2021 عام ثقيل على الإيرانيين.. أزمات خامنئي تنعكس على الداخل

2021 عام ثقيل على الإيرانيين.. أزمات خامنئي تنعكس على الداخل
ثقيلاً مرّ العام 2021 على إيران والإيرانيين وعلى النظام الإيراني الحاكم، فما إن تنتهي أزمة حتى تطلّ أزماتٌ كُثر، حاصرتهم الأزمات من كل الجهات، وعبثاً يُحاول النظام هناك الظهور بمظهر المنتصر وأنّه ما يزال يُمسك بزمام الأمور التي خرجت بمعظمها من بين يديه، ليواصل على هذا الأساس، واصل ذلك النظام سياسته التي اعتادها منذ وصوله إلى الحكم، وهي الذهاب إلى حافة الهاوية، والعودة في الوقت المناسب قبل أن تقلب الطاولة عليه. 

الصقور مُجدداً

يبدو أنّ الحدث الأكثر تأثيراً في إيران هو وصول أحد أبرز الصقور إلى سُدّة الرئاسة، وهو الأمر الذي زاد الطين بلّة، وجلب على الشعب هناك الكثير من الويلات التي كانوا بغنىً عنها.

بمسرحيّة هزليّة اُنتخب المتّهم بجرائم ضد الإنسانية، كما تقول منظمة العفو الدولية إبراهيم رئيسي رئيساً للنظام الإيراني، وبعد أيام من وصول إلى الرئاسة بدأت نتائج هذا الوصول في الخروج إلى العلن.

أعلن عدد كبير من نقابات ومنظمات العمّال إضرابهم عن العمل، وشهدت الشوارع هناك مظاهرات ضخمة احتجاجاً على عمليّة الانتخاب، غير أنّ رئيسي الذي فشل سابقاً بالوصول إلى سدّة الحكم وبدعمٍ مُباشر من الخامنئي تمكّن من إسكات كافة الأصوات المعارضة، وبدا أنّ أمر إزاحته غير مُمكنٍ في ظل الدعم الذي تلقّاه من قادة ميليشيا الحرس الثوري.

مفاوضات من أجل المفاوضات

قبل وصول رئيسي إلى سُدّة الحكم، كانت المفاوضات النووية شبه متوقفة، خصوصاً وأنّ أمريكا التي خرجت من اتفاق 2015 ما عاد يُرضيها اتفاقٌ يُشبهه -هو الأمر الذي تُصرُّ عليه طهران- مؤكدةً أنّ الاتفاق الجديد يجب أن يشمل كافة القضايا، وأبرزها ملف الصواريخ البالستيّة ونفوذ الميليشيات الإيرانية في المنطقة.

وبعد انتخاب رئيسي؛ تأخّر وصول فريقه المُفاوض إلى فيينا أكثر من خمسة أشهر، الأمر الذي فُسِّر بأنّ الفريق المفاوض والرافض أساساً لاتفاق 2015، لم يذهب إلى النمسا لتوقيع أيِّ اتفاق، إنّما هي سلعة للترويج للداخل الإيراني الذي وصل لحافة الانفجار، لتأتي التصريحات الخاصة بالنووي كإبر مُسكِّنة لذلك الجمهور.

طهران الغارقة بأزماتها أصرّت خلال كافة الاجتماعات على رفع كافة العقوبات المفروضة على عدد من الشخصيات والكيانات الإيرانية، وأبرزها زعيم ذلك النظام علي خامنئي، وهو الأمر الذي تعلم طهران جيداً أنّه لم يكن قبل توقيع اتفاقٍ شامل.

اليوم؛ تدخل المفاوضات النووية جولتها السابعة دون أيِّ أملٍ بالتوصل لاتفاق؛ إيران تُعلن ذلك والغرب أيضاً؛ فالمسافات بينهم بعيدة، وفي ظل التعنّت الإيراني تبقى تلك المفاوضات عبثيّة لا طائل منها، ويذهب الفريق المفاوض الإيراني لفيينا فقط من أجل إجراء تلك المفاوضات، وبغض النظر عن أنّها ستُنتج اتفاقاً أم لا.

اقتصاد متهاوٍ

فعلت العقوبات الغربيّة فعلها على النظام الإيراني وأوصلت الاقتصاد الإيراني إلى أسوأ حالاته، كثيرةٌ هي التقارير التي تحدثت عن الحالة الاقتصادية المأساوية التي يعيشها الإيرانيون، ليكون عام 2021 الأكثر سوءًا بعد أن كسر الريال الإيراني كافة أرقامه السابقة، وسجّل أرقاماً قياسيّة في الانخفاض أمام الدولار الأمريكي، ووصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 320 ألف ريال وهي المرة الأولى يصل بها إلى هذا السعر، حيث سجّل سعر الصرف مع بداية العام الفائت 150 ألف ريال للريال الواحد.

أكثر من ذلك؛ ارتفاع معدل التضخم السنوي في بلاد الفرس إلى 45.2%، وتضخّمت أسعار الغذاء إلى أن وصلت إلى 58.4٪، وبحسب تقريرٍ حكومي خاص بالتغيّرات في معدل التضخم، اقترب معدل التضخم السنوي في آب 2021 والبالغة 45.2 من أعلى معدل تضخم سنوي سُجِّل في الثلاثين سنة الماضية وهو البالغ 49.5 بالمئة والذي سُجِّل عام 1994.

جفاف الأرض.. ورصاص البنادق.. وفتاوى

كحال كل المصائب؛ فإنّها لا تأتى فُرادا، وهذا حال إيران والنظام الحاكم بها، اجتمع هذا الصيف على النظام الإيراني جفاف الأرض وخروج مئات آلاف المتظاهرين ابتداءً من إقليم الأحواز العربي المحتل، مروراً بكافة الأقاليم والمحافظات إن كانت فارسية أو تركية أو كرديّة أو بلوشيّة.

مظاهرات كبرى شهدتها إيران خلال العام الفائت، لتكون المظاهرات التي انطلقت من محافظة أصفهان وسط البلاد أكبرها، حيث تجمع مئات الآلاف هناك للمطالبة باتخاذ إجراءات سريعة لإيصال المياه إلى تلك المحافظة الصحراوية، تلتها محافظة الأحواز المحتلة التي وعلى الرّغم من كونها أغنى المحافظات الإيرانية، إلّا أنّ الفقر والجفاف أجبر عشرات الآلاف على الخروج للمطالبة بحلول.

المعلمون هم أيضاً كان لهم نصيبٌ وافر من المظاهرات، حيث تجمع الآلاف منهم في كافة محافظات البلاد للمطالبة بتحسين واقعهم المعيشي، خصوصاً مع انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم في البلاد، حيث وجد الإيرانيون عموماً والمعلمون خصوصاً أنّ مُدّخراتهم المالية لم تعد تُساوي شيئاً مع ذلك التضخم.

الرّد الحكومي على تلك المظاهرات إنّ كانت للمعلمين أو للمواطنين المطالبين بإيجاد حلول للجفاف، كان بالرصاص الحي، حيث لقي المئات من المتظاهرين مصرعهم على أيدي ميليشيا الحرس الثوري، خصوصاً بعد أن شرعن رئيس اللجنة القانونية في البرلمان الإيراني، موسى غضنفر آبادي، لأيًّ كان أن يطلق النار على المحتجين، حيث قال غضنفر أبادي في تصريحات صحفية في الأول من شهر ديسمبر الجاري: "بالإضافة لقوات الأمن، يجوز لمن يرى حدوث الخطر ووقوع الضرر أن يتدخل فعلاً في العملية وله رخصة شرعية وقانونية".

طبول الحرب

الحرب؛ رُبّما هي الكلمة الأكثر تداولاً في إيران خلال العام الماضي، فما إن تخرج طهران من أزمة حتى تدخل بأخرى، ومن أبرز الأزمات التي واجهها النظام الإيراني حادثة خطف السفينة "ميرسر ستريت" ومقتل اثنين من بحارتها.

طهران التي نفت مراراً تورطها بعملية الاختطاف، فضحتها مجموعة صور قالت القيادة المركزية في الجيش الأمريكي إنها تُظهر أن إيران كانت قد صنعت طائرة مسيرة على غرار "الكاميكاز"، واستخدمتها في الهجوم قبالة سواحل عمان، يوم 30 يوليو.

هذا كان في الجنوب؛ وفي الشمال لم يكن الوضع أفضل في حالٍ من الأحوال؛ استعادت باكو سيطرتها على إقليم قره باغ، وطردت الأرمن من هناك، لتجد طهران نفسها عاريةً أمام الحدود التي باتت أذربيجان تُسيطر عليها كاملةً.

متأخرةً أرسلت طهران مئات المعدّات العسكرية إلى الحدود، وخرج عسكريّوها الواحد تلو الآخر مُطلقين التهديدات للأذريين، ولم يتوانَ الرئيس الأذري إلهام علييف بالسفر مُباشرة إلى حدود بلاده مع إيران، واستعرض جنده وآلياته وعمداً ربّت على مُسيَّرةٍ إسرائيلية كانت قد أذاقت إيران ألواناً من الموت في سوريا والعراق وإيران أيضاً.

تصاعدت حدّة التصريحات بين الجانبين ووصلت المنطقة إلى حافة الحرب، أطلقت تركيا وأذربيجان على الحدود مع إيران وأرمينيا مناوراتٍ عسكرية حملت عنوان "الأخوّة الراسخة- 2021"، الأمر الذي فُسِّر على أنّه رسالة تهديدٍ مباشرة لطهران ويريفان.

إيران وإسرائيل

بايدن الضعيف، دفع بسلبيّته إسرائيل للعمل على تشكيل قوّة خاصة بها بعيداً عن أمريكا، وذلك حتى تكون قدرتها على التحرك بشكلٍ أكبر، خصوصاً أنّ تهديدات إيران تشمل المنطقة بأكملها بحسب ما تقول تل أبيب.

لاحقت إسرائيل القوافل والجنود والمعدّات الإيرانية في سوريا؛ وبدا خلال العام الماضي أنّ إيران بدأت رويداً رويداً تجمع قواعدها وجنودها من سوريا، وفي كثير من الأحيان غيّرت مواقعهم تجنباً للضربات الإسرائيلية التي لم تجد لها حلاً، مع وجود دعمٍ روسي لتلك الضربات، لم تجد موسكو حرجاً بالإعلان عنه.

نوويّاً؛ وصلت التهديدات المُتبادلة بين الطرفين حدّ إعلان الحرب، لم تتحرج إسرائيل من الإعلان مراراً وتكراراً أنّها ستمضي مُنفردةً في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، اشترت تل أبيب عدداً من الأسلحة الجديدة، كان الهدف منها حسب المسؤولين الإسرائيليين التمهيد لشنِّ حملاتٍ على منشآت طهران.

وعلى الجانب الآخر؛ أجرى النظام الإيراني مناوراتٍ عسكرية، وحسب مسؤولين إيرانيين فإنّها ردٌّ على التهديدات الإسرائيلية، استعرضت طهران خلال تلك المناورات مجموعة من الصواريخ البالستيّة، مؤكدةً أنّها قادرة على الوصول إلى مُفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي.

إذن؛ لا تُبشر مُجريات عام 2021 بسنةٍ جيِّدة لطهران، فلا اقتصادها يستطيع الصمود أكثر؛ ولا طائراتها البدائيّة قادرة على الوصول إلى أيٍ من دول الجوار، في حين لا يُمكن إنكار وجود المئات من صواريخ سكود التي طوّرتها طهران وأطلقت عليها أسماءً طائفيّة مُتعددة، ونووياً فإنّ العام المقبل بالتأكيد لا يُبشر بخير، فلا طهران ولا الغرب على استعداد للتوقيع على اتفاقٍ أعرج، وسيبقى بالتأكيد هذا الملف مُعلقاً، وستبقى الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية مُستمرة، فهل ستتجرأ طهران وترد على الهجمات الإسرائيلية، أم إنها ستواصل سياسة دسّ الرأس بالتراب؟.

التعليقات (1)

    ابران الملالي تنتصر

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    دائما ايران الملالي دولة بطولات و انتصارات خرافيه لما بتواجه شعب اعزل ,,, حتى لما بيتواجه جيش في معركه وبتتدمر وبيفطس شبابها بتنتصر ... المعارك ما بتنتهي مع مدعية المقاومه والمماتعه لان الملالي لا يفهم الا لغة القتل والدم ثقافتهم قتل ودم طعامهم شرابهم قتل ودم .... هل سيقبل شعب ايران ادعاءات البطوله والمشانق معلقه؟؟
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات