عندما بدأت الثورة السورية، عبر الاحتجاجات الشعبية ( وبخاصة الشباب ) العارمة تملأ شوارع المدن السورية، إثر انتشار موجة الربيع العربي في دول كمصر وتونس وليبيا و اليمن وغيرها، وعلى وقع الأحداث بمحافظة درعا، جوبهت المظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة بالعنف الشديد من قبل أجهزة أمن النظام السوري، ولم يكتف النظام بقمعها من خلال أجهزة الأمن والمخابرات وحسب بل أيضاً عبر عصابات فاشية الطابع سمّيت بالشبيحة، كانت تقمع المظاهرات بالسكاكين والعصي ثم بالبنادق وكل أدوات القتل والإجرام، وكان النظام ينفي وقوع هذه الأعمال الوحشية بحق المتظاهرين ويقول إن العصابات المسلحة هي من تقتل المتظاهرين!
لم يستطع النظام مواجهة الثورة الشعبية ذات الزخم الكبير، فلجأ إلى ميليشيات عراقية وأفغانية ذات طابع طائفي صرف، إضافة إلى الشبيحة وممارساتهم العنفية والوحشية المقيتة. ناهيك عن التدخل الإيراني السافر والاحتلال الروسي البشع وتدمير المدن السورية بالبراميل المتفجرة أمام صمت العالم الغريب.
الآن مع الحرب الروسية الأوكرانية يجري الحديث عن استجلاب المرتزقة من شبيحة الأسد المجرمين إلى أوكرانيا لقتل الشعب الأوكراني الذي لا علاقة له بما جرى في سورية، ولم يدخل جندي أوكراني واحد إلى سورية في الحرب الروسية على سورية .
يدّعي بوتين أنه يستطيع استجلاب 16 ألف مرتزق من الشرق الأوسط للقتال ضد الشعب الأوكراني أغلبهم من سورية، وهذا ما تؤكده التقارير الإعلامية الواردة من سوريا.
السؤال: ماذا سيكون موقف الأوكرانيين من الشعب السوري؟
قد يميز الأوكراني الواعي بين السوري الموالي للنظام والذي يأتي لمحاربته دعماً لروسيا وبين الشعب السوري المظلوم الذي سُحقت ثورته بدعم روسيا للنظام في سورية، لكن عموم الأوكرانيين قد لا يمتلكون القدرة على الفرز، ما يشوّه سمعة السوريين كافة مؤيدين ومعارضة وثواراً على حد سواء، الأمر الذي يتطلب من السوريين الأحرار إعادة نشاطهم ضد النظام وممارساته فيما يتعلق بأوكرانيا وبخاصة في المجال الإعلامي، وإمكانية إعادة العمل لإحياء الثورة السورية من جديد، خاصة ونحن الآن في أيام آذار المباركة حيث انطلاق شرارة الثورة السورية بين 15 و18 آذار 2011.
إن التشبيح الذي جرى للسوريين من قبل عصابات الأسد المجرمة لم يتوقف عند السوريين. ها هي الدولة التي احتلت سوريا وقمعت شعبها تجنّد هؤلاء الشبيحة وتحوّلهم إلى مرتزقة ليحاربوا شعب أوكرانيا المسالم، وبالتالي يتحولون إلى مرتزقة عبر العالم، وهذا تهديد للأمن والسلم الدوليين. على الدول الغربية وكل دول العالم التنبه لهذا الخطر القادم من سورية إلى دول العالم، لقد أخطأ الغرب في حساباته عندما استهان بالثورة السورية وحجمها وأسبابها وتداعيات تجاهلها، وأغمض عينيه عن جرائم النظام وإيران وميليشياتها وبوتين زعيم عصابة المافيا الروسية، الذي تحول إلى بلطجي ينتقل بهذه البلطجة والتنمر من جورجيا إلى سورية إلى القرم فأوكرانيا، ويهدد دولاً حرّة كالسويد وفنلندا لأنها غير منضمّة إلى الناتو.
لا تأتوا لأرضنا لقتلنا!
كم هو مؤلم وموجع حقاً عندما يدعو مفتي أوكرانيا... سعيد إسماعيلوف السوريين إلى عدم المجيء إلى محاربة الأوكرانيين:
"أود أن أناشد الشعب السوري: لا تفعلوا هذا، ولا تأتوا إلى أرضنا لقتلنا"، مضيفاً: "أناشد الشعب السوري لا تأتوا إلى أرضنا لقتلنا، لا تفعلوا ذلك ولا تكونوا شركاء في الجريمة، نحن مسلمو أوكرانيا جزء لا يتجزأ من المجتمع الأوكراني، ونحن نحمي وطننا الأم، الذي هاجمته روسيا وقتلت نساءنا وأطفالنا ودمرت منازلنا ومستشفياتنا ومساجدنا" (1)
بالطبع هو ليس بالصورة التفصيلية لمجريات الأحداث السورية وسيكولوجيا الشبيح الذي يتلقى أموالاً من النظام ويمارس أبشع أنواع القتل والإجرام بحق السوريين الذين هم من المفترض أن يعتبرهم إخوته وأخواته، بناته، وأطفاله ضمن نفس البلد سورية، فما بالكم والأوكرانيون شعب ينتمي لبلد غريب عن سوريا، فهل هذا الشبيح يمتلك الصفات الإنسانية ليتراجع عن قراره بالقتال ضد الأوكرانيين؟ أم إنه مجرد رقم صغير جداً منضمّ لعصابات مأجورة لدى النظام وبوتين الذي نعته بايدن مؤخراً بمجرم حرب؟.
...............................................................................................
(1) انظر جريدة القبس مقال بعنوان " مفتي اوكرانيا مناشدا السوريين لا تأتوا لأرضنا لقتلنا " 14 مارس 2022
التعليقات (5)