رسلان الذي يعتبر نفسه بريئاً من كل التهم الموجهة له، التزم الصمت طوال فترة المحاكمة الماراثونية، ولكن ضابط العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب المدرَّب في روسيا، تحدّث بورقة دفاعه التي تلاها محاميه، أنه لم يشارك في قمع التظاهر في الشارع، وأن هذا ليس من اختصاص فرعه الذي كان يترأّس قسم التحقيق فيه، قائلاً إن ما حصل في الحولة واستشهاد عدد من أفراد عائلة زوجته، واستشهاد طفل في حمص، أسباب كانت وراء انشقاقه عن النظام.
موقع (أورينت نت) رصد مُجريات هذه المحاكمة، ويقدّم أبرز الشهادات التي أفضت لقضاء ضابط رفيع المستوى في المخابرات بقية حياته في سجن ألماني:
رياض سيف: أقرضت العقيد رسلان 2000 دولار
كانت جلسة السادس والسابع من شهر آب سنة 2020، مخصّصة لسماع شهادة رجل الأعمال والمعارض الدمشقي البارز رياض سيف.
سيف وفي معرض سؤاله عن تاريخه مع فرع الخطيب التابع لأمن الدولة والمعروف بالرقم 251، قال: "هذا الفرع أسّسه محمد ناصيف أحد خمسة أشخاص مقرّبين من حافظ الأسد، "وأكمل سيف" أن هذا الفرع مسؤول عن مراقبة الصناعيين والتجار، وذكر تعرُّضَه لمضايقات شديدة بسبب نشاطه المعارض: "كانت المضايقات تستهدف القضاء عليَّ تجارياً"، وتطرّق سيف للجنة التي عرض عليها وتضم كبار ضباط الأمن وقد تعرف على أصوات توفيق يونس وعلي مملوك" وطلبوا منه عدم التعامل مع الدبلوماسيين والإعلام والقيادات الكردية".
وعن نشاطه بالمنتدَيات وربيع دمشق، تحدّث سيف عن فترة اعتقاله الأول بين عامي 2001 و 2006، وأنه استُدعي لهذا الفرع بعد خروجه من السجن: "داهموا منزلي في الخامسة صباحاً، واقتادوني لفرع الخطيب وبقيت حتى الساعة الحادية عشر ليلاً، وقد تكرر إيداعي السجن خلال التحقيق، عدة مرات". وردّاً على سؤال القاضية لسيف عن المسؤول عن أوامر القتل والاعتقال والتعذيب الممنهج، أجاب: "بشار الأسد المسؤول عن جميع أنواع العنف الممنهج". بهذه الكلمات اختصر المسؤولية. بما يخص معرفة سيف بالمدَّعي على العقيد المنشق أنور رسلان.
وأكد سيف صداقته بالمحامي أنور البني، وموقفه المصنِّف لرسلان كمذنب، ولكنه لم يتحدث مع البني عن رسلان: "لم يكن المتهم قادراً على فعل شيء، لقد وصل لهذا المركز وهو سنّي، ولا يمكن تخيل كيف حدث هذا". وهذا رأي رياض سيف الشخصي، معتبراً المرتكب لجرائم ضد الإنسانية لا يمكن غفران ذلك له أو الانتقاص من جرمه أو نكرانه، وعن قيام رسلان بعمليات تعذيب، أجاب سيف: "لم ألتقِ رسلان في سوريا، حتى أثناء وجودي في فرع الخطيب، لا مكان له في ذاكراتي كمعتقل".
وأردف: "لا يمكن نكران وجود عمليات تعذيب في فروع أمن نظام بشار الأسد"، وعن معرفته بالمتهم رسلان، كان رد سيف بمعرفته عن طريق صديق زوج ابنته وأنه من الحولة وقدم مساعدات كثيرة، وأكمل سيف عن مساعدته المادية لرسلان حيث أقرضه مبلغ 2000 دولار أعاد رسلان نصفها ولم يعد النصف المتبقي.
وأكد سيف: "كنت متفاجئاً"من عدم مشاركة رسلان لمعلومات عن الأذرع الأمنية للنظام، وعن أحمد الجربا رئيس الائتلاف السوري، الذي يزعم رسلان أن في حوزته معلومات عنه أثناء اعتقاله.
أنور البني:التعذيب بوحشية وسيلة إثبات ولاء
المحامي أنور البني كانت بداية حديثه عن اعتقاله عام 2006، متهماً العقيد أنور رسلان أنه هو ذات الشخص الذي اتّهمه بالقتل والسرقة، وهو ذات الرجل الذي سلّمه للمحقق في الفرع، وهو ذات الشخص الذي سلّمه أغراضه الشخصية لدى الإفراج عنه. هذه المرة اعتبرها البنّي غير المرات السابقة السمعية، حيث تمكن هذه المرة من رؤية وجهه لمدة دقيقتين: "حينما سألت الشرطة، الذين يعرفونني بحكم عملي في مجال حقوق الإنسان عن هذا الشخص أجابوا: هذا أنور رسلان".
واعتبر البني خلال شهادته عدم إمكانية وصول ضابط سني وغير علوي في الفروع الأمنية لمستوى رفيع، سوى عن طريق الوحشية في التعذيب، ليثبت ولائه لبيت الأسد.
عامر مطر: أكثر مكان أحس فيه بالألم
الناشط السوري عامر مطر من طرفه أدلى بشهادته ضد المتهم العقيد المنشق أنور رسلان: "متأكد أن الضابط هو من ضربني"، هكذا بدأ عامر الحديث عن التظاهرة بالقرب من مجلس الشعب السوري في الخامس من شباط 2011، يقول مطر حينها إنهم اعتقلوا اثنين من أصدقائه، وحينما طلب الإفراج عنهم ضربه رسلان الذي صوّره عامر مطر في جنازة عمر أميرالاي المخرج السوري الكبير: "لا يمكن نسيان وجوههم" هكذا تحدث مطر عن نشاطاته الصحفية وتلك الميدانية في الشارع، التي جعلت منه عرضاً للملاحقة الأمنية والاعتقال عدة مرات، حيث اقتيد لفرع الخطيب وتعرض بحد زعمه "لتعذيب شديد وضرب.. نعم رسلان ضربني لأنني صوّرته"، وتطرق لأساليب التعذيب في فرع الخطيب، عن أكثر مكان وصفه مطر : "أكثر مكان أحس فيه بالألم".
ملاحظات على الهامش:
عرفت جلسات سير محاكمة أنور رسلان بعدم سرية معلومات الشهود وشهاداتهم، والذي يوجبه حق حماية الشهود، ورصد موقع (أورينت نت) قيام المركز السوري لحقوق الإنسان برئاسة أنور البني، حيث تابعت العاملة فيه (ل.و) بصفتها مراقبة المحاكمة، و لعبت دور آخر، هذا الدور هو مراسلة لعدة مواقع إلكترونية، وهي نفسها قامت بإعداد فيلم عن هذه المحاكمة. هذه الثغرات كانت يجب على القائمين على المحاكمة ضبطها لسلامة التدابير والاجراءات.
التعليقات (3)