ما جرى هو معاقبة هؤلاء المنشقين نيابة عن نظام أسد، وكل من ساعد في ذلك هو شريك لنظام القرداحة سواء فعل ذلك بحسن النية أو مسترزقا سياسيا وماديا من هذه القضية.
هي رسالة لكل منشق خاصة من الأجهزة الأمنية والعسكرية وهم بالآلاف بأن بعض الدراويش والمرتزقة جاهزون لتولي مهمة معاقبتهم نيابة عن نظام القرداحة، وهو رسالة لكل من لم ينشق بأن إياكم وأن تفعلوا.
العدالة العمياء التي يروج لها البعض في حالة هؤلاء ليست عدالة، فبدون بوصلة وقراءة المشهد بكل أبعاده خاصة مع التعقيدات الهائلة فيه في حال الثورة السورية، وبالنظر لقدم عهد نظام القرداحة وسيطرته التي ظن الناس حتى قيام الثورة السورية بأنها أبدية، وبالتالي انخراط كثيرين معه بأشكال ودرجات مختلفة كأمر واقع؛ بدون قراءة كل المشهد مع كل ما سبق من أبعاد فذلك يعني أن العدالة العمياء ليست بالعدالة المنشودة هنا، وإن حققت هدفا بالحكم على هذين المنشقين فقد سددت بالمقابل ألف طعنة للثورة السورية التي يدعي من كانوا وراء الدعوى سعيهم لتحقيقها انتصارا للثورة السورية، ومعظم هؤلاء يدركون ذلك لكنهم يتعامون كما عدالتهم التي يدعون تحقيقها.
أدعوكم هنا بالعودة إلى مقال مفصل لي حول الموضوع كتبته منذ أشهر في نفس هذا الموقع وفي نفس السياق وناقشت فيه أيضا الادعاء على مجدي نعمة /إسلام علوش.
زار علي مملوك إيطاليا منذ عام لكن لم يتحرك هؤلاء لمعاقبة من استقبلهم، ومن المؤكد أن آخرين من عتاة مجرمي نظام القرداحة الحاليين فعلوها سرا أو سيفعلونها وسيصمت هؤلاء لأن ذلك سيغضب الحكومات الأوروبية ومنها الألمانية، فمحاكمة منشق حقيقي انشق منذ البدايات أسهل وأكثر ربحا وتسولا للشهرة والتمويل، ولتذهب الثورة السورية عن هؤلاء إلى الجحيم.
وما يهم هؤلاء، فإن الأمر إلا خطيئة أخرى بحق الثورة وتضحياتها وضحاياها الذين يدعون إنصافهم، خطيئة تضاف إلى أضراب هؤلاء من فاشلي واجهات المعارضات منذ أول تشكيل لها السابقين وقد ارتكبوا من الخطايا ما يصل لحد الجريمة، وها هي خطيئة أخرى من الحاليين تفسر بعضا من المآل التي وصلته الثورة بسبب هؤلاء السابقين والحاليين.
باختصار، ما جرى كان سقوطا سياسيا كاملا، وسقوطا أخلاقيا إلى حد بعيد، وطعنا بالثورة السورية لا انتصارا من أجلها كما يدعي البعض، لذلك ولكل من يهلل بطيبة لما جرى أقول لهم أن لا يخدعنكم ظاهر الحكم وبعض من سعوا فيه، بل إن بعضهم في وقت سابق كان ممن شجعوا وصادقوا وساعدوا على وصول نفس هؤلاء المنشقين المحكومين إلى ألمانيا ثم تغيرت مصلحتهم المادية والسياسية فزادوا وشاركوا في هذه الحفلة البعيدة عن أي قداسة وثورة.
التعليقات (7)