ثلاثة عوامل غيّرت موقف الرئيس الأمريكي من الرياض.. هل يزور بايدن السعودية؟

ثلاثة عوامل غيّرت موقف الرئيس الأمريكي من الرياض.. هل يزور بايدن السعودية؟

قالت مصادر مطلعة في واشنطن إن مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران تعرضت لانتكاسة خلال اليومين الماضيين بعد التقدم الكبير الذي حققته، ما يمكن أن يؤثر على جدول أعمال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي كشفت وسائل إعلام أمريكية عن رفض قادة السعودية والإمارات الردّ على اتصال هاتفي طلبه البيت الأبيض.

وكان صحفيون وسياسيون أمريكيون قد تحدثوا عن ترتيبات يتم الإعداد لها من أجل زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط، تشمل إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودولاً أخرى، من أجل "طمأنة الحلفاء" حول الاتفاق مع إيران، وتعويض النقص الحاد في مصادر الطاقة الذي تسببت بها العقوبات الواسعة التي فُرضت على روسيا مؤخراً نتيجة هجومها على أوكرانيا.

 

علاقات متوترة

الحديث عن زيارة محتملة للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط لا يبدو مستغرباً، لكن إدراج الرياض على جدول الزيارة أثار جدلاً واسعاً بالنظر إلى العلاقة المتوترة بين السعودية والولايات المتحدة منذ وصول بايدن إلى الرئاسة.


وكان الرئيس الأمريكي قد انتقد السعودية بشدة في مستهل فترته الرئاسية مطلع عام 2012، بسبب حرب اليمن وسجلها الحقوقي، فأكد على تقييد صادرات السلاح للمملكة، بل وهدد بالتضييق على الرياض، في موقف بدا أنه ينسجم وتوجهات اليسار الديمقراطي الأمريكي الذي يتمتع بنفوذ كبير في واشنطن حالياً.


ومنذ ذلك الوقت شهدت العلاقة بين الجانبين فتوراً شديداً، وظهر ذلك جلياً مع تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلته مع مجلة ذا أتلانتك الأمريكية الأخيرة، حيث اعتبر أنه لا ينتظر شيئاً من بايدن.

إلا أن اللافت والصادم ما كشفته صحيفة وول ستريت الأمريكية يوم الأربعاء عن رفض الرياض وأبو ظبي طلب البيت الأبيض إجراء مكالمة مع الرئيس جو بايدن.

الصحيفة ونقلاً عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين كبار كشفت أن هدف الاتصال كان بحث تقديم دعم دولي لأوكرانيا، وضبط أسعار النفط في العالم، مشيرة إلى أن طلب البيت الأبيض إجراء الاتصال لم يُقابل بالاستجابة من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.


لكن التوتر في العلاقة بين السعودية، ومعها كذلك حلفاء رئيسيون في المنطقة، مثل الإمارات ومصر، منذ تسلم بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، كانت قد بدأت تجلياتها منذ صيف العام الماضي، مع توقيع الدول الثلاث صفقات أسلحة مع روسيا والصين.


ولاحقاً تسبب اندفاع الإدارة الأمريكية لتوقيع اتفاق نووي جديد مع طهران بمخاوف إضافية لدى هذه الدول، بالإضافة إلى جانب إسرائيل، لكن المؤشر الأهم على تردي العلاقات بين الرياض وأبو ظبي تحديداً وبين واشنطن تجلى في إزالة الأخيرة جماعة الحوثي اليمنية من على قوائم الإرهاب، وردّ فعلها الباهت على القصف المتكرر للجماعة الذي استهدف عدة مناطق مدنية في البلدين الخليجيين اللذين لطالما اعتُبرا من أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

 

ردة فعل

وشكلت أزمة أوكرانيا مناسبة لكي ترد السعودية والإمارات على الموقف الأمريكي "العدائي" تجاههما، حيث رفضت الأولى زيادة إنتاج كميات النفط، بينما امتنعت الثانية عن التصويت ضدّ روسيا في مجلس الأمن غداة هجومها على أوكرانيا، الأمر الذي اعتبرته صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها "فشلاً أمريكياً في إقناع الحلفاء باتخاذ موقف قوي من روسيا".

 

الصحيفة نقلت عن مسؤول أمريكي قوله قبل أسبوع "إن الرد الدبلوماسي في الشرق الأوسط على الغزو الروسي لأوكرانيا كان حذراً أكثر مما كانت تأمله واشنطن". لكنه استدرك بأن الجهود مستمرة خلف الكواليس للتوصل إلى اتفاق مع الحلفاء هناك "بشأن تهدئة أسواق الطاقة وتجنب الهزات فيما لو أطال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حملته العسكرية على أوكرانيا".

 

حراك أمريكي

وحسب الصحيفة فإن المسؤول الأمريكي أكد أنه "يتم التركيز على أن المحادثات التي تُجرى على مستويات عالية بهدف التأكد من التنسيق المشترك وفهم تحركات كل طرف منا".


تصريحات المسؤول الأمريكي تنسجم مع الحديث عن اتصالات أجراها مسؤولون في البيت الأبيض والخارجية مع قادة السعودية والإمارات من أجل إقناعهم بتغيير مواقفهم، مع وعود بإعادة النظر في العلاقات الثنائية، الأمر الذي أدى بالفعل إلى بعض النتائج التي لا تزال محدودة رغم ذلك، حيث عادت الإمارات وصوتت لصالح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما أبدت السعودية انفتاحاً مشروطاً على زيادة إنتاج النفط الذي بلغت أسعاره أرقاماً قياسية لم تسجل منذ عام 2008، عشية الهجوم الروسي على جورجيا.


المطلوب أكثر


لكن ذلك لم يكن كافياً على ما يبدو بالنسبة للأوساط الأمريكية التي ألحت طيلة الأسبوع الماضي من أجل إقناع الدول الرئيسية المصدّرة للنفط لزيادة إنتاجها، لكن العائق أن هذه الدول تشهد علاقاتها توتراً مع الولايات المتحدة، وفي مقدمتها السعودية وفنزويلا، ما دفع بايدن إلى الطلب من مسؤولي إدارته التواصل مع هذين البلدين من أجل تليين موقفهما، بالتزامن مع رغبته بإنجاز الاتفاق النووي مع إيران تمهيداً لعودتها إلى سوق الطاقة.


مصادر سورية أمريكية في واشنطن كشفت لـ"أورينت نت" أن الموقف المتشدد الذي أبدته السعودية وإسرائيل فيما يخص الاتفاق النووي مع إيران، دفع مسؤولين في الإدارة الأمريكية إلى تقديم اقتراح لبايدن بأن يقوم بزيارة للبلدين من أجل طمأنة مخاوفهما وشرح بنود الصفقة بشكل كامل، لكن هذا المقترح الذي حظي بموافقة مبدئية، حسب المصادر، تم تعليقه مؤقتاً بسبب انتكاسة في المفاوضات مع طهران خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة بعد أن كان الاتفاق على وشك التوقيع.

 

تدخل روسي


وبينما لم يتم الكشف عن تفاصيل التطورات التي عرقلت المضي قدماً في الاتفاق النووي، يعتقد مراقبون أن روسيا تدخلت للضغط على إيران في اللحظات الأخيرة من أجل عدم اتخاذ هذه الخطوة التي تمثل ضربة إضافية لموسكو التي تواجه عزلة كبيرة وعقوبات غير مسبوقة.


وكان المسؤول الإيراني السابق حشمت الله فلاحت بيشه، قد أكد "أن إيران تعرضت لخدعة من روسيا" كاشفاً عن تأخير متعمد من جانب طهران في توقيع الاتفاق النووي بطلب من روسيا.


وقال: “لو وقعت إيران على الاتفاق النووي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، لتحولت اليوم إلى مركز العرض والطلب في أسواق الطاقة العالمية الجديدة”.


وأضاف “فلاحت بيشه” في حديث لصحيفة "أرمان ملي" الإيرانية قبل أسبوع: إن الروس ما كانوا ليسمحوا بتوقيع الاتفاق النووي قبل الهجوم على أوكرانيا، وسوف يبيعون هذا الاتفاق لاحقاً لعقد صفقة مع الغرب حول أوكرانيا على حساب إيران ومصالحها.

 

الحل النفطي في السعودية

 

لكن الدبلوماسي السوري المنشق بسام بربندي يرى أنه حتى لو تم توقيع الاتفاق النووي الآن فإن الحضور الإيراني في سوق الطاقة لن يعود للفاعلية قبل ستة أشهر، مشيراً إلى أن الخيار الوحيد المتاح أمام أمريكا وأوروبا لزيادة العرض من النفط في السوق العالمية هو السعودية.


وأضاف في تصريح لـ"أورينت نت" :"شعبية الرئيس بايدن ليست جيدة في الوقت الحالي، وانتخابات التجديد النصفي بعد أشهر فقط، وكل هذه العوامل تضغط على الديمقراطيين للسيطرة على أسعار النفط، والسعودية هي الدولة الوحيدة القادرة على تهدئة مخاوف السوق، أما إيران وفنزويلا فحتى لو سارت الأمور معهما بشكل جيد فإن عودتهما للسوق تتطلب ما لا يقل عن نصف عام.


ومع ذلك فإن بربندي، المقيم في الولايات المتحدة، يعتقد "أن الأمريكان سوف يفكرون ملياً قبل اتخاذ القرار بزيارة بايدن للسعودية أو لقاء المسؤولين السعوديين في بلد ثالث، وأن هذا سيحصل فقط عندما تكون الرياض هي الحل الوحيد لهذه الأزمة".

 

مطالب السعودية


من جانبه يرجح المحلل السعودي مبارك العاتي زيارة بايدن إلى الرياض قريباً، مؤكداً أن الترتيبات الأولية لها قائمة، وذلك "في إطار سعي الإدارة الأمريكية حالياً من أجل إعادة العلاقات مع السعودية إلى مسارها الصحيح، مع إدراكها أن المملكة تغيرت كثيراً".

ويقول في حديث لـ"أورينت نت": السعودية باتت تقدم بشكل أكبر مصالحها الوطنية، وأصبحت منفتحة على إقامة شراكات وعلاقات مع قوى أخرى هي في موقف الندّ للأمريكان مثل الصين وروسي

ويضيف: الإدارة الأمريكية ترتب من أجل زيارة للرئيس بايدن إلى السعودية بالفعل، لكنني على يقين أن عودة العلاقات بين الجانبين كما كانت من قبل لن تحدث بمجرد هذه الزيارة، نظراً لأن المملكة لديها العديد من المطالب التي تريد تحقيقها قبل ذلك.

العاتي يرى أن الإدارة الديمقراطية "التي اتخذت مواقف سلبية تجاه الرياض، أدركت اليوم مدى الحاجة للسعودية بعد ارتفاع أسعار النفط نتيجة الأزمة الأوكرانية، واقتراب انتخابات التجديد النصفي في تموز يوليو المقبل"، كما يضع المقابلة التي أجرتها مجلة ذا أتلانتك مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قبل أيام، في إطار تحضير الرأي العام لزيارة بايدن إلى المملكة، وهو الأمر الذي لم يكن مطروحاً من قبل كما هو معروف.

بل إن “العاتي” ذهب أبعد من ذلك حين أكد "أن بايدن سوف يسمع في الرياض ما لم يسمعه أي مسؤول أمريكي من السعودية قبل ذلك، لأن المملكة لديها مسؤوليات غير مسبوقة اليوم، سواء على الصعيد الوطني أو على صعيد ملفات المنطقة بشكل عام، خصوصاً أن بايدن هو من بادر بإعلان العداء تجاه الرياض قبل تسلمه الرئاسة وبعد ذلك"، وأنه إذا أرادت واشنطن أن تستجيب السعودية لمطالبها "فعلى أمريكا أن تستجيب أيضاً لمطالب السعودية، وخاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني ونشاطات طهران المزعزعة في المنطقة، وكذلك صفقات الأسلحة الدفاعية التي كانت السعودية قد تعاقدت حولها مع الولايات المتحدة".


حتى الأمس القريب لم يكن بالإمكان طرح ملف العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة على طاولة الرئيس الأمريكي جو بايدن بسبب موقف الأخير المتوتر من الرياض، لكن ارتفاع أسعار النفط والحاجة الماسة إلى دعم الموقف الغربي ضد روسيا والعمل على إنجاز اتفاق نووي جديد مع إيران يبدو أنها عوامل لعبت دوراً حاسماً في تغيير هذا الموقف إلى حد الحديث عن زيارة يمكن أن يجريها بايدن إلى الرياض من أجل إعادة الحرارة إلى العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وهو الأمر الذي لا يبدو أن الرياض وأبو ظبي مستعجلتان عليه الآن.

التعليقات (5)

    بسام فياض

    ·منذ سنتين شهر
    وشو بالنسبة للإمارات وبشار الاسد؟؟؟؟

    بسام

    ·منذ سنتين شهر
    ما حدا خبرنا شو رأيكم باستقبال بشار الأسد في الإمارات؟؟؟؟؟

    SOMEONE

    ·منذ سنتين شهر
    هذا الصبي المراهق الأهبل الذي يحكم المهلكة السعودية(أبو منشار) ماكان ليصل للحكم لولا المخابرات الأمريكية و هو ماصرح به علناً الرئيس الأمريكي السابق ترامب. و التعامل مع أمريكا له قواعد و اللعب ضد مصالح أميريكا لايمكن أن يُغتفر فكأن هذا التافه يحفر قبره بيده!!!

    بسام فياض

    ·منذ سنتين شهر
    شو صايرة ممنوعة التعليقات

    ننننن

    ·منذ سنتين شهر
    ممنننتت
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات