انتزاع الأطفال من أسرهم: من جيش إسبارطة إلى "جيوش" السوسيال

انتزاع الأطفال من أسرهم: من جيش إسبارطة إلى "جيوش" السوسيال
هل هو الإفلاس الأخلاقي أم الهندسة الاجتماعية الأوروبية وريثة الخيار الإسبارطي ما يمكن أن توصف به ممارسات مصلحة السوسيال في السويد وعدة من دول أوروبا تجاه اللاجئين الجدد وأطفالهم؟ 

فقبل أربعة وعشرين قرناً اشتهرت إسبارطة إحدى مدن الدولة اليونانية بنموذجها الشهير لصناعة الجيوش التي لا تُقهر، الذي بمقتضاه يُترك فيه الأطفال حديثو الولادة في العراء لعوامل الطقس والجوع مدة من الزمن، بعد أيام يُترك الضعفاء منهم للموت في أسفل الوادي ويسلَّم الأقوياء الناجون إلى أهاليهم، وبعد سنوات سبع يفترض بالأهل أن يُسلموهم للدولة الإسبارطية فيساقون إلى معسكرات خاصة بهم للتربية القاسية في الطبيعة، يُفصلون بسببها عن أهلهم تماماً ليصبحوا بعد سنوات مؤهلين للدخول إلى معسكرات جديدة هي معسكرات الجيش الإسبارطي، يتدربون فيها على أشد الأساليب القتالية وحشيةً ليتخرجوا من بعد ذلك جنوداً ليس أقوياء فحسب، إنما أيضاً ليصبحوا أنصاف وحوش، أنصاف بشر . 

فما هو اختلاف جيش السوسيال الأوروبي عن نموذج إسبارطة، فالسوسيال لا يفتأ بعد انتزاعه أطفال اللاجئين -كما أطفال الأوروبيين الأصليين من زجهم في "أماكن" ولن نقول عند أسر أو عائلات- - لا تعرف الرحمة فيتركهم لمكابدة شتى أنواع الضغوط النفسية وربما يكونون -هم وحظهم- فرائس لأب غريب سكير أو معتوه أو مغتصب .

الخلية الأولى والوحيدة في المجتمع الأوروبي ليست هي الأسرة بل هي الدولة، والولاء للنظام وليس لأي شيء آخر، لا أسرة لا مجتمع لا دين. الولاء للنظام وما النظام سوى آلة ضخمة من المؤسسات تسيّرها قوانين لا تعرف رحمة أنتجتها عقول إلهُهَا المال وروحها المنفعة، والجدوى وقلبها الدقة والانتظام القاسي.. لكن أين العدالة حين يعامل الطفل كما البالغ، بل يعامل كما الحيوان لا فرق بينهما ،فقط لأنه لم يبلغ سن الرشد فيعامل ككائن لا عقل له ولا خيار ولا رأي ؟ كيف ينتزع طفل من حوض روحه ومائه وأوكسجينه؟ لمجرد صفعة أو صرخة؟ ليرمى بأسرةٍ لا تصفع ولا تصرخ ،لكن أسرة أشبه بثلاجة أو كومودينا أو جدار؟ 

هل الطفل هو قيمة عليا في المجتمع لدرجة أنه يعامل كما لو أنه رقم، كما لو أنه جندي في معسكر ،كما لو أنه موظف في مؤسسة ؟ ينقل من مكان إلى آخر بناء على المصلحة "مصلحته" التي تقررها الدولة" السوسيال" باعتباره ليس بالغاً عقلياً فالسوسيال هو من يتبرع ليفكر نيابة عن الطفل وأهله فيختار ماهو الأجدى له .. لكن ماذا عن مشاعر الطفل؟ عن نموه النفسي والروحي؟ 

يشتكي طفل ما، أن والده ضربه أو أن أمه صرخت في وجهه، وهو المسكين لا يعرف أن شكواه هذه سترميه في الجحيم وستجعله يدفع ثمناً باهظاً جداً . أليس هذا تضليلاً أيضاً للطفل واستغفالاً له؟ 

فلماذا إذاً يؤخذ طفل من أهله دون أن يؤخذ رأيه في ذلك؟ لماذا لا يخيّر بين أهله وبين أسرة جديدة؟ لماذا لا يوضع في أسرة جديدة قريبة له أو من وسطه الاجتماعي الثقافي؟ لماذا لا يوضع في أسرة جديدة لفترة اختبار ثم بعد ذلك يخيّر بين الاستمرار لفترة إضافية وبين العودة إلى أهله؟ 

وضعت قوانين السوسيال في أوروبا تبعاً للمجتمع الأوروبي، وهي لا تناسب بحال من الأحوال ثقافات مختلفة جذرياً عن هذا المجتمع، تعيش منذ عقود داخل حدود السويد وأوروبا. 

لا شك أن المكتب الخاص بسحب الأطفال من أهلهم داخل السوسيال تأسس بسبب تكرار حالات الاعتداء على الأطفال من قبل أهلهم، بداية من اعتداءات جنسية وصولاً إلى الضرب المتكرر، وذلك على الأغلب بسبب تفشي حالات الطلاق أو بسبب الخلافات المنزلية بين الأب والأم أو بسبب الإدمان على الكحول أو المخدرات أو بسبب أمراض نفسية أو عصبية يعاني منها أحد الوالدين ... هذا مفهوم، والمطلوب لمواجهة هذه الأسباب في كل مجتمع وجود مؤسسات تحرص على الأطفال وتنقذهم من الأجواء المدمرة لصحتهم النفسية ... لكن هذا يجب أن يحدث بالاتفاق بين الطفل والمؤسسة بين الأهل والمؤسسة وبالتدريج وبعد اختبارات متتالية .. وفي شروط عادلة تضمن أن ينشأ الطفل في أسرته الجديدة نشأة أفضل وليس أسوأ، وتضمن له لو أراد زيارة أهله ومنحه معهم إمكانية بناء علاقة جديدة مبنية على التفهم وليس فقط على العاطفة الأبوية الأمومية الساحقة . وعلى اعتبار الطفل كياناً إنسانياً خاصاً وليس ملكية خاصة للأهل أو لعبة جميلة حيناً وكائناً لا يطاق حينا آخر .. كما يمنح الأهل خيار إعادة تأهيلهم التربوي عبر كورسات وورشات تعليم وتدريب خاصة بتربية الأطفال ..

هل يمكن تغيير قوانين السوسيال في أوروبا بسبب الجرائم النفسية الاجتماعية التي حدثت تجاه أسر وأطفال اللاجئين؟ بالطبع يمكن ويجب، فليس انتزاع الأطفال من أسرهم بالأمر النادر بل يبلغ عشرة آلاف حالة سنوياً في بلد مثل السويد يبلغ تعداد سكانه أربعة ملايين وثلاثمئة ألف إنسان .. 

والحقيقة ليست العبرة في النسبة والتناسب بين عدد الأطفال المنتزعين من أهلهم إلى عدد السكان، بل إن العبرة هي في ضرورة النظر إلى السويد كمجتمع تعددي مختلف الثقافات والأديان والقيم .. وبالتي لا بد من هيئات مدنية تعنى بهذا الأمر، كما اقترح بعض النشطاء العرب من جمعيات ثقافية وأسرية تتابع مثل هكذا موضوعات ولا بأس من تأسيس سوسيال لكل جالية يعنى بتسيير أوضاعها أمام السوسيال العام ويكون مسؤولاً عنها من الناحية الاجتماعية والأسرية على الأقل ..

التعليقات (5)

    صابر محمود

    ·منذ سنتين شهر
    أنقلعو

    HOPE

    ·منذ سنتين شهر
    مع احترامي لراي الكاتب الا ان المقال فيه الكثير من المغالطات .. هذا المقال يندرج تحت بند تاجيج المشاعر والعاطفه عند الاسر من اصول عربيه والذي يدفعها للتصرف عن غير ادراك ضد مصلحتها و مصلحة ابناءها .. بداية عدد سكان السويد 10 مليون وليس 4.3 مليون .. عدد حالات انتزاع الاطفال من اهلهم في كل السويد خلال 2021 لم يزد عن 24000 حاله .. اضافة لعدد اخر من المعلومات الغير دقيقه.. يجب على اصحاب القلم والفكر ان يكونو مسؤولين اكثر فهم لا يكتبوا على وسائل التواصل حيث يختلط الحابل بالنابل ... الاعلام مسؤوليه و ليست لعبه .. ارجو تحري الدقه.

    HOPE 1

    ·منذ سنتين شهر
    ان ما يتم نشره والموجه حصرا للجاليه العربيه والمسلمه في السويد للاسف يفتقد للكثير من المصداقيه. قوانين السوسيال ليست كامله ولكن من الاهل من يتحمل المسؤوبيه المباشره عن فقد اولاده. ان قوانين الوسيال ليست موجهه لعرقيه دون اخرى واذا وجدت تجاوزات فان السويد دولة قانون وليست من جمهوريات الموز.. تاجيج مشاعر العرب في السويد و دفعهم للتظاهر الغير مسؤول عاقبته لن تكون في مصلحتهم .. ارجو التروي في ردة الفعل وليكن عقلنا قبل مشاعرنا حاضرا في هذه المساله.

    HOPE 1

    ·منذ سنتين شهر
    ان ما يتم نشره والموجه حصرا للجاليه العربيه والمسلمه في السويد للاسف يفتقد للكثير من المصداقيه. قوانين السوسيال ليست كامله ولكن من الاهل من يتحمل المسؤوبيه المباشره عن فقد اولاده. ان قوانين الوسيال ليست موجهه لعرقيه دون اخرى واذا وجدت تجاوزات فان السويد دولة قانون وليست من جمهوريات الموز.. تاجيج مشاعر العرب في السويد و دفعهم للتظاهر الغير مسؤول عاقبته لن تكون في مصلحتهم .. ارجو التروي في ردة الفعل وليكن عقلنا قبل مشاعرنا حاضرا في هذه المساله.

    HOPE 1

    ·منذ سنتين شهر
    ان ما يتم نشره والموجه حصرا للجاليه العربيه والمسلمه في السويد للاسف يفتقد للكثير من المصداقيه. قوانين السوسيال ليست كامله ولكن من الاهل من يتحمل المسؤوبيه المباشره عن فقد اولاده. ان قوانين الوسيال ليست موجهه لعرقيه دون اخرى واذا وجدت تجاوزات فان السويد دولة قانون وليست من جمهوريات الموز.. تاجيج مشاعر العرب في السويد و دفعهم للتظاهر الغير مسؤول عاقبته لن تكون في مصلحتهم .. ارجو التروي في ردة الفعل وليكن عقلنا قبل مشاعرنا حاضرا في هذه المساله.
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات