خلايا داعش تفرض كلفة سلطانية على أهل دير الزور..ماهي وبما تختلف عن الزكاة؟

خلايا داعش تفرض كلفة سلطانية على أهل دير الزور..ماهي وبما تختلف عن الزكاة؟
باتت الفوضى والأوضاع المعيشية الصعبة هي السمة السائدة في محافظة دير الزور وخاصة القسم الخاضع لسيطرة ميليشيا "قسد"، حيث أصبحت الأعباء الكثيرة تثقل كاهل السكان المحليين، وما يزيد الوضع سوءاً فشل الميليشيا في ضبط المنطقة وتهميشها، ما أدى لعديد المشاكل من أخطرها تنامي سطوة تنظيم داعش في المنطقة.

وشكلت عمليات داعش وتهديداته كابوساً مروعاً يخنق السكان ويؤرقهم، حيث وصلت الوقاحة بهذا التنظيم إلى قيامه بتوسيع عملية جبي الأموال من الناس تحت ذريعة جديدة، وتحت مسمى جديد وهو "الكلفة السلطانية".

داعش ينهب المدنيين بفتوى شرعية

وفي حديثه عن هذا الموضوع يقول الناشط أبو الحارث الديري: إن التسمية الجديدة جاءت كبديل لمصطلح "الزكاة" الذي كان يفرضه التنظيم سابقاً، ولكن في منتصف عام 2020 تغيرت التسمية لـ "الكلفة السلطانية"، وجاءت التسمية باعتقاده من ناحية الشرعية، حيث إن التنظيم اليوم لا يحكم فعلياً على الأرض أي منطقة، ولهذا السبب فهو غير مخول بجباية الأموال من الناس.

وتابع الديري، ولذلك تم استبدال التسمية بمصطلح "الكلفة السلطانية"، وباتت هي الذريعة والمسمى الذي يطالب به داعش المدنيين بدفع المال، وهي عبارة عن مبالغ مالية تفرض على جميع المدنيين الذين يراهم التنظيم ميسوري الحال. 

ولا يفرق داعش بين غني وفقير في طلب الأموال وتأتيه معلومات عن كل شخص عبر عيون وخلايا له تحدد له أملاك كل شخص في عدة مناطق، ومن هنا يبدأ التنظيم بتوجيه التهديدات للشخص المستهدف لطلب المال منه وتتنوع وسائله في طلب المال.

رسائل وتهديد

ويقول الناشط "محمد حسن الخالد" من دير الزور: إن الزكاة أو ما يسمى (الكلفة السلطانية) تجبى من الأهالي عن طريق إبلاغ الشخص عبر الموبايل غالباً برسائل واتساب من رقم وهمي، وغالباً من رقم أمريكي يبدأ بــ +1 تنذرهُ تلك الرسالة بضرورة الدفع وإلا التعرض للعقاب. 

وأضاف "الخالد" أن التنظيم يستهدف التجار وأصحاب المواشي والبقاليات ومستثمري آبار النفط ومتعهدي الأفران والأطباء والممرضين وموظفي المجالس المحلية التابعة للإدارة الذاتية، موضحاً أن المناطق التي لا توجد فيها خدمة الإنترنت فيتم إخطار الشخص المراد تحصيل الأموال منه عبر الذهاب لمنزله وإبلاغه، وعادةً تتنقل خلايا التنظيم بواسطة الدراجات النارية.

ولفت إلى أنه تتراوح قيمة المبالغ التي يطلبها داعش من المدنيين تحت مسمى "الكلفة السلطانية" عادة ما بين (700 -1500) دولار أمريكي، وأحياناً تصل لـ 2000 دولار حسب المستوى المادي لكل شخص، لكن غالباً تكون المبالغ ضخمة جداً ويعجز أصحابها عن دفعها، وهنا تحصل مساومات لتخفيض المبلغ تنجح تارة وتفشل تارةً أخرى. 

وتحتوي الرسائل التي يرسلها داعش على تهديد بضرورة دفع المال بسرعة وإلا العقاب، وتحمل الرسالة اسم الشخص المستهدف والمبلغ المطلوب دفعه بالدولار، أما مكان التسليم فيحدده التنظيم، ويضطر الأكثرية للامتثال لرغبتهم والدفع لهم، حتى إن بعض المدنيين يضطرون للاستدانة للخلاص من التهديدات. 

سرقة وأعمال تخريب

من ناحيته يقول أبو خالد من أهالي ريف دير الزور الشرقي: إنه منذ فترة من الزمان وصله كتاب خطي إلى منزله عبر شخصين ملثمين وسلّماه إنذاراً ممهوراً بختم ما تسمى (الدولة الإسلامية) ورد فيه أنه يجب أن يدفع ألف دولار "كلفة سلطانية"، وبعد خمسة أيام حذروه من التأخر بالدفع وإنهم سيأتون لتسلم المبلغ قرب مسجد البلدة عند صلاة الفجر.

وأشار "أبو خالد" إلى أن عناصر التنظيم حذروه أيضاً من مغبة العبث أو الإبلاغ عنهم، مضيفاً أنه لم يكن يمتلك ربع الملبغ الذي طلبوه فجميع أغنامه التي لا تساوي ألف دولار لانخفاض قيمتها بسبب المحل والقحط الذي أصاب المنطقة، ما اضطره لبيع نصف الأغنام والاستدانة لتسديد المبلغ، وذلك خشية على عائلته التي لا يوجد لها معيل غيره.

عمليات خطف وتخريب سابقة

ويتعرض كل شخص لا يمتثل لرغبة داعش للملاحقة وللخطف أو الاغتيال وتخريب الأملاك، حيث إن آخر تلك العمليات حصلت منذ أيام، ففي الـ30 من كانون الأول الماضي أقدم عناصر داعش على إضرام النار في عدد من آبار النفط في منطقة الحريجي شمال دير الزور بحسب ما نقلت شبكات محلية.

وذكر الأهالي أن العملية جاءت بعد رفض مستثمر البئر دفع المال لعناصر داعش طلبوا منه دفع مبلغ 2000 دولار، وعند رفضه أحرقوا البئر واشتبكوا مع أقارب الشخص، كما سبقتها حالة مماثلة بتاريخ 25 من تشرين الثاني العام الماضي، حيث  قام التنظيم بمداهمة أحد الآبار النفطية بالريف الشمالي بهدف تحصيل ما يسمونه "الكلفة السلطانية". 

وقامت مجموعة مسلحة من خلايا التنظيم تركب دراجات نارية بمداهمة بئر "أبو حبّة النفطي" شمال ديرالزور، بعد مطالبة متعهد البئر بدفع المال، ونتيجة رفضه طلبهم وتواريه عن الأنظار قام عناصر داعش بتهديده بحرق البئر ليدفع المبلغ بعد أن تعرض للضرب أيضاً. 

يذكر أن سياسة ميليشيا "قسد" الأمنية الفاشلة وسلطتها الهشة أدت لتعاظم سطوة داعش، فأغلب حواجز الميليشيا في دير الزور تختفي بعد صلاة العشاء، وتبدأ حينها خلايا التنظيم بالتجول وإخافة الآمنين، وما إن يأتي الصباح حتى تبدأ عناصر قسد بأخذ دور الظالم والسارق لأموال الناس الذين لم يعودوا يعرفون من منهما أسوأ من الآخر.   

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات