نور وحسام نموذجان.. أمراض نفسية خطيرة تركتها حرب الأسد على أطفال سوريا

نور وحسام نموذجان.. أمراض نفسية خطيرة تركتها حرب الأسد على أطفال سوريا
عايش الطفل حسام اليوسف ( ٩أعوام ) الحملة العسكرية الشرسة التي شنها جيش النظام وحلفاؤه على مدينته، معرة النعمان، بشتى أنواع الأسلحة قبيل السيطرة عليها، حيث قتل على إثرها والده أمام عينيه، ومنذ ذلك الحين لا تفارقه الهواجس والكوابيس الليلية التي يرى فيها جثة والده مرمية إلى جواره بعد أن مزقت شظايا الصاروخ جسده وضرجته بالدماء .

 وعلى الرغم من مرور قرابة الثلاث سنوات على تلك الحادثة ،إلا أن حسام لم يستطع نسيان تلك المشاهد التي غرست في ذاكرته وانعكس تأثيرها على نفسيته وسلوكه.

تقول والدته بحزن: منذ ذلك اليوم بدأ يعاني ابني من اضطرابات نفسية تمثلت بفقدان شهيته للطعام حتى بات يعاني من سوء التغذية، فهو يستيقظ معظم الليالي خائفاً باكياً ويسأل عن والده، كماإنه يرفض الذهاب إلى المدرسة ويفضل ملازمتي طوال الوقت.

 الطفل حسام واحد من بين آلاف الأطفال في إدلب وريفها ممن تجرعوا مرارة تلك الحرب الدامية، فتركت في نفوسهم جراحاً يصعب دملها، وآلاماً دمرت صحتهم النفسية، بسبب ما شهدوه من عمليات القصف ومشاهد القتل والدمار، وظروف التهجير القسري والنزوح القاسية التي يعيشونها في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات العيش .

الطفلة نور الحلاق (٧أعوام) تعرض منزلها في جبل الزاوية للقصف بالقذائف الصاروخية، فبترت يدها اليسرى وتسببت الشظايا بحروق بليغة في معظم أنحاء جسدها الصغير.

ليست حالات فردية

نزحت عائلة نور إلى مخيم قاح، على الحدود السورية التركية، لتعيش في ظروف غاية في القسوة، إضافة إلى معاناة هذه الأسرة من مرض الطفلة التي تفاقمت حالتها النفسية منذ تلك الحادثة.

تقول والدة نور: بعد الرعب الذي عاشته نور لحظة القصف بدأت تعاني من اضطرابات نفسية، منها التبول اللاإرادي، والخوف من الأماكن المظلمة، إذ تنتابها حالة من الهلع والبكاء والصراخ كلما سمعت صوت طائرة أو قصف، وتغضب لأتفه الأسباب، كما إنها لا تحب الاختلاط أواللعب.

وأشد ما يؤلم الأم هو عدم قدرتهم على معالجة ابنتهم وعرضها على طبيب نفسي، نظراً  لما يحتاجه ذلك من تكاليف مادية، خاصة وأن زوجها يعمل طوال اليوم وبالكاد يستطيع تأمين قوت يومهم، على حد تعبيرها .

مظاهر وأعراض جماعية

وشهدت مخيمات النازحين في الآونة الأخيرة تنامي ظاهرة السلوك العدواني للأطفال، حيث تركت ظروف الحرب والفقر والنزوح القاسية آثاراً سلبية في نفوسهم، وولدت لديهم الحس العدائي تجاه المجتمع المحيط بهم .

المدرس فواز الشحود (٣٦عاما) من مدينة إدلب، يرى أن معظم تلاميذه مرهقون نفسياً ويستدل على ذلك بأعراض تظهر على الكثير منهم، مثل شرودهم الدائم وملامح وجوههم المتعبة، فضلاً عن رسوماتهم التي يقول إنها تعبر بقوة عما يجول في أذهانهم.

 وأظهرت الصور التي رسمها معظم الأطفال حجم تأثير الحرب عليهم ، إذ ركز أكثرهم على رسم دبابات وطائرات وبنادق، بالإضافة إلى مظاهر الظروف الصعبة التي يعيشونها، كما لفت انتباه المدرس أنه من بين تلك الرسومات كانت صورة لقبرين، وحين سأل الطفل عنها أجاب بأنهما قبرا والديه اللذين استشهدا في الحرب .

 زكية العلي(٤٤عاما) مختصة في التربية والإرشاد النفسي، ترى أن الصدمات التي تعرض لها الأطفال في ظل الحرب ستتوغل آثارها في أعماقهم، وستترك جروحاً نفسية لا تشفى بسهولة حتى مع مرور الوقت، إذ إنه بعد أن تتوقف أصوات الحرب ستعلو أصوات الآلام و الذكريات المريرة التي يصعب نسيانها .

 ولخصت العلي أعراض الاضطرابات النفسية التي تظهر على الأطفال من ضحايا الحروب "بالخوف والتوتر والقلق، وزيادة ضربات القلب والرعشة، وعدم استقرار النوم والفزع الليلي، والشرود الذهني وخلل في الأداء الوظيفي الذي يؤدي إلى التبول اللاإرادي على سبيل المثال" .

أساليب بسيطة للعلاج

وحول طرق علاج هذا الحالات تقول: من الطرق المفيدة لعلاج الأطفال نفسياً جعلهم ينخرطون في أعمال جماعية، أو يقومون بتفريغ مكنوناتهم بممارسة هوايات كاللعب والرسم، أو برواية الحكايات وإعطاء الأطفال مساحة أكبر من الوقت للتحدث إليهم وجعلهم يشعرون بالحب والقرب منهم، ومساعدتهم على التعبير عن معاناتهم ومواجهة الذكريات السيئة، وذلك بتوفير الدعم والتوجيه اللازم لهم ، وهذا الدعم يفترض أن يتم من خلال الأشخاص المختصين لتقديم العلاج للأطفال بهدف متابعة حياتهم بشكل طبيعي .

وكشف آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة ”يونيسيف” بمناسبة مرور عشر سنوات على اندلاع الحرب في سوريا، أن العمليات العسكرية تسببت بمقتل وإصابة حوالي ١٢ ألف طفل، وأشار التقرير إلى أن الحرب في سوريا جعلت حياة ومستقبل جيل من الأطفال معلقين بخيط رفيع .

التعليقات (2)

    هولاكو سوريا ستلعنه الاجيال

    ·منذ سنتين شهرين
    الجرح الذي خلفته العصابه الحاكمه والمتحكمه الان في سوريا لن يندمل ... والتاريخ كما يلعن هولاكو سوف يلعن هذه الزمره .... ملعون هو وكل من قتل او شارك او كان شاهد زور لجرائم ارتكبت بحق الطفل و الانسان السوري ...... بشار الاسد لن ينعم بكل ما سرقه من سوريا .... روسيا و ايران سوف تكون سوريا لعنة لهم ...... عجز من اعتبر ان القضيه السوريه وحقوق السوريين مغنم له وليس مسؤوليه سيرتد عليه لعنة .... ملعون كل من تاجر باطفال سوريا..

    Asyrian

    ·منذ سنتين شهرين
    رغم كل هذا.. لازال ابناء عاهرات الاسد يدافعون عنه
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات