لماذا تكذب إسرائيل حين تتحدث عن إيران؟

لماذا تكذب إسرائيل حين تتحدث عن إيران؟
منذ انطلاقة الثورة السورية لم تُخفِ إيران أهدافها في سوريا، سواء بالوقوف إلى جانب نظام الأسد وقتل الشعب السوري، أو بأهدافها تجاه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؛ فالشعب السوري الرافض لحكم بشار الأسد إرهابياً من وجهة نظر إيران، والموت لأمريكا وإسرائيل ما هي إلا شعارات ما فتئت ترددها عمائم وأبواق إيران.

في الميادين والساحات السورية ومنذ عام 2012 بدأنا نسمع عن تشكيل إيران لحزب الله السوري، وأوكلت المهمة لسمير القنطار وجهاد عماد مغنية. وقد عينت العميد من الحرس الثوري الإيراني محمد علي دادي مشرفاً عليهم لتسيير المشروع، ولاحقاً اغتالتهم إسرائيل تباعاً وتخلصت منهم برسالة واضحة أنه لا جنوبَ سورياً آخر مشابهاً لجنوب لبنان في سوريا.

عندما تعهدت روسيا لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والأردن بإبعاد إيران ما بين 50 و80 كم عن القنيطرة وحدود الأردن مقابل عودة الأسد للسيطرة على الجنوب السوري ووقف دعم فصائل الجيش السوري الحر, وجدنا أن روسيا نفسها أعلنت فشلها بتلك المهمة, وأن ميليشيات إيران زادت من وجودها بالجنوب السوري، وأنه حتى من خرج من ميليشيات إيران من الجنوب السوري نهاراً بلباس الحرس الثوري الإيراني، عاد إليه ليلاً بلباس الفرقة الرابعة التي تنهج وتعمل وفق إرادة إيران, ومؤخراً هدد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي النقيب بشار الحسين ضابط استطلاع اللواء 90 (لواء الحيطة) العامل في الجولان من تعاونه الوثيق مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني, وعندما استمر بنشاطه قامت المدفعية الإسرائيلية منذ أيام بقصف مكتبه وتدميره.

قوافل وشحنات الإمداد العسكري الإيراني عبر كل الطرق الجوية والبرية والبحرية, لم تتوقف يوماً، وكل الضربات الجوية الإسرائيلية والأمريكية على قوافل السلاح الإيراني القادمة إلى سوريا، كانت تجبر إيران على تغيير إسلوب النقل مع بقاء مبدأ الحشد والتخزين في الأراضي السورية، وعندما زاد القصف على مدرجات ومستودعات الجناح العسكري بمطار دمشق الدولي الذي تسيطر عليه إيران, نقل الحرس الثوري الإيراني جهوده للكوريدور الإيراني على الحدود العراقية السورية... وعندما زادت الضربات الجوية الإسرائيلية وضربات طائرات "درون" التحالف لهذا الكوريدور, وجدنا ساحات مرفأ اللاذقية تغدو مرتعاً للإيرانيين ولشحنات أسلحتهم، فاضطرت إسرائيل لقصف مرفأ اللاذقية مرتين متتاليتين خلال شهر واحد، ودمرت شحنات متطورة من الصواريخ والعناصر الحساسة الذكية التي تركب على رؤوس الصواريخ التكتيكية، إضافة لطائرات "درون" كانت تنوي إيران تزويد حزب الله وميليشياتها في سوريا بها.

اليوم تخرج علينا أصوات من إسرائيل لتحدثنا عن انسحاب إيراني كبير من سوريا وصل لحدود 75% من تعدادها، حيث ورد أن قيادة شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش (أمان) تعتقد بأن تأثير الضربات الإسرائيلية بات ملموساً على الحراك الإيراني. وتقول إن إيران قلّصت ما يزيد على 75 في المئة من قواتها في سوريا، وخفضت من شحنات الأسلحة التي ترسلها إلى لبنان. وفي مواقع عدة انخفض نشاط الميليشيات الشيعية في سوريا، كما أن «حزب الله» اللبناني خفّض أيضاً من نشاطه في سوريا مؤخراً، حسب معلومات الاستخبارات العسكرية (الشرق الأوسط).

وقبلها منذ أشهر قليلة كنا سمعنا عن تصريحات لقادة عسكريين إسرائيليين بأن نسبة التهديد الإيراني أو تهديد حزب الله من سوريا قد تقلصت، بفضل الضربات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف لإيران وحزب الله في سوريا، وأن التهديد بالشمال (الجنوب اللبناني) هو بأقل نسبه عما كان عليه سابقاً.

تلك التصريحات التي تنافي الحقيقة هي غريبة ومستهجنة, ولا تتقاطع مع المعطيات الميدانية التي تحصل على المسرح الجغرافي والعسكري السوري.

فالتقارير الواردة من البوكمال تحدثنا عن قرب انتهاء الحرس الثوري الإيراني من تشييد أكبر قاعدة برية له خارج إيران وهي قاعدة "الإمام علي" التي تمتد على مساحة 6 كيلومترات مربعة جنوب مدينة البوكمال السورية, وأن منشآت تلك القاعدة روعيت فيها مبادئ التحصين والتمويه القتالي, وأن معظم منشآتها هي تحت أرضية بنيت بطريقة تقاوم فيها الضربات الجوية مع قنابل جي بي يو28, وجي بي يو57 التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية والخاصة بتدمير التحصينات تحت الأرضية وعلى أعماق تصل لـ40م.

أيضاً التقارير التي ترد من شرق سوريا تتحدث عن إيجاد الحرس الثوري الإيراني لبديل عن منظومات الدفاع الجوية الروسية والسورية من خلال نقل وتركيب منظومة دفاع جوي إيرانية (باور373), ولتأمين عملها وُضعت لها محطتا كشف رادارية، واحدة في قاعدة اللجاة شمال السويداء مقابل الجولان المحتل والأخرى قرب مدينة الميادين السورية.

وتقرير آخر لمركز "ألما" الإسرائيلي منذ يومين يقول: إن إيران تشرف على بناء مجمع محصن في جبل "محمد بن علي" شمال مدينة تدمر, والمجمع مجهز بصواريخ بالستية متوسطة وبعيدة المدى "أرض_أرض", وإن تلك الصواريخ قادرة على الوصول لمعظم الأراضي الإسرائيلية وكامل مواقع التحالف الدولي في شمال شرق سوريا وقاعدة التنف, وهي من نوع "فاتح 110" و"شهاب1_2" ويتراوح مداها بين 300 و500 كم, إضافة لصواريخ إيرانية من نوع "زولفاغر" المطورة عن صاروخ فاتح 110 يصل مداها لـ750كم, إضافة لبطاريات دفاع جوي إيرانية استقدمت لتأمين التموضع الإيراني والقواعد الإيرانية في سوريا وخاصة الكوريدور الإيراني ما بين العراق وسوريا.

أيضاً ورد تقرير كشفت عنه قناة (العربية) عن مصادرها الخاصة وتحدثت فيه عن اجتماع جرى في السادس من كانون الثاني/يناير 2022 في مقر الوحدة 112 التابع لقيادة المنطقة الجنوبية في حزب الله في منطقة الزبداني وفي بلدة سرغايا بالتحديد, وضم الاجتماع قيادات من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله في سوريا، والاجتماع كان خاصاً بمقترحات ضرورية حول إعادة تنظيم الممرات العسكرية في سوريا, والخاصة بنقل المعدات العسكرية اللوجيستية والتقنية المخصصة من الحرس الثوري الإيراني لحزب الله وميليشيات إيران في سوريا، ويتم نقلها عبر الأراضي السورية, وتم التوافق على إخلاء وإعفاء الجيش السوري وجيش لبنان من كافة المهام المشتركة مع نقاط تموضع حزب الله وعلى كامل الحدود السورية اللبنانية ومن الجانبين على حدود دمشق وإبقاء الوضع السابق على حدود محافظة حمص مع لبنان، مع ضرورة تزويد الحرس الثوري لحزب الله بمعدات تقنية إضافية تختص بالبنية التحتية لحزب الله الخاصة بشبكة الأنفاق ومقرات القيادة على جانبي الحدود لحماية تنقلاتها وتحركاتها, واعتبار بلدة سرغايا هي نقطة تسليم الشحنات الإيرانية التي يتم نقلها من قبل الحرس الثوري عبر الوحدة 190 التابعة لفيلق القدس داخل الأراضي السورية وتسليمها لحزب الله.

هذه التقارير وتلك الأنشطة مع كل التحصينات وشبكات الأنفاق ومقرات القيادة، ومنظومات الصواريخ البالستية والعابرة للحدود مع شبكة دفاع جوي إيرانية مستقلة, لا أعتقد أنها وضعت لتنسحب إيران ولتخفف وجودها 75% كما أرادت إسرائيل إقناعنا، أضف لذلك أن إسماعيل قاآني ومنذ فترة وجيزة تفاخر متشدقاً أنه يحافظ على إرث قاسم سليماني في المنطقة والتي أنشأ فيها 82 لواء من الميليشيات التي تتبع لإيران، 60 منها في سوريا.

ختاماً..

 إن كانت الحكومة الإسرائيلية تريد الترويج لأخبار تخدم أجنداتها الانتخابية أو تقوية معنويات شعبها، فعليها أن تحذر من انعكاسات مستقبلية خطيرة قد تقلب تلك التصريحات... فالوجود الإيراني كان ولا يزال في حالة تصاعدية في سوريا، وإيران التي أنفقت حسب ادعاءاتها أكثر من 60 مليار دولار في سوريا لن تنسحب قبل تحقيق أهدافها، وأهدافها لا تحل بالمال، فلديها مشروع فارسي تعمل عليه منذ عشرات السنوات، ومن يريد إخراج إيران من سوريا كضرورة لأمنه القومي فليعلم أن تلك التصريحات ليست الحل, الحل يكون عبر حملة عسكرية جوية لا تبقي ولا تذر، تقتلع كل راية نصبها قاسم سليماني وحسن نصر الله في سوريا، لأن إيران كالدب الروسي لا تفهم إلا بلغة القوة.

التعليقات (2)

    Omar

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    لو كنت عدوا للإسلام والعرب لدعمت المجوس بكل ما أوتيت من قوة لأن عقيدتهم تقول يجب إبادة العرب و هم يقولون علانية أن مهديهم سيذبح العرب ذبحا وسيهدم الكعبة وسيحفر القبور التي في مسجد المدينة. أمريكا وروسيا مكنت للمجوس في العراق وسوريا وقريبا ستسلم الأردن للمجوس وسيهرب الملك بعد أن يتم المهمة.

    NADIM

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    يبدو أن إسرائيل تتغابى حينما تقول أن خمس وسبعون بالمئة من القوات الإيرانية قد غادرت سوريا .هذا هرأء هم فقط استبدلوا ملابسهم العسكرية بلباس الجيش السوري ورفعوا أعلامه ،والآن عددهم على الحدود الأردنية بعشرات الألوف.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات