وأجرت بعض الصحف والمواقع الإعلامية التي في أغلبها تابعة لأحزاب المعارضة التركية المعادية للسوريين، مقارنة غير منصفة بين المواطنين الأوكرانيين بما فيهم النساء الذين يقاتلون في صفوف الجيش لمحاربة الغزو الروسي لبلادهم وبين اللاجئين السوريين الذين قدموا إلى تركيا ويعيشون حياة مرفّهة تاركين واجب الدفاع عن بلدهم، على حد قول هذه الصحف.
ونشرت صحيفة "يني جاغ" مقالا بعنوان (بينما كان رجال سوريون يفرون من الحرب ويدخنون الشيشة على شواطئنا، ماتت الجندية الأوكرانية إيرينا تسفيلا من أجل وطنها)، فيما عنون موقع إخباري شهير (haber ay) في مقال له (بينما يفر رجال سوريا من الحرب ، تدافع نساء أوكرانيا عن أراضيهن) في مسعى منهما إلى بث الكراهية بين المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين، ووصم السوريين بالجبن وعدم حبهم لبلادهم.
واستشهدت المواقع المحرضة بصور قديمة لكلا الجانبين في محاولة منها للربط بين الوضع الحالي في أوكرانيا التي تشهد غزواً خارجياً من قبل روسيا والتي يقف فيها رئيسهم "فولوديمير زيلينسكي" في صفوف الشعب يداً بيد ضد المحتل الروسي بدعم من معظم دول العالم وفي مقدمتها أوروبا وأمريكا، وبين الوضع المأساوي للشعب السوري الذي نكّل به نظام حكمه عشرات السنين بيد من الحديد والنار وسانده قوى إقليمية ودولية على رأسها روسيا وإيران، فيما تخلى عن هذا الشعب، المجتمع الدولي وما يسمى أصدقاء الشعب السوري.
ففي الثورة السورية التي دخلت عامها الحادي عشر ، لم يوفر بشار الأسد وميليشياته المجرمة وحلفاؤه الروس والإيرانيون وميليشيا حزب الله أي جهد للانتقام والتنكيل بشعب أعزل عبر قتل وتدمير ممنهج للمدن وإخفاء قسري وقتل للمعتقلين، إضافة إلى استخدامه كافة أنواع الأسلحة المحرّمة دولياً وفي مقدمتها السلاح الكيماوي والقنابل العنقودية والبراميل المتفجرة، بعكس المشهد الذي نراه حالياً في أوكرانيا حيث تتجنب أطراف النزاع المباني والمنشآت المدنية.
ويجب على من يريد المقارنة بين الحرب الأوكرانية والحرب السورية ألا يُغفل نقطة مهمة وهي أن الأوكرانيين يدافعون مع حكومة بلادهم وفي مقدمتهم الرئيس عن بلدهم ضد عدو خارجي وهم الروس، أما السوريون فقد تعرضوا للقتل والقصف من قبل نظام كان يحكمهم ولم يكتفِ باستخدام الجيش للقضاء على الذين خرجوا ضده بل استعان بدول أخرى وميليشيات ومرتزقة من مختلف الجنسيات، علما أن معظم دول العالم اكتفت بالتصريحات الفارغة وبمشاهدة محرقة السوريين على عكس ما نشاهده حاليا من تقديم عتاد عسكري لأوكرانيا وفي مقدمتها مضاد الطيران، وهذا ما دفع أعدادا كبيرة من السوريين للهرب بعد أن شعروا بأن مصيرهم سيكون الموت على يد نظام مجرم لأنه من غير المعقول أن يتصدى المقاتل لطائرة حربية بوساطة بندقية.
وفي الوقت الذي سجلت فيه الأمم المتحدة دخول أكثر من 150 ألف لاجئ أوكراني إلى دول الجوار خلال 3 أيام فقط، في حين أعلنت مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي اليوم بأن 300 ألف لاجئ أوكراني دخلوا إلى الاتحاد الأوروبي هرباً من القصف الروسي، بينما لم يغارد سوريا سوى 15 ألف لاجئ سوري إلى تركيا في السنة الأولى للثورة وليس في الأيام الأولى، في حين أنه لغاية العام 2013 لم يتجاوز عددهم الـ 200 ألف.
تحذيرات أممية من العودة
ولم يلجأ السوريون إلى تركيا والبالغ عددهم نحو 3 ملايين و700 ألف إلا عندما دُمرت بيوتهم ومدنهم بالكامل في إبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلا، كما إنهم في كثير من الإحصاءات صرّحوا برغبتهم للعودة إلى سوريا وليس البقاء في تركيا، لكن خوفهم من إجرام نظام أسد وحلفائه وخاصة الروس لا يترك لهم الكثير من الخيارات.
وبالمثل حذرت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية والإنسانية من أن العودة إلى سوريا تشكل حالياً خطراً كبيراً على اللاجئين، كما وثقت في تقرير مطول لها عشرات الحالات لعائلات ولاجئين عائدين تعرّضوا للقتل والسجن والتعذيب والاغتصاب بينهم نساء وأطفال، الأمر الذي لا تلتفت له تلك الصحف والمواقع الإعلامية خلال حديثها عما سيواجهه اللاجئون إذا عادوا لوطنهم.
دور المرأة السورية في الثورة
وبالنسبة لقضية مشاركة النساء الأوكرانيات في القتال دفاعاً عن بلدهم، فتعمدت تلك الصحف والمواقع الإيحاء بأن النساء اللواتي يحملن السلاح هن مواطنات عاديات على الرغم من أن نسبة النساء في الجيش الأوكراني تجاوزت 17 بالمئة، فالصور الملتقطة هي لمقاتلات يعملن في الجيش النظامي ولسن جميعهن متطوعات كما تريد تلك المواقع أن توحيه.
مع العلم أن المرأة السورية وقفت في الصفوف الأولى بالثورة سواء خلال المظاهرات الشعبية المناهضة لحكم نظام أسد أو خلال انتقال الثورة إلى المرحلة العسكرة، حيث تطوع العديد من السوريات للقتال دفاعاً عن العِرض والأهل، كما عمل الكثير منهم في الإنقاذ وإسعاف الجرحى وتقديم المساعدة للمحتاجين.
التعليقات (10)