سميرة مسالمة في (الانهيار السوري): تنتقد النظام والمعارضة وتؤيد حكما فيدراليا

سميرة مسالمة في (الانهيار السوري): تنتقد النظام والمعارضة وتؤيد حكما فيدراليا
يعدّ كتاب سميرة المسالمة (الانهيار السوري: الصراع على السلطة والدولة والهوية) من الكتب النادرة التي تتناول الحدث السوري الكبير اعتباراً من اندلاع الثورة السورية وحتى اليوم، وما يميز هذا الكتاب  الجرأة والصراحة والشفافية في التناول والتشخيص والنقد، وخاصة نقد المعارضة السورية التي أخفقت في إسقاط النظام، وأخفقت في أن تشكل بديلا متميزا واعدا عن النظام المستبد الذي أطبق على أنفاس السوريين منذ أكثر من نصف قرن.

أسئلة المقدمة 

في مقدمتها تطرح المؤلفة عدة أسئلة هامة تشغل المهتمين والمتابعين للحدث السوري وكل السوريين الغيورين على بلدهم، والباحثين عن حل لمشاكلهم المتعددة الناجمة عن الحرب الشعواء التي شنها النظام ضدهم، وهذه الأسئلة تتعلق بعجز المعارضة والائتلاف كأحد كياناتها المعترف بها دوليا، عن تعزيز مكانتها في مجتمعات السوريين في الداخل والخارج، ولماذا لم يستطع الائتلاف ولاحقاً الهيئة العليا للتفاوض التعبير حقا عن واقع الثورة السورية؟ ولماذا بقي الائتلاف بصفته الكيان المعبر عن الثورة السورية دوليا غير قادر على إيجاد موطئ قدم له في المناطق التي سميت بـ"المحررة"؟ ولماذا بقيت علاقاته مع الفصائل العسكرية محدودة أو بلا أي معنى من الناحية العملية؟ 

هذه الأسئلة وغيرها التي تطرحها المؤلفة على الكيانات المعارضة وبخاصة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هي أسئلة محقة وجديرة بالطرح وهي تشغل بال كل السوريين الذين يتوقون للحرية والكرامة، كما كان الثوار في بداية الثورة يرفعونها كشعارات مبدئية لا محيد عنها مهما كانت التضحيات. 

شهادة شخصية: بثينة شعبان أخرجتني من (تشرين)

والمؤلفة إذ تقف على المشهد السوري فهي لا تنسى نفسها ، فتتحدث عن تجربتها ومعاناتها سواء داخل النظام وإعلامه أو داخل مؤسسات المعارضة (الائتلاف) من خلال شهادتها الشخصية، إذ تشير إلى أنها قبل انشقاقها عن النظام كانت تدافع عن حرية الشباب السوري في التعبير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبخاصة الفيسبوك ، وذلك أنها كانت تطالب وزارة الإعلام برفع الحظر عن الفيسبوك وعدم مراقبة الشباب وإفساح المجال لهم للتعبير عن آرائهم عن الوضع السوري ، تقول المؤلفة إن هذه المطالبات اعتُبرت لدى بثينة شعبان مستشارة القصر الإعلامية ماهي إلا جزء من مخطط شاركت به المسالمة مع " مخربين " (وهو الوصف الذي تطلقه الجهات الرسمية على الناشطين) للإطاحة بالنظام القائم، وتضيف أن شعبان استمرت في الضغط لكي تستقيل من رئاسة تحرير صحيفة (تشرين) إلى أن تحقق ذلك في ( 8 أبريل 2011) إثر إعلان موقفها ضد أعمال القتل التي أقدمت عليها أجهزة الأمن في مدينة درعا، بعد انطلاق الاحتجاجات فيها، حيث واجه النظام الأمني المظاهرات السلمية التي نادت بالإطاحة برئيس فرع الأمن ومحافظ درعا بالرصاص الحي، مُوْقعين  عشرات الضحايا في الأسابيع الأولى من بدء الاحتجاجات في رسالة منهم إلى حجم العنف الذي سيستخدمونه في حال استمرت المظاهرات المنددة بأعمالهم، وتشير إلى المقابلة التي أجرتها معها قناة الجزيرة الفضائية بالقول " كما أنني أعترف بتعاطفي وبكائي على الهواء مباشرة ألما واحتجاجا على قتل أبناء مدينتي بأيدي سوريين من رجال الأمن، وبسلاح اشترته السلطات من مال السوريين وتعبهم وقوت يومهم " ص 45.  وترى أن هذه الدموع كانت التهمة الحقيقية والوحيدة التي يمتلكها النظام ضدها، كمسؤولة  في منظومته الإعلامية،  لقد كانت هذه الدموع كاشفا حقيقيا عن ضميرها الرافض لقمع السلطة. 

تتعرض المسالمة للمضايقات الأمنية العديدة والعزلة من أصدقائها، ومن بين هذه المضايقات أن أحد عناصر الأمن ترك لها ذكرى حسب تعبيره في وجهها بإطفاء سيجارته تحت عينها اليسرى 

وحول دخولها الائتلاف تقول: " نعم أنا واحدة ممن جاءت إلى ائتلاف لا تعرف عنه شيئا وفرضتني قوة خارجية كحال غيري من الذين تم اقتراحهم أيضا من دول أخرى "  ص 59  

وتقر المؤلفة أن هذا الاعتراف قاسٍ لكنه واجب عليها قوله لتأكيد مدى التداخلات في ثورة انطلقت من الشعب السوري وانقلبت عليه.

إنّ اعتراف المؤلفة هذا يدفعنا للقول بضرورة استفادة السوريين من مثل هذا الاعتراف الصريح والجريء لشخصية سورية مهمة عملت داخل النظام وداخل المعارضة، وطبيعة الاستفادة تكمن في مراجعة حيثيات الثورة وممارسات وأخطاء المعارضة، إنها تعترف صراحة بهذه الأخطاء والأعمال التي أضرّت بالثورة ولم تفدها، وساهمت في تشويه العمل المعارض، وبالتالي تشويه الثورة السورية، وذلك لبث الدم الفكري الموضوعي في روح ثورة لم تمت ولن تموت. 

القسم الأول: من الصراع في سوريا إلى الصراع عليها 

تتناول المؤلفة في هذا القسم تغيّر مواقع الدول سياسيا ، فتشير إلى أنه خلال السنوات الماضية شهدنا انزياحات مفصلية لأدوار دول من موقع إلى آخر، وترى أن ذلك يدفع القوة الأكثر تأثيرا أي الولايات المتحدة الأمريكية لتوريط تلك الدول، أو جعلها في مواجهة بعضها بعضا ، داخل المساحة السورية ، وبالتالي استنزافها وإرباكها، ثم إعادة إنتاج تفاهمات جديدة بينها كثنائيات دولية، أو تحالفات مشتركة، كما حصل بين رعاة حلف أستانة (روسيا – تركيا – إيران) ومن ثم الدخول في مباحثات واتفاقيات منفردين أو مجتمعين مع الجانب الأمريكي لإعادة تركيب المنطقة برمتها ، وهو ما حصل وما سيحصل على الأرجح. 

بالنسبة لموقع الولايات المتحدة الأمريكية، بقي تدخلها في الصراع السوري خلال السنوات الخمس الأولى يأخذ طابع الضغوط السياسية والدبلوماسية والإعلامية، لكنها قررت الدخول على خط الصراع المباشر بأدوات عسكرية تابعة على الأرض السورية منذ عام 2016، إذ باتت قواتها موجودة في شمال وشرق سوريا – وتحالفها العسكري مع قوات سوريا الديموقراطية ( قسد ) -  ، وهذه القوات ليست لمحاربة الإرهاب فقط، كما أوضح وزير الدفاع الأمريكي السابق ( نوفمبر 2017) وإنما هي باقية إلى حين فرض الحل السياسي، في مسار جنيف حصرا (القرار 2254 – كاتب السطور  ) ، ( وهو الأمر الذي تراجعت عنه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2021 ) سواء كان بقاؤها بقواتها العسكرية أم من خلال تبادل الأدوار مع قوات دولية تابعة لها، كألمانيا وبريطانيا وفرنسا ،وحتى من الدول العربية، رغم أن حقيقة الدور الأمريكي في المنطقة يتجلى بتحجيم الوجود الإيراني تحديدا. 

أما موقع تركيا في الصراع السوري، فمعروف أن تركيا لها دور كبير في مناصرة المتظاهرين ضد نظام الأسد بشكل علني مباشر بوجود قواتها العسكرية وذلك عبر عدة تحركات وعمليات منها عملية درع الفرات التي بدأتها أواخر 2016 وتبيّن فيما بعد أن الهدف الأساسي لتركيا هو تعزيز نفوذها الإقليمي والمشاركة بتقرير شكل سوريا المستقبل المحاذية لحدودها ، وتجلى كل ذلك في انخراط تركيا في توافقات سياسية مع كل من روسيا وإيران وهو ما تمثل في مسار أستانة التفاوضي ( الذي انتهجته عام 2017 ) ومن ثم في مؤتمر سوتشي – بوتين  - إردوعان – روحاني، وتلا ذلك عدة اجتماعات  في تركيا وطهران. 

وتتناول المؤلفة التدخل الروسي في سوريا بالتأكيد أن روسيا كانت داعمة ومساندة للنظام إعلاميا وسياسيا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية العارمة ضد النظام، وعبرت عن ذلك بالفيتوات المشتركة مع الصين في مجلس الأمن، ولكنها لم تكتفِ بذلك إذ إنها تدخلت عسكريا في سوريا منذ أيلول 2015 لدعم النظام ومحاربة الثورة والثوار، ومارست أبشع الجرائم بحق الشعب السوري من خلال سلاح الطيران العنيف جدا، وغيره من الأسلحة الروسية الفتاكة ( 65 ألف عسكري روسي في سوريا )، لكن روسيا فشلت في مساعيها لفرض حل من طرف واحد بدون أمريكا، بالرغم من الاتفاقيات الروسية – التركية – الإيرانية – 

وبالنسبة لإيران فقد انتقلت من الانفراد في التدخل في سوريا إلى الشراكة مع روسيا ، أما إسرائيل فكان لها الدور الخفي في الصراع المعلن، وإسرائيل همّها هو الحفاظ على سلامة حدودها مع سوريا، ولا ننسى مقولة وكيل النظام الاقتصادي رامي مخلوف في بداية الثورة السورية " بأن أمن إسرائيل من أمن سوريا " وهو ما حافظت عليه كل الأطراف المتصارعة داخل الحدود السورية.

القسم الثاني: عن واقع المعارضة ونقدها 

تقول المؤلفة إن التجربة السياسية قامت مع الثورة وتمثلت في الكيانات السياسية التي تألفت ضمن إطارَي " المجلس الوطني " وبعده " الائتلاف الوطني " وهذه التجربة لم تقم نتيجة جهود قوى حزبية لديها خبرة سياسية سابقة ، ولا على قوى معارضة منظمة لها امتدادات قوية في مجتمع السوريين، وإن عملية البناء هذه جاءت فوقية ومن قوى خارجية، مما جعل مشكلة التكوين تشكل محور أزمة المعارضة التي لم تستطع حلها أو تجاوزها حتى الآن. 

وترى أن ما فاقم الأمر، هذه التجربة التي لم تستطع أن تفرض ذاتها ومكانتها في تمثيلها السوريين وفي تعبيرها عنهم، أو في قيادة كفاحهم ضد الاستبداد، إذ بقي طريقها مليئا بالمشكلات والتعقيدات الناجمة عن ضعف تكوينها، وعن غياب روح الفريق فيها، وضعف إدراكها أهمية العمل وفق رؤية وطنية، بعيدا عن الحساسيات والمظالم الخاصة أو الحزبية، وهذا ما حصل للمعارضة، رغم أن مخلصين كثرا بذلوا وحاولوا، لكن كل ذلك ظل بمنزلة جهود فردية لم تستطع أن تفرض نفسها على مؤسسات المعارضة التي يدب فيها الكثير من مظاهر الانفلاش والمزاجية والفردية في عملها، وتفشي العلاقات الكيدية، كما أن هناك تقصيرا آخر للمعارضة وهو يتعلق بضعف دفاعها عن المبادئ والأهداف التي انطلقت الثورة على أساسها في البدايات، والتي كانت تتلخص بإنهاء نظام الاستبداد وتمكين كل أفراد الشعب السوري، بكل مكوناتهم الطائفية والإثنية من الحرية والكرامة والديموقراطية والمواطنة المتساوية في وطن يضمن التعددية والتنوع ، ذلك أن تخلي المعارضة السياسية لأي سبب عن أهداف الثورة لصالح خطابات فرضتها الجماعات المتطرفة التي لم تحسب نفسها على المعارضة ولم تنضوِ في أطرها، أضعفَ من مكانة "المجلس الوطني" ثم "الائتلاف" ثم "الهيئة العليا للتفاوض" بمستوييها الأول والثاني، لصالح الجماعات العسكرية المتباينة المواقف، الأمر الذي جعلنا نتخبط في أدائنا السياسي وأدائنا العسكري، وهذا ما تراه المؤلفة أنه وضع علامة شك حول صدقية المعارضة، وأضعف من التفاف السوريين نحوها. 

القسم الثالث: بين الثورة والمفاوضة

تشير المؤلفة أنه بالإضافة إلى الفجوة بين كيانات المعارضة السياسية وكيانات المعارضة العسكرية، يأتي افتقاد المعارضة لكيان سياسي جمعي ، يعبر عن طموحات السوريين ويدير كفاحهم ويمثلهم ، فالكيان الموجود (الائتلاف) عجز عن تقديم أي شيء سوى البيانات واشتغل بطريقة بيروقراطية، وراعى في وجوده واستمداد شرعيته الارتهان لهذه الدولة أو تلك، كما عجز عن استيعاب الممثلين الحقيقيين للثورة ، ليكونوا جزءا من حراكه، بما يخدم نضال شعب ضد نظام تسلطي، وتسلط الضوء على المظالم التي تقع على الحاضنة الثورية، وضرورات إيجاد آليات لدعمها وتطويرها بدلا من توريطها في حرب إبادة، لم يتورع النظام وحلفاؤه عن استخدام كل أنواع الأسلحة فيها. 

وفي ظل هذه المعضلات ودروس  الفشل هذه، تبحث المؤلفة عن ضرورة أن نكتشف طريق الأمل باستمرار الثورة ، بعيدا عن ربطها بخسارة هنا أو تراجع هناك، وذلك بالعودة إلى الحراك الشعبي الذي يملك أصلا مشروعا واحدا، هو إنهاء نظام الاستبداد وكل ما يشبهه ، سواء أكان يحتمي بجيش عقائدي أم "جهادي" فكلاهما أذاقا الشعب السوري مرارة الاستبداد، واستباحا من دون وجه حق دماء السوريين الأحرار، فالعقائدية والجهادية مجرد ادعاءات، وهما بمنزلة استبداد بوجهين لعملة واحدة 

القسم الرابع: إلينا وإلى مواطنينا السوريين الكرد 

ترى المؤلفة أن المسألة الكردية هي من أهم القضايا المسكوت عنها أو المختلف عليها بين القوى السياسية الثورية، باعتبارها تخضع لتجاذبات أو توظيفات متضاربة لا تفيد الكرد لا بوصفهم جماعة قومية ولا كأفراد،  أي إن المسالة الكردية ذات وجهين، الأول يتعلق بقضية المواطنة والثاني بكونها قضية قومية أو قضية شعب تمّ حرمانه من هويته وحقوقه الأساسية، لهذا فان المؤلفة تدعو إلى ضرورة إيجاد حل  لهذه المسألة بالقول "لذا يفترض بالثورة السورية ثورة الحرية والكرامة والديموقراطية كما هو مفترض، أن تقف بجرأة لحل هذه الإشكالية التي باتت تثقل عليها وتثير الشبهات بخصوص صدقيتها، وانسجامها مع مبادئها، وما أعنيه أن قضية الكرد كشعب لا يمكن اختصارها بمجرد الاعتراف بمواطنتهم ، وبمساواتهم مع المواطنين الآخرين ، إذ إن ذلك يفترض أيضا الاعتراف بخصوصيتهم القومية كشعب، بلغتهم وثقافتهم ،وبكل الحقوق التي تتعلق بالحق في التنظيم والتعبير، لأن ذلك يأتي من الاعتراف في الدستور بالمواطنة الحرة والمتساوية للجميع رجالا ونساء، وهذا  ينطبق على الأكراد كأفراد وكجماعة قومية " ص 203 

وتبدي المؤلفة رويتها للفيدرالية – التي تطرحها بعض القوى والأحزاب الكردية في سوريا كحل للمسألة الكردية في سوريا – وتلخصها بالنقاط الأربع التالية: 

أولا: إن الفيدرالية لا تعني الانفصال عن سوريا  أي إن الفيدرالية لا تعني تقسيم سوريا، إنما هي نوع من تنظيم للإدارة، وتنظيم تقاسم الموارد تمنع تسلط المركز. 

ثانيا: الفيدرالية لا تعني أن تقوم المحافظة أو الولاية بإقامة علاقات خارجية أو تشكيل جيش أو عملة خاصة بها ،إنما إدارة شؤونها من تعليم وصحة وخدمات وأمن داخلي، أما الشؤون السيادية كالدفاع والاقتصاد والخارجية فتعود لصلاحيات السلطة المركزية 

ثالثا: تقوم الفيدرالية على أساس جغرافي وليس على أساس قومي أو طائفي، لأن ذلك يتناقض مع الديموقراطية ومع دولة المواطنين الأحرار المتساوين.

رابعا: في الدولة الديموقراطية الفيدرالية الليبرالية لا يتم تعريف المواطن بقوميته أو دينه أو مذهبه أو جنسه فالمكانة الحقوقية متساوية لكل المواطنين من دون أي تمييز بسبب الدين أو الإثنية. 

ويستنتج من ذلك أن الدولة الديموقراطية الفيدرالية تكون محصنة ضد الاستبداد الذي يفضي في أغلب الحالات إلى الدولة التسلطية أو الاستبدادية.

وتبيّن المؤلفة أن محاولة بعض قوى المعارضة استبعادها خيار الفيدرالية ، حتى ضمن خيارات الحوار والنقاش، ماهي إلا نقطة استدارة نحو خطاب قومي يقصي الآخرين وتحت شعارات، هو أبعد ما يكون عن العمل بها ، ناهيك عن إيمانه بعكسها . 

ورؤية المؤلفة تجاه الكرد والفيدرالية في سوريا رؤية متقدمة قياسا إلى رؤية الكثير من شخصيات وأحزاب وقوى في المعارضة السورية، لكن هناك ملاحظة نقديه حول البند الثالث من رؤيتها للفيدرالية في سوريا، إذ إنها تدعو للفيدرالية الجغرافية لا القومية، لكن ما الضير إن كانت الفيدرالية قومية؟ هل هذا سيؤدي إلى التقسيم؟!  لن يؤدي هذا إلى التقسيم، إن كانت إدارة الدولة بشكل ديموقراطي، فالقومية لا تتناقض مع الديموقراطية كما ذهبت إليه المؤلفة، إن كانت الديموقراطية حقيقة موضوعية وممارسة فعلية. 

خاتمة: سوريا التي نريد أو سوريا الممكنة 

ترى المؤلفة ضرورة إيجاد رؤية مشتركة لكيانات المعارضة من خلال وثيقة تأسيسية بجهود سياسيين ومثقفين ومتابعين لإجماعات وطنية تقرب بين هذا الكيانات وتوضح المؤتلف بينها والمختلف، لتكون الرؤية واضحة حتى قبل إسقاط النظام القائم ، بعكس رؤية بعض كيانات المعارضة التي تريد تأجيل ذلك إلى مرحلة ما بعد إسقاط النظام ، ربما مخافة أن تزداد الاختلافات بين كيانات المعارضة المقسمة أصلا ، وتحدد المؤلفة رؤيتها لهذه الوثيقة التأسيسية الجامعة بست نقاط أساسية : 

أولا : وحدة سوريا شعبا وأرضا ودولة ، أي من دون الإخلال بأي ضلع من هذه الثلاثية .

ثانيا : التأكيد على النظام الجمهوري ، وهذا يعني أن الدولة تستمد سلطتها من الشعب ، وإن السيادة تنبع من الشعب من خلال ممثليه المنتخبين في البرلمان .

ثالثا : فكرة المواطنة وهي تقوم على المواطنين الأحرار المتساوين ، وهذا لا يعني طمس حالة التنوع والخصوصيات الطائفية أو الإثنية، بل إنه يعني تقديم الهوية السورية على الانتماءات الأخرى ، لكن على أساس المساواة، بغض النظر عن الانتماءات الأخرى . 

رابعا : أن يقوم النظام السياسي على الفصل بين السلطات واحترام الدستور (الذي يتم الاتفاق عليه) وتداول السلطة عبر الانتخابات وحرية الأحزاب واحترام حقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل.

خامسا : الحفاظ على مؤسسات الدولة ، مع وجوب إعادة تشكيل المؤسسات الأمنية والعسكرية، بحيث يكون التنسيب والهيكلة على أساس الكفاءة والنزاهة واحترام القانون وحقوق الإنسان وتحمل المسؤولية والخضوع للمحاسبة. 

سادسا : لقد طالبت الثورة السورية ليس فقط بإنهاء حكم الاستبداد وإنما بالتأسيس لنظام حكم آخر يضمن عدم إعادة إنتاج النظام الحالي أيضاً، وهذا لا يمكن حسمه أو القطع معه إلا بوضع دستور جديد لنظام حكم جديد يؤسس لدولة المواطنين الأحرار المتساوين، دولة المؤسسات والقانون، وليست دولة الرئيس أو الحاكم. 

وأخيراً يمكن القول إن كتاب المسالمة هام وجدير بالقراءة والمتابعة والتناول باعتباره الكتاب الأول – ربما – الذي يتناول الوضع السوري، وخاصة المعارضة والعمل المعارض بأسلوب جريء وصريح وواضح ، ويُسجل لها أنها انشقّت عن نظام قمعي دكتاتوري ومؤسسته الإعلامية وعملت في مؤسسات المعارضة (نائبة رئيس الائتلاف) ولم يقبل ضميرها الاستمرار في هذه المؤسسات التي فشلت حتى الآن في إسقاط النظام الذي رفعت الثورة هذا الشعار ضده، عموماً هذا الكتاب مرجع  ضروري لكل متابع وباحث في الشأن السوري منذ انطلاقة الثورة 2011 وحتى اليوم. 


هامش: 

- الكتاب  إصدار منشورات ضفاف – الاختلاف – الجزائر العاصمة 2022 – ط1 - 332 صفحة.

التعليقات (4)

    أبو هيثم

    ·منذ سنتين شهرين
    سوريا لن ترجع إلى سابق عهدها ومجدها طالما يحكمها زعيم العصابة بشار الأسد وعائلته المتوحشة. سوريا كانت جنة الأرض بخيراتها ومواردها إلى ان جاء حافظ للحكم الذي فرط بالجولان ولم يحافظ على وحدة أراضيها ولا أرواح الشعب. ال الأسد نكبة حقيقية على سورية وأهلها، هذه الشرذمة تريد تحويل سوريا التي نعرفها إلى دولة شبيهة بالمكسيك التي تصدر المخدرات والعنف لدور الجوار. المشكلة معروفة وحلها هو نهاية ال الأسد وتنظيف اراضي سوريا من بقية العصابات والاوكار الاجرامية.

    كردي شامي

    ·منذ سنتين شهرين
    يقول الكاتب حواس محمود: ما الضير في فيدرالية قومية؟ أنا من كرد دمشق وأعرف أن كرد الشمال لن يكتفوا بالفيدرالية. سيعتبرونها محطة من أجل الوصول إلى كردستان الكبرى ويطالبون بالانفصال. مع انهم رأوا ما حذث لكردستان العراق عندما أعلنوا الاستقلال؛ كل العالم وقف ضدهم وأمريكا صفعتهم. الفيدرالية القومية ستكون بؤرة للتعصب والتمييز العرقي. ولكم في ممارسات قسد العنصرية وعمليات التطهير العرقي التي تقوم بها مثال. قسد تسيء للقضية الكردية أكثر مما فعل كلاب البعثيين

    جاسر

    ·منذ سنتين شهرين
    اصلا هل الاكراد هم عرق واحد او لغه واحده حتى نطلق عليهم صفة قوميه ؟ السياسيين والمثقفين الكرد وبعض العرب الذين يعيشون على اموال قسد المنهوبه من بترول المنطقه يعيشون بسبب ذلك حاله من الوهم لذلك يرفعون السقف والمطالب بفدراليه يستحيل تطبيقها في سوريه ولا في اي بلد عربي بالشكل الذي يتصوره هؤلاء

    الغريب

    ·منذ سنتين شهرين
    يتكلمون عن الديموقراطية وعن الفيدرالية واذا راحوا لبلد اوروبي او اميركا ينسون قوميتهم او عرقهم ويندمجوا مع المجتمع الجديد تحت ولاية قوانين البلد وبس يرجعوا لبلدهم الام بيصيرو بدن فيدرالية والغريب التناقض بكتاب السيدة انها تتكلم عن فيدرالية الجغرافيا والفيدرالية الليبرالية وبالخاتمة تتكلم عن المواطنة بدون طمس حالة التنوع طب ليش الفيدرالية
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات