وكشفت الأحداث أن معظم العناصر الذين يحرسون السجن الأخطر في العالم، هم من المكون العربي المنتسبين لميليشيات "قسد"، ولا يوجد بينهم أي عنصر كردي، وجميعهم وقعوا أسرى في قبضة سجناء التنظيم الذين بدؤوا باستعصاء داخل السجن بعد تفجير الخلايا سيارة مفخخة على بوابة سجن الصناعة في الـ 20 من كانون الثاني الحالي، لتبدأ مأساة هؤلاء العناصر بإهمال "قسد" وانعدام المطالبة بهم، وعرّضتهم لخطر الموت من خلال قصف السجن الذي تم أسرهم فيه.
ولم يتوقف الأمر عند العناصر المحتجزين داخل السجن، بل وقعت مجموعة من عناصر "قسد" بتاريخ 23 من نفس الشهر في أسر خلايا تنظيم داعش، وذلك بعد كمين نصبه لهم بمنطقة المقبرة في محيط كراج الحسكة، وبين العناصر الذين تم أسرهم عناصر أكراد وآخرون من أبناء العشائر والمكون العربي.
ولأن تنظيم "داعش" يعرف سياسة "قسد" في التمييز والعنصرية ضد المكون العربي، أصدر تسجيلاً مصوراً للعناصر الأكراد يطالبون قائد ميليشيات "قسد" بالتفاوض وإطلاق سراحهم، بينما عرض التنظيم تسجيلاً مصوراً آخر لعناصر المكون العربي يذكرون فيه أسماءهم وعشائرهم دون أي مطالبة بإطلاق سراحهم.
صفقة لإطلاق سراح المقاتلين الأكراد فقط
وبعد مفاوضات جرت بين قسد وداعش، تم التوصل لصفقة أطلق خلالها داعش سراح ستة من العناصر الأكراد الذين أسرهم بكمين المقبرة، مقابل إدخال قسد مواد ومعدات طبية لعلاج بعض المصابين من التنظيم جراء القصف والمواجهات التي دارت بين الطرفين.
وذكرت مصادر أورينت أن "قسد" وافقت على تسهيل هروب عدد من عناصر التنظيم المحتجزين في سجن الصناعة، وكانت "قسد" أعلنت على معرّفاتها بأن عدداً من عناصر داعش تمكنوا من الهرب، مع أن السجن كان محاصراً بشكل تام من جميع أطرافه.
أما العناصر الذين أسرهم التنظيم داخل السجن ومعظمهم من المكون العربي، فقد قام بإطلاق سراحهم قبل أن تعلن "قسد" انتهاء عمليتها العسكرية، لتقوم الميليشيات الكردية بعد ذلك بإلقاء القبض عليهم، وذلك بحجة تعاونهم مع التنظيم وتقديمهم تسهيلات مختلفة، لقاء مبالغ مالية تقاضوها، وفق ما نشرت مواقع إعلامية، لتعلن"قسد" على إثرها أن الاعتقال تم بسبب إساءة معاملة أسرى التنظيم.
ونشرت وسائل إعلام "قسد" مشاهد لاستقبال الأمهات الكرديات لأبنائهن الأسرى المحررين بعد أن كان الظن بأن التنظيم سيقوم بتصفية أولادهم، كما جرت العادة مع الأسرى الآخرين.
الإعلام وقضية أسرى "قسد"
وقال القيادي بميليشيات قسد "سيامند العلي" لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن الرهائن، البالغ عددهم 23 شخصاً، بحالة صحية جيدة ونقلوا لمكان آمن، بعد إطلاق سراحهم.
في حين نقلت صحيفة "القدس العربي"، عن مصدر عسكري من "قسد"، فضّل عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن الإفراج عن 23 عنصراً من "قسد"، جاء بإطار مفاوضات بين التحالف الدولي وعناصر "داعش" داخل السجن، وأسفرت عن إطلاق سراح نحو 200 من أسرى التنظيم، وتسريبهم نحو البادية السورية.
قسد والمكون العربي
التمييز والعنصرية ضد عناصر المكون العربي في ميليشيات "قسد" ليست جديدة وليست وليدة الأمس، بل كانت تمارس دون تسليط الضوء عليها، وذلك منذ بداية تطويع أبناء العشائر والمناطق التي سيطرت عليها "قسد" في الرقة وريفها وريفي دير الزور والحسكة، وحتى اللحظة لا يزال شرط أن تكون القيادة العليا والمتحكمة، بأي فصيل أو كيان عسكري أو سياسي عربي في قبضة الأكراد ولا يستطيع أي قيادي عربي من اتخاذ قرار أو التحرك دون أخذ موافقة من القياديين الأكراد الذين يكونون في الظل، وهذا الواقع ينطبق تماماً حتى على المجالس المدنية، والأحزاب السياسية والتي تظهر على الإعلام على أنها بصبغة وقرار عربي خالص.
وظهر التمييز واضحاً في معارك "قسد" أوائل 2018 في معارك الميليشيات ضد تنظيم داعش في ريف دير الزور وفي الباغوز تحديداً، إذ كان القتلى والأسرى من المكون العربي وأبناء العشائر، بينما تظهر صور وفيديوهات "قسد" للإعلام نساء وعناصر "قسد" الأكراد في الواجهة وعلى الخطوط الأمامية في المعركة، خلافاً للواقع والحقيقة.
التعليقات (6)