رحيل بسام الملا: أبدع صورة فلوكلورية للحارة الدمشقية حملها السوريون في تشردهم

رحيل بسام الملا: أبدع صورة فلوكلورية للحارة الدمشقية حملها السوريون في تشردهم
حين وضعت كتابي عن المخرج بسام الملا (بسام الملا عاشق البيئة الدمشقية)، وكان الثالث ضمن سلسلة: (الدراما التلفزيونية السورية: تاريخ وأعلام) التي بدأت بإصدارها عام 2009، قدّمت للكتاب بالقول:

"لا ينتمي بسام الملا إلى جيل الرواد في تاريخ الدراما التلفزيونية السورية، لكن أهميته في هذا التاريخ، أنه يمثّل بشكل أو بآخر امتداداً لمدرسة الروّاد... امتداداً أصيلاً استطاع أن يستوعب أهم ما في تلك التجارب الريادية شكلاً ومضموناً، وأن يضيف إليها خبرة فنية فهمت آفاق تطور التقنيات التلفزيونية في العصر الذي بدأ العمل فيه، فكان اهتمامه باكتشاف أسرار تلك التقنيات وامتلاكها، يسير جنباً إلى جنب، مع اهتمامه العميق باكتشاف أسرار الدراما، وأساليب توصيلها، وأبعاد تأثيرها في وجدان المتلقّي. وفي كلا المجالين، عمل بسام الملا بإخلاص، وخاض ذلك التحدّي الشجاع والمثير للإعجاب، مع تطوير وتثقيف ذاته أولاً، ومع تجاوز الشرط الاجتماعي والموضوعي الذي نشأ فيه، كابن لأسرة فقيرة كثيرة الأولاد، لم تتِح له ذلك التعليم العالي، ولا دخول الفن من أبوابه الأكاديمية، لكنها زرعت في نفسه أهمية العمل في صناعة تجربة الحياة، وضرورة الكفاح من أجل تحصيل لقمة العيش، والاعتماد على الذات".

بدايات برامجية لامعة

شكّل بسام الملا حالة عصامية في تجارب المخرجين السوريين غير الأكاديميين، لم يكن والده الممثل المخضرم أدهم الملا قادراً على دعمه وفتح الأبواب له بالتأكيد، لأنه لم يكن نجماً صاحب سطوة، وإن كان يحظى باحترام الجميع في الوسط الفني. ربما مكّنه من دخول التلفزيون كموظف بسيط في قسم الإدارة والمالية، قبل أن يشقّ بسام طريقه إلى عالم الإخراج البرامجي أولاً، ويجتذب إخلاصه في العمل وعينه الجميلة وذائقته إعلاميين مشهورين في تلك الفترة.

كان أول برنامج قدّمه بسام الملا كمخرج منفّذ في التلفزيون السوري، هو (أوراق صغيرة) عام 1977، ثم أخذ يقوم بتنفيذ الكثير من البرامج الثقافية والفنية الأساسية، وشكل ثنائياً مع المُعِدّ والمذيع المعروف مروان صوّاف في برامج (المجلة الثقافية- مجلة التلفزيون- القنال 7) كما أخرج لتوفيق حلاق برنامجه الذي حقّق حضوراً في الشارع السوري حينها (السالب والموجب)، وعمل في الإعلام الرياضي فقدّم مع المعلق الرياضي اللامع عدنان بوظو برنامج (الثلاثاء الرياضي)، إلا أن بسام كان يبحث عن فرصته الحقيقية في عالم الدراما.. وقد وجدها عندما تبنّاه فنياً أستاذ الدراما اللامع المخرج علاء الدين كوكش.. الذي تدرّب على يديه وفهم أصول الدراما، حين عمل معه مساعداً لأول مرة في مسلسل (وضّاح اليمن) الذي صُوّر في استوديوهات صنعاء عام 1981 ثم في  العديد من الأعمال التي صوّرها علاء الدين كوكش لصالح تلفزيون دبي في ثمانينات القرن العشرين، كما عمل مع علاء الدين كوكش مخرجاً منفّذاً في مسلسل (حصاد السنين) الذي أنتجه التلفزيون السوري عام 1986.

كان يا مكان.. التوقيع الأول

استطاع بسام الملا أن يلفت أنظار الباحثين عن المواهب بأسلوب عمله وبسمعته الجديدة مع الممثلين الذين شاركوا في أعمال كان فيها مساعداً أو مُخرجاً منفّذاً، وهو ما أقنع الكاتب والمنتج المخضرم الأستاذ داوود شيخاني الذي كان آتياً من أثنيا، حيث كانت شركته تعمل هناك، لينقل عمله إلى دمشق على قانون الاستثمار رقم 10، فأوكل له باكورة إنتاجاته في سورية، وهو الجزء الأول من سلسل (كان يا مكان) التي كان يكتبها وينتجها.

في (كان يا مكان) كان تحدّي بسام الملا الأبرز إخراجياً، تقديم صورة بصرية مُقنعة، تحترم خيال الطفل، بالتوازي مع دراما تربوية ذات جذور حكائية وأسطورية وأهداف تربوية واضحة.. والواقع فقد نحج بسام في الاختبارين، فقدّم الكثير من الحلول الإخراجية ذات الخدع البصرية الناجحة، في زمن لم تكن فيه إمكانيات الكومبيوتر والصورة الرقمية قد دخلت مجال العمل التلفزيوني.. واستطاع أن يعبّر عن القيم التربوية الأصيلة بأسلوب فني يسعى للابتعاد عن المباشرة والتلقين الجاف.

عمله الدرامي الثاني كان مسلسل (الخشخاش) تأليف د. فؤاد شربجي، والذي أدار فيه بسام باقتدار نخبة من نجوم سوريا اللامعين في تلك الفترة: (منى واصف / رفيق السبيعي / هاني الروماني / ملك سكر / سلمى المصري / يوسف حنا / عباس النوري / سلوم حداد ) وآخرين. حقّق (الخشخاش) حين عرضه نجاحاً جماهيرياً ملحوظاً، وبدا على قدر كبير من الإتقان الدرامي والبصري وحرارة الأحداث وقوّة المعالجة.. لكن اسم بسام الملا أصبح مطروحاً بقوة مع رائعته البيئية مسلسل (أيام شامية) الذي أنتجه التلفزيون السوري عام 1992، وعُرِض في دورة رمضان عام 1993، وحقّق نجاحاً جماهيرياً وفنياً ونقدياً بلغ في حينه حدّاً احتفالياً أثار امتعاض بعضهم، الذين وصفوا العمل بأنه مجرّد عرض فولكلوري يفتقد للمقولات الاجتماعية!

أيام شامية.. أولى النجاحات المدوّية

والواقع أن نجاح (أيام شامية) بدا أشبه بالمفاجأة حتى بالنسبة لبعض العاملين فيه، الذين شكّكوا مسبقاً في إمكانية نجاح العمل، فتسرّب القلق إلى مخرجه بسام الملا الذي غدا متخوّفاً من سقوط العمل جماهيرياً، وخصوصاً بعدما رأى بعض أبطاله أنه يفتقر للعقدة الدرامية القوية، ويتمحور حول قضية شارب محمود الفوّال، الذي رهن بعض شعيراته لقاء مبلغ من المال ثم ضاعت تلك الشعيرات... ويا للعار وتداعياته في مجتمع كان يرى في الشارب رمزاً للرجولة! لكن المفاجأة أن العمل نجح نجاحا مدوياً.. وشكّل تحولاً كبيراً في مسار مخرجه بسام الملا، ورفعه إلى مصافّ مخرجي الصف الأول، مثلما أعاد طرح دراما البيئة الشامية على خارطة الاهتمام الجماهيري.

وإذا كانت قيمة مسلسله اللاحق (الخوالي) الذي أُنتج عام 2000 أنه قدّم وثيقة بصرية غير مسبوقة عن طقوس رحلة الحج الشامي، وعالجها بدرامية عالية، بالتوازي مع صياغته لصورة البطل الشعبي (نصّار بن عريبي)، فإن بسام الملا في كل ما قدّمه عن دراما البيئة الشامية وبالأخص مسلسله الأشهر (باب الحارة) الذي صوّر الجزأين الأول والثاني منه عام 2006، وحقّق له شهرة عربية كمخرج، وجعله حصاناً رابحاً في أعين المحطات وشركات الإنتاج، لم يقدّم صورة نقدية عن الحارة الدمشقية مثلما فعل محمد الماغوط وغسان جبري في (حكايا الليل) أو  عادل أبو شنب وعلاء الدين كوكش في (حارة الملح) ثم (أبو كامل) من تأليف فؤاد شربجي مع كل التحفظات على النص..  أو خيري الذهبي وغسان جبري في (لك يا شام) أو مأمون البني ورفيق الصبان في (نساء بلا أجنحة)، أو هاني السعدي وممدوح عدوان وهيثم حقي في (دائرة النار).. من دون أن ننسى الصورة النقدية الكوميدية الأهم والأحب.. صورة "حارة كل مين إيدو إلو" التي أبدعها نهاد قلعي في (صح النوم) مع المخرج خلدون المالح، ولم يغفل من سهامه النقدية المرحة طبائع المجتمع الدمشقي وبنية الحارة. بسام الملا لم ينتمِ إلى هذا السياق بالمطلق.. جاء إلى الحارة الدمشقية في زمن الحنين إليها، في الزمن الذي شعر الدمشقيون فيه أنها سُرِقت منهم معماراً وقيماً وعلاقات من قبل سلطة همجية حاقدة شوّهت مدينتهم، فجاءت مسلسلاته تعبيراً عن الحنين لشخوصها ومعمارها وتفاصيلها وأعيادها وأتراحها.

الحارة الدمشقية.. صورة الحنين الفلوكلوري

نعم قدّم صورة شعبية لا تعبّر عن روح دمشق بالمُطلق، ولا عن طبيعة حراكها الاجتماعي والسياسي، وبالغ أحياناً في الارتهان لدراما العلاقات الذكورية والنسائية، ولمفهوم سُلطة الرجل المطلقة على المرأة والبيت، ولصراعات القبضايات وعنترياتهم التي كانت تُلهم الأطفال والشبان الصغار معنى الرجولة، في زمن يعيشون فيه وسط بحر من المُخبِرين الأنذال والوشاة وقهر أجهزة مخابرات متوحشة كان همها اقتلاع المروءة من وجدان الشعب السوري وتكسير رؤوس الجميع، ولعل هذا ما شعرت به الرقابة تماماً، حين طالبت بحذف مشاهد من مسلسل (الخوالي) لأنه: " يهيج الشارع ضد كل سلطة حاكمة"، حسب التقرير الرقابي الذي كتبه فؤاد شربجي حين كان مديراً للقناة الأولى في التلفزيون السوري أثناء عرض المسلسل. 

لكن علينا الاعتراف أن بسام الملا نجح في جعل مفردات الحنين إلى الحارة الدمشقية، مفردات ملهمة وشائعة. لقد أبدع بحق نسقاً فلوكلورياً تلفزيونياً عن دمشق لم يكن موجوداً قبله..  قلّده فيه كل المخرجين الذين ساروا على هذا الخط الذي غدا للأسف تجارة رائجة بفضله، أشبعت الحنين، وأحيت قيم الماضي، لكنها غرقت في كمٍّ من الفبركات والحكايات المختلَقة وبالغت في تنميط البيئة وشخوصها. فقبل (أيام شامية) وما سبقها من اسكتشات ولوحات كان يقدّمها بسام الملا في برامج المنوّعات كـ (استكش السوق)، ولوحة (الحمام الدمشقي).. لم تكن البيئة الدمشقية تظهر  بمثل هذا البذخ البصري على الشاشة نهائياً.

لم يحقق بسام الملا نجاحاً حقيقياً في مسلسل (العبابيد) الذي كتبه رياض سفلو، وتناول سيرة زنوبيا ملكة تدمر، وأنتجه التلفزيون السوري ببذخ إنتاجي واضح وبدعم مباشر من وزير الإعلام محمد سلمان حينها. وسرعان ما أدرك بسام الملا بذكائه الوقّاد حين عُرِض المسلسل في موسم رمضان عام 1997 أن هذا ليس ملعبه، وأنه سيكون - في كل كبيرة وصغيرة - أسير استشارات المؤرِّخين والمثقَّفين الذين يملّ منهم،  إذا أراد أن يكمل في هذا المضمار بحكم افتقاره للثقافة والإلمام التاريخي، فقرر أن يعود إلى ملعبه الأصلي: البيئة الدمشقية التي أحبها وكان عاشقاً لها.  

صعود وانهيار باب الحارة

طبعاً شأن كل عمل فني تفسده الشهرة والتهافت الإنتاجي، وتفاهة إدارات قناة (إم بي سي) الإعلانية، لم يستمر (باب الحارة) بالقوة التي بدأ فيها في الجزأين الأول والثاني، التي لا يجب أن نغفل أن الأستاذ علاء الدين كوكش شارك في تصويرهما كتعاون فني بطلب من بسام الملا نفسه، ثم سرعان ما بدأ يفقد روحه الحقيقية وهو يلهث وراء إغراءات الرائج في ردود الفعل الجماهيري حيناً، أو يُحمَّل بالرسائل السياسية، بدءاً من رسائل حصار غزة في الجزء الثالث، وليس انتهاء برسالة ضرورة احترام أي سلطة قائمة حتى ولو كانت سلطة احتلال، التي يلقّنها أبو عصام لابنه معتز بعد عودته المظفّرة في الجزء السابع من المسلسل، للحد من فكرة الثورة على سلطة الاستبداد.. لكن (باب الحارة) بقي صورة تذكارية فلوكلورية عن دمشق وحاراتها ومجتمعها وزمنها.. يحملها السوريون اليوم في تشردهم الطويل.. ويبثّون أغانيها ومشاهد وأسماء مسلسلاتها في مشاريعهم التجارية ومطاعمهم التي تستقبل السوريين اليوم على وقع شارات (أيام شامية) و(الخوالي) و(ليالي الصالحية) وأغاني ومشهديات (باب الحارة) وصور (نصّار بن عريبي) و (أبو عصام) و (العكيد أبو شهاب).. بعد أن صاغ لهم بسام الملا وحده إرث الحنين التلفزيوني إلى الفلولكور الدمشقي والهوية الشعبية السورية، فباتوا يتمسّكون بها مرة كحامل فني لمشاريعهم التجارية، وأخرى كتعبير عن حضورهم الاجتماعي في بلدان اللجوء وروح سورية المشردة في المغترَبات والمنافي اليوم وعن دمشقهم التي هُجّروا منها، فلم يجدوا بديلاً عنها، ولا يجدون سبيلاً آمناً للعودة إليها. 

زمن الصمت والثورة

في زمن الثورة صمت بسام الملا.. لم يظهر ليشبِّح أو يمتدح النظام القاتل.. كان في جانب ابن المؤسسة الرسمية التي لا يجهل فسادها واستبداد من يديرها، وفي جانب آخر ذلك السوري الكردي الأصيل الذي أحبّ أبناء بلده وانتمى إليهم. لم يؤمن بفكرة الثورة لأنه أدرك باكراً أن الثمن أقوى من أن يستطيع الشعب السوري الأعزل دفعه بمفرده في مواجهة نظام عالمي يشجّع قذارة النظام ووحشيته. كانت وجهة نظره تلك مشوبة بالمرارة والصمت، والأمراض الكثيرة التي كان يعانيها منذ سنوات، وحالته الاكتئابية الفنية التي منعته أن ينجز مشروعاً مهمّاً في السنوات العشر الأخيرة قبل رحيله، التي كان شقيقه المخرج اللمّاح مؤمّن الملا خير سند فيها، يحاول إخراجه من عزلته وآلامه، دون أمل يرتجى.

نبوغ فني وطموح وقّاد

رحل بسام الملا قبل أسبوعين من الاحتفال بعيد ميلاده السادس والستين في شباط/ فبراير المقبل.. كان منذ بداياته الأولى مخرجاً واعداً ممتلئاً بالروح السورية الأصيلة، وبالطموح الوقّاد الذي أنجز الكثير، لكن اعترته الشيخوخة المبكرة والاكتئاب الحاد. كان تعبيراً حقيقياً عن نبوغ فني كان يلزمه بعض الثقافة كي يبلغ مستوى العالمية، لكن في هذا الزمن السوري الضائع لكل شيء حدود.

رحم الله بسام الملا.. المخرج الذي كان يخشاه الممثلون الذين يعملون معه لأنهم يعلمون أنه كان بعيداً عن أسلوب الرشاوى الجنسية للحصول على الأدوار، المخرج الذي كان يناديه الجميع "الآغا" في لقب شرفي من زمن لم يعد فيه آغاوات.. ورحم الله صورة دمشق التلفزيونية التي أبدعها بسام الملا بحُبّ، فتألّقت وخبت على يديه، وتحوّلت إلى لعنة على أيدي مقلِّديه الصغار.  

التعليقات (5)

    ابو آدم

    ·منذ سنتين شهر
    ما من احد (شوه) التراث السوري مثلما فعل بسام الملا في باب الحارة من الجزء الرابع رصرلا" إلى الجزء الذي صنعه المنتج (الأمي) محمد قبنض

    بعهد الأسد انتف ريش السوريين من كل الجهات

    ·منذ سنتين شهر
    بسام الملا كردي وهو غير ملم أو ضارب الجذور بالعادات والمجتمع الدمشقي العريق لذلك انتاب اعماله الكثير من السقطات والمغالطات لاتمت للعائلات الدمشقية ولا من تقاليدهم. مع احترامنا لأهلنا واخوتنا الكورد لكن الحق يقال.

    فواز عبد القادر

    ·منذ سنتين شهر
    يحسب لبسام الملا أن استنهض مدينة دمشق و هي خراب منذور، تخيلوا ذاكرتنا بلا مسلسل أيام شامية أو الخوالي أو ليالي الصالحية، دعونا من باب الحارة...بسام الملا قدم دمشق بحب كبير لكنه غير مثالي ..رجمه الله وغفر خطاياه

    مرحبا

    ·منذ سنتين شهر
    لكل واحد عم يعلق ويتفلسف بتعليقات سخيفة ، كونو اول شي ع قدر ابداع المخرج الكبير بسام الملا بعدين تعالو احكو ...ترحمو عليه افضل من تعليقاتكن السخيفة يلي لا بتقدم ولا بتأخر... كلمة واحدة تقال...الله يرحمك يا بسام الملا و يجعل مثواك الجنة ....

    أحمد المهاجر

    ·منذ سنتين شهر
    أيام شامية والخوالي والأجزاء الأولى من باب الحارة أعمال فنية عملاقة جذبت كل من شاهدها وبقوة وستبقى إرثا فنيا لمدة طويلة. رحم الله المخرج بسام الملا وأسكنه فسيح جنانه.
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات