حين يتحول المحلل إلى بوق: متى كان النكران حلاً؟!

حين يتحول المحلل إلى بوق: متى كان النكران حلاً؟!
ليس مستغرباً من أبواق نظام الأسد وفي كل اللقاءات الإعلامية التي تجمعنا معهم على بعض المحطات "مضطرين"، أو حين نسمعهم, أن ترى محاور حديثهم تتجلى بنقطتين أساسيتين: النكران والذهاب للشخصي بالتجريح للضيف المقابل لهم من الطرف الآخر, وهذا أمر اعتاد عليه كل من يخرج معهم بلقاءات مشتركة على شاشات الإعلام العربي والإقليمي والأوروبي الناطق بالعربي.

من حيث النكران تجد تلك الأبواق وبدلاً من الاعتراف بالواقع الماسأوي أو بجزء من الانتهاكات والجرائم وتبريرها (وإن كانت لا تبرر), تجدهم يمارسون عملية تغييب عقول المشاهدين عبر نكران كل ما يتم تناقله عبر وكالات الأنباء وعبر مشاهدات المراسلين, وعندما يفشل في عملية النكران التي عادة لا تجدي نفعاً, تراه يذهب للتجريح والهجوم الشخصي على الضيف المقابل, وهذا أمر أيضاً ليس بغريب عمن يدافع عن المجرمين الذين قتلوا البشر ودمروا الشجر والحجر, فالمجرم ليس فقط من يرتكب جريمة, فالمدافع عنه مجرم أيضاً.

هذا عند أبواق النظام, لكن أن تصبح لدينا في مناطق أخبرونا أنها محررة، نفس الوسائل ونفس الأساليب ونفس النهج للبعض، فتلك طامة كبرىَ!

خلال لقاءين على شاشة (أورينت) كان هناك من يدّعي أن يمثل الجيش الوطني، تارة مدني يتحدث باسم التوجيه المعنوي, وتارة ضابط برتبة رائد مسرّح منذ عام 2003 رفّعه أحد أمراء الحرب الأميين لرتبة عميد وجعله مرافقاً شخصياً له وقبل بذلك للأسف.. وبغض النظر عن موقع هؤلاء, كان عليهم الإدراك أنهم على منبر (أورينت) الذي يعرف القاصي والداني أنه منبر واقعي، لا يزوّر الحقائق ولا يخدع المشاهد، لحساسيته المطلقة وإدراكه العميق أنه يتعامل مع حاضنة الثورة التي يوجه لها معظم خطابه؛ وبالتالي كان على من يخرج على شاشة هذا المنبر أن ينطلق من نقطتين أساسيتين:

- النقطة الأولى: أن عملية المراوغة خطيرة وغير مجدية وأن الاعتراف بالواقع هو الطريق الأسلم للبحث عن حلول لتجاوز تلك الأخطاء أو الانتهاكات وكل من بالمحطة قبل الضيوف يهدفون لذلك, وتلك هي جل غايتهم.

- النقطة الثانية: أن عملية التذاكي وعملية قلب الحقائق ليست بمصلحة الثورة, وأن محاولة التعمية وتغطية الواقع بلباس وردي كاذب, ستكون له منعكسات خطيرة على حاضنة الثورة التي تراقب وتشاهد وتعلم الحقيقة, أضف لذلك أن عملية إخفاء الحقائق تجعل من تلك الانتهاكات نهجاً وعرفاً للبقية، فتصبح الخطيئة فضيلة عند البعض ويسهل السير بركابها.

هؤلاء الذين ما زلت أصر على تسميتهم بالضيوف مارسوا من خلال ظهورهم الإعلامي وبأكثر من منبر نفس سياسات أبواق النظام من حيث سياسة النكران ومن حيث سياسة التجريح والشتائم, وقلبوا الحقائق, وزوروا الوقائع, وجعلوا من الشمال المحرر مناطق تنافس بخدماتها شمال سويسرا (كما قال لهم أحد المعلقين), بل إن أحد (اليوتيوبريين) حذر الشمال السوري من احتمال تعرضه لموجة هجرات قادمة إليه من أوروبا عبر أوروبيين بعد سماعهم لحالة الرخاء والاسترخاء التي يعيشها المهجر والنازح السوري, خاصة مع الخدمات الطبية الجليلة التي تقدم له من الحكومة المؤقتة, إضافة لخدمة الخبز المجاني والمدعوم, والأمن والأمان، وخدمة الجامعات المثالية وغيرها من خدمات فاقت ما تقدمه الدول الأوروبية لمواطنيها والقادمين إليها.

وبعد تلك الجرعة المميتة التي قدمها من سموم الكذب والخداع والغش والتدليس والتضليل, ينتقل هذا الضيف ليتحفك بموشحاته التي تربى عليها من شتائم وسباب وكلام أقل ما يقال عنه أنه يصدر عن عديم أخلاق ودين.

لكن لو كان لهؤلاء أقل معرفة بالعمل الإعلامي, وبتوجهات الإعلام, وخاصة لمحطة أطلق عليها "قناة الثورة"، كان عليهم أن يعلموا أن الغاية من طرح تلك الفقرات وتلك المواضيع ليس التشهير بفلان أو بجهة ما, وليست الغاية نشر (الغسيل الوسخ) كما يصر البعض أن يسميها, بل الغاية تتمحور بوضع اليد على الجرح, ومعرفة الداء لوصف الدواء, وأن ترك جرح اليد مغطى بأكاذيب الشفاء يعني  قطعها بالمستقبل بعد أن تتفشى فيها (الغرغرينة), خاصة أن تلك الانتهاكات أو تلك المنغصات باتت تشكل مساحة أكبر من مساحة العمل الصحيح بمناطق أخبرتمونا أنها محررة, وكان عليهم أن يعلموا أن (حبل الكذب قصير), وأن المواطن السوري في معظم الجغرافية السورية معروفاً عنه الذكاء العالي, وقدرته على التمييز بين الصالح والطالح, وبين الكاذب والصادق, وكان على هؤلاء أيضاً أن يعلموا أن أكاذيبهم لا تحتاج لكثير من التدقيق ولا لكثير من البحث لكشفها, كون المواطن السوري يعيش تفاصيلها في يومياته وحياته مع أطفاله وعائلته وفي عمله ولديه مشاهداته ويراقب ويلحظ بأم العين كل ما يقال ويحدث, ويعرف حقيقة ما يحصل.

كم كان مجدياً أن نخرج جميعاً لنصف الأخطاء التي تحصل ولا نعممها, ونكشف المخطئين ونشير إليهم بالبنان ليعرفهم الجميع ويعزلهم ويبعدهم عن طريق ثورة شعب يستحق كل الصدق بالتعامل معه, ثم نبحث معاً كضيوف ووسائل إعلام بما فيها من معدين ومخرجين ومقدمي برامج, للبحث عن أفضل الطرق نجاعة لتجاوز تلك المطبات في طريق الثورة, والبحث عن الحلول المجدية التي تدفع بالمسيرة نحو للأمام, ونعمل جميعاً كفريق واحد غايته الإصلاح وفرز المسيئين وعزلهم والشد على أيدي الصادقين وإبرازهم.

متى يدرك من بيده القرار اليوم, أن النهاية لن تكون إلا للعمل الصحيح, وأن الخطأ لن يستمر، وأن رسولنا الكريم (ص) أخبرنا قائلاً: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) ابن ماجة والطبراني, بمعنى أن طريق الخطأ محدود, وأن طريق الصواب هو ما ستجتمع عليه البشر بالنهاية.

متى ندرك أن نكران الواقع ليس حلاً ولا نهجاً ولا طريقاً يودي للنجاة, وأن الاستمرار بالخداع والغش والتدليس وتغليب المصلحة الشخصية على مصلحة حاضنة الثورة هي جريمة وطنية وأخلاقية ودينية, وأنها مدانة بكل المعايير.

هي دعوة للجميع, وأيدينا ممدودة للجميع, لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الأوان, فقمة الخيانة والغدر أن نبارك للمجرم والسارق واللص والشبيح كرمى لمنافع فردية ونتستر عليه, وقمة الخيانة والغدر أن نحابي المجرم وننسى الشهداء وما ضحوا لأجله, وننسى المعذبين بالخيام وصيحات الأرامل واليتامى.

التعليقات (1)

    امراء حرب

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    من بنى مجده على اشلاء السوريين ... من بنى مجده على السرقه والتهريب .. من حول السوريين الى وسيله للابتزاز واتخذهم رهينه لحماية مصالحه .. من اعتبر نفسه الحاكم بامره يجرم ويقتل ويعفو على هواه ... من اعطى لنفسه الحق برمي الناس في السجون والمعتقلات بغير وجه حق ... من داس احلام السوريين وامالهم بالانتقال لدوله مدنيه تعدديه , دولة مؤسسات تحترم فيها حقوق الفرد وسعى لاقامة اماره .. هؤلاء لا يختلفون عن سفاح سوريا وعصاباته!!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات