كيف حولت تحرير الشام معبر دير بلوط أداة لمحاربة الناس في لقمة عيشهم بإدلب؟

كيف حولت تحرير الشام معبر دير بلوط أداة لمحاربة الناس في لقمة عيشهم بإدلب؟

لا تزال هيئة تحرير الشام تتبع سياسة احتكار المحروقات وبعض المواد الأساسية والخضار، عبر معبر دير بلوط الواصل بين إدلب وريفي حلب الشمالي والشمالي الغربي، وذلك في سبيل زيادة ثروتها وانفرادها بالتحكم بالأسعار التي باتت الهاجس الأكبر لمدنيي إدلب وشمال غرب سوريا، ممن ضاقت بهم السبل وباتوا محارَبين حتى في لقمة عيشهم.


معاناة ترهق كاهل المدنيين


"أورينت نت" استطلعت آراء عدد من المدنيين في إدلب، حيث عبّروا عن انزعاجهم مما آلت إليه الأحوال الاقتصادية في المحافظة بسبب تحكم الهيئة بالأسعار والمواد الاستهلاكية.


وفي هذا الصدد، قال عمر الشيخ (35 عاماً) لـ"أورينت نت" إن جميع محاولاته بالحصول على بعض ليترات من المازوت لسيارته فشلت بعد أن منعت حواجز هيئة تحرير الشام القابعة في معبر دير بلوط إدخال أكثر من عشر ليترات من المازوت القادم من عفرين إلى إدلب عبر خزان سيارته.


وأضاف ساخراً "بحكم عملي أنا مضطر للسفر بشكل مستمر من إدلب إلى عفرين، ولأن أسعار المازوت أرخص في ريف حلب أحاول تعبئة خزان سيارتي الخاصة لتوفير بعض النفقات من فروقات الأسعار بين المنطقتين، وهو ما اعتبرته الهيئة خرقاً لقوانينها وتمرداً ومنافسة لشركتها وتد الموقرة".

وفي سبيل سياستها تلك احتجزت الأخيرة عشرات الآليات القادمة من مناطق سيطرة الجيش الوطني إلى مناطق سيطرتها في إدلب، واعتقلت المئات بحجة تهريب المازوت، في حين أن جميع تلك الآليات كانت تحوي في خزاناتها مجرد زيادة بسيطة عن المقدار المحدد من المازوت وهي عشر ليترات فقط.


احتكار المحروقات


وتريد هيئة تحرير الشام من ممارساتها تلك إقصاء منافسيها وإجبار المدنيين في مناطق نفوذها على شراء المحروقات التي تستوردها من تركيا، عبر إيقاف المحروقات المكررة القادمة من ريف حلب، والتي تعد مرغوبة من قبل السكان المحليين لانخفاض أسعارها قياساً بأسعار محروقات الهيئة.

إلا أن التدقيق الذي انتهجته الهيئة في معبر دير بلوط لمنع دخول المواد المحتكرة من قبلهم لم يمنع عمليات التهريب التي اتخذها نساء وأطفال مصدر رزق لهم في ظل الفقر والغلاء وقلة فرص العمل والحاجة إلى مردود يساعدهم في تحمل أعباء المعيشة التي لم يعد الكثيريون في إدلب قادرون على تحملها.


فقر يحاصر السكان


وللتغلب على مصاعب الحياة والفقر، يصطحب الطفل أيهم العلي (13 عاماً) خزاناً صغيراً (بدونة) يملؤه بالمازوت كل يوم وينقله من مناطق عفرين إلى إدلب سيراً على الأقدام، ليكسب من خلاله مبلغ ٣٠ ليرة تركية يصرفها في تأمين الخبز لأمه وإخوته القابعين في مخيمات النزوح.

ويقول أيهم لـ"أورينت نت"، "لقمة مغمّسة بالدم"، مضيفاً أنه كثيراً ما يتعرض للملاحقة من قبل عناصر هيئة تحرير الشام، وينجح في الهروب منهم في كل مرة، فيما يضطر أحياناً للتخلي عن الخزان من أجل القدرة على الركض والهرب منهم ليصادروا “البادون” ويخسر بذلك مرابح أربعة أيام متتالية.


ويقول "لكنني ومع كل ما أواجهه من متاعب لست عازماً على ترك هذه المهنة، وإلا سنموت جوعاً أنا وأخوتي دون أن يلتفت إلينا أحد".

وبتاريخ 10 فبراير/ شباط الماضي، قُتِلت فاطمة عبد الرحمن الإسماعيل البالغة من العمر (30 عاماً) والمنحدرة من بلدة سفوهن على معبر دير بلوط بطلقة في الرأس أودت بحياتها من قبل عناصر هيئة تحرير الشام، أثناء محاولتها تهريب “بادون” من المازوت لإعالة أطفالها الأيتام الأربعة.

وتسببت الحادثة بموجة غضب عمّت مخيمات إدلب الشمالية، سرعان ما أخمدت هيئة تحرير الشام لهيبها عبر تفرقة المتظاهرين والتوعد بمحاسبة المسؤولين عن الحادثة، فيما لم يُقَدّم الفاعل إلى القضاء ولم يُحاسب حتى اللحظة.

 

أفعال مقصودة

 

من جانبها، رجّحت مصادر محلية أن ما فعلته الهيئة كان مقصوداً، حين أقدمت على إطلاق النار على المرأة في محاولة منها لترهيب الأهالي، ومنع عملياتها التهريب من ريف حلب إلى ريف إدلب الواقعة تحت سيطرتها.

ورغم تحديد شركة وتد التابعة لهيئة تحرير الشام أسعار المحروقات بالدولار الأمريكي لتثبيت أسعارها، إلا أن الأسعار لا تزال تحلق في ارتفاع يومي، ضاربة أوضاع المدنيين المتردية عرض الحائط.


وفي شهر كانون الثاني الماضي، كشف تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن "هيئة تحرير الشام" منذ تأسيسها تحت اسم"جبهة النصرة" عام 2012، مستمرة حتى الآن في ارتكاب أنماط مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها عمليات قتل وتعذيب، فضلاً عن انتهاكات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات