانيا، بعضهم يقول بأنهم سيكونون أكباش فداء هناك، سيقاتلون في الخطوط الأمامية بينما سيكون الجنود الروس خلفهم، وذاك انتحار مؤكد، لكن البقاء في سوريا هو انتحار مؤكد أيضاً، فأي انتحار سيختارون؟!

 

وبحسب ما يذكره البعض فإن عدد المسجلين للقتال كمرتزقة إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا قارب الأربعين ألف شخص، غير أن أحداً منهم لم يسافر بعد، وهذا الرقم لا يحمل مبالغةً، إذ إن عمولة التسجيل هذه المرة زهيدة، وتقع في متناول الجميع. كما أن هذا الرقم، ومن جهة أخرى يعكس مقدار الكارثة الاقتصادية التي يوفرها هذا النظام بسخاء شديد لكل المناطق التي يجثم فوقها، تلك البطالة غير المسبوقة، والتي يرفدها الفقر المتنامي وانهيار القيمة الشرائية لليرة من اتجاهين آخرين صارت جميعها قادرةً على كنس السوريين إلى مصائر معتمة، وكم يحتاج السوريون الموالون إلى إعادة شرح الواقع مجدداً، لكن على طريقة خالد عبود، وبثينة شعبان، كلاهما معاً هذه المرة.

 

التعليقات (4)

    ابراهيم

    ·منذ سنتين 3 أسابيع
    أتى وعد الله بعونه تعالى وانتهت المهازل وانتهت العائلة الحاكمة الضعيفة الجبانة تستقوي بالمخابرات الجوية انتهت بعونه تعالى مع انتهاء العرصى بوتن بعونه تعالى

    SOMEONE

    ·منذ سنتين 3 أسابيع
    لعنة الله على المجرم الطاغية الدكتاتور الطائفي بشار بن حافظ الجحش الذي أوصل سوريا و الشعب السوري إلى هذا المصير البائس الكارثي !!

    جاد

    ·منذ سنتين 3 أسابيع
    شو قصه درزي ومصطلحات طائفيه بالمقالات بموقع اورينت . اخي والله عيب

    جلجامش بن اوروك

    ·منذ سنتين 3 أسابيع
    مادامت الاقليات مستعدة للموت على ات ترى الاغلبية تستعيد حقوقها في ظل دولة ديمقراطية . ومادامت الاغلبية لاهية بالتكاثر والهجرة وبيع تدين زائف في بلاد المهجر ناهيك عن اطالة اللحى في الداخل والانظمام الى تنظيمات بترودولارية فلا خل ولاخلاص ايدا.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات