تحقيق أمريكي يكتشف مقابر سجون أسد السرية ويعيد جرائمه الجماعية إلى الواجهة

تحقيق أمريكي يكتشف مقابر سجون أسد السرية ويعيد جرائمه الجماعية إلى الواجهة

وثّقت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أدلة جديدة على تورط حكومة ميليشيا أسد بقتل الآلاف من المعتقلين في سجونه ودفنهم بمقابر جماعية، مشيرة إلى أن تلك المقابر يمكن أن تحمل أدلة على ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك التعذيب المنهجي وقتل المعتقلين.


ونشرت الصحيفة، أمس الأربعاء، تحقيقاً بالتعاون مع "رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا"، حول مواقع المقابر الجماعية في سوريا، حيث استطاعت تحديد موقع مقبرتين جماعيتين يعتقد أنهما يحتويان على آلاف من جثث السوريين الذين قُتلوا في مراكز الاحتجاز التي تديرها ميليشيا أسد.

 

مقابر جماعية سرية

وتساءلت الصحيفة: "ماذا حدث لجثث الآلاف من الذين ماتوا أو قُتِلوا في مراكز الاحتجاز الحكومية؟"، وأشارت إلى أنها أجرت على مدار عدة أشهر، مقابلات مع 4 سوريين عملوا في مقابر جماعية سريّة أو بالقرب منها، وصوراً من الأقمار الصناعية، للكشف عن موقعين يضمّان آلاف الجثث، وكشفوا عن معلومات صادمة حولها. 


وقالت الصحيفة إنه في أحد الأيام، استخدم العمال الآلات الثقيلة لحفرِ الخنادق، وعند حلول الظلام جاءت الجثث في صناديق الشاحنات العسكرية، أو في شاحنات التبريد المُخصَّصة لنقل الطعام. 
وذكرت أنه بينما كان ضباط مخابرات ميليشيا أسد يراقبون، تم إلقاء الجثث على الأرض ودفنهم بالقرب من العاصمة دمشق، وفقاً لرجال عملوا في مقبرتين جماعيَّتين، وأشارت الصحيفة إلى أنه في بعض الأحيان، كان العمال يطمرون كثيراً من الرمال والتراب؛ لمنع الكلاب من حفر القبور وصولاً إلى الجثث. 


استحالة إحصاء الجثث


وأكدت الصحيفة استحالة إحصاء الجثث في المقابر الجماعية والتعرف إليها، دون نبش المقابر الذي يمنعه وجود ميليشيا أسد واستمرار الدعم الروسي له، مشيرة إلى أن أهمية الكشف عن المقابر الجماعية تكمن بلفت الانتباه للجرائم والانتهاكات في سوريا.
وإلى جانب المقابلات التي أجرتها الصحيفة مع الرجال الأربعة السوريين تمّت الاستعانة بصور الأقمار الصناعية، وقالت الصحيفة: "كشفت هذه القرائن معاً عن موقعين، كلُّ واحد يحمل آلاف الجثث"، بحسب الرجال الذين عملوا هناك. 
وأضافت الصحيفة أنه يمكن أن تتضمَّن المقابر أدلةً قويةً على جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الأسد، وفقاً لمجموعات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب المنهجي وقتل المعتقلين. 
وعمل الشهود الأربعة الذين تحدثوا إلى الصحيفة، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، في مقابر جماعية أو بالقرب منها، قرب دمشق وشاهد كل منهم أجزاء من جهود ميليشيا أسد للتخلص من الجثث، ويقيم اثنان منهم في ألمانيا، وواحد في لبنان والآخر في سوريا.
ولم تتمكن الصحيفة من التحقق بشكل مفصل من الروايات الواردة، ولكن تشير منظمات حقوق الإنسان إلى أن الروايات متسقة إلى حد كبير مع بعضها البعض، وقريبة من التقارير التي وثقت الاعتقالات ونقل الجثث.


جرائم ضد الإنسانية

وقال أحد الشهود الأربعة إنه عمل قبل الحرب لصالح ميليشيا أسد، في الإشراف على مدافن المدنيين إلى أن جُنّد من قبل ضباط المخابرات في منتصف 2011، للتخلص من الجثث القادمة من مراكز الاحتجاز عبر المستشفيات، واستمرّ عمله داخل المقبرتين نحو ست سنوات.

وعمل الشاهد في إحدى المقابر في بلدة نجها جنوب دمشق، منذ منتصف 2011 حتى مطلع 2013، حيث أشرف في البداية على عدد قليل من العمال الذين دفنوا أعداداً صغيرة من الجثث، ولكن مع تصاعد حدة الصراع، ازدادت الأعداد.



وبشكلٍ منفصل، نقلت شاحنات التبريد الكبيرة المخصَّصة لنقل الطعام الجثث من المستشفيات إلى القبور، على حدِّ قوله، وعندما وصلوا، كان فريقه يرمي الجثث على الأرض، وقال إن العديد من الجثث كانت بها كدمات وآفات وأظافر مفقودة، وبعضها كان يتحلَّل، ما يشير إلى مرور بعض الوقت على وفاتهم.


كما أكدّ وليد هاشم، وهو جندي سابق خدم في قطيفة قبل انشقاقه نهاية عام 2012، على وجود المقبرة في القطيفة، مشيراً إلى أن المنطقة كانت تحت حراسة مشددة، لكن كل من عمل في المنطقة لديه اطّلاع على موقع المقبرة.


عائلات تنتظر معرفة مصير مفقوديها

ويشكّل الكشف عن مواقع المقابر الجماعية أهمية كبيرة بالنسبة لأهالي المعتقلين والمفقودين والمجتمع الدولي والمنظمات التي لديها رغبة حقيقية بمحاسبة ميليشيا أسد، كما يسهم بتسليط الضوء على القضية، ومنع التلاعب بهذه المواقع.


وقابلت الصحيفة أيضاً دياب سرية، وهو شريك مؤسس لجمعية المعتقلين السابقين في سجن صيدنايا سيئ السمعة بسوريا، والذي عمل على تحديد مواقع المقابر الجماعية، إذ قال: "إذا لم تُحَلّ قضية المفقودين والمختفين، فلن يكون هناك سلام في سوريا". 


وأضاف “سرية” أنهم يتلقون كل يومٍ مكالمات من أشخاص يريدون معرفة مكان أبنائهم. ويقول كثير منهم: "أريد فقط أن أرى قبراً؛ حتى أتمكن من وضع زهرة عليه". 


بحسب تصريح لوزارة الخزانة الأمريكية العام الماضي، فإن 14 ألفاً على الأقل من المعتقلين تعرضوا للتعذيب حتى الموت، لكن العدد الفعلي يكاد يكون بالتأكيد أعلى من ذلك بكثير. وقد اختفى أكثر من 130 ألفاً آخرين في مراكز احتجاز حكومة ميليشيا أسد، ويُفتَرَض أن العديد منهم ماتوا، فيما تنفي ميليشيا أسد ذلك بشكل مستمر.


ومن أجل لفت الانتباه إلى تلك الفظائع، قامت فرقة الطوارئ السورية بإحضار أحد الرجال الذين قابلتهم الصحيفة إلى واشنطن هذا الأسبوع؛ للتحدُّث مع أعضاء الكونغرس وآخرين عن المقابر الجماعية. 


وعلى مدار السنوات الماضية، أُعلن عن اكتشاف العشرات من المقابر الجماعية في مناطق سيطرة ميليشيا أسد وتنظيم "داعش" وسط تجاهل لمصير المعتقلين في سجون ميليشيا أسد مع غياب إمكانية الوصول الفعلي إلى تلك المقابر لتوثيقها واستخراج الجثث والتعرف عليه

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات