نموت ببطء.. لاجئون سوريون يروون معاناتهم في مراكز الترحيل بالدنمارك

نموت ببطء.. لاجئون سوريون يروون معاناتهم في مراكز الترحيل بالدنمارك

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مقال مطول لها وضع اللاجئين السوريين في الدنمارك والمخاوف والضغوط الكبيرة التي يتعرض لها بعد أن قررت السلطات الدنماركية أنه من الآمن لهم العودة إلى ديارهم وقامت بسحب تصاريح إقامتهم.

وتحت عنوان "لا يمكن لهؤلاء اللاجئين البقاء في الدنمارك، لكن لا يمكن إعادتهم إلى ديارهم" روى الكاتبان (إليان بلتيير وياسمينا نيلسن) معاناة أحد السوريين ويدعى (هيثم كردي) يبلغ من العمر 61 عاماً، حيث لايزال منذ ما يقرب من ستة أشهر محبوساً في مركز للترحيل بالدنمارك، الأمر الذي أدى لإصابته بالاكتئاب الحاد وأصبح لا يأكل إلا نادراً، إضافة الى حدوث تشنجات لا إرادية وبدأ يتحدث إلى نفسه بحسب أقربائه.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن اللاجئ "هيثم" فرّ من سوريا عام 2015 بعد ابنه محمد الذي وصل قبله بعام، ثم حصل على حق اللجوء المؤقت لكن السلطات ألغت تصريح إقامته في العام الماضي بعد أن قررت أنه من الآمن له ولآخرين من منطقة دمشق العودة إلى ديارهم.

من جهته قال هيثم الكردي خلال مقابلة أجريت معه من غرفته الصغيرة المتداعية في مركز (كايرشوفيد جارد) ببلدة إيكاست شمال الدنمارك: إن الوجود هنا يشبه الموت ببطء، مضيفاً أن احتمال العودة إلى سوريا مرعب أيضاً للغاية وأنه لن يعود أبداً.

 

إعادة إجبارية وخوف من الاعتقال

وتابعت الصحيفة الأمريكية أنه في عام 2019 بدأت الحكومة الدنماركية بإرسال رسائل لأكثر من 1200 شخص قادمين من دمشق تخبرهم فيها بأنه بعد منحهم تصاريح الإقامة تم إعادة تقييم وضع لجوئهم المؤقت ثم ألغت إقامات أكثر من 100 سوري واستنفدت عملية الاستئناف ما جعل بقاءهم في البلاد أمراً غير قانوني 

وبينت أنه تم إرسال بعضهم إلى مراكز ترحيل وإخضاعهم لرقابة مشددة،  لكن الحكومة لا تستطيع التنفيذ بسبب أنها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع نظام أسد لذلك انتهى الأمر بعشرات السوريين إلى البقاء في طي النسيان ومواجهة الاحتجاز إلى أجل غير مسمى مع تهديد الترحيل المعلق فوق رؤوسهم.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بإلغاء تصاريح الإقامة لبعض السوريين أصبحت الدنمارك أول دولة أوروبية تحكم بأنها لم تعد تستحق اللجوء على الرغم من المخاطر في بلدها، في حين يقول خبراء أمنيون وحقوقيون إن تقييم الدنمارك للوضع الأمني في منطقة دمشق يحرف بشكل صارخ مخاطر العودة بينما يظل (الديكتاتور بشار الأسد) في السلطة، ويقوم نظامه بابتزاز وتعذيب وارتكاب أعمال عنف جنسي وإخفاء قسري للعائدين.

 

انتقادات وردود رسمية

وبحسب "إريك هانسن" المحامي المقيم في كوبنهاغن والذي يمثل اللاجئ "هيثم كردي" فإن موكله محتجز  كرهينة من قبل السلطات الدنماركية، موضحا أن الحكومة بهذا التصرف ترسل رسالة إلى العالم مفادها أن الدنمارك هي أسوأ مكان يذهب إليه طالبو اللجوء السوريون. 

أما المتحدث باسم الحكومة "راسموس ستوكلوند" فقال: إنه لا ينبغي إعادة أي سوري- إذا كان يواجه خطراً مؤكداً_كما يحق لجميع السوريين الذين تم إبطال تصاريح إقامتهم استئناف القرار، حيث تحكم هيئة من ثلاثة قضاة في كوبنهاغن بشأن هذه الطعون.

 

مخاطر أخرى قادمة 

وفي توصيفه للوضع قال "توماس هانسن" الأستاذ في قانون اللاجئين بجامعة كوبنهاغن: إن هدف الدنمارك هو ردع طالبي اللجوء عن القدوم أو الإقامة، موضحا أن الردع غير المباشر استجابة منهجية من الدول الأوروبية فيما يتعلق بالأزمة السياسية الحالية بشأن اللجوء في أوروبا حيث كانت الدنمارك في مقدمة المرشحين ومصدر إلهام للآخرين بحسب ادعائه. 

وتابع أنه يمكن لمعظم السوريين الذين حصلوا على تصاريح إقامة في الدنمارك البقاء في الوقت الحالي، لأن الإجراءات تؤثر فقط على القادمين من منطقة دمشق، مؤكدا أن السلطات الدنماركية تعيد الآن تقييم الوضع الأمني في أجزاء أخرى من سوريا ما يعني أن آلافاً آخرين قد يتعرضون للخطر.

 

قبول الطعون وإعادة حق اللجوء 

وكانت وزارة الهجرة الدنماركية بينت في وقت سابق أن ما يقرب من 400 سوري عادوا إلى ديارهم طواعية وعرض عليهم 30 ألف دولار للمغادرة، كما أن من بين أكثر من 250 سورياً تم إلغاء تصاريح إقامتهم وقدّموا طعوناً، نجح أكثرهم في إعادة حق لجوئه.

وأشارت إلى أنه من بين الذين فازوا بالاستئناف، اللاجئ "سامي الدياب" 50 عاماً والذي يعمل بأحد المصانع جنوب الدنمارك حيث قدم إلى البلاد عام 2014 ثم انضمت إليه زوجته وأطفاله الخمسة بعد عام واشتروا منزلاً في عام 2019، قبل أن يلغى في وقت سابق تصريح إقامته.

 

حالات ترحيل أخرى 

وفي حديثها للصحيفة الأمريكية أكدت "غالية العسه" التي فرت من سوريا عام 2015 مع أحد أشقائها ويعيشان في منزل والديهم في هيلسينجور، أنه تم إخطارها بالمغادرة قريبًا من الدنمارك.

وبالنسبة لأسماء الناطور 51 عامًا وزوجها عمر فقد أرسلا إلى مركز لجوء في بلدة هولستبرو الشمالية، في وقت تلقوا فيه عشرات بطاقات الدعم من الناس في "رينغستيد"  المدينة التي كانوا يعيشون فيها، كما أكدت أنها لن نعود أبداً طالما بقي بشار الأسد هناك وقامت بتقديم طعن بقرار ترحيلها. 

 

القمامة تنتشر بمراكز ترحيل 

وبينت نيويورك تايمز خلال وصفها مراكز الاحتجاز أن مركز (كيرشوفيدجارد) الذي يحتجز فيه هيثم كردي، يضم نحو 250 شخصًا بعضهم ينتظر الترحيل إلى دول أخرى غير سوريا، كما يسمح للمحتجز بالمغادرة مرتين في الشهر لمقابلة أسرته أو محاميه، واصفة المركز بأن بعض المناطق المشتركة فيه امتلأت بالقمامة وانتشر في مركز آخر الفئران بحسب صور وثقها المحتجزون.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات