ثورة السودان بعد ثلاثة أعوام.. سقط البشير والحراك مستمر لتحقيق المطلب الأهم

ثورة السودان بعد ثلاثة أعوام.. سقط البشير والحراك مستمر لتحقيق المطلب الأهم
أنهت الثورة السودانية عامها الثالث، واستهلّ السودانيون عامها الرّابع بمظاهرات حاشدة أعادوا خلالها التأكيد على مطالب الثورة الأولى، وأنّه لا بديل عن إسقاط النظام بجملته، وليس شخص الرئيس المخلوع عمر حسن البشير فقط.

اعتقد الكثيرون أنّ الثورة وبعد الإطاحة بعمر البشير وصلت مُبتغاها، وأنّ القوى التي تسلّمت زمام الأمور بعد الإطاحة بالبشير قادرة على إعادة الأمور إلى نصابها، غير أنّ السودانيين الثائرين كان لهم رأيٌ آخر، وأصرّوا على مواصلة ثورتهم حتى الوصول إلى كافة أهدافها.

الصحفي السوداني المستقلّ حيدر عبد الكريم أكد في حديث لأورينت نت أنه عندما قامت الثورة في كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٨ كان الهدف الرئيسي منها هو إسقاط نظام الرئيس عمر البشير، ليس بشخصه فقط بل بكافة المنظومة.

ويعتقد عبد الكريم أنّ القوى الثورية عملت من خلال تجمّع المهنيين الذي تسلّم زمام قيادة الثورة خلال الأشهر الأولى، على إنشاء إعلان الحرية والتغيير، وهو جسم سياسي يضمُّ قوى الثورة السياسية.

بعد عزل عمر البشير نصّب نائبه ابن عوف نفسه رئيساً للمجلس العسكري، وهو الأمر الذي رفضه الثوار وقواهم السياسية متمثلة في قوى الحرية والتغيير، وعلى هذه الحال استمرّ الاعتصام، وبعد أقل من ٢٤ ساعة قدّمت القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس، ولم يكن يومها معروفاً للكثيرين، ما جعل بعض القوى السياسية تصدّق -والحديث لعبد الكريم- أكاذيب انحيازه للثورة.

العسكر بمواجهة الشعب

بالأمس وفي ذكرى انطلاق الثورة، وبعد شهرين على انقلاب عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي تشكلت بعد الإطاحة بعمر البشير، تظاهر عشرات الآلاف من السودانيين، لتكون قوى المجلس العسكري الحاكم بالمرصاد، حيث أطلقت تلك القوّات قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وذلك على بُعد مئات الأمتار من القصر الرئاسي في الخرطوم، وبالرّغم من الانتشار الأمني الواسع في العاصمة حاول المتظاهرون الوصول إلى القصر الرئاسي، مقرّ السلطات الانتقالية، وأشار عبد الكريم إلى أنّ الانقلاب الذي قاده البرهان سقط فعلياً منذ يومه الأول، بدليل أنهم حتى الآن وخلال شهرين غير قادرين على تشكيل حكومة رغم توقيع الاتفاق مع حمدوك وإعادته رئيساً للوزراء.

لجنة أطباء السودان المركزية قالت في تقريرٍ لها إنّ نحو 180 متظاهراً أصيبوا إثر محاولة قوات الأمن تفريق متظاهرين في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى شاركوا فيما سمّيت بمليونية  25 ديسمبر (كانون الأول)، التي دعا إليها المجلس المركزي لائتلاف الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، للمطالبة بمدنية الدولة.

وكان النظام العسكري الحاكم في السودان وعشية الدعوات لتظاهرات حملت شعار "لا تفاوض" مع الجيش، أعلن أن جميع الجسور على النيل أغلقت مساء الجمعة، وقالت ولاية الخرطوم إن أجهزة الأمن ستتعامل "مع الفوضى والتجاوزات"، وإن "المساس بالمواقع السيادية مخالف للقانون".

لا بديل عن إسقاط النظام

الصحفي حيدر عبد الكريم أكد لأورينت نت رفض المتظاهرين للاتفاق بين حمدوك والبرهان، مُرجعاً السبب إلى أن الاتفاق يعطي انقلاب البرهان شرعية دون مسوغٍ دستوري، حسب قوله، وذلك أن حمدوك عُيّن رئيساً لمجلس الوزراء باختيار قوى الحرية والتغيير، وهو ممثل عنها وليس صاحب قرار، لأن الوثيقة تقول إن رئيس مجلس الوزراء بالتشاور مع "الحرية والتغيير" (المدنيين) يشكّلون الحكومة، بينما الشراكة أصلاً محددة مع "الحرية والتغيير" وليس أي مدنيين يختارهم العسكر.

وأشار عبد الكريم إلى أنّ المتظاهرين يريدون حكومة مدنية صِرفة تُحقّق شعارات الثورة (حرية -سلام- عدالة)، والعدالة هنا تشمل البرهان وحميدتي في جرائم قتل وانتهاكات خلال عملهما تحت قيادة البشير في دارفور، وخلال فترة حكمهما في الخرطوم ومناطق أخرى، كفضّ الاعتصام وقتل المتظاهرين خلال التظاهرات.

ويؤكد عبد الكريم أنّ تنسيقيات لجان المقاومة هي من تقود الحراك الثوري في السودان، وتؤدي بحسب قوله دورها بأكمل وجه، بدليل نجاح كل التظاهرات التي دعت لها.

أكثر من ذلك؛ وفي ظل حالة الجمود السياسي التي تُسيطر على السودان، توقّع عبد الكريم ظهور تكتل سياسي وشعبي يضع برنامجاً سياسياً واضحاً يقود إلى تبنّي مطالب الشارع، ويتفادى فيه أخطاء "الحرية والتغيير" السابقة، وتحقيق شعارات الثورة، وعلى رأسها إبعاد البرهان وحميدتي من المشهد السياسي.

وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقّع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً يتضمن عودة حمدوك إلى منصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهُّد الطرفين بالعمل معاً لاستكمال المسار الديمقراطي، ورحّبت دول ومنظمات إقليمية ودولية عدّة بهذا الاتفاق، في حين رفضته قوى سياسية ومدنية سودانية، معتبرة إياه "محاولةً لشرعنة الانقلاب".

إذن؛ تستمر المظاهرات المناهضة لحكم العسكر في السودان، خصوصاً أنّ نيّاتهم باتت واضحة منذ انقلاب البرهان على الحكومة وتجميد كل بنود الوثيقة الدستورية التي تعمل في خط الثورة، ومنها البنود المتعلقة بلجنة إزالة التمكين، ويعتقد الصحفي عبد الكريم أنّ الحراك الثوري لن يتوقف، كما إنّ العسكر بقيادة البرهان ظلوا في خط أعداء الثورة، ويعيقون خطوات الحكومة في إزالة بقايا حكومة البشير، بل يقومون بتعيينهم مستشارين لهم.

التعليقات (1)

    Abo Backer

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    الإنسان مخلوق عجيب يظن نفسه أنه كائن خالد لايموت سبحان الله . إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } ( الأحزاب : 72 يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَٰقِيهِ إنتبه وتفكر فأنت في متحان فإما جنة وإما نار
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات