لتأمين الأعلاف الرخيصة في الشمال.. الديدان مشروع حيوي بخبرات محلية

لتأمين الأعلاف الرخيصة في الشمال.. الديدان مشروع حيوي بخبرات محلية
تعتمد الحاجة في أوقات الحروب على أشخاص مبدعين ومفكرين يبحثون ضمن الوسائل المتاحة لإيجاد أشياء تخفف من وقع أثار الحرب وتأثيرها على الحالة المعيشية، والتضخم المادي الذي يترافق مع هذه الظروف.

ومع استمرار الحرب المستعرة في سوريا و الانهيار الاقتصادي كان لابد من الخوض في هذا المجال والعمل على اكتشاف موارد جديدة تخفف العبء عن السوريين في مختلف مجالات عملهم.

عملية الإنتاج الغذائي الطبيعي كإنتاج الديدان البروتينية كانت من ضمن هذه الاكتشافات، والتي ساهمت بشكل كبير في الاستعاضة عن الأعلاف المركبة في تغذية الحيوانات كالدواجن والأغنام. 

مركز بحث علمي مختص بتقديم الحلول 

بسبب الحاجة الملحة التي مر بها الشعب أقام عدد من المختصين مركزاً بحثياً علمياً بثلاثة قطاعات أساسية "الأمن الغذائي، الصحة، الطاقات المتجددة" حسبما صرح مدير مركز البحث العلمي أحمد ليلى، لأورينت نت، وأن الانطلاقة كانت في الغوطة الشرقية لدمشق، حين كان الحصار مشجعاً كبيراً للانطلاق، وذلك بهدف توفير الموارد المحليّة وإعادة تدويرها مع استحالة الاستيراد من الخارج، وأضاف ليلى أنه، "بعد التهجير إلى الشمال السوري ومع ضعف الإمكانيات أعيد تفعيل مركز البحث، وذلك لدوافع عديدة أهمها التضخم والانهيار الاقتصادي، والبحث عن حلول تخفف من عبء تربية الحيوانات لدى مربي الثروة الحيوانية.

وبيّن ليلى أنه، بعد البحث والدراسات المعمقة وجد القائمون على المشروع أن بعض الحشرات تتكاثر بسرعة كبيرة، من خلال النتائج على تربيتها في الدول الأوروبية واستخدامها بشكل كبير، وبناء على ذلك تم اختيار نوع من الحشرات يطلق عليه "ذباب الجندي الأسود" التي لها ميزات عديدة، كسرعة النمو والتكاثر وهي آمنة وذات حجم كبير. 

آلية الإنتاج والفوائد

يقول أحمد ليلى، مستكملاً حديثه لأ ورينت نت: إن آلية الإنتاج تعتمد في الدرجة الأولى على تأمين الحشرة وبناء على ذلك قام الفريق بتأمين الحشرة والبدء بعمليات الإنتاج التي لا تحتاج إلى تكنولوجيا متطورة وآلات ميكانيكية، بل تعتمد في تكاثرها السريع على الغذاء من المخلفات العضوية التي تخلّفها الحيوانات، حيث تكون في حجر تسمى بأقفاص الحب لتتم عملية التزاوج، وبعدها يتم نقل البيض الناتج عن التزاوج ويتم وضعه فوق النفايات العضوية في أقفاص بعد تحضيرها بعناية وطرق نقل آمنة، ليتم حصادها في النهاية عبر الغربلة، وتجفف وتقدم ضن الخلطة العلفية للثروة الحيوانية، وتمتاز بسرعة نمو هائلة، أي أن غراماً واحداً من هذه الحشرات يتضاعف خلال 12 يوما خمسة آلاف مرة من طور البيضة إلى أن تصبح يرقة ناضجة، وأن عملية الإنتاج هذه عبارة عن عملية تحويل حيوي في عالم الغذاء الطبيعي.

يشير مدير المركز إلى أن المقارنة بين إنتاج هذا النوع من الديدان وإنتاج علف مركب يوفر أكثر من ثلثي الوقت المقدر لعملية إنتاج الخامات العلفية التي تحتاج مدة تقدر بثلاثة أشهر، ومشروع إنتاج الديدان البروتينية يندرج تحت دراسة التقانة الحيوية، أي إنتاج الغذاء الطبيعي من الطبيعة، بالإضافة إلى تخفيف العبء على مربي الثروة الحيوانية من خلال الأسعار المنخفضة التي توفرها هذه العملية بالنسبة للأسعار المرتفعة لمادة الأعلاف المركبة، وتمتاز هذه الديدان بنسبة بروتين عالية تستمدها من المخلفات العضوية وتقدر بـ 30% بروتين.

تأهيل مربي الثروة الحيوانية وتقديم الاستشارات العلمية

مشروع مركز البحث العلمي ليس مشروعاً استثمارياً ربحياً بشكل قطعي، وإنما هدفه تطوير آلية التفكير لدى مربي الثروة الحيوانية وتمكينهم من إنتاج أغذية طبيعية بروتينية تساعدهم في استمرارهذه المهنة، بحسب الدكتور أحمد ليلىالذي يوضح أنه وزملاءه في هذا المركز ما زالوا في مرحلة البدايات، وأن هدفهم الرئيسي إقامة الدورات التدربيبة للمدنيين وتمكينهم بشكل ذاتي على إنتاج الغذاء البروتيني.

يشير أيضا إلى أن المركز قادر على تقديم الاستشارات بكل الجهات المتخصصة التي تساعد في مواجهة الجفاف وغلاء الأعلاف المركبة والقدرة على التخلّص من مخلفات المطاعم ومكبات النفايات عبر تقديمها كغذاء لهذه الحشرات.

غذاء بروتيني بديل عن الأعلاف المركبة 

في ظل هذا الغلاء الحاصل في الشمال السوري وعدم استقرار الليرة التركية واعتماد توفير مادة الأعلاف المركبة على الاستيراد الأمر الذي أدى لارتفاع سعرها، جعل إنتاج الديدان البروتينية بديلاً عنها وطريقاً جديداً لدى مربي الثروة الحيوانية لتأمين الغذاء بأسعار مقبولة وبطرق ذاتية.

 محمود جحا مربي دواجن في منطقة عفرين يقول في حديث خاص لأورينت نت إنه وبعد معرفته بطريقة إنتاج هذه الديدان البروتينية، لجأ إلى تجربة هذا الغذاء على الطيور ولكن بشكل جزئي، حيث حصر التجربة على عدد قليل من الطيور خوفاً من النتائج المجهولة بسبب أنه منتج حديث وغير مجرب في هذه المنطقة، ونوه جحا إلى أن التجربة نجحت وأن الغذاء آمن بشكل فعال من خلال مراقبته للطيور، تبين أن وزنها ارتفع بعد مدة قليلة من تقديم هذا الغذاء وارتفاع أعداد البيض المنتج، ولا سيما السعر الذي يعد منخفضاً جداً مقارنة بأسعار أعلاف المركبة التي صارت عبئاً علينا كمربي للدواجن كونها مسبب رئيسي للخسارة المادية بسبب ارتفاع تكاليفها.

وأضاف جحا أنه بعد هذه النتائج قرر استجلاب كميات كبيرة وتخزينها لديه لكي يقدمها كغذاء رئيسي للطيور، وأنه مقبل على الخضوع لدورات في حال توفرت ليتمكن من الإنتاج الذاتي في مدجنته.

الجدير بالذكر أن شمال غرب سوريا تعاني من ارتفاع كبير في زيادة الأسعار والتي أثرت سلباً على مربي الثروة الحيوانية وأجبرت الكثير منهم على العزوف عن العمل في هذه المهنة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار اللحوم بكافة أنوعها.

التعليقات (1)

1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات