3 أهداف وراء إنشاء نظام الأسد شركات وهمية في أوروبا ودول عربية

3 أهداف وراء إنشاء نظام الأسد شركات وهمية في أوروبا ودول عربية

سعى نظام أسد منذ بداية الثورة السورية إلى التهرب والالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة عليه والتخفيف من شدتها، ولا سيما أنها استهدفت بشكل رئيسي شركات ورجال أعمال مرتبطين بنظام أسد بشكل مباشر وغير مباشر. 

 

فبالإضافة إلى دور تلك العقوبات في تجفيف منابع النقد الأجنبي التي كانت تتدفق إلى مناطق سيطرة أسد، فقد أدت إلى تضرر مصالح عدد كبير من رجال الأعمال المرتبطين بذلك النظام، حيث توكل إلى هؤلاء إدارة شركات مفصلية داخل مناطق سيطرة أسد بتسهيل من النظام نفسه.

 

وشكلت الشركات الوهمية البوابة الأوسع التي استخدمها نظام أسد وواجهاته الاقتصادية للتهرب من العقوبات، حيث يعمد رجال أعمال طالتهم العقوبات إلى تأسيس شركات وهمية في عدد من الدول العربية والأوروبية، تستخدم بشكل رئيسي لذلك الغرض، إضافة لاستخدام تلك الشركات في الحصول على أموال تجارة المخدرات، والتي باتت تشكل اليوم العصب الرئيسي لنظام أسد للحصول على النقد الأجنبي، بعد عملية غسيل الأموال السوداء.

 

تاريخ نظام أسد مع الشركات الوهمية 

وفي حديثه لـ"أورينت نت" أكد الباحث الاقتصادي المعارض "يونس كريم" أن نظام أسد يمتلك خبرة ومرونة كبيرة بهذا النوع من الشركات، فتاريخ تعامله بها يعود إلى أول حزمة عقوبات تم فرضها على زمن نظام الأسد الأب عام 1979، حيث صنفته الإدارة الأمريكية من فئة الأنظمة الراعية للإرهاب. 

 

ثم عادت تلك الشركات لتعود بتعداد أكبر مع فرض حزم عقوبات جديدة على نظام أسد بين العامين (1989-2001)، وصولًا إلى قانون محاسبة سوريا واسترداد سيادة لبنان عام 2003؛ على خلفية ضلوع الأسد الابن باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، حيث جمدت الإدارة الأمريكية حينها أرصدة مالية لنظام أسد. 

 

ويضيف كريم، أنه مع بدء الثورة السورية اشتدّت العقوبات الأمريكية على النظام، إضافة إلى عقوبات مماثلة فرضتها دول الاتحاد الأوروبي، وأخيراً قانون (قيصر) الذي خنق اقتصاد نظام أسد ورجاله، الأمر الذي دفعهم إلى تشكيل الآلاف من الشركات الوهمية للتهرب من القانون أو الالتفاف عليه.

 

ماذا تحقق الشركات الوهمية لنظام أسد؟

ويرى الدكتور في علم الاقتصاد (محمد صدّيق)، أن التهرب من استحقاقات قانون قيصر يأتي في مقدمة أهداف نظام أسد المرحلية من إنشاء شركات وهمية، مؤكداً أن نظام أسد بنى سلسلة هرمية معقدة من تلك الشركات، يصعب تتبعها من قبل وزارة الخزانة الأمريكية. 

وتابع صدّيق، لقد ساهمت تلك الشركات خلال سنوات الثورة في تدفق القطع الأجنبي إلى داخل مناطق سيطرة أسد، عبر اتفاقيات وعقود مع شركات حقيقة موجودة في لبنان وروسيا وإيران.

من ناحيته يتفق الباحث الاقتصادي (يونس كريم) مع الدكتور الصدّيق بالهدف الأساسي من إنشائها، إلا أنه يضيف أهدافاً أخرى حققتها مخابرات أسد من تسهيل إنشاء مثل تلك الشركات، ويأتي في مقدمتها تحويل الأموال إلى مكاتب محاماة خارج سوريا، والتي بدورها تقوم بدفع  تلك الأموال إلى "لوبيات" في دول معينة. 

حيث تستطيع تلك "اللوبيات" بحسب كريم التأثير على دائرة القرار داخل تلك الدول، وبالتالي تأخير محاسبة نظام أسد، بالإضافة إلى الحصول على عقود من شركات حقيقية داخل تلك الدول لتوريد السلع المختلفة كالمحروقات ووقود الطائرات إلى مناطق سيطرة أسد.

 

بوابة رجال أعمال أسد للتهرب من العقوبات

ولم تقتصر عقوبات قيصر على الشركات المرتبطة بنظام أسد، بل طالت عدداً كبيراً من الشخصيات الأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى رجال أعمال مرتبطين بنظام أسد بشكل علني أو ضمني، الأمر الذي دفعهم حسب الخبير الاقتصادي "يونس كريم" للاعتماد على الشركات الوهمية في غسيل الأموال وشرعتنها بغية تهريبها وإيداعها في البنوك خارج سوريا. 

وخاصة في تلك الدول التي لا تفرض قيوداً على إنشاء الشركات داخلها، بل تقدم ميزات كعدم ملاحقة شخصيات مالكيها، وعدم السؤال عن مصدر تلك الأموال، كتايلند وروسيا ولبنان.

وكان رئيس نظام أسد في عام 2020 اعترف أن أكثر من 42 مليار دولار يملكها رجال أعمال سوريون، ذهبت أدراج الرياح في مصارف لبنان، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصارف لبنان، الأمر الذي سبب أزمة نقدية داخل مناطق أسد باعتراف الأسد نفسه.

 

وسيلة للحصول على أموال تهريب المخدرات

اعترفت صحيفة الوطن الموالية أن عدد الشركات التي تسجل برأس مال صغير داخل مناطق نظام أسد تقدر بالآلاف، حيث سجلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الأسبوع الأول فقط من العام الجاري 16 شركة برأس مال لا يتجاوز 5 ملايين ليرة سورية، واعتبرت الصحيفة أن إنشاء شركات برأس مال بسيط الهدف منه غير سليم، لكون مبلغ 5 ملايين لا يشتري بوابة للشركة حسب وصفها، ويمكن سحبه في اليوم التالي للتأسيس.

وعن هذه الظاهرة التي أثارتها الصحيفة والهدف منها، يقول الباحث الاقتصادي "يونس كريم" لأورينت نت: يجب التفريق بين الشركات الوهمية والشركات المسجلة برأس مال صغير، فالشركات الصغيرة هي شركات حقيقية حصلت على ترخيص بتسهيل من نظام أسد لتصدير سلع مختلفة، أهمها الخضار والفواكه لمرة واحدة فقط. 

 

ثم يتم تهريب المخدرات داخل تلك السلع إلى دول الخليج والعالم، ثم تأتي دور الشركات الوهمية المرتبطة بالشركات الصغيرة في الحصول على أموال تلك الشحنات، عبر عمليات مالية معقدة، وتحويلها إلى البنوك، ثم تختفي تلك الشركات الصغيرة والشركات الوهمية المرتبطة بها من الوجود، بعد أن حولت أموال المخدرات السوداء إلى بيضاء.

 

سلاح آل مخلوف ضد آل أسد

ورغم أن نظام أسد المستفيد الأول من سلاح الشركات الوهمية، إلا أنه كان ضحية السلاح ذاته، حيث أكد "يونس كريم" لأورينت نت أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال المقربين من نظام أسد استخدموا سلاح الشركات الوهمية في تقليل حصة نظام أسد من الأرباح والضرائب. 

 

وتتلخص العملية بحسب كريم بتقديم هؤلاء سجلات لخدمات وهمية قدمتها شركات لا وجود لها إلى الشركة الحقيقية الموجودة على الأرض، ومن أبرز هؤلاء كان "رامي مخلوف" حيث عمد إلى تقليل حصة آل أسد من أرباح شركة "سيرتيل" للاتصالات، ومن قبله قام "محمد مخلوف" والد رامي، وخال رئيس نظام أسد، بتقديم سجلات لخدمات وهمية إلى شركات إسمنت، وشركات أخرى كان يشرف عليها محمد مخلوف.

إن الدلائل على استخدام نظام أسد ورجاله المقربين الشركات الوهمية للتهرب من استحقاق العقوبات كثيرة، إلا أن ما يعرف بتسريبات وثائق "بنما" عام 2016 كانت الأشهر والأكبر، حيث أكدت تسريبات "بنما" أن نظام أسد ورجال أعمال مقربين منه  استخدموا الشركات الوهمية للتهرب من العقوبات المفروضة عليهم.
 

وأكدت تلك التسريبات استخدام الشركات الوهمية للحصول على عقود توريد وقود للطائرات التي كان نظام أسد يقتل بها السوريين، كما كشفت التسريبات استخدام رجال أعمال الشركات الوهمية في غسيل الأموال وتحويل الأموال إلى بنوك خارج سوريا، بحسب صحيفة لوموند الفرنسية.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات