مشروع لحماية الأطفال في الشمال السوري: دعم الآباء من أجل الأبناء (صور)

مشروع لحماية الأطفال في الشمال السوري: دعم الآباء من أجل الأبناء (صور)
مع استمرار تردي الوضع الإنساني والاقتصادي لقاطني المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غرب سوريا، وظهور الآثار النفسية التي خلّفتها سنوات الحرب على الأطفال بشكل خاص، بدأت العديد من المنظمات والمؤسسات الإنسانية العمل على مشاريع تنموية تهدف إلى حماية الأطفال المتضررين ومساعدتهم.

وأدى ارتفاع تكلفة المعيشة وموجات الغلاء، مع ندرة فرص العمل وعدم قدرة أرباب الأسر على توفير أدنى متطلّبات العيش الكريم لعائلاتهم، إلى تسرّب الأطفال من مدارسهم والانخراط في سوق العمل، وممارستهم مهناً شاقة وخطيرة غالباً، مقابل أجور زهيدة، بهدف مساعدة أسرهم وزيادة مستوى الدخل.

محاولة السيطرة على عمالة الأطفال

في مخيمات ريف إدلب على الحدود السورية التركية، حصل "مجد" (طفل يبلغ عمره 11 سنة) على فرصة العودة إلى مقاعد الدراسة بعد العمل في بيع القهوة بالشوارع والأسواق التجارية، بعد التعرف إليه من قبل فريق منظمة "بنيان للإغاثة والتنمية" العاملة في الشمال السوري، الذي سارع إلى مقابلة والد الطفل ومنحه آلة لصنع القهوة السريعة كي يعمل بدلاً من ابنه.

وبحسب الطفل مجد، فقد اتجه إلى العمل لمساعدة والده على تأمين مصاريف العائلة، بعد توقف عمله في بيع "البوظة" (آيس كريم محلي)، ليبدأ دوامه منذ الصباح الباكر، مقابل جني ما يقارب سبع ليرات تركية يومياً.

تعتمد منظمة "بنيان" وغيرها من المؤسسات المنخرطة ضمن مشروع "حماية الأطفال المتضررين من الحرب وتقديم الرعاية" على معالجة هذا النوع من الحالات، من خلال دعم أرباب الأسر وتقديم المساعدة التي تضمن عودة أطفالهم إلى المدرسة، كما حصل مع والد مجد.

ويوضح مصطفى البكور العيسى (مشرف حالة في المشروع) أنه "بالنسبة لتعليم الأطفال هناك أمران يتم التعامل معهما كمعايير ضعف، الأول طفل منقطع والآخر طفل متسرِّب". مشيراً إلى أن المنقطع هو الذي تغيَّب عن المدرسة لمدة ١٥ يوماً متواصلة أو شهراً متقطعاً ولا يحضر إلا الامتحانات، أما المتسرِّب فهو الذي ترك المدرسة لمدة تتجاوز الحد المقرَّر للغياب فيتم فصله أو بسبب الرسوب المتكرر.

وقد تكون الأسباب التي تجعل التلاميذ يُضطرّون إلى ذلك، بحسب بكور، تتمثل بالنزوح والتشرد والفقر والانفصال عن الوالدين... الخ.

ويضيف في حديثه لـ"أورينت نت": الدعم المقدَّم لهذه الفئات، التي تعتبر في معظمها منقطعة عن الدراسة، يكون من خلال دعم مباشر للطفل ولمقدمي الرعاية من صندوق دعم الاحتياجات الطارئة (ECF)، أو عن طريق إحالة الطفل للخدمات المجانية المتاحة في المنطقة، مثل مشاريع سبل العيش أو خدمات الصحة والتعليم، أو خدمات تختص بالأسر ولمّ الشمل، بالإضافة إلى الدعم النفسي الاجتماعي والصحة العقلية أو خدمات الحماية الاجتماعية والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما يتم متابعة الحالة لتأمين السلامة والحماية وسهولة الوصول للخدمة اللازمة.

وبلغ عدد المستفيدين من هذا المشروع  "347" رجلاً و "289" امرأة، من أولياء أمر الأطفال المنقطعين الذي وصلت إليهم الفرق.

وحسب العيسى: "توجد في المشروع حملات للتوعية حول أهمية التعليم والعودة للمدرسة، كما يوجد مدارس تُعنى بالتعليم الرسمي أو غير الرسمي أو التعليم التعويضي، حيث يتم متابعة الطفل وإلحاقه بخدمات التعليم الرسمي بعد التحسن في التعليم التعويضي أو بالتزامن معه".

مشروع حماية الأطفال المتضررين

يعدّ مشروع حماية الأطفال المتضررين من النزاع ودعم مقدِّمي الرعاية، من المشاريع الأممية التي ترعاها وتموِّلها منظمة (اليونيسف/ UNICEf)، ويهدف إلى "وصول متزايد وأكثر إنصافاً للفتيان والفتيات، وإلى تدخّلات حماية الطفل ذات الجودة في المواقع المستهدَفة، بما يتماشى مع المعايير الدُّنيا لحماية الطفل في العمل الإنساني".

ويتم ذلك من خلال العديد من البرامج ومنها: الدعم النفسي الاجتماعي المنظم داخل المساحة الصديقة للطفل، والدعم النفسي الاجتماعي شبه المنظم من خلال الفريق الجوال، والتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة وغير المنفجرة، إضافة إلى إدارة الحالة والإحالة والتوعية حول الحماية من الإساءة والاستغلال الجنسيين.

"وتطبَّق هذه البرامج وتتابَع آلية تنفيذ الأنشطة بشكل فيزيائي على الأرض من قبل الفرق الجوالة المنتشرة أو عن طريق الإنترنت، حيث تجاوز عدد المستفيدين "6367" شخصاً من مختلف الأعمار".  

كما أكد محمود سليمان (قائد مشروع الحماية في منظمة بنيان) أن "المساحات الصديقة، تمثل المناطق الآمنة والخالية من كل أشكال الإيذاء على الصعد المادية والنفسية والاجتماعية".

ويقول: هناك العديد من الأنشطة الخاصة بالدعم النفسي، إذ نقدم برنامج "أنا أتعامل"، وهو عبارة عن سلسلة من الجلسات لدعم مرونة الأطفال ودمجهم في المجتمع، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود مشرف ومشرفة لتسهيل البرنامج على الأطفال من الجنسين.

ويضيف: "تنشط فرقنا الجوالة وتغطي جميع المناطق التي يشملها المشروع، حيث يوجد في كل مركز فريقان، فريق دعم نفسي خارجي للوصول إلى الأطفال غير القادرين على الوصول إلى المساحات الصديقة الثابتة، والفريق الثاني مهمته التعريف والتوعية بمخاطر الذخائر غير المنفجرة".

يأمل القائمون على مشروع حماية الأطفال المتضررين من النزاع ومساندة مقدمي الرعاية، أن يقدم فرصة جديدة للأطفال المستفيدين من نشاطاته في الشمال السوري، إلا أنهم لايُخفون أيضاً، عدم قدرتهم على الوصول إلى جميع الأطفال، بالنظر إلى غياب الدعم الكافي لهذا الغرض من جهة، وتآكل المساحات الآمنة من جهة أخرى، نتيجة استمرار حياة الحرب التي يشنها نظام أسد على السوريين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات