المغرب يشيّع أحد أدبائه الكبار: إدريس الخوري.. تسكّع واستنطقَ المجهول

المغرب يشيّع أحد أدبائه الكبار: إدريس الخوري.. تسكّع واستنطقَ المجهول
عن عمر يناهز الثلاثة والثمانين عاماً، شيع الوسط الثقافي المغربي أمس القاص والأديب المغربي البارز إدريس الخوري الذي رحل أمس الأول بعد إصابته بوباء كورونا حيث ووري الثرى بمقبرة (سيدي بلعباس) في مدينة (سلا) المغربية غرب البلاد. 

حضور إبداعي كبير 

وكان اتحاد كتاب المغرب قد نعى الراحل إدريس الخوري في بيان له بالقول "عُرف فقيد الإبداع المغربي بحضوره الإبداعي الكبير على مستوى كتابة القصة القصيرة تحديداً التي ظل وفياً لها إلى أن توفاه الأجل". وأضاف الاتحاد أن "بوفاة الكاتب الخوري يكون المغرب قد فقدَ إنسانا نادراً واستثنائياً وكاتباً كبيراً ومبدعاً رفيعاً وملتزماً وصديقاً وفياً للشعب المغربي بمختلف شرائحه الثقافية الاجتماعية".

وعلى حسابه في موقع فيسبوك نعى رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الرحيم العلام الراحل إدريس الخوري ووصفه بـ"أحد أعمدة الأدب المغربي".

أما بيت الشعر في المغرب فقد نعى الخوري في بيان له جاء فيه: "حزن في الرأس والقلب، ذلك ما نشعر به جميعا لفراق با إدريس" في إشارة إلى لقبه الذي اشتهر به.

الثقافة الشعبية ونظيرتها الأوروبية

ولد الكاتب الراحل عام 1939 في مدينة الدار البيضاء، حيث عمل صحفيا بجريدة "المحرر" التي أُغلقت وعادت للظهور باسم  "الاتحاد الاشتراكي" ثم في مجلة (البلاغ) المغربية، وانضم نهاية ستينيات القرن الماضي إلى اتحاد كتاب المغرب.. وعن نشأته الأولى يقول في أحد حواراته الصحافية: 

"ولدتُ في النصف الثاني من سنة 1939 بحي درب غلف الشعبي، قريبا من «المعاريف» الحي الأوروبي آنذاك. ففتحت عيني في نفس الوقت على الثقافة الشعبية ونظيرتها الأوربية. ترعرعت إذن في أسرة عمالية فقيرة جدا تتكون من خمسة إخوة وأخت واحدة هي فاطمة رحمها الله. نزحت إلى الدار البيضاء من سهول الشاوية، وبالضبط من «ولاد بنداوود» ". كما يذكر أن حبه للأدب نشأ من خلال عمله في بداية حياته في إحدى مكتبات الدار البيضاء:

 " كانت الدار البيضاء تعج بالمكتبات في الستينات من القرن الماضي. فمن يتذكر الآن «مكتبة الوحدة» لصاحبها عيسى اللبناني الذي كان رجلا طيبا، و«المركز الثقافي العربي» لعائلة نزار فاضل اللبنانية التي استقرت في درب الأحباس بشارع فيكتور هوغو إلى يومنا هذا. وقد اشتغلت معه كمساعد في مكتبته بين سنتي 1964و1965، وكان يعتبرني مثل ابنه فيدعوني إلى بيته ويعيرني العديد من الكتب التي كانت تعجبني. إنني مدين له بحبي للأدب ". 

قاص مجدد وصحافي وناقد تشكيلي

بدأ الخوري مشواره الأدبي شاعرا في مطلع الستينات، لكن سرعان ما اتجه إلى كتابة الخاطرة والقصة والمقالة. وله كتابات في إطار السرد الأدبي والنقدي والفني حول السينما والمسرح والتشكيل والرحلة والموسيقى والسياسة.

أصدر أولى مجموعاته القصصية عام 1973 تحت عنوان (حزن في الرأس والقلب) أتبعها بـ “ظلال” سنة 1977، ثم “البدايات” عام 1980 ثم “الأيام والليالي” في العام نفسه، ثم “مدينة التراب” في 1988 و“فضاءات دار الكلام” عام 1989 وثم “يوسف في بطن أمه” في 1994. إلى جانب أخرى في النقد التشكيلي أو الفني مثل "قريبا من النص بعيدا عنه"، و"كأس حياتي".

ويعدّ الخوري أحد الأسماء البارزة في الإبداع القصصي بالمغرب، فقد شكّل إلى جانب المبدعين الراحلين محمد شكري ومحمد زفزاف "ثلاثي الإبداع الأدبي" الذي خلّف صدى كبيرا داخل وخارج المغرب.. وفي هذا كتب الناقد والقاص التونسي حسونة المصباحي في شهادة له نشرت في مجلة (المسار) المغربية عام 2000: 

" إذا ما كان يحلو لمحمد شكري أن يقول إنه كاتب طنجة، نظرا لارتباطه الوثيق بهذه المدينة الشمالية، وإذا ما كان محمد زفزاف يميل إلى القول بأن الدار البيضاء هي المدينة التي تشغله أكثر من المدن المغربية الأخرى، مشكّلةً الفضاء المحبب للعديد من قصصه‘ فإن إدريس الخوري هو الطائر الرمادي الذي يطير على وجه أرض المغرب كلها، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، منتمياً إلى كل مكان فيها. إلى الدار البيضاء كما إلى الرباط، إلى فاس كما إلى مكناس، إلى طنجة كما إلى مراكش، إلى أصيلة كما إلى الصويرة، إلى ورزازات كما إلى تطوان؛ إنه كما يقول هو في أحد نصوصه البديعة عن الفضاءات: " علينا بالتسكع وقراءة المكتوب واستنطاق المجهول"   

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات