ووفقًا لتعريف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن "الاقتصاد الأخضر" هو نموذج اقتصادي "يؤدي إلى تحسين رفاهية الإنسان والمساواة الاجتماعية، مع تقليل المخاطر البيئية والندرة البيئية بشكل كبير"، حيث ينتج أقل قدر ممكن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويستخدم الموارد بكفاءة عالية، ما يقلِّل من النفايات أو حتى يزيلها.
ويضم الاقتصاد الأخضر 6 قطاعات، منها المباني الخضراء، والطاقة المتجددة بكل ما فيها، سواء الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والنقل المستدام، وإدارة المياه، وإدارة الأراضي، وإدارة النفايات.
كيف نحصل على اقتصاد أخضر؟
للاقتصاد الأخضر 6 قطاعات أساسية، أولها الطاقة المتجددة والمباني الخضراء، إضافة للنقل المستدام وإدارة المياه والنفايات والأراضي.
ما يعني ببساطة أن نستمد الطاقة من الشمس والرياح وليس من الغاز والنفط ونستثمرها في المصانع والأبنية الخضراء النظيفة، أن ننتقل بوسائط نقل نظيفة تعتمد على الكهرباء وليس على المازوت والفحم، أن نعيد تدوير النفايات وليس أن نصنع منتجات مضرة تُستخدم لمرة واحدة، وأن نعمل على تنقية المياه واستعادة الأراضي الطبيعية كـ"المحميات والحدائق الوطنية".
بالمحصلة الحصول على بيئة نظيفة يضمن للبشرية الحصول على اقتصاد مزدهر، الأمر الذي أدركته 196 دولة حول العالم عند توقيعهم لاتفاقية باريس للمناخ عام 2015، والتي تلزم الدول بخفض انبعاثاتها الغازية والعمل معاً للتكيف مع آثار تغير المناخ والتحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون.
الصفقات الخضراء الجديدة
التحول نحو الاقتصاد الأخضر يكتسب زخماً، إذ يستمر السياسيون في الدول المتقدمة في الدعوة إلى الحد من آثار تغير المناخ، وتجنب مصادر الطاقة غير المتجددة. ما ولّد الحاجة لنشر ما يسمى بـ"الصفقات الخضراء الجديدة" والتي تصف مجموعات مختلفة من السياسات التي تهدف إلى إجراء تغيير منهجي. إذ تحصل الولايات المتحدة حالياً على 80% من طاقتها من الفحم والنفط والغاز الطبيعي، فيما يكمن الهدف الرئيسي للصفقة هو خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة إلى الصفر الصافي، وتلبية 100% من الطلب على الطاقة في الدولة من خلال مصادر طاقة نظيفة ومتجدِّدة وعديمة الانبعاثات بحلول عام 2030.
وتدعو سياسة الصفقات الخضراء أيضاً إلى خلق ملايين الوظائف لتوفير ضمان وظيفي لجميع الأمريكيين، إلى جانب الوصول إلى الطبيعة والهواء النظيف والماء والغذاء الصحي والبيئة المستدامة ومرونة المجتمع، والعمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حلول ومساعدته على تحقيق صفقات خضراء جديدة.
ستكون هناك حاجة إلى تشريع منفصل لتحويل الصفقة الخضراء الجديدة إلى حقيقة واقعة إذا أقرَّ الكونغرس القرار، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض المصادقة على الصفقة الخضراء الجديدة، وأطلق خطة جديدة أطلق عليها "ثورة الطاقة النظيفة"، تحتوي على العديد من الأهداف التي تبنّتها "الصفقة الخضراء الجديدة"، ولكن في إطار زمني أقل طموحاً وبتكلفة أقل.
جزر صغيرة تخضّر الاقتصاد
تخضير الاقتصاد ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب خطوات فعلية قد تقلل من إنتاج دول كبرى يعتمد ميزانها التجاري أساساً على مصانع تعمل بالنفط الأحفوري والديزل كأمريكا مثلاً، وهو ما أدركه ترامب خلال فترة رئاسته وجعله يقرر انسحاب بلاده من اتفاق باريس في عام 2017 لتعود عام 2021 للاتفاق بعد تولي بايدن الحكم.
إلا أنه في المقابل كان هناك جزر صغيرة تقود العالم نحو "ثورة جديدة" في مجال الطاقة النظيفة، كـ"النرويج" التي تصدّرت قائمة الدول التي تتبنّى أفضل الممارسات للحفاظ على كوكب الأرض والمناخ كامتلاك نصف مواطنيها لسيارات كهربائية، والبرتغال التي قدّمت حزمة حوافز وتسهيلات للمواطنين المستثمرين في مجال توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة
والأوروغواي التي تولِّد نحو 95% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة، ويأتي أكثرها من محطات الطاقة الكهرومائية.
السياسات العربية الخضراء
لا تزال خجولة حتى الآن باستثناء بعض المحاولات الإماراتية التي فرضت قوانين تحظر إلقاء النفايات وشوائب النفط في المياه، من قِبل مئات من ناقلات النفط العاملة في المنطقة، وانضمت إلى دول العالم للاعتراف بالمشاكل البيئية، من خلال التوقيع والمصادقة على اتفاقيات بيئية.
وتسعى السعودية إلى إنتاج 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وهي خطة ستوفر أكثر من 750 ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة النظيف، والإعلان عن صندوق سعودي للاستثمار في الهيدروجين الأخضر، من خلال بناء مصنع هيدروجين أخضر بقيمة 5 مليارات دولار.
وتعمل مصر على استغلال شمسها القوية ورياحها ومائها لتوليد الطاقة النظيفة، أما باقي الدول فيحتل الموضوع البيئي فيها المرتبة الأخيرة بعد الفقر وشح الغذاء والعدد اللامتناهي من الخلافات السياسية والواقع الاقتصادي المتدهور.
التعاون البيئي الدولي
يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً رئيسياً في المفاوضات البيئية الدولية، وهو طرف في العديد من الاتفاقات البيئية العالمية أو الإقليمية أو دون الإقليمية بشأن مجموعة واسعة من القضايا، مثل حماية الطبيعة والتنوع البيولوجي وتغيُّر المناخ وتلوث الهواء أو المياه عبر الحدود.
وساعد الاتحاد في تشكيل العديد من الاتفاقيات الدولية الرئيسية التي تمَّ تبنّيها عام 2015 على مستوى الأمم المتحدة، مثل خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (والتي تشمل أهداف التنمية المستدامة العالمية الـ 17 (SDGs) والأهداف الـ 169 المرتبطة بها)، واتفاقية باريس بشأن تغير المناخ وإطار سِنداي للحدّ من مخاطر الكوارث، كما أصبحت طرفاً في اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض (CITES) في ذلك العام.
فاتورة تخضير الاقتصاد
الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون لا يكفي باتباع القواعد المحددة، فبداية نحن بحاجة إلى موارد مالية ضخمة لتعزيز البنية التحتية وتدريب اليد العاملة على الوظائف الجديدة المحتملة.
كما أن هذا التحول فاتورته لن تقل عن 90 تريليون دولار بحلول عام 2030، ما يعني أن مشكلة التمويل هي التحدي الأكبر الذي يواجه الدول التي تبحث ملف إنقاذ كوكب الأرض، خاصة أن الدول الغنية المسؤولة عن أكثر من 80% من الانبعاثات المضرة للبيئة فشلت بالالتزام بتعهداتها القاضية بتقديم 100 مليار سنوياً لمساعدة الدول الفقيرة على مكافحة التغير المناخي، والاستثمار بمصادر للطاقة المتجددة.
إلى جانب ذلك اعتبر خبراء أن الـ100 مليار هذه لم تعد كافية للحد من تداعيات التغير المناخي الذي يتوقع أن تتجاوز تكلفته الـ20 ترليون دولار في السنوات الـ30 المقبلة، لذلك فإن الأمر يحتاج لتعزيز مشاركة التمويل الخاص والمستثمرين في خطط أعمال مستدامة، إن وجدت نكون قد بدأنا بخطوة للأمام للحفاظ على كوكب سيعيش عليه أبناؤنا.
التعليقات (0)