"الأنصار لا يفعلون".. صدمة قانونية وإعلامية بعد ترحيل عشرات السوريين قسريا

"الأنصار لا يفعلون".. صدمة قانونية وإعلامية بعد ترحيل عشرات السوريين قسريا
أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من الشبّان السوريين اللاجئين في تركيا، وهم يحتجون على قرار ترحيلهم بالإكراه إلى الأراضي السورية بعد أن تم اعتقالهم لأيام.

وأظهرت الفيديوهات مجموعة من الشبّان السوريين من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، وبينهم طلاب، وبعضهم الآخر حاصل على تصريح رسمي بالعمل في تركيا، وهم يحتجون على قرار ترحيلهم إلى سوريا، بعد أن تم اعتقالهم في ولاية إسطنبول.

ترحيل قسري

فور انتشار الفيديوهات سارعت "أورينت نت"، للتواصل مع بعض الجهات المعنية بملف السوريين في تركيا، وقامت أولا بالتواصل مع بعض الشبّان المرحّلين للاستفسار عن ظروف الترحيل التي تعرضوا لها.

وروى شاب يدعى "علي"، وهو طالب جامعي يدرس في جامعة "إسطنبول إسنيورت"، لـ"أورينت نت"، تفاصيل اعتقاله وترحيله مع العديد من السوريين : "اعتقلوني يوم الجمعة 21 كانون الثاني من ميدان إسنيورت بإسطنبول، كنت طالع من البيت ورايح على الجامعة، وقفني الأمن وطلب الهوية (الكمليك) مني، لكن لأن قيد الهوية بأضنة طلبوا مني أني أطلع على الباص".

وواصل علي حديثه بصوت يملؤه السخط على ما آلت إليه أحواله قائلا: "أعطيتهم بطاقتي الجامعية وأخبرتهم أني في طريقي إلى الامتحان، إلا أنهم أصروا على اعتقالي وترحيلي بالمرحلة الأولى إلى مركز هجرة توزلا حيث تم سجني هناك من 21 حتى 29 من الشهر الجاري".

وحول ظروف الاعتقال في السجن، أشار علي إلى أن "جميع من تم ترحيلهم يملكون أوراقا ثبوتية إلا أنها إما مقيدة خارج إسطنبول أو أذونات عمل"، مضيفا "تم حشر 13 شخصا في غرفة واحدة لا تتجاوز 3 أمتار على مدار 9 أيام، لقد كان الأكل سيئا جدا، وتعرضنا للإهانة من قبل بعض الموظفين هناك".

 وتابع "لقد كان تعسف في اعتقالنا.. تم إرسالنا إلى كيليس قرب الحدود مع سوريا وإجبارنا على البصم على أوراق ترحيلنا، الغريب أن ذلك تم بعد منتصف الليل خلال أقل من 4 ساعات حيث أجبرونا جميعا وعددنا حوالي 200 شخص على البصم، ولم نرَ أي منظمة تتبع للأمم المتحدة أو جهة حقوقية تدافع عن قضيتنا".

تعسف وطغيان على القانون

حول المسوغات القانونية لإجراء قرارات الترحيل الأخيرة، قال رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل إنه من حيث المبدأ يجب التأكيد على أن الترحيل بهذه الطريقة ووفق نفس الآلية المتبعة وعبر قرار أحادي من قبل دائرة الهجرة التي تكلف الشرطة بتنفيذه، هو أمر مخالف للقانون ولا يقدم ضمانات حقيقة للاجئين من أجل عرض مظلمتهم أمام القضاء.

 

وأضاف قرنفل لموقع "أورينت نت"، أنه "من المهم تفنيد كل حالة على حدة، حسب ما تابعت فإن أحد الشبّان يملك إذن عمل في إسطنبول ومقيد هويته في أنقرة، وهذا لا يمنحه الحق في السكن بإسطنبول دون نقل مكان إقامته إليها"، لافتا إلى أن "هذا متاح قانونيا وعدم فعله يعدّ مخالفة بالنسبة لدائرة الهجرة".

 

وواصل "هناك من المرحّلين حسب متابعتي من يملك هوية في إسطنبول، لكن قد يكون لديهم مخالفة في عدم تثبيت عناوينهم بدائرة الهجرة"، الأمر الذي دفع الشرطة لاعتقالهم.

وأكد قرنفل أن "ترحيل اللاجئين السوريين لهذه الأسباب غير قانوني لمجرد أن أحدهم لم يستطع تثبيت عنوانه أو لمشاكل معينة، حيث الأحرى بالسلطات التركية أن تعطيهم الفرصة لإصلاح وضعهم وليس ترحيلهم مباشرة".

وشدد قرنفل على أن "التعسف في استخدام الحق القانوني من جهة وامتلاك دائرة الهجرة صلاحية واسعة باتخاذ قرار ترحيل لاجئين بإرادتها المنفردة من جهة أخرى، يعدّ مشكلة تهدد استقرار اللاجئين وحياتهم اليومية في تركيا".

متابعة الملف وسط صمت رسمي

حسب الناشط الحقوقي طه الغازي، فقد تم ترحيل السوريين "بناء على حجج إدارية كون بعض الأشخاص لا يحملون كملك صادرة عن ذات الولاية التي كانوا يوجدون فيها”.

وأوضح الغازي في تصريحات أنهم يعملون بالشراكة مع المنظمات الحقوقية التركية على قضية هؤلاء المرحلين، في مسعى لإعادتهم إلى تركيا.

ويشير: “الأشخاص الذين تم ترحيلهم بدون إشكالية جنائية أو قضائية ستتم عودتهم خلال الفترة القادمة. نعمل على ذلك وفق أساس الحملة السابقة التي حصلت بعد انتخابات بلدية إسطنبول”.

بدورها، تابعت "أورينت نت" القضية وتواصلت مع  مديرة الاتصال في اللجنة السورية التركية المشتركة، إيناس النجار للاستفسار عن وجود تحركات تتعلق بإيقاف قرار الهجرة التركية ضد السوريين المرحلين، إذ أكدت أن اللجنة أرسلت الفيديوهات إلى دائرة الهجرة ووزارة الداخلية التركية وأنهم أبلغوها بفتح تحقيق حول الموضوع، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

ليس من شيم الأنصار

كما قامت "أورينت نت" بالاتصال بأحد مسؤولي الهجرة في إسطنبول للاستفسار حول قضية الترحيل، إلا أنه رفض الحديث عن الأسباب التي دفعت لذلك، واكتفى بالقول إن "وحدات إنفاذ القانون هي الجهة المخولة بتطبيق القانون وفق ما هو معمول به في الجمهورية التركية، والأمر يترك لتقديرها".

من جهته، انتقد موقع "حق سوز خبر" التركي، عملية الترحيل القسري في خبر له تحت عنوان "هل أطلقت شرطة إسطنبول عملية لإعادة اللاجئين قسراً؟"، إجراءات ترحيل السوريين، مؤكدا أن "وحدات الأمن في إسطنبول ارتكبت مخالفات كبيرة، حيث أرسلت الشبّان السوريين إلى مراكز الترحيل دون مبرر".

وأضاف الموقع "نتمنى ألا يكون هذا الوضع الذي تطور بالتوازي مع الأجواء العنصرية ضد اللاجئين السوريين، إشارة لتغيير موقف الحكومة.. نأمل ألا يحاولوا التستر على هذا الانتهاك وإضفاء الشرعية عليه بالتزام الصمت، هذا ليس من شيم الأنصار".

وتأتي الحادثة بعد أيام من ترحيل الناشط الإعلامي منيب العلي إلى الداخل السوري بعد توقيفه في السجن لعدة أشهر، لانتقاده الشرطة التركية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبلغ عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) في تركيا، 3 ملايين و733 ألفاً و982 شخصاً، وتضم مدينة إسطنبول أكبر عدد منهم بنحو 550 ألف لاجئ، حيث يعاني أغلبهم من أوضاع معيشية صعبة، في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الأجور، وتصاعد الأصوات العنصرية ضدهم، وإهمال الحكومة لشؤونهم وحقوقهم.

 

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت في تقرير صدر عنها في يوليو/تموز 2019، السلطات التركية باحتجاز السوريين وإجبارهم على توقيع استمارات تُفيد برغبتهم في العودة إلى سوريا ثم ترحّلهم قسراً إلى هناك، الأمر الذي نفاه وزير الداخلية التركي سليمان صويلو.

التعليقات (1)

    المكامي احمد فياض رنجبال

    ·منذ سنتين شهرين
    انه التعسف في استعمال القانون
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات