بيان الإخوان.. العودة إلى سوريا عن طريق إيران!

بيان الإخوان.. العودة إلى سوريا عن طريق إيران!
من أكبر الأخطاء، التعامل مع مواقف جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بطريقة ردّ الفعل، الذي يبدأ فور الفعل وينتهي بانتهاء ارتداداته الآنية.. بمعنى أن الحجر الذي ترميه الجماعة لا يكفي التفاعل مع فقاعات الماء التي تتشكل عقب سقوطه فيها، ومن ثم نسيانه بعد زوال هذه الفقاعات، بينما يغوص الحجر في الماء عميقاً إلى المستقر الذي يراد منه الوصول إليه.

هذا ما علمتنا إياه تجربة سنوات الثورة الماضية، وعلى هذا الأساس يجب التعامل مع بيان الإخوان الأخير حول القصف الإسرائيلي الذي استهدف ميناء اللاذقية.

مخطأ من كان يعتقد أن الجماعة لم تتوقع مسبقاً ردود الفعل الغاضبة تجاه البيان، ومخطأ أكثر من ظن أن البيان كان ناتج رد فعل، بل هو موقف واع ومخطط له من قيادة الإخوان، وكانت صياغته الأولية قد أعدت منذ وقت غير قصير بانتظار اللحظة التي تكون مناسبة أكثر لاعتماده وإعلانه.

لقد مثلت عمليات القصف الإسرائيلية داخل الأراضي السورية هاجساً قوياً لطالما كان يضغط على الإخوان، على الأقل في السنوات الخمس الماضية، وتحديداً منذ إقرارهم الضمني بعدم إمكانية الانتصار على النظام، وتبنيهم (غير الرسمي كذلك) لمسار أستانا الذي ترعاه روسيا، بالشراكة مع كل من تركيا وإيران.

أولاً، يجب الاتفاق أنه ليس هناك من يشك بأن هذا المسار يهدف إلى الوصول لتقاسم السلطة مع النظام والشراكة معه في حكومة (وحدة وطنية) بدل إسقاطه كما تريد الثورة، وبدل القضاء على المعارضة كما يريد النظام.

ثانياً، وبناء على الأول، فإن ما يصبح بديهياً أن إقناع النظام (المنتصر) حتى الآن بفضل التدخل الخارجي إلى جانبه بالقبول بتقاسم الحكم مع من (هزمهم) يتطلب بالضرورة مواقف تؤكد جدارة هذا الشريك المحتمل بهذه الشراكة، وهل هناك ما هو (وطني) أكثر من إدانة القصف الإسرائيلي على (الوطن)؟

قد يبدو هذا الثمن غير مكلف أبداً، بل وسيعتبر في الحالات الطبيعية واجباً لا يقبل النقاش بالأصل، لكن في الحالة السورية لم يعد الأمر كذلك منذ وقت طويل، تحول فيه الوطن إلى مزرعة عائلية خاصة، وأصبح فيه الجيش عدواً قاتلاً للشعب، وباتت منشآت الدولة معتقلات للتعذيب حتى الموت، ومنصات لإطلاق الصواريخ ومرابض مدفعية تقصف منازل السكان، ومدارج طائرات تلاحقهم في الأسواق والطرق والمخيمات..

وعليه لم يعد استهداف المطارات والقواعد العسكرية والمنشآت التي يوظفها النظام وحليفته إيران في قتل الشعب وتدمير مقدراته يعني لهذا الشعب أمراً سيئاً، بل غدا حدثاً يُفرح الكثيرين، كيف لا وهو يسهم في إضعاف إمكانيات هذين العدوين ويقلص من قدراتهما على استخدام هذه القواعد والمنشآت في قتلهم؟!

لذلك كان معقداً جداً على الإخوان السوريين، طيلة السنوات الماضية، إصدار أي موقف في إدانة هذا القصف طالما أنه ظل يستهدف مواقع ومنشآت عسكرية، إلى أن جاءت الفرصة المنتظرة مع استهداف إسرائيل أخيراً لميناء اللاذقية، فكان لا بد من اقتناصها من قبل الجماعة لإخراج موقفهم هذا إلى العلن.

لقد رأى الإخوان أنهم بقدر ما سيكونون محرجين أمام جمهور المعارضة الشعبي، بقدر ما سيكون خصومهم ومنافسوهم من قوى المعارضة محرجين حيال أي موقف مضاد قد يعبرون عنه تجاه هذا البيان.. فمن الذي يمكن أن يقف ضد إدانة القصف الإسرائيلي على منشأة مدنية وطنية، ومن الذي يجرؤ من بين المعارضة السياسية على الإعلان صراحة أنه يؤيد العدو الصهيوني؟!

لا تكتفي الجماعة هنا بالأسلحة التقليدية التي لطالما شكلت سنداً قوياً لها في معارك العواطف وحشد التأييد والمناصرة، حيث تنافس التيار الإسلامي على الدوام مع الأنظمة التي ترفع شعارات القومية على كسب قلوب الجماهير، من خلال مزاودة كل منهما على الآخر في إظهار العداء للغرب وإسرائيل، بل وبالإضافة إلى ذلك، وتحت هذا الغطاء أيضاً، كانت تقدم أوراق الاعتماد إلى إيران من جديد، لوصل حبل الود القديم الذي إن لم يكن قد انقطع، فقد نَحُل وانكمش على مدار السنوات الماضية بالتأكيد.

لقد وضع إخوان سوريا كل بيضهم كما هو معروف في السلة التركية، التي بدت في وقت من الأوقات قريبة من أن تتسع لما هو أبعد من سوريا حتى، لكن بعد التدخل الروسي القوي إلى جانب النظام وإعادة تشكيل حدود النفوذ بين القوى والدول المتداخلة، كان على الجماعة أن تقرر في أي صف يجب أن يكون الوقوف عندما يتعلق الأمر بالتنافس بين موسكو وطهران.

بالطبع لا يحتاج هذا القرار إلى عناء كبير، فإيران هي الأقرب للإخوان كما هو معروف أيضاً، هذا سياسياً، أما فكرياً وإيديولوجياً فإن أي مفاضلة بين روسيا العلمانية-الأرثوذكسية، وبين إيران الإسلامية، حتى وإن كانت شيعية، ستكون لصالح إيران بالطبع، فكيف إذن وإيران شريك استراتيجي وحليف لتركيا التي لا يمكن أن تجمعها بالروس إلا علاقات التوجس والتنافس والعداء مهما تزينت هذه العلاقات أو خضعت لواقع لا يمكن أن يخضع للثبات؟!

كان الإخوان السوريون يتوقعون هذا المستوى من الغضب الشعبي والنقد الكبير الذي سيواجه به بيانهم الأخير الذي سعوا إلى أن يكون ذكياً بعباراته، حمّال أوجه في مضمونه، لكنهم كانوا يعرفون أن هذا الهجوم لن يطول به الوقت أكثر من أيام، بينما سيستقر حجرهم، أو هكذا يعتقدون، في العمق الذي يستهدفون أن يستقر به سياسياً ليكون لبنة أولى على طريق العودة إلى سوريا.

التعليقات (9)

    اغرب من الخيال

    ·منذ سنتين شهرين
    ما رأيته وسمعته من بعض اتباع الاخوان بعد تسليم حمص والريف الشمالي أصبحوا يحمدوا الله انفضت الحرب على هذا الحال ولم يسقط النظام خشية من قادم اسوأ على حد زعمهم واصبحوا يجاهروا بعلاقاتهم مع النظام مع عودة مقولة رددوها ٢٠١١ رح يدمركم مع العلم انه كانت لهم مجموعات لا تخفى على احد وكانت اول من عملت تسويات و اصبحت تحمد الله ؟؟؟؟!!! على بقاء النظام هناك الكثير من الشواهد و الوقائع التي لن تمحى ولن تنسى و اشخاصها احياء !!!¡!!؟؟؟

    شرحبيل

    ·منذ سنتين شهرين
    سوف نقسم هذا التعليق الى عدة أجزاء لايصال الفكرة الى القارىء نظراً لضيق المجال المخصص لنا ، نقول ؛ - انفجرت الثورة السورية عام ٢٠١١ ضد النظام الطائفي العلوي الفاسد المفسد بشكل سلمي واشترك فيها كافة فئات الشعب السوري ، - تحولت الثورة السلمية الى ثورة مسلحة بعد أن اختار نظام البراميل الحل الأمني . يتبع ……في التعليق الثاني

    شرحبيل

    ·منذ سنتين شهرين
    متابعة ؛ - تحولت الثورة عام ٢٠١٢ الى ثورة دينية لتطبيق الشريعة بعد ركوب الإخوان غليها وتوجهيها الوجه الخاطئة . - تحولت الثورة عام ٢٠١٣ الى ثورة بين السلفية والصوفية بعد دخول داعش واحتلال ثلث الأراضي السورية . - تحولت الثورة عام ٢٠١٤ الى ثورة بين السنة والشيعة بعد تدخل ايران المجوس وحزب الشيطان اللبناني . - تحولت الثورة عام ٢٠١٤ الى ثورة ضد الاحتلال الروسي . يتبع ………… -

    شرحبيل

    ·منذ سنتين شهرين
    تابع … - تحولت الثورة السورية عام ٢٠١٥ الى صراع بين القصائل على الغنائم بعد أن أوشك النظام العلوي على السقوط رغم تدخل الروس والمحبوس والأمريكان والأكراد … - تحولت الثورة عام ٢٠١٦ الى صراع بين السعودية وقطر على النفوذ (صراع جيش الاسلام وفيلق الرحمن في الغوطة ) ٠ توقفت الثورة عام ٢٠١٦ بعد تدخل الموم والموك تحت اشراف اسرائيلي. - كان النظام يوشك على السقوط لحظة تخلي دول الخليج عن الثورة … - كانت اسرائيل تضحك على الكل وتدير الحرب كما تشاء فأنقذت نظام البراميل …

    شرحبيل

    ·منذ سنتين شهرين
    نعتذر من القارىء الكريم من بعض المعلومات الخطأ بسبب السرعة ورداءة الكمبيوتر مثل تدخل الروس ٢٠١٤ والصحيح ٢٠١٥ … الخ …و قدألغينا عبارات ايضاحية كثيرة بسبب تحديد حجم الكتابة

    أبو هيثم

    ·منذ سنتين شهرين
    جماعة الإخوان المسلمين فرحت بالثورة السورية وأعتقدت بأنها سوف تنتهز الفرصة لتعود كحزب سياسي معارض وتقفز إلى كرسي السلطة والحكم. هذه الجماعة مفلسة ماديا واخلاقيا ولن يكون لها دور لاسقاط النظام او حتى تجميع أصوات الشعب. الثوار السوريين لا يريدون حركة جهادية وإنما حركة سياسية معارضة حديثة تستوعب السوريين ،تلتمس حاجتهم وتأمن لهم حياة كريمة في أجواء ديمقراطية يستحقونها. نظام بشار وجماعة الإخوان أنظمة بالية عفى عليها الزمن، ليست جزء من الحل وإنما المشكلة التي احدثت معاناة طويلة لأجيال من السوريين.

    همام

    ·منذ سنتين شهرين
    دعو الأيام تجري ودعو التاريخ يكتب ودعو السياسه لأهلها تحليل خاطئ مع أحترامي للجميع

    فساد في العمق.

    ·منذ سنتين شهرين
    كل الجماعات لها مصلحة بالسيطرة على سوريا ... سواء جماعة النظام او جماعة الإخوان أو جماعة حزب الشيطان أو جماعة البكك لقد ضاع البلد بين العصابات ... في الشمال عصابة والجنوب عصابة وفي الشرق عصابة وفي الغرب عصابة ... يحتاج الأمر إلى دماء جديدة لغسل الخبث

    رامي

    ·منذ سنتين شهرين
    من يوم يوم الاخوان ما بهمهم غير نفسهم وين ما كانوا...مرسي كان تحت إشارة المرشد (متل حسن زميرة تحت إشارة الولي السفيه).. صناعة بريطانية
9

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات