لغز البادية.. خسائر الأسد وإيران تتزايد رغم التعزيزات ودعم روسيا النوعي!

لغز البادية.. خسائر  الأسد وإيران تتزايد رغم التعزيزات ودعم روسيا النوعي!
على الرغم من إرسال القوات الروسية والإيرانية تعزيزات جديدة إلى منطقة البادية وسط سوريا، وبالتزامن مع إجراء الجيش الروسي وميليشيا جيش النظام مناورات على حدود المنطقة الأسبوع الماضي، والإعلان عن عملية أخرى تستهدف مواقع تنظيم داعش فيها، إلا أن التنظيم استمر في تنفيذ هجمات هناك، أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف النظام وحلفائه.

سلسلة هجمات وخسائر كبيرة

آخر العمليات وقعت مساء الأحد، حيث قُتل 9 من عناصر ميليشيا نظام أسد، وأصيب ١٥ آخرون، في هجوم شنه تنظيم داعش، واستهدف رتلاً عسكرياً ضمّ آليات عديدة قرب الحدود الإدارية بين بادية حمص الشرقية وبادية دير الزور، في منطقة تضم منشآت نفطية. 

من جانبها، نقلت وكالة أنباء "سانا" التابعة للنظام عن مصدر عسكري قوله إنه "عند حوالي الساعة السابعة من مساء الأحد تعرضت حافلة نقل عسكرية لهجوم إرهابي صاروخي في منطقة الـ 50 كيلومتراً شرق المحطة الثالثة في البادية السورية من قبل مجموعة من تنظيم داعش".

الهجوم الأخير هو الحلقة الأحدث في سلسلة عمليات نفذها التنظيم خلال الشهر الماضي، ففي 25 كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢١، قُتل وجرح عدد من عناصر  النظام وميليشيا الفيلق الخامس المدعومة من روسيا، إثر هجوم في جبل البشري  بريف دير الزور الغربي.

سبقه مقُتل 4 عناصر وإصابة آخرين من ميليشيا الباقر المدعومة من إيران في هجوم لداعش بعبوات ناسفة استهدف رتلاً لها على طريق حمص-دير الزور، عند أطراف مدينة السخنة، حسب شبكة "فرات بوست" المحلية.

ومنذ خسارته آخر معاقله في قرية الباغوز بريف دير الزور الشرقي عام ٢٠١٩، دأب تنظيم داعش على شن هجمات تستهدف مواقع وأرتالاً عسكرية في منطقة البادية الممتدة بين محافظتي حمص ودير الزور، وصولاً إلى الحدود مع العراق.

تعزيزات وتحركات

ورداً على الهجوم الأخير، شنت طائرات حربية روسية يوم الأحد نحو 20 غارة على مواقع يُعتقد أن داعش يتحصن بها في البادية ضمن محافظتي حمص وحماة، وقبلها شنّت الطائرات الروسية غارات على مواقع في بادية الرصافة شمال شرق الرقة.

الغارات جاءت بعد وصول سرب من 8 مروحيات روسية إلى مطار تدمر العسكري قادمة من قاعدة حميميم العسكرية، بالتزامن مع تعزيزات عسكرية مشتركة من "الفيلق الخامس" و"لواء القدس" المدعومين من موسكو، والتي توجهت من دير الزور إلى تدمر، وضمّت مئات الجنود والآليات، حسب مصادر محلية.

وسبق للجانبين أن أطلقا خلال العامين الماضيين العديد من العمليات، بالتشارك مع ميليشيا جيش أسد في منطقة البادية، بهدف القضاء على خلايا ومجموعات تنظيم داعش التي تنشط هناك، ورغم الإعلان عن قتل أعداد كبيرة من مقاتلي التنظيم والقضاء على قدراته، إلا أن هجمات جديدة ينفذها داعش وغالباً ما تكون أشد شراسة من سابقاتها.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي أن هناك ما هو استراتيجي في عمليات داعش بمنطقة البادية، مشيراً إلى أن هجمات التنظيم لم تنقطع أصلاً لكنها أصبحت نوعية في الفترة الأخيرة الماضية.

ويضيف في حديث لـ"أورينت نت": من أهم أسباب تصعيد داعش مؤخراً في البادية، استفادته من فصل الشتاء حيث يوفر الطقس مناخاً مثالياً لعملياته، إضافة إلى غياب أي هجمات من قوات التحالف ضده في سوريا، وكأنّ هناك غض طرف أمريكي متعمداً تجاه نشاط التنظيم في مناطق النفوذ الإيرانية بسوريا، الأمر الذي تحاول روسيا المساعدة في مواجهته من خلال إطلاق عمليات من وقت لآخر، وجلب تعزيزات من أجل هذا الهدف.

تنافس وتعاون بين موسكو وطهران

التعزيزات هذه تأتي تمهيداً على ما يبدو لعملية جديدة تنوي القوات الروسية تنفيذها في محيط مدينة تدمر، التي تزايدت مؤخراً مظاهر الاهتمام العسكري الروسي بها، علماً أنها منطقة تنافس بين موسكو وطهران.

وحسب مصادر خاصة تحدثت لـ"أورينت" فإن الروس يسعون إلى استغلال فشل الميليشيات الإيرانية في وضع حد لهجمات تنظيم داعش في البادية من أجل تعزيز وجودهم العسكري فيها، خاصة بعد أن رفضت إيران إخلاء مطار (التي فور) لصالح القوات الروسية.

لكن المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر يستبعد وجود أي تنافس روسي-إيراني في هذه المنطقة "الجرداء القاحلة التي لا تحتوي أي ثروات أو ميزات باستثناء حقلي نفط، لكن الأهم أنها تمثل ممراً للطريق البري الذي تستخدمه إيران في نقل وتهريب المقاتلين والأسلحة والإمدادات من العراق إلى دمشق وجنوب سوريا".

من جانبه يرى علاوي أن هذا التنافس موجود خاصة فيما يتعلق بحقول النفط، "حيث الوجود الإيراني يتجه فوراً إلى أي منطقة تحتوي عليه، وهو أمر لا تقبله روسيا، إضافة إلى أن طريق الإمدادات البري بين دير الزور ودمشق يعتبر مهم جداً بالنسبة للروس، الذين يجهدون من أجل وصول امدادات النفط والقمح وغيرها من المواد المصدرة من مناطق سيطرة قسد إلى مناطق سيطرة النظام".

فشل 

لكن هذا التعاون بين طهران وموسكو من أجل تأمين منطقة البادية لم يؤد إلى نتائج إيجابية حتى الآن، ولذلك يرى العقيد الأسمر أن "روسيا وإيران فشلتا في التعامل مع تكتيكات داعش و الأساليب القتالية التي يستخدمها في البادية السورية"، مشيراً إلى أن الطرفين يحاولان تجميل هذا الفشل بالحديث عن تنافس بين قواتهما ويتسبب بالفشل.

ويقول في حديثه لـ"أورينت نت": من الناحية العسكرية فإن أخطر ما تصادفه الجيوش النظامية هو أسلوب حرب العصابات و الاستنزاف الذي ينتهجه داعش، والسبب أن مواقع هنا هي مواقع افتراضية، إذ إن التنظيم في هذه البادية الواسعة، التي تمتد من طريق أثريا-حلب و بادية الرصافة في الرقة غرباً، وصولاً لبادية الميادين والبوكمال والحدود العراقية شرقاً، إلى تلول الصفا في بادية السويداء وانحداراً لبادية تدمر والسخنة، يظهر فجأة ويختفي فجأة ( قتال الاشباح).

فشل روسي-إيراني يؤكد عليه المحلل علاوي، ويعتبر أن أبرز أسباب هذا الفشل هو الاستعداد المسبق للتنظيم من أجل التمركز في البادية وخوض هذا النوع من المعارك، حيث توفر له تضاريسها وخبرته الواسعة في تفاصيلها سهولة التحرك وزرع الألغام ونصب الكمائن وشن هجمات بمجموعات صغيرة ورشيقة، وغيرها ذلك من أشكال حرب العصابات.

يستبعد المحللون أن تنجح روسيا في تحقيق نجاحات مهمة خلال عملياتها التي تستعد لتنفيذها بمنطقة البادية ضد تنظيم داعش، من أجل تأمين طرق الإمداد وإنقاذ سمعة الجيش والأسلحة الروسية، بينما يرى آخرون أن القضاء على التنظيم لم يكن هدفاً نهائياً للروس الذين يؤمن استمرار وجوده ذريعة دائمة لتوسيع انتشارهم في سوريا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات