تُثير تحركات نظام أسد بخصوص عودة اللاجئين السوريين، وبحث هذا الملف مع منظمات دولية الشكوك، وتحديداً بعد زيارة وفد من "المنظمة الدولية للهجرة" إلى دمشق، واجتماعه قبل أيام بوزير خارجية أسد فيصل المقداد.
واستغلالاً لملف اللجوء والهجرة، يبتزّ نظام أسد المنظمات الأممية، مستغلاً حاجتها إلى التعاون المعلوماتي معه، بسبب كثرة أعداد اللاجئين السوريين.
ويبدو أن "المنظمة الدولية للهجرة" وهي واحدة من المنظمات الأممية القليلة التي لا تسجّل وجوداً في مناطق نظام الأسد، قد اضطُرت مؤخراً إلى التعامل مع نظام أسد، نتيجة تفاقم ملف اللجوء دولياً بفعل أزمة اللجوء الأوكرانية المستجدّة.
وحسب وسائل إعلام أسد، شرح المقداد لوفد المنظمة المهام التي يقوم بها نظامه في سبيل تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين السوريين، مدّعياً أن "الآثار السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب أثّرت على كل مناحي الحياة اليومية والخدمات الأساسية للمواطن السوري وعلى تهيئة الظروف المناسبة لتشجيع اللاجئين على العودة إلى بيوتهم ومدنهم".
وادّعى المقداد أيضاً أن نظامه يضمن وصول المساعدات الإنسانية لمستحقّيها والالتزام بمبادئ العمل الإنساني والابتعاد عن التسييس الذي تمارسه الدول الغربية في هذا الإطار، غير أن الدراسات الصادرة عن مراكز أبحاث أمريكية أكدت تلاعب النظام بالمساعدات، وتمكين شركات تابعة له من تنفيذ مشاريع إغاثية يتم تمويلها دولياً.
كسب الشرعية الدولية
وحسب خبير في عمل المنظمات الأممية، فضّل عدم الكشف عن اسمه في حديثه لـ"أورينت نت"، فإن زيارة وفد المنظمة لدمشق، تأتي في إطار التمهيد لإعادة افتتاح مكتب تابع للمنظمة في العاصمة السورية، بعد أن نقلت المنظمة مكتبها الإقليمي إلى العاصمة الأردنية عمّان في وقت سابق.
وأضاف أنه بسبب تعقيدات ملف اللجوء على الصعيد الدولي، يحاول النظام انتهاز هذه الفرصة لاستقطاب جميع المنظمات الأممية إليه، لأهداف متعلقة بعودة الشرعية الدولية له.
وهو ما أكده الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن، بسام بربندي في حديثه لـ"أورينت نت"، حيث اعتبر أن عودة هذه المنظمة إلى سوريا نوع من إكساب النظام للشرعية الدولية التي يبحث عنها.
وأوضح بربندي أن هذه المنظمة هي من تتولى ملفات إعادة توطين اللاجئين، وهو ما يجعلها منظمة غاية في الأهمية.
استمرار نهج الابتزاز
وعلى الصعيد ذاته، وصف مدير الأبحاث في "مركز السياسات وبحوث العمليات"، الدكتور كرم شعار، حديث المقداد عن عدم تسيس المساعدات الإنسانية بأنها "مثيرة للاستفزاز".
وقال لـ"أورينت نت": إن النظام معروف بتجيير المساعدات الأممية وإرسالها للمناطق الأكثر موالاة له، ومعروف بنهب الحوالات المخصصة للمساعدات عن طريق فروقات سعر صرف الدولار.
وكان مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) قد أكد الشهر الماضي، أن نظام أسد يتلاعب بالمساعدات الإنسانية في سوريا بشكل متكرر من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين.
وأضاف في تقرير أن نظام أسد يتمتع بسلطة قوية على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك الموافقات على تأشيرات الدخول، لدرجة أنه أصبح من الطبيعي بالنسبة لأقارب كبار مسؤولي النظام الحصول على وظائف داخل هيئات الأمم المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن ماهر أسد ورجل الأعمال محمد حمشو، فازا بعقود مشتريات أممية لنزع المعادن في المناطق التي استعادها نظام أسد وإعادة تدويرها للبيع في شركة حديد للصناعات المعدنية المملوكة لحمشو.
تسيس ملف عودة اللاجئين
ويضيف كرم شعار، أن ادعاء نظام الأسد اهتمامه بعودة اللاجئين السوريين يبقى في إطار الادعاءات لأسباب سياسية، موضحاً أن "النظام يدّعي أن الوضع في مناطق سيطرته بات آمناً وملائماً لعودة اللاجئين هو بهدف تشجيع التطبيع السياسي معه، وليس لأغراض إنسانية".
ويكمل الباحث، أن النظام يريد خلق انطباعات دولية بأن الحرب في سوريا قد انتهت، لكنه في الوقت ذاته لا يشجّع عودة اللاجئين والفقراء منهم على وجه الخصوص، لأن عودتهم ستزيد من متاعبه الاقتصادية.
احتكار ملف المساعدات
أما الباحث الاقتصادي يونس الكريم، فيضع اهتمام النظام بزيارة وفد المنظمة في إطار محاولاته احتكار ملف المساعدات الأممية، مع اقتراب موعد التصويت على قرار تمديد إدخال المساعدات عبر الحدود، وجعلها مقتصرة عبر الخطوط إلى الشمال السوري.
ويقول لـ"أورينت نت"، إن النظام يريد التحكم بكل المساعدات الإغاثية التي تدخل إلى سوريا، وخصوصاً أن للمنظمة دوراً كبيراً بالتحكم بكمية المساعدات وطرق إدخالها إلى سوريا.
وإلى جانب ذلك، حسب الكريم، يريد النظام استعادة موقعه في المجتمع الدولي من خلال استعادة دوره على صعيد عمل المنظمات التابعة لـ"الأمم المتحدة".
التعليقات (0)